بالمستندات .. نكشف وقائع فساد داخل مصلحة الجمارك
كشفت مصادر خاصة "فضلت عدم ذكر اسمها عن عدد من وقائع الفساد وإهدار المال العام، داخل مصلحة الجمارك المصرية، وذلك في إسناد إنشاء مبنى الخدمات اللوجستية التابع لجمرك مطار القاهرة الجوي لإحدي الشركات.
وأوضحت المصادر "لـ " الهلال اليوم"، أن الواقعة تعود إلى عام 2010، حينما تم إسناد إنشاء مراكز جمركية مطورة "مبني الخدمات اللوجستية"، للشركة المصرية لتكنولوجيا التجارة الإلكترونية "MTS"، (أميرال سابقًا)، وهي شركة مملوكة لرجل الأعمال الأردني أسامة الشريف، وبناء على العقد المبرم بين وزير المالية آن ذاك يوسف بطرس غالي، وممثل الشركة، فقد اتفق الطرفان في 11 مارس 2010، على أن تقوم وزارة المالية ممثلة عن مصلحة الجمارك، بتأجير طابق واحد فقط من مبنى الحاسب الآلي التابع لمصلحة الجمارك، والكائن بأرض مطار القاهرة الدولي، إلى الشركة المذكورة، وذلك مقابل خميون ألف جنيه لمدة سنة واحدة، وهذا التعاقد في حد ذاته، يعتبر واقعة إهدار مال عام، لأن قيمة التعاقد متدنية جدًا، نظرًا للموقع المتميز للمبنى الذي يقع في قلب مطار القاهرة، ما يعني أن القيمة الإيجارية الشهرية لهذا المكان، تبلغ 4 آلاف جنيه، إلا أن المستندات تثبت استلام الشركة للمبني قبل تاريخ التعاقد على تأجيره، وذلك في واقعة فساد أخرى.
ومن واقع المستندات التي حصلت "الهلال اليوم" على صورة ضوئية منها، فإن وقائع الفساد تتمثل في إسناد إنشاء مبنى الخدمات اللوجستية بمطار القاهرة، لشركة «أميرال»، بالمخالفة للمدة والمساحة المحددة، بمبلغ مالي لا يتساوى مع القيمة الإيجارية لمساحة كبيرة في مكان إستراتيجي، وطبقًا لعقد الإيجار الخاص بمنى الحاسب الآلي التابع لجمرك مطار القاهرة الدولي، الموقع بين وزارة المالية "طرف أول"، وأشرف إسماعيل "طرف ثانٍ"، بصفته وكيل المؤسسين للشركة المصرية لتكنولوجيا التجارة الإلكترونية، فإن تاريخ التعاقد كان في يوم الخميس الموافق 3/11/2010، وكان التعاقد ينص على تأجير وزارة المالية للشركة المذكورة، طابقً واحدًا فقط من مبنى الحاسب الآلي الكائن بمطار القاهرة، أمام قرية البضائع، وبجوار مجمع البريد، المكون من بدروم ، وطابق أرضي، وطابقين أول وثانٍ علوي، والمبنى الملحق به، إضافة إلي المساحة المتاحة له، والتي تبلغ 3348 مترًا مربعًا.
كما توضح المستندات أن مدة هذا التعاقد كانت عامًا واحدًا، تبدأ من 1/7/2010، وتنتهي في 30/6/2011، تجدد باتفاق الطرفين بعد تسليم الطرف المستأجر، المبني للمالية، وذلك مقابل قيمة إيجارية تبلغ 50 ألف جنيه.
وألزم التعاقد الطرف الثاني "شركة MTS"، باستغلال المساحة المؤجرة والمحددة في العقد فقط، كمقر رئيسي لها لإقامة مركز خدمات لوجيستية بالمبنى، ولا يجوز له استغلال المساحة في غير ذلك.
في حين أن محضر تسليم المبنى، أثبت أن الشركة المذكورة قد تسلمت مبني الحاسب الآلي داخل مطار القاهرة الدولي، في يوم الأحد الموافق 8/11/2009، أي قبل المدة المحددة في العقد بما يقرب من 9 أشهر.
وأوضح المحضر كذلك، أن اللجنة المخول إليها تسليم المساحة المحددة في عقد الإيجار، والمكونة من 7 موظفين بمصلحة الجمارك،سلمت المهندس تامر يحيى محمد، الممثل عن الشركة المصرية لتكنولوجيا التجارة الإلكترونية، مبنى هيكليًا عبارة عن دورين "بدروم وأرضي"، وسطح مساحته 600 متر مربع، بجميع المشتملات الموجودة بالطابقين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، دولابين للتكييف المركزي، وآخر للكهرباء، وغيرهم، الأمر الذي يعد مخالفًا أيضًا للمساحة المحددة في عقد الإيجار.
وأكدت المصادر أن القضية التي تم رفعها على مصلحة الجمارك، من قبل الشركة المذكورة بهذا الشأن، تمت بإيعاز من بعض الموظفين بوزارة المالية، وذلك على الرغم من عدم التزام الشركة بالمواعيد المحددة بالعقد الخاص بها، بإنشاء مراكز لوجستية، وهو ما كان يتوجب معه قيام مصلحة الجمارك بالإجراءات اللازمة لإنهاء التعاقد، إلا أن بعض العاملين بالمالية قد أوعزوا إلى الشركة أن تلجأ إلى التحكيم الدولي، مستغلين الأوضاع غير المستقرة التي كانت تمر بها البلاد إبان ثورة 30 يونيو، وبتقصير متعمد من وزارة المالية خاصة مستشارها القانوني، فقد خسرت مصلحة الجمارك أولى مراحل التقاضي في القضية رقم Icsid Cace – Arab /13/4، والمرفوعة من أسامة فتحي رباح الشريف أمام مركز التحكيم الدولي ببنك الأكسيد بواشنطن، وبناءً عليه، تم الإيحاء من قبل بعض المسؤولين بوزارة المالية بأنهم على وشك الخسارة النهائية للقضية، وذلك لإجبار المسؤولين بالجمارك على التوقيع على ملحق للعقد بين المصلحة والشركة المذكورة، الأمر الذي كان يجب رفضه من مسؤولي الجمارك، خاصة مع علمهم بالمحاولات المتكررة من الشركة، للسيطرة على مخازن المعلومات بالمصلحة في خلال العشر سنوات الماضية.
واختتمت المصادر حديثها، متمنية أن تفتح هيئة الرقابة الإدارية، التحقيقات العاجلة في وقائع الفساد التي تم كشفها، كما تمنوا أن يصل صوتهم لرئيس الجمهورية، ليصدر تعليماته بوقف جميع التعاملات مع الشركة المذكورة، لحين الانتهاء من التحقيقات.