رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ازدراء الضحك

21-5-2017 | 10:44


بقلم : عاطف بشاي

الانسان حيوان ضاحك.. ولولا تمتعه بهذه الصفة لما استطاع الاستمرار في الحياة! كما يري الفيلسوف الكبير "نيتشة" ذلك أن الحزن الرابض في القلب.. والألم المسيطر علي النفس.. والكوارث التي تحيط بالإنسان وهموم واقعه اليومي.. وضغوط مشاكله الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تصبغ حياته بالتوتر والاكتئاب والاحساس بالتعاسة.. كل ذلك يؤكد احتياجه للضحك.. انه حقيقة جوهرية تتصل بجوهر حياة الإنسان علي الأرض وتتشابك مع رغبته الأصيلة والعميقة في الخلاص من مآسيه المختلفة.. سواء كانت تلك المآسي نابعة من مجتمعه أو من حقيقة وجوده.

يقول في ذلك الكاتب "بكر الشرقاوي" أنت عندما تريد أن تضحك.. انك في الحقيقة تريد أن تحصل علي الشعور بالتفوق.. تريد أن ترتقي علي أقرانك سواء لتكشف عن عيوبهم لتحاول أن تتخطاها.. أو لتطمئن علي نفسك وتهجع إلي الرضا بذاتك وأنت أيضاً تريد أن تسخر من أعدائك وأن تذلهم بالضحك عليهم فترد اذلالهم لك عليهم.. إنك باختصار تريد أن تري العالم كله اصغر منك.. وفي متناول قدراتك.. والقارئ لتاريخ الحملة الفرنسية علي مصر يلحظ بوضوح اختراع المصريين لشخصية "علي كاكا" الساخرة في مقاومتهم للفرنسيين.. إنه ذلك الهازل الذي كان يرتدي جلباباً وطاقية.. ويشبه في مظهره "شكوكو" يقف فوق عربة كارو.. تجوب به الشوارع وحو يمسك بعضو تناسلي ضخم مصنوع من الجبس مربوط بحزام وسطه.. يحركه مطلقاً عبارات متهكمة فاضحة.. ونكات بذيئة ضاحكة ضد "نابليون" تصفه بالعجز الجنسي..

ومن هنا يمكننا أن نقول أن الضحك استعلاء علي الحزن.. والقهر والاحباط والفشل.. وتحدي للألم والموت والفناء.. وحرباً ضد العدوان والتسلط والغبن والديكتاتورية والاستبداد.. فالحزن - ومن ثم التراجيديا - يفرضان علينا قوانين العالم التي لا يد لنا ولا إرادة فيها.. لكننا في الضحك - ومن ثم الكوميديا - نفرض نحن علي العالم قوانيننا وإرادتنا..

ومن هذا الصراع تستمد فنون الضحك دائما قوتها العظيمة وسحرها الرائع..

والظلاميون الذين يشعرون أننا نسخر من تشددهم.. وجمودهم وتحجرهم.. يريدون العودة بنا إلي كهوف سحيقة من التخلف والدمامة.. يذعرون من الضحك.. ويخافون من الكوميديا لأنها تسقط عنهم الأقنعة المزيفة.. وتكشف عورات ازدواجيتهم وفصامهم العقلي.. وتعري مخازيهم وتشوهاتهم الخلقية التي يحاولون التستر بها بادعاء الوقار والاحتشام والتأدب،، وباسم الأخلاق والفضائل المرعية.. ويحتمون بحصون من التجهم والامتعاض وكراهية البهجة وتحريم وتجريم الضحكة والتربص بالابتسامة والفرحة.. ويرفعون رايات الحرب باسم ثقافة "الحلال" و"الحرام" والازدراء..

لقد قرروا رفع قضية ضد فريق مسرح مصر متمثلاً في مؤسسه الفنان "اشرف عبد الباقي" وبعض من النجوم الشباب بدعوي اعتداء العرض المسرحي علي ثوابت و مقدسات دينية من خلال اسكتش لم يتعد زمنه الستين ثانية علي المسرح.. وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "كفار قريش.. والعنتيل"..

والحقيقة أنهم يزدرون الضحك..