شاهد عيان.. على قيادات نادرة في هذا الزمان
تعلمنا من آبائنا أنه من لم يشكر الناس لم يشكر خالقهم.. في هذا المقال قد يرد أسماء شخصيات عامة كثيرة وأغلبها من قيادات الإعلام المصرى والذى أشرف بمعرفتهم أو العمل معهم أو حتى مهاتفتهم.. قد تجدوا أسرارا كثيرة فى هذا المقال.. ولكنها أسرار ومواقف إيجابية تستحق شكرهم والثناء على شخوصهم الكريمة.. ففى لحظة من اللحظات فى هذه الأيام الكريمة وجدت ذهنى يصطاد لخواطر إيجابية كنت شاهدا عليها.. فتساءلت لما لا نذكر هؤلاء بالخير خاصة وأننى كنت شاهد عيان على مواقفهم التى كانت فى عز قوتهم ومجدهم بعيدا عن الرغبة فى أي شيء خاصة أن أغلبها مواقف غاية فى السرية قد لا يعلمها الكثيرون بل وأزعم أنهم هم أنفسهم قد لا يتذكرونها .
سأبدأ معكم بفترة تواجدى بشكل مستمر ببرنامج البيت بيتك عندما كان أشهر برنامج توك شو فى الوطن العربى والتى تزيد عن خمس سنوات منذ بدايته وحتى نهايته تقريبا.. فالحقيقة أن فى هذا البرنامج التقيت العديد من نماذج نادره فى هذا الزمان.. ففى أحد الأيام بعد أن انتهيت من عملى وأنا فى طريقى إلى الخروج من باب ماسبيرو فإذا بأحد أفراد الأمن يستوقفنى ليعرفنى على امرأة مسنة كانت تجلس بجوار الباب تطلب المساعدة وعرض مشكلتها.. فإذا بي أجد امرأة ملامحها وطريقة حديثها تؤكد أنها من العائلات الكبيرة رغم أن ما كانت تنطق به عكس ذلك فهى كانت تعيش فى دار للمسنين ولم تعد تتحمل مصاريف الدار وابنها الوحيد محجوز فى مصحة لعلاج الإدمان ويبلغ من العمر 35 عاما وكل ما تطلبه هو تسديد مستحقات إقامة ابنها ليسمح له بالخروج خاصة وأنه تعافى بشكل تام يمكنه الخروج وأبلغتنى أنها لابد وأن تعيش فى منزلها فى منطقة مصر الجديدة لأن منزل إيجار قديم وصاحب المنزل سيستولى عليه إن لم يعودوا للإقامة به وهى لا يمكنها العيش بمفردها.
وعلمت منها أنها كانت زوجة وزير عام 1960 ولكن غدر الأيام كان سبب حوجتها.. كما أبلغتنى أن المبلغ المطلوب من ابنها هو سبعة وأربعون ألفا لإقامته ما يقرب من عام داخل المصحة.. وأنا أتحدث معها فإذا بالإعلامى محمود سعد يخرج بسيارته بعد انتهاء فقرته فى برنامج البيت بيتك فاستوقفته وقصصت عليه القصة وكان وقتها رئيس تحرير الكواكب بخلاف أنه كان من أشهر الإعلاميين آنذاك.. فطلب منى أن أهاتفه فى اليوم التالى فى الحادية عشر صباحا وأعطيه كل البيانات واسم المصحة والابن.. وقد حدث.. وبعد مرور ساعتين تقريبا دق جرس هاتفي برقم لا أعرفه فإذا بهذه السيدة وهى منهارة بالبكاء وتدعو لي بكم من الدعوات لم أسمعها من قبل لأن ابنها كان فى حضنها بعد أن سدد عنه محمود سعد المبلغ كاملا بل وكلف سائقه الخاص باصطحابه إلى منزل والدته فى مصر الجديدة ليطمئن على وصوله بالسلامة.. انتهى الموقف .
فى نفس هذه الفترة تقريبا التقيت بولد عمره لا يتعدى العشرين عاما بجوار ماسبيرو وأبلغنى أنه فى حاجة لإجراء عملية جراحية سريعة بيده على ما أتذكر وأن حالته متأخرة جدا وقد يصل الأمر لقصع يده إذا تأخر وكان يحمل أوراق طبية تؤكد قوله فاصطحبته معى لأدخل به إلى ماسبيرو ولكن عند الباب وجدت الإعلامى تامر أمين فى طريقه للخروج فاستوقفته وأبلغته بحاجته للظهور في برنامج البيت بيتك لحل مشكلته.. وكانت المفاجأة أن تامر أمين لم يدخله البرنامج ولكن اصطحبه فى سيارته إلى مستشفى قصر العينى لعمل العملية على الفور.. وقد حدث بالفعل.. انتهى الموقف.
