عمرو موسى: لا يصح للضمير العربي التنازل عن القضية الفلسطينة .. وعلينا التفكير في النظام الإقليمي الجديد
خلال ندوة فكرية نظمتها مؤسسة "بال ثينك" للدراسات الاستراتيجية برئاسة الدكتور الكاتب والمحلل السياسي عمر شعبان، وبحضور نخبة من الكتاب والصحفيين الفلسطينين والعرب وحضور مؤسسة "دار الهلال" المصرية، قال الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، إن جميع العرب منشغلون بالوضع العربي ومستقبل المنطقة وقضايا الوطن العربي من تنمية وديمقراطية وغيرها من القضايا الهامة.
وأكد عمرو موسي خلال الندوة الفكرية أن لا أحد يستطيع إخراج العرب من التاريخ وإذا أراد العرب ألا يخرجوا من التاريخ فعليهم أن يتعاونوا سويا استراتيجيا وأن يفهموا الظروف الصعبة التي يمر بها العالم والمنطقة وفي المقدمة لابد أن يدركوا أن هناك تغيرات جذرية في نظام العولمة ومعانيها ومضمونها وتفاصيلها وأطرافها.
وتابع عمرو موسى، أن النقطة الثانية الهامة جدا تكمن في معرفة التطور الكبير في النظام متعدد الأطراف الذي استند إليه العرب طوال النصف الثاني من القرن العشرين ولم تصبح منابره مضمونة لا في إطار القانون الدولي ولا في إطار الحلول السياسية فقد أصبحت الأمور كلها رهن تطورات ليس للعرب التحكم والسيطرة فيها.
ولفت الأمين العام الأسبق للجامعة العربية إلى أن ظاهرة التغير المناخي تشكل خطرا كبيرا وتهديدا للسيادة في العالم وسلامة الأراضي والثروات الطبيعية وربما يتغير علي إثرها الجغرافيا نفسها بنشوب ممرات جديدة وأنهار جديدة وشواطئ مختلفة الأمر الذي سيؤثر على الكثير من البشر وحقوقهم وحياة الكثير من الشعوب، مشيرا إلى أن حديث الأمين العام للأمم المتحدة عن الأوبئة والتغير المناخي كتهديد للسلم والأمن الدوليين يفتح الباب أمام إعادة تعريف تهديدات السلم والأمن.
واعتبر موسى أن تغير الأولويات ودخول تعريفات جديدة للسلم الدولي أصبح مفتوح لنقاش واسع والمقصود منه تنشيط دور مجلس الأمن في إطار أجندة وأولويات جديدة مشدداً علي ضرورة أن يكون العرب ممثلين فيه وألا يترك الأمر للدول العظمي او لجان مصغرة تحدد الأولويات الجديدة أو دور مجلس الأمن نفسه وهذا ينطبق علي الجمعية العامة وكل فروع الأمم المتحدة التي تدير النظام الدولي.
وتساءل عمرو موسى قائلا: أين نحن كعرب من كل هذا ؟ لافتا إلي أنه قد اقترح أثناء توليه أمانة جامعة الدول العربية في أكتوبر من عام 2010 ضرورة البدء في مناقشة الموضوعات المطروحة من وجهة نظر العرب كالتغير المناخي ومدي تأثيره علي شواطئ العرب، ومن الثابت أنه سيؤثر في شرق المتوسط والبحر الأحمر وعلى شواطئ المحيط الهندي ومداخل الخليج فلابد من إعداد أنفسنا له مع ضرورة أن يكون لنا موقف كعرب أو علي الأقل نظرة وخطة للتعاون بين الدول العربية في مواجهة الأوبئة.
وشدد على ضرورة أن نضع في اعتبارنا كعرب أن الحياة تتغير وأن النظام الإقليمي في منطقتنا والذي بدأ الحرب العالمية الثانية يوشك علي الدخول في نهايته لذلك يجب علينا أن نفكر في النظام الاقليمي الجديد الذي يقوم على أكثر من نقطة أساسية الشعوب العربية في المنطقة الذين يشكلون غالبيته وصوتنا يجب أن يكون مرتفعا بقيادة عملية إعادة النظر.
ونوه موسي بأننا نحن كعرب أمام تحدي كبير وعلينا أن نصوغ نظاما اقليمياً جديداً حتى لا يفرض علينا من الغرب كما حدث بالسابق في اتفاق سايكس بيكو والنظام العثماني من قبل.
وأضاف موسي أن النظام الإقليمي الجديد وجوهره الدول العربية لا يعني إنهاء دور الجامعة العربية مطلقا مشدداً على أن جامعة الدول العربية يجب أن تبقي لحين الاتفاق والتعاون العربي علي نظام عربي جديد وموحد.
وفي سياق متصل أشار الأمين العام الأسبق إلي أنه اقترح خلال توليه رئاسة الجامعة إطلاق نظام الحوار العربي تحت مسمى "رابطة الجوار العربي" يتم خلالها دعوة الدول غير العربية بشروط معينة للمشاركة في الجامعة والمساهمة في رسم أوضاع إقليمية جديدة مع الأخذ في عين الاعتبار وضع شروط أمام إسرائيل أهمها الحل العادل للقضية الفلسطينية والجلوس مع إيران ومناقشة الأزمات معها وما تراه الدول العربية أن هناك تذمر من سياسة لبنان ودوره في المنطقة لكنها خطة لم تنل إعجاب عدد من الملوك والرؤساء في ذلك الوقت.
وأشار عمرو موسي إلي أن ما طرحه حول النظام الإقليمي الجديد شيء والقضايا المطروحة شيء آخر وفي القلب منها القضية الفلسطينية والتي لا يصح للضمير العربي أن يتنازل عنها لأن المسألة تتعلق بإستقرا المنطقة بأكملها مشدداً على أنه إذا لم تحل القضية الفلسطينية أو وضعها على مائدة تفاوض صحيحة وبسقف زمني معين وإشراف دولي من قبل مجلس الأمن الدولي الذي يجب أن يتابع كل ثلاثة أشهر نتائج المفاوضات في جلسة خاصة حتى لا نكرر خطأ مفاوضات التسعينات والتي وقعنا فيها في مصيدة التفاوض القائم على المماطلة الإسرائيلية وطرح أمور لمضيعة الوقت حتى لا يتمكنوا من إعادة تشكيل العناصر الرئيسية للقضية الفلسطينية وهي " الأرض وبناء المستوطنات عليها وضم بعضها وإضاعة وقت العرب" وأنه لابد من الاتفاق بين العرب على التعاون لقيادة النظام الإقليمي وحل القضايا القائمة.
وتطرق عمرو موسى في حديثه إلى الأوضاع الجديدة قائلا: "إن الأوضاع الجديدة وصراع النفوذ الإيراني التركي علي العالم العربي سببه الضعف العربي الشامل فضلا عن النفوذ الإيراني في أربع دول عربية هي العراق وسوريا ولبنان واليمن وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي تزيد نفوذها بالمنطقة".
وتابع موسي، إن الضعف العربي لم يأت صدفة بل جاء بعد الحرب العالمية الثانية بإتفاق "ساكس بيكو" وغيره وافتقاد الرشد في كثير من أنحاء العالم العربي لعقود بحيث ضعفت الأساس التي تقوم عليها المجتمعات من تعليم وصحة وثروة وقوة وغيرها من مقومات الاستقرار العربي.
وحذر عمرو موسي من وضع الضعف العربي المتكيء علي شماعة التدخل الأجنبي لأن العرب فشلوا في صياغة حياة اقليمية عربية سليمة تقوم علي التعليم والصحة بما في ذلك الديمقراطية والمواطنة والابتعاد عن شوائب الماضي التي أضرت بنا وبثقافتنا.
وأقر الأمين العام الأسبق بإرتكاب العرب أخطاء كبيرة جدا مشددا علي أنه لو كان هناك حكم عربي رشيد لما سقطت البلاد أبدا حتي لو كان حجم التدخل الأجنبي عشرة أضعاف ما كان لأن الشعوب حينها تكون راضية ومؤيدة للحكم الرشيد وأن علاج القضايا العربية يتمثل في الحكم الرشيد والمواطنة والمساواة والحرية والديمقراطية.
وأوضح موسى أن الجميع لا زال مصدوما من الانقسام الفلسطيني المؤسف في الجبهة الوطنية الفلسطينية والذي أدى إلى تساؤل البعض عن أي فريق يمثل الفلسطينيين في إشارة إلى فتح وحماس وأي فريق سيشكل الدولة الفلسطينية التي يجري الحديث عنها فيوجد تحديان كبيران الانقسام والاحتلال وفي حال معالجة الأول يمكن جلاء الثاني .
وتعليقا علي تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرئيل قال اأمين العام الاسبق أنه بصرف النظر عن تطبيع بعض الدول العلاقات فإنه لو تم غنهاء الانقسام الفلسطيني فإن أمور كثيرة ستعود لمكانها الطبيعي مشدداً علي أن الانقسام هو موضوع خطير جدا محملاً القيادات الفلسطينية مسؤوليته الذي يجعل من الصعب تشكيل جبهة عربية موحدة تدعم القضية الفلسطينية وأدي ايضا الي ما حدث من عمليات تطبيع مع اسرائيل
وأختتم الأمين العام الأسبق قائلا "نحن نريد مصالحة ولا نريد كشف أحد الاطراف علي حساب الطرف الثاني ولا يصح أن نضيف لمتاعب الشعب الفلسطيني متاعب جديدة في الوقوف مع طرف ما محملاً مسؤولية تحقيق المصالحة للفلسطينين وحدهم في ظل اعلان مصر عن دعمها لجهود المصالحة يجب علي كل الفلسطينين انتهاز الفرصة والتركيز علي تسهيل جلوس الاطراف سويا وان يدركوا أن الزمن سريع الآن قد يتجاوزوا القضية الفلسطينية وهو الامر الذي يجب منعه بالمصالحة.