رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مفكرون ومستشرقون وإسرائيليات

4-8-2021 | 13:54


حسام العادلي,

كان ولا زال الاستشراق من أكثر القضايا التباسًا في التاريخ المعاصر، ينسب إليها كافة المتناقضات: أثر الاحتلال وفضله فساد الدين وصلاحه، خراب المجتمع وتقدمه.. إلخ.

والواقع أنه في جميع الأحوال كان للاستشراق أثر كبير في صياغة الفكر العربي المعاصر سواء بالسلب أو بالإيجاب، ولعله لم يخلَ مؤلف أو دراسة أو رأي من تفصيلة من تفصليات كتب المستشرقين، بل والأنكي أنه يتم تداولها بين الكتاب والمفكرين والمثقفين وأصحاب الرأي علي كونها من مسلمات الدين أو الفكر أو التراث والتاريخ، ومن ثم يكون النقل منها وعنها دون الحاجة إلي تحقيق أو تثبت من مصادرها.

 وفي تاريخنا الفكري المعاصر نجد أن هناك العديد من المفكرين ممن وقعوًا في خية الاستشراق بالذات الذين سافروًا للخارج ليدرسون الحضارة الغربية، مثل منصور فهمي، طه حسين، زكي مبارك، محمد مندور، ذكي نجيب محمود ، ومنهم - إن لم يكن غالبهم - اعترف بأثر التضليل الذي وقعوًا في براثنه.

 ومن الثابت أنه لَمْ يحدث التصدي بشكله الواضح للاستشراق وأثره السلبي إلا في القرن العشرين باعتباره قرن التنوير العربي، وكذلك أيضًا قليلون هم من تصدوًا لذلك النمط من النقل أو أثر الاستشراق في الكتابة والفكر، كان يجب أن يتوافر في المفكرين الذين سيتصدون إلي منهجية الاستشراق بادئ ذي بدء أن يكون لديه اليقين بأن التحليل الغربي للحضارة الإسلامية والعربية لابد وأن يتداخل فيه الجانب السياسي والعنصري بشكل عمدي أو عفوي، ومن ثم تكون تلك المعرفة هي حجر الزاوية في النقد الذاتي لما يقدمه المستشرقون من آراء، وما يلي ذلك هو القدرة علي خوض التجربة النقدية بمنتهي الإقدام عن طريق الإمساك بخيوط التاريخ المضفرة بالتراث ثم قراءة الظرف التاريخي الذي دونت فيه تلك الكتابات وتفريغه من الرطانات اللغوية والوصول إلي صميم المسألة وفحص جوانبها، كان أبرز من تصدي لتلك الهجمة الفكرية المتأصلّة هما : محمود عباس العقاد، إدوارد سعيد. علي اختلاف منهجيهما كانا الأكثر تأثيرًا : الأول اعتمد علي قراءة التاريخ والتراث بشكل مختلف عن المعهود وأما سعيد فكان يعتمد علي دراساته العلمية في نقد الاستشراق ، فالواقع أن لأزمة مسألة الاستشراق وجهان من وجهة نظري : أولهما أن هناك صلة وثيقة بين منهجية الاستشراق وبين تضفير الإسرائليات بالدين فنجد ان اللوبي اليهودي مسيطر بشكل كبير علي دوائر العلم والفكر في أوربا بل وأنها تهيمن علي الفكر المسيحي الأصيل وتعتبره منبثقًا عنها وهو من المنطقي جدًا أن ينصب الاستشراق من معين الفكر الصهيوني واليهودي بل وأن الاستشراق ذاته يفسد أصالة الفكر المسيحي، ومن الجهة الأخرى هي أن رؤية المستشرق للشرق رؤية عنصرية تعود أصولها إلي زمان الحروب الصليبية واستئاد الشرق علي الغرب لذلك جاء عدوانيًا في مضمونه .

 وفي الواقع أن الاستشراق حاليًا كلمة غير عصرية، لا تتواكب مع الزمن الحالي، بيد أنها يمكن أخذها كمرادفً على سبيل الاستعارة نحو كل يهدف إلي التشكيك الزعزعة والفتنة في الوطن الأصغر أو الوطن العربي .