رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


محلل استراتيجي: السياسات اليابانية الخارجية تشهد تغييرات هائلة الفترة القادمة

12-8-2021 | 20:48


اليابان

دار الهلال

 قال روبرت وارد، مدير الجغرافيا الاقتصادية والاستراتيجية للدراسات الأمنية اليابانية في المعهد الدولي البريطاني للدراسات الاستراتيجية، إن هناك تحولات بالغة الأهمية ستشهدها السياسة الخارجية اليابانية نحو الساحة العالمية، حسبما أوضح الكتاب الأبيض السنوي لعام 2021 الذي أصدرته وزارة الدفاع للبلاد.

وأضاف وارد، في تصريحات نقلتها دورية (ذا دبلومات) المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن الكتاب الأبيض تناول أهمية استقرار مضيق تايوان وارتباطه بأمن اليابان، في إشارة تعتبر الأولى من نوعها لوزارة الدفاع اليابانية.

وأفاد وارد بأن الكتاب الأبيض ركز أيضًا على العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وهي علامة واضحة من قبل الوزارة على أن المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين أصبحت حاليًا مؤطر رئيسي لسياسة طوكيو الدفاعية، كما سلط الضوء على شراكات اليابان الأمنية الآخذة في الاتساع خارج منطقتها المباشرة، متجاوزة الولايات المتحدة، بما يتضمن كندا وفرنسا والمملكة المتحدة. كذلك ركزت وزارة الدفاع اليابانية في الكتاب على الحاجة إلى تعزيز البحث والتطوير في اليابان في مجال التقنيات المتقدمة.

وحول الجهود التي تبذلها طوكيو لتعزيز دورها العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، قال وارد إن الأنشطة العسكرية الإقليمية لليابان مقيدة بما يُعرف بـ "دستور السلام" والقيود السياسية المحلية الأخرى. ومع ذلك، كانت طوكيو نشطة للغاية على عدة جبهات في محاولة لتحقيق التوازن بين صعود الصين من ناحية ولعب دور أكبر في تحالفها مع الولايات المتحدة من ناحية أخرى.

وعلى سبيل المثال، زاد عدد المناورات المشتركة التي أجرتها اليابان مع الولايات المتحدة، كما أعلنت صراحة دعمها لرحلة مجموعة حاملات الطائرات المقاتلة البريطانية (كاريير سترايك) إلى المنطقة، وكذلك وسعت طوكيو نطاق الدول التي تجري معها مناورات عسكرية، إذ أجرت تدريبات مشتركة مع فرنسا في مايو الماضي، هي الأولى من نوعها على الأراضي اليابانية.

واستطرد وارد قائلًا إن اليابان ركزت أيضًا على بناء إمكانيات الدول الساحلية في جنوب شرق آسيا بهدف مساعدتها على تعزيز قدراتها في مجال إنفاذ القانون. فعلى سبيل المثال، توفر طوكيو سفن الدوريات لخفر السواحل في الفلبين وفيتنام.

إضافة إلى ذلك، تحمل عملية بيع معدات الرادار اليابانية إلى الفلبين، التي أُعلن عنها عام 2020، في طياتها مغزى شديد الأهمية، إذ أنها أول عملية بيع للخارج تجريها لطوكيو معدات دفاعية منذ تخفيف رئيس الوزراء السابق آبي شينزو عام 2014 للحظر الذي فرضته اليابان على الصادرات الدفاعية النهائية.

واكتسب الحوار الأمني الرباعي، وهو حوار استراتيجي غير رسمي يضم الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، زخمًا كبيرًا، إذ أنه لا يعكس تركيز إدارة بايدن على المشاركة في الجهود الجماعية فحسب، بل ويوضح أيضًا اهتمام الهند المتجدد بتحسين علاقاتها الخارحية بعد توتر علاقاتها مع بكين.