فى أحد الأيام جمعتنى الظروف بشخصية نموذج للقدوة المكافحة فقد كان شاب لم يكمل تعليمه فى بلدته لضيق ذات اليد.. ولكنه لم يستسلم ودخل محو الأمية ثم تقدم للحصول على شهادة المرحلة الثانوية وكان الأول على محافظته ثم التحق بكلية الإعلام وتخرج منها ولم يجد عمل.. فقصصت قصته على الكاتب الصحفى محمد هانى وكان رئيس تحرير البيت بيتك آنذاك وهو الآن رئيس قنوات cbc فاهتم به واستضافه فى البرنامج وقام بتعيينه فيما بعد وهذا الشخص الآن من أمهر العاملين فى المجال الإعلامى.. انتهى الموقف .
استوقفتنى امرأة فى يوم من الأيام داخل ماسبيرو وكانت عاملة نظافة فى المبنى وأبلغتنى أنها من الغارمات ولابد أن تسدد دين عليها حتى لا يتم حبسها.. وقتها كان يقف على بعد أمتار منى ثلاثة شخصيات عامة فذهبت إليهم وهم أصدقائي وصافحتهم وأبلغتهم بموقف هذه السيدة وقبل أن أكمل الحكاية قام أحدهم بالركوض إلى خارج المبنى وأحضر من سيارته مظروفا مغلقا به مبلغ ومنحة للسيدة وكان هذا الشخص هو صديقى العزيز الكابتن مجدى عبد الغنى أما الشخص الثانى كان الإعلامى تامر أمين والذى أخرج مبلغ من المال ومنحه للسيدة أما الشخص الثالث وللأسف هو كابتن مشهور وإعلامى كبير لم يمنحها مال وإنما طلب منى صورة بطاقتها الشخصية إن كانت من أبناء محافظته فسوف يساعدها كونه كان من رجال البرلمان آنذاك.. فسخرت من موقفه وقلت له باعتبار إن رب هناك غير رب هنا.. فضحك الوقوف وتركتهم وانصرفت.. انتهى الموقف .
عندما قام المهندس أسامة الشيخ رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة.. بكتابة شيك من رصيده الخاص بمبلغ 30 ألف جنيه ومنحه لمديرة مكتبه آمال إبراهيم لتصرفه لأسرة برنامج نجم اليوم الذى كانت تعرضه شاشة نايل سينما آنذاك حتى لا يدخل عيد الفطر على العاملين دون أن يصرفوا مستحقاتهم أو حتى لا يتعطل التصوير إلى أن تأتي أموال لخزانة ماسبيرو.. وعندما كان رئيس لاتحاد الإذاعة والتليفزيون أبلغته أن هناك شخصية فنية من زمن الفن الجميل ضاق عليه الحال ولم يستطيع التواصل مع قيادات ماسبيرو لصعوبة مقابلتهم ولم يجد أي عمل ينفق منه على أسرته.. فعلى الفور هاتفه بنفسه وأسند إليه أعمال قد تتعدى الأضعاف المضاعفة لما كان يحلم به هذا الفنان وقدم أعماله وصرف مستحقاته على الفور بتوصية من الشيخ.. انتهى الموقف .
عندما كان اللواء أسعد حمدى وكيل أول المخابرات الأسبق رئيسا لقطاع أمن ماسبيرو شاءت الظروف أن أتحدث أمامه فى هاتفى المحمول عن فتاة معاقة تبحث عن عمل وبعد أن نهيت المكالمة سألنى عنها فابلغته عن حالتها فأخذ رقم هاتفها وفى اليوم التالي التقاها وفى خلال أيام تم تعيينها فى مكتبه على مسئوليته الشخصية رغم أن وقتها كانت التعيينات شبه منعدمة بماسبيرو.. انتهى الموقف .
وعلى سيرة التعيينات وصعوبتها.. أصر الكاتب الصحفى ياسر رزق على الوفاء بوعده لـ 54 شاب كانوا صحفيين تحت التمرين.. عندما كان رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون ورغم محاربة الجميع لتعيينهم إلا أنه عينهم بالكامل على دفعتين قبل أن يلتحق بمنصبه كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ورئيس تحرير جريدة الأخبار.. كما أنه فى فترة رئاسة تحرير المجلة تعثر احد المعلنين عن سداد قيمة إعلان وتعرض هذا المعلن لمشكلات صحية ومادية كبيرة فما كان من ياسر رزق إلا أن يتحمل سداد القيمة تخصم منه كقسط شهرى ورفض تحويل الأمر للشئون القانونية والإطاحة بهذا الرجل الذى لم يلتقيه على الإطلاق ولكن علم بقصته من أصدقائه وسدد رزق خمسون ألف جنيه بدلا من هذا المعلن المتعثر.. انتهت القصة .
فى أحد اجتماعات أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق مع العاملين في القناة السابعة وأثناء انصرافه من الاجتماع بعد انتهائه.. استقبلته مخرجة بالقناة تستنجد به لأن رئيس قناتها منعها من حضور الاجتماع حتى لا تشكو للوزير.. فعلى الفور أمر الفقى بمنحها مستحقاتها المتأخرة وإصدر قرار بنقل رئيس القناة السابعة لمنصب نائب رئيس القناة الثانية.. انتهى الموقف .