بقلم : نبيلة حافظ
ينشرح صدري ويحدوني الأمل كلما أقرأ بين الحين والآخر عن إطلاق مبادرات جديدة يطلقها أبناء مصر الأوفياء المخلصين حبا في الوطن، أبناء يضعون مصر داخل قلوبهم وأمام أعينهم ليلا ونهارا باحثين عن حلولا لمشاكلها آخذين على عاتقهم رفعتها وعلو مكانتها بين دول العالم، فما أعظم هؤلاء وما أجدرهم بأن يكونوا أبناء هذه الأرض الطيبة.
مع هؤلاء أشعر بسعادة كبيرة وأيقن تماما أن بفضل مبادراتهم ومجهوداتهم ــ هم وغيرهم ــ سوف تعود مصرنا كما كانت بالماضي صاحبة أعرق حضارة بالعالم، تلك الحضارة التي علمت البشرية معنى الرقي والتقدم، وسوف تظل تعلمهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولما لا ؟ وهي من أنجبت مثل هؤلاء الأوفياء المخلصين في كل شبر من أرضها.
لن أتحدث الآن عن من يقدمون أرواحهم فداء لها ويرون أرضها بدمائهم الطاهرة من أجل صون شرفها وكرامتها والحفاظ على ترابها، أنا الآن أتحدث عن نوعية أخرى ظهرت على الساحة بفعل ما نعيشه من واقع صعب ومؤلم به العديد من المشكلات التي صنعها لنا أعداء الوطن من الخونة والمأجورين، واقع نتضرر منه ونكتوي بناره جميعا على اختلاف مستوياتنا الاجتماعية، ولكن وللأسف الشديد الغالبية تعيشه بضجر وتشكو منه مر الشكوى ولكن القلة القليلة هي من تعيشه وتحاول أن تغيره بأفكار ومبادرات جديدة وأبسط ما توصف به بأنها مبادرات رائعة وجميلة تؤكد على حب وعشق وإخلاص هؤلاء لأوطانهم.
من بين هؤلاء المخلصين كان دكتور تامر ممتاز سلامة ــ 47 عاما ــ الحاصل على دكتوراه في إدارة الأعمال ويشغل منصبا مرموقا بالمجتمع حيث يعمل نائبا لمدير أحد البنوك المصرية، دكتور تامر تأمل فيما تعانيه مصر من مشكلات وخاصة مشكلة البطالة ومن خلال دراسته لها تأكد أن السبب الرئيسي لهذه المشكلة هو عزوف الشباب عن العمل بالمهن البسيطة كنوع من الاستهانة بها أو لأن المجتمع ينظر إليها نظرة متدنية، من هنا كانت مبادرته الجديدة في فكرتها ومضمونها الغريب في طريقة تنفيذها والتي أطلقها منذ عدة أشهر وتحمل عنوان "العمل شرف" والتي تهدف إلى تغيير نظرة المجتمع تجاه المهن المتواضعة والبسيطة، وتوعية الشباب بقيمة العمل وحثهم على السعي وراء لقمة العيش في أي مكان وفي أي مهنة، مؤكدا أنه لا فرق بين المهن الكبيرة والبسيطة، فمصر في أمس الحاجة لجميع المهن.
مبادرة دكتور تامر لم تكن شعارات وكلام جميل يقوم بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي فقط بل كان واقعا ملموسا في ذات الوقت يمارسه أثناء عطلته الإسبوعية من العمل ــ الجمعة والسبت ــ وفيها يتخلى عن ملابسه الأنيقة التي يرتديها في حياته العملية داخل وظيفته البنكية ويرتدي "الأفارول" كعامل، يعمل تارة بالحقول وتارة أخرى بالمصانع كعامل نظافة وتارة أخرى كحرفي بمغلق للأخشاب وورش الخراطة وغيرها من المهن التي يتعالى عليها شباب اليوم، يفعل كل ذلك وكل من حوله يعلم بمكانته ووظيفته الحقيقية ليعلن عن حبه وولائه لمصر، وليؤكد لشباب اليوم أن العمل مهما كان حجمه وصورته هو شرف وعبادة!