منذ عام مضى شهد لبنان كارثة أدت للمزيد من الانهيار في بيروت في ظل أوضاع سياسية واقتصادية كانت متردية وازدادت سوءا فيما بعد، ففي 4 أغسطس من العام الماضي وقع انفجار مرفأ بيروت والذي زاد من معاناة لبنان الاقتصادية والسياسية، وجاء المؤتمر الدولي اليوم لدعم لبنان لمتابعة الجهود الدولة لمساعدة الشعب اللبناني على تجاوز أزمته.

وتواصل مصر دورها لدعم لبنان للخروج من أزمته، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام المؤتمر اليوم، فيما أكد دبلوماسيون أن مشاركة السيسي هي استمرار للدور المصري وتأكيد لريادتها العربية في ظل مواقفها الداعمة للبنان بهدف تحقيق الاستقرار، موضحين أن مصر تقدم كل ما في استطاعتها لدعم بيروت.

وشارك الرئيس السيسي اليوم، اليوم عبر الفيديو كونفرانس في المؤتمر الدولي الثالث لدعم الشعب اللبناني، والذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة، بمشاركة لفيف من رؤساء الدول والحكومات، حيث شدد السيسي على أهمية قيام كافة الأطراف بالنأي بلبنان عن التجاذبات والصراعات الإقليمية، وتركيز الجهود على تقوية مؤسسات الدولة، خاصةً وأن المؤتمر يمثل رسالة لكافة السياسيين اللبنانيين بأن المجتمع الدولي على استعداد لدعم لبنان فور إنهاء أزمة الفراغ الحكومي واستعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي بما يتيح الانتقال من مرحلة الدعم الإنساني إلى مرحلة الدعم الاقتصادي وبناء مستقبل أفضل للشعب اللبناني.

موقف مصر الداعم للبنان

قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الدولي لدعم لبنان والذي عقد بمبادرة فرنسية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هي أمر متوقع في ظل الدور الريادي لمصر، كونها أكبر دولة عربية وفي إطار المواقف المصرية الداعمة للبنان.

وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال، أنه تجمع مصر ولبنان علاقات تاريخية، فمنذ ألفين عاما قبل الميلاد توجه الملك أحمس للدفاع عن لبنان وكذلك صلاح الدين الأيوبي الذي حارب من أجل منطقة الشام ومنها فلسطين ولبنان وكذلك إبراهيم باشا نجل محمد علي، وأيضا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مؤكدا أن عبد الناصر له خمس تماثيل في بيروت.

وأضاف بيومي أن هناك جالية لبنانية كبيرة تعيش في مصر وكأنهم من أهل البلد دون الشعور بأنهم أجانب، وكذلك جالية مصرية في لبنان تعامل معاملة حسنة، موضحا أن الدعم المصري للبنان مستمر ومتواصل وخاصة في أزمته الأخيرة على المستوى السياسي والاقتصادي وبعد انفجار مرفأ بيروت العام الماضي وفي ظل جائحة كورونا.

وأكد أن الرئيس السيسي أكد في كلمته اليوم أن أيادي مصر ممدودة للمجتمع الدولي لدعم لبنان والخروج من أزمته وهو موقف أكيد وراسخ في السياسة المصرية، مضيفا أن الأزمة في لبنان تكمن في مشكلة مالية نتيجة سحب المواطنين لأموالهم من البنوك نتيجة عدم الثقة في الأوضاع الاقتصادية لذلك يجب إعادة الإيداع في البنوك اللبنانية لدعم القطاع المصرفي وخاصة بعد انهيار اللبنانية.

وأشار إلى أن الفساد في لبنان سواء الفساد المالي أو السياسي أو الانقسام بين الطوائف المختلفة أثر سلبا على الأوضاع هناك، لأن أكبر ما يهدد لبنان حاليا هو الصراع الطائفي وخاصة أنه لا أحد يدرك أن عدم سلامة لبنان يؤدي لانهيار كل الطوائف، مضيفا أنه يجب تشجيع اللبنانيين على التوافق والتقارب وأن تساند القوى المحيطة ومن بينها مصر، لبنان لعمل إصلاح سياسي يقضي على النزاع الطائفي الضار للغاية بمستقبل البلاد.

وشدد على أن المؤتمر الدولي اليوم هو خطوة في ذلك الاتجاه خاصة أن فرنسا قالت إن المبلغ المالي الذي يحتاجه لبنان ليس كبير ويقدر بنحو 400 مليون دولار ويمكن توفيرهم بسهولة.

جهود مصرية مستمرة

ومن جانبه، قال السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية الأسبق، إن تلبية الرئيس عبد الفتاح السيسي لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمؤتمر الدولي لدعم لبنان في أزمته الراهنة ليؤكد مرة أخرى وقوف مصر قلبا وقالبا مع بيروت والشعب اللبناني في محنته، وعلى كامل استعداد مصر لتقديم كل ما من شأنه أن يرفع عن كاهل المواطنين اللبنانيين الأعباء التي يتحملونها بفعل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة.

وأوضح الحفني، في تصريح لبوابة دار الهلال، أن مصر كانت سباقة دائما في تقديم الدعم اللازم للبنان وشعبه في سائر الأزمات التي واجهها لبنان الشقيق في السنوات الماضية وخاصة في أعقاب حادث مرفأ بيروت والذي تسبب في دمار هائل لاقتصاديات لبنان، وأقامت مصر بعده جسر جوي وبحري لتقديم كافة أشكال الدعم التي كان يحتاجها لبنان في ذلك الوقت.

وأشار إلى أن ذلك بجانب تقديم مصر المساعدات الطبية لدعم القدرات اللبنانية في مواجهة جائحة كورونا، مؤكدا أن ترحيب الرئيس السيسي بالمبادرة الفرنسية واستعداد المجتمع الدولي لتقديم الدعم في المرحلة القادمة للشعب اللبناني تثمينا لهذه المبادرة وحاجة بيروت لدعم المجتمع الدولي بأسره في هذه الفترة الحرجة.

وأكد أن مصر وكما تعهد الرئيس السيسي في كلمته اليوم أمام المؤتمر ستقدم كل ما في استطاعتها تقديمه في إطار دعم المجتمع الدولي الذي سوف يتقرر في هذا المؤتمر الهام، موضحا أن السيسي أكد الاستعداد المصري للتعاون مع المجتمع الدولي للتكاتف، وتسخير كل الإمكانيات لدعم لبنان للخروج من أزمته.