عزت أبو عوف.. طبيب خطفه الفن.. عشق «فاطيما» واكتشف محمد فؤاد
جرى الفن في عروقه منذ نعومة أظافره، تفتحت عيناه ليجد نفسه محاطا بالموسيقى من كل جانب واخترق صوت "بيانو" والده، أذنيه كلما ضغط علي إحدى مفاتيحه بأنامله، تعلقت روحه بالموسيقى والفن الذي خطفه من الطب؛ هو عازف الأورج في أشهر فرق الموسيقى الغربية في مصر، ومؤسس فرقة "فور إم" التي قدمت الأغاني التراثية القديمة بصبغة موسيقى وتوزيع جديد اخترق بها أوساط جيل شباب الثمانينيات، هو متعدد المواهب، عازف ودكتور وممثل، وواحد من "بهوات" الفن الذي نجح في تجسيد كل الشخصيات وترك بصمة في كل عمل ظهر به؛ هو "فكري حسونة" في "طيور الظلام" و"علي ظاظا" في "إشارة مرور" ورجل الأعمال الذي يرفض زواج ابنه من ابنة المصوراتي "سيد غريب" في "اضحك الصورة تطلع حلوة"، والخواجة