في ذكرى استشهادة.. حكاية أصغر طفل مسيحي هز عرش إمبراطور الرومان الجبار "دقلديانوس"
رغم صغر سنه فإنه كان صبيًا شُجاعًا، ذلك الطفل الذي كان في العقد الثاني من عُمره، عندما وقف أمام جبروت الملك الروماني الشهير دقلديانونس، حتى هز عرشه، وبث الرعب في نفوس جنوده.
ويعتبر الطفل أبانوب النهيسي، أصغر شهيد قبطي، وجرت وقائه قصته في القرن الرابع الميلادي، أثناء حكم الإمبراطور الروماني دقلديانوس، الذي اشتهر بتعذيب رعاياه خاصة من الأقباط المصريين، بل وإصدار فرمانات بقتلهم والهجوم على كنائسهم وإحراقها، حتى يجبرهم على التخلي عن العقيدة المسيحية، والسجود للآلهة الوثنية التي اعتنق هذا الملك عبادتها، وفرضها على رعاياه.
وللطفل أبانوب النهيسي، ذي الثانية عشرة عامًا، مكانة كبيرة لدى الأقباط، والكنيسة الأرثوذكسية، التي تحيي ذكرى استشهاده في24 من شهر أبيب القبطي، الذي يوافق 31 يوليو ميلاديا، كل عام.
نشأته
بحسب كتاب الكنيسة التاريخي، ولد الطفل أبانوب وهو معناه " ابو الدهب" في بلدة نهيسة وهي تتبع لمركز طلخا؛ قريبة من سمنود في محافظة الغربية؛ فقد والديه هما مقارة ومريم، فقدهما وهو في الثانية عشرة من عمره، فصار حزينًا لأيام كثيرة، وكان هذا في عهد الإمبراطور الروماني دقلديانوس، الذي اضطهد المسيحيين.
استعداده لمواجهة الرومان
وفي أحد الأعياد دخل الكنيسة التي تقع في بلده مسقط رأسه ليصلي؛ فسمع الكاهن وهو يعظ عن ضرورة الثبات في الإيمان والصبر علي الاستشهاد؛ وإذ كان يُصلي ظهر له رئيس الملائكة ميخائيل، وأعلمه بأنه سيتألم في سمنود ثلاثة أيام؛ ولكن الرب سيكون معه.
مواجته للوالي الروماني
انطلق الطفل أبانوب إلى الوالي الروماني، وصار يكلمه بجرأة وشجاعة، أدهشت الوالي وحاشيته، فصار يلاطفه بوعود كثيرة، أما الصبي فكان يشهد للإيمان الحق، حيث أغتاظ الوالي فأمر بضربه على بطنه حتى ظهرت أحشاؤه والقاه في السجن، وبينما هو خلف القبضبان الحديدية كان يُصلي إلى الله ويشارك باقي المسيحيين الذين اعتقلوا معه في التسابيح.
ويروي بعض المؤرخين لهذه القصة، أن الطفل عاد بفضل التسابيح التي كان يتلوها بإخلاص، سليما دون أثر للتعذيب، وهو ما أثار ثورة الوالي وأطلق غضبه ودهشته، خاصة أن واقعة شفائه الغريبة شجعت من معه في السجن، فخرجوا جميعًا معلنين أمام الوالي تمسكهم بالديانة المسيحية، ألامر الذي جعله يأمر بقطع رؤوسهم جميعا، وكان عددهم 8 آلاف شخص.
أبانوب يتعرض لعذابات شديدة
وأمر الوالي بتعليق الطفل أبانوب منكس الرأس، على صاري المركب التي استقلها في رحلة أراد قطها إلى مدينة أتريب، إلا أنه ووفقا للروايات، أصيب جميع من كان على المركب بالعمى، وهو ما أجبر الوالي على مطالبة أبانوب الدعاء له ولهم للعفو عنهم.
استشهاده
وبعد أن وصل المركب إلى أتريب، بدأت رحلة تعذيب جديدة للطفل أبانوب، على يدي والي أتريب، إلا أن ثباته وإيمانه ساعدا الآلاف من المسيحيين على تحمل التنكيل بهم، فلما يأس والي أتريب من الطفل أبانوب، أرسله مقيدًا إلي والي الإسكندرية، وهناك مر بسلسلة أخرى من التعذيب، وعندما يأس منه الوالي الأخير، أمر بقطع رأسه بالسيف، لينال الطفل الشهادة التي استحقها.
ويوجد رفات القديس أبانوب، في كنيسة أثرية زارتها العائلة المقدسة، خلال القرن الأول الميلادي، في مدينة سمنود، بمحافظة الغربية.