رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مراد وهبة: الجيش حكمه لمصر "حتمية تاريخية"

1-2-2017 | 19:01


أكد المفكر الدكتور مراد وهبة، أن قياس تقدم الثقافة يرتبط بقربها أو ابتعادها من المسار الحضاري العقلاني، فإذا اقتربت كانت ثقافة عقلانية، وإذا ابتعدت فتكون ثقافة متخلفة، وبهذا المعيار يمكن الحكم على ثقافة الأصوليين أنها متخلفة عن المسار الحضاري، وكذلك فإن الرأسمالية الطفيلية، طالما أنها تستهلك فقط ولا تنتج، ففي هذه الحالة فهي ضد المسار الحضاري.

وأضاف الدكتور مراد واهبة، خلال اللقاء الفكري الذي أقيم بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، أن شركات التوظيف في الدولة بداية من النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، بدأت تدل على علاقة بين الأصولية الدينية من جهة، والرأسمالية من جهة أخرى، بمساعدة قانون الانفتاح الاقتصادي الذي أصدره الرئيس الراحل أنور السادات، والذي ينص على الاستيراد دون تحويل عملة، أي أنه لم يكن مصرحا لبنوك الدولة التعامل مع الدولار، وظهر ما عرف بـ"السوق السوداء"، وتكون نوعان من الاقتصاد: رسمي متمثل في الدولة، وغير رسمي متمثل في الرأسمالية الطفيلية، وهو ما أدى إلى ما عُرف بانتفاضة "الحرامية" عام 1977م، لكنها في حقيقتها نوع من التمرد للعلاقة غير المتكافئة بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي.

وتابع "وهبة": أن هذا الوضع استمر حتى اغتيال السادات، بعدما تعامل مع الإخوان المسلمين على تدمير الناصرية، واليسار، ثم طالب الإخوان بالدولة الإسلامية، فرفض، فقتلوه، وبالتالي جاء مبارك وكان أمامه العديد من المعادلات الصعبة، فأعلن أن الإخوان المسلمين، جماعة محظورة، لكن نكتشف أن هناك قنوات سرية بين نظام مبارك، والإخوان، أدى إلى استيلائهم على 88 مقعدا من مقاعد مجلس الشعب، ويمكن القول بأن الحزب الوطني الديمقراطي كان فرعًا من الإخوان المسلمين.

وأكد "وهبة"، أن العالم كله يواجه محنة حضارية تتمثل في العلاقة العضوية بين الأصوليات الدينية، والرأسمالية الطفيلية، مشيراً إلى المخابرات الأمريكية أصدرت عام 1993م، بيانا يفيد بأنها تتاجر في المخدرات لشراء الأسلحة وإعطائها للمناضلين في طالبان للقضاء على النظام الشيوعي.

كما أوضح أنه في عام 1986م، توقع أن الأصولية الإسلامية ستجهز على الاتحاد السوفيتي، ثم تجهز على أمريكا، ثم يصبح كوكب الأرض في قبضة الخلافة الإسلامية، لكنه وجد اعتراضا شديدا من الفلاسفة السوفيت والأمريكان، بحجة أن المسار العقلاني للحضارة الإنسانية لن يسمح بذلك. مضيفًا أنه في عام 1989م، حدث ما توقعه وانهار سور برلين، وفي عام 1991م، انتهت الكتلة الشيوعية برمتها، وبقيت الكتلة الرأسمالية، والآن نرى ترامب يصرخ بأن أمريكا مهددة.

وانتقل الدكتور مراد وهبة، للحديث عن الثورة المصرية في يناير 2011م، وأحداثها التالية في 30 يونيو، وقال: من يتصور أن الرئيس عبد الفتاح كان بعيدًا عنها، فهو واهم، لأنه كان على قمة الجيش المصري المساند للثورة، ولذلك حدث التلاحم العضوي بين السيسي وشباب مصر.

وأكد "وهبة"، أن الشباب لم يكن لديه بديل غير الثورة، بعد أن انتهى طموحه، فلم يعد يجد وظيفة، أو مسكنا، ولم يعد قادرا على الزواج، فلم يعد أمامه إلا أن ينغمس في المخدرات، أو ينخرط في سلك الأصوليات الدينية، وهي مخدرات أيضًا، أو الهجرة، وبالتالي انغلقت تطلعات الشباب، ولم يكن لهم مخرج إلا الثورة.

وأكد "وهبة"، على أن يناير كانت ثورة شباب، وليست ثورة أحزاب أو جماعات، أو نخبة، لكن ما ينقض الثورتين، أنها كانت ثورة شباب بلا نخبة ثقافية، التي كانت حينذاك في سبات عميق، فلم تُحدث أي خطورة تجاه الدور الذي كان يلعبه الإخوان، بل كان هناك علاقة عضوية بين النخبة والإخوان، متسائلا: هل يستطيع الشباب أن يوقظ النخبة من سُباتها، مجيبًا أن هذا هو التحدي الذي يواجهه الشباب، إما أن يعلن الشباب نفسه نخبة ثقافية، وعلى الشباب أن يخرج من هذا المأزق.

وأوضح "وهبة"، أن مصر منذ ثورة 1952م، وحتى الآن، تعيش في الصراع الحقيقي في مصر بين الجيش والإخوان، لأن الإخوان يهدفون لتأسيس الخلافة الإسلامية، بينما الجيش ليس لديه استعداد للحرب خارج الوطن، إلا  إذا كان هناك اعتداء من الخارج يمس الوطن، ولهذا لا يمكن حدوث تفاهم بين الجيش والإخوان، إلى أن تظهر قيادات علمانية ثورية تتولى هذه المسألة، لكن بدون ذلك سيظل الصراع قائما. لكن هناك حتمية تاريخية بأن الجيش يجب أن يحكم البلاد.

وانتقل الدكتور مراد وهبة، للحديث عن الديمقراطية، وقال إنها مكونة من أربعة مكونات، أولها العلمانية، وهي التفكير في النسبي بما هو نسبي، وليس ما هو مطلق، أي التعامل مع الظواهر الاجتماعية على أنها متغيرة، والحل يكون نسبيا مؤقتا ولا يستند فيه إلى معتقد ديني. ثانيا العقد الاجتماعي، أي أن يكون المجتمع مؤسسا من قبل اتفاق بين بشر، على أنهم يتنازلون عن بعض الحقوق للحاكم في مقابل أن الحاكم يتولى تأمينهم، ويمنع الصراعات بينهم، ولا دخل للسلطة الدينية في هذا العقد الاجتماعي. وثالثا التنويه، أي تحرير العقل من كل سلطة ماعدا سلطة العقل، وممنوع سيطرة السلطة الدينية أو أي سلطة أخرى، ورابعًا الليبرالية، أي سلطان الفرد فوق سلطان المجتمع، وأخيرًا تأتي مرحلة صندوق الانتخاب الذي يؤدي وظيفة إحصائية، لكن بدون هذه الشروط الأربعة وخاصة العلمانية، فلا يمكننا القول بأن مصر تعيش حالة ديمقراطية، ولا يمكن الاحتكام للصندوق.