أطماع تركيا التوسعية في أفغانستان وتهديد حركة طالبان لقواتها..وجنرالات أتراك يحذرون ويصفونها بالمقبرة لهم
طمع التركي رجب طيب أردوغان في إحياء ما يعرف بإسم الخلافة التركية، واستغل الاضطربات الواقعة في دول المنطقة، لكي يجد لنظامه موطئ قدم بها مثلما فعل بسوريا والعراق واليمن وليبيا ولم يعتمد النظام التركي في خطته علي القوة العسكرية في تحقيق أحلامه، لكنه لجأ أيضا إلى السيطرة الثقافية والاجتماعية، وزراعة أذرع إعلامية، وفكرية في هذه الدول كي يمهد له تحقيق أحلامه التوسعية .
ولم تكن الدولة الأفغانية بعيدة عن أهداف أردوغان الذي حاول أن يقدم نفسه بديلاً محتملاً أمام المجتمع الدولي للوجود الامريكي والبريطاني بكابول.
وكالة تيكا وأفغانستان
اعتمد نظام رجب طيب أردوغان علي طريقة التغلغل الثقافي والإجتماعي مع الوضع في أفغانستان بصورة أساسية، وذلك عن طريقة ذراعه الأهم والأبرز وكالة "تيكا"، التي تم إنشاؤها في يناير عام 1992م، وتهدف المنظمة التركية إلى تقديم المساعدات، وتنسيق العلاقات مع أنقرة ودول وسط آسيا، إلا أن وصول حزب العدالة والتنمية، إلى رئاسة الحكومة في عام 2002، أدى إلى تغيير نشاط المؤسسة، حيث لم يقتصر نشاطها على آسيا ولكنه امتد ليشمل القارات كافة.
ولم تكن أفغانستان بعيدة عن التحركات المشبوهة لمؤسسة تيكا التركية، حيث عملت المؤسسة على استغلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، التي أنشئت في محافظات ومدن أفغانية نتيجة الصراعات الدائرة بين حركة طالبان من جهة، وبين القوات الأمريكية والحكومة الأافغانية من جهة أخرى، وزادت من نشاطها لكي تغطي هذه الفجوة بما يخلق موطئ قدم لتركيا في أفغانستان.
وقامت تيكا بتقديم مساعدات غذائية لـ1500أسرة محتاجه في عدة مدن شمالي أفغانستان، وأرجعت الوكالة هذه المساعدات إلى أنها تأتي "بسبب نزوح العديد من الأسر الأفغانية خلال الفترة الأخيرة نتيجة تصاعد الاشتباكات"، وتوهم الوكالة بأن هذه المساعدات تعد جزءا من تضامنها المستمر مع الشعب الأفغاني في محنته، وذلك وفق بيان صادر عن الوكالة عبر موقعها الرسمي في التاسع العشرين من يوليو من العام الجاري.
وأسست الوكالة التركية مشروعاً تحت مسمي "كل شيء من أجل بسمة" بهدف تقديم المساعدات إلي الاطفال والايتام وغيرها من الجهات كما قدمت هدايا إلي 350 يتيماً في أعياد الفطر الماضي في اقليمي بلخ وبداخشان الافغانيين وشارك في الاحتفالية سميح لطفي طورغت القنصل العام التركي في مزار شريف بالإضافة إلي مسؤولين محليين مثل محمد أفضل حديد رئيس مجلس الشوري في الأقليم وطيع الله متين مدير العمل والشؤون الإجتماعية بالإقليم ذاته.
محاولة ملئ الفراغ
وبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في ابريل الماضي نيته الإنسحاب من أفغانستان قبل حلول 11 سبتمبر من العام الجاري وزادت التساؤلات حول الوضع السياسي والعسكري المتوقع في كابول خصوصاً أن بعد أن حل تنظيم داعش الإراهي بديلاً عن القوات الأمريكية في العراق.
وهنا سعي النظام التركي إلي أن يقدم نفسه بديلاً لمهمة الدعم الحازم التي أطلقها حلف شمال الأطلسي الناتو في وقت سابق في أفغانستان وهو ما أكده خلوصي آكار وزير الدفاع التركي في الثالث عشر من يوليو 2021حيث أشار في مؤتمر صحفي إلي أن بلاده تواصل المحادثات مع الحكومة الأمريكية من أجل تشغيل وتأمين مطار حامد كرازي في العاصامة الافغانية كابل وهو المطار الذي تتولي أنقرة إدارته منذ 6 سنوات في غطار بعتثة الناتو التي تمتلك فيها تركيا 500 جندي .
ترحيب وتنسيق أمريكي للدور التركي
حاولت تركيا رسمه هذا الدورلنفسها في أفغانستان الامر الذي قابله ترحيب أمريكي حيث أعتبرت واشنطن أن تركيا تلعب"دوراً بناءً في عملية انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان" وذلك بعد لقاء الرئيسيين التركي والأامركي علي هامش قمة الناتو الأخيرة في بروكسل في يولو من العام الجاري.
ولكن المفاجأة أن ترفض حركة طالبان الدعوة التركية وأعتبرته انتهاكاً حيث أصدرت الحركةبياناً في يولو من العام الجاري قالت فيه إن قرار القادة الاتراك ليس حكيماً لأنه يعد انتهاكاً لسيادة الشعب الأفغاني ووحدة وسلامة أراضيه وهو ما يعد مخالفة واضحة لمصالحه الوطنية لذا تطالب أنقرة بالتراجع عن قرارها.