ويُعد تمرين مالابار 2020، أوضح مثال على هذا الزخم، فقد شمل أستراليا للمرة الأولى، إلى جانب اليابان والولايات المتحدة والهند، وهو ما أدى إلى توسيع التعاون بين دول المجموعة الرباعية بما يتجاوز التدريبات العسكرية المشتركة إلى مجالات الأمن الاقتصادي، مثل سلاسل التوريد وتغير المناخ وتوزيع اللقاحات، غير أن الحوار الرباعي يُعد دليلًا حاسمًا على رغبة اليابان في تعزيز دورها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وفيما يتعلق بالأولويات الاستراتيجية لإدارة بايدن المتعلقة بالعلاقات الأمريكية اليابانية، أعرب وارد عن اعتقاده بأن إدارة بايدن تري في اليابان مُحاورًا رئيسيًا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما كان رئيس الوزراء يوشيهيدي سوجا أول مسئول أجنبي يزور بايدن بعد تنصيبه.

وأضاف المحلل الاستراتيجي أنه بجانب دفع الولايات المتحدة الدائم لليابان "لبذل المزيد" من الجهد في التحالف الأمني بين الجانبين، فإن إدارة بايدن لديها أولويتان استراتيجيتان رئيسيتان في العلاقات الأمريكية اليابانية، أولهما ضمان استمرار مساهمة طوكيو في تعزيز الأمن الاقتصادي للولايات المتحدة، الذي تحتل فيه التكنولوجيا أهمية خاصة، نظرًا لمخاوف واشنطن بشأن تأثير شركة (هواوي) الصينية العملاقة للاتصالات السلكية واللاسلكية في أنظمة الجيل الخامس العالمية، ورغبة بكين في أن تكون هي الصانع لقواعد التكنولوجيا على الصعيد العالمي.

أما الأولوية الثانية فتكمن في رغبة واشنطن في تعزيز علاقات التعاون مع دول الحوار الرباعي، ليس للحصول على المزايا الاستراتيجية فحسب، بل لأنها تعتبر المجموعة الرباعية بمثابة أداة بالغة الأهمية من الناحية الإستراتيجية لمشاركة الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لا سيما وأنه من غير المرجح أن تتمكن إدارة بايدن من إشراك الولايات المتحدة في صفقة التجارة الضخمة التي تنص عليها الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ.

على صعيد آخر، أوضح وارد أن هناك ثلاثة مخاطر جغرافية سياسية، أو جيوسياسية، تواجه اليابان في ظل تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة والصين، حيث تشعر طوكيو بالقلق إزاء كثافة عمليات التمشيط الصينية الأخيرة في جزر سينكاكو /دياويو، لا سيما بالنظر إلى قانون خفر السواحل الصيني الجديد الذي يسمح باستخدام الأسلحة ضد السفن الأجنبية حتى في المياه التي تطالب بها بكين فقط.

كذلك أشار وارد إلى مخاوف طوكيو بشأن وقوع أحداث طارئة في تايوان، سواء بسبب التداعيات الجيوسياسية الإقليمية، أو بسبب عدم اليقين حول كيفية استجابة اليابان في حالة وقوع أي طارئ نظرًا لقيودها الدستورية والقانونية.

أما الخطر الثالث، فيتمثل كما يعتقد وارد، في محاولة الصين تغيير الوضع الراهن في بحر الصين الجنوبي، حيث يمثل عدم الاستقرار فيه تهديدًا مباشرًا للممرات البحرية اليابانية، وكذلك يضر بمصالح حلفاء اليابان في المنطقة.

وأشار وارد إلى أن هناك العديد من الدلائل على محاولات الصين السيطرة على المنطقة، مثل رفض بكين قبول القانون الدولي الذي لا يعترف بمطالبتها بـ "الخطوط التسعة" في بحر الصين الجنوبي، وتحصين وتوسيع جزرها في البحر والمنطقة الرمادية، بجانب الأنشطة القسرية التي يقوم بها أسطول الصيد الضخم التابع لها في المنطقة.