ليسارع التركي أردوغان بمداعبة الحركة رداً علي بيانها خلال مشاركته في الذكري 47 ل"عملية السلام" العسكرية التي أطلقتها أنقره في قبرص قائلا" ان طالبان تدرك موقف تركيا في هذا الخصوص وندرس امكانية إجراء لقاءات مع طالبان حول هذا الجانب مضيفاً "نحن بدورنا نتوجه بالنداء إلي طالبان من تركيا ويتعين عليها التوقف عن عملية الاحتلال هذه والاستيلاء علي أراضي اشقائها وإظهار أن السلام يسود عموم أفغانستان للعالم وباسرع وقت"
وبالرغم من هذه التوترات إلا أن التصريحات الإيجابية التي يسودها الدبلوماسية تصدر من الحين إلي الآخر بين الطرفين حيث صرح ذبيح الله مجاهد المتحدث بإسم الحركة في مقابلة مع التفزيون التركي "تي آر تي " عبي بأن طالبان تريد إقامة علاقات جيدة مع تركيا ولكنها تريد أن تأتي تركيا بالمهندسين والأطباء والعلماء والتجار وليس الأسلحة والحروب وهو الامر الذي لن يقبله التركي الغازي مضيفاً إلي أن مسؤولية أمن المطار والمراكز الدبلوماسية هي مسؤولية الأفغان فقط.
سيطرة طالبان ومأزق التركي
بعد أن سيطرة حركة طالبان علي الأوضاع في أفغانستان وبدأت قواتها السيطرة علي العاصمة الأفغانية كابول صرح وزير الدفاع التركي خلوصيب أكار بان مطار كابول يجب أن يبقي مفتوحاً لمغادرة البعثات الدبلوماسية الأجنبية ومنظمات الأمم المتحدة من افغانستان في مهمة أشبه بالإنتحارية.
لكن مراقبون شككوا في إمكانية وقدرة قوات الحماية التركية لمطار كابول الدولي المدني علي امكانية الحفاظ علي أمن المطار بعتاد عادي وعسكريين لا يتجاوز عددهم بضع مئات من المقاتلين وأفراد الشرطة في الوقت الذي تنسحب فيه الولايت المتحدة من العاصمة كابل ويستسلم مايرقب من ربع مليون مقاتل من الجيش الأفغاني أمام هجمات طالبان.
وكانت مهمة حماية وتسيير شؤو نكابول قد أوكلت إلي تركيا عقب اللقاء بين التركي أردوغن ونظيره الامركي جو بايدن خلال قمة حلف الناتو في يوليوالماضي.
وأصر التركي رجب أردوغان علي القبول بالعرض الأمركي رغم الإعتراضات والتحذيرات من أغلبية قادة الجيش التركي ليكون بمثابة أداة تقارب مع الإدارة الأمريكية التي وجهت له إنتقادات لاذعة له ولحكومته بسبب سلوكهم في مجال حقوق الإنسان والتدخل في شؤون الدول الأخري.
أفغانستان مقبرة الأتراك
وبينما تحاول تركيا الفوز بهذه المهمه أعلنت حركة طالبان رفضها لتلك المهمة معلنة أنها ستعتبر القوات التركية في أية منطقة من أفغانستان بمثابة قوات احتلال وكان واضحاً من توجه الحركة التي أرسلت وفوداً إلي مختلف الدول الاقليمية ولم تقم بزيارة لتركيا.
وحذر الجميع من خطر محدق للجيش التركي في أفغانستان ليعلن الجنرال التركي المتقاعد نجاة إيسلن الذي يعتبر من الآباء الأوصياء للجيش التركي قوله إن الجيش يواجه خطراً استثنائياً في أفغانساتن وان محق القوات التركية هناك ستكون بمثابة ضربة قاصمة لصورة الجيش التركي وهيبته داخلياً وخارجياً.
وذهب جنرالات الجيش التركي وافقوا الجنرال نجاة في تصريحاته الجنرال من بينهم القائد الجنرال أحمد يافوز الذي قال في تعلقات إعلامية"بمكننا توقع الأسوء مالم يكن هناك تحرك سيرع وحيكم فأفغانسنتات يمكن أن تكون مقبرة لأي أحد.
عدد من جنرالات الجيش التركي وافقوا الجنرال نجاة على تصريحاته، بالذات القائد السابق في سلاح البر التركي، الجنرال أحمد يافوز، الذي قال في تعليقات إعلامية: "يمكننا توقع الأسوأ، ما لم يكن من تحرك سريع وحكيم، فأفغانستان يمكن أن تكون مقبرة لأي أحد.
مأزق التركي أفغانستان
الناشط الحقوقي التركي أونال باركوي شرح ما أسماه بمأزق أردوغان في أفغانستانقائلا" كانت لأفغانستان بمثابة فرصة ذهبية بالنسبة لأردوغان لتصحيح علاقته مع الإدارة الأمركية واداة لخلق تواصل عسكري جغرافي مع باكستان والصين.
ولفت باركوي إلى أن اللحظة الراهنة تفرض عليه شروطاً رهيبة فإما الإنسحاب وبالتالي خسارة ثقة الغدارة الامركية أو الدخول في مغامرة شديدة الخطورة قد تكلفه مستقبله السياسي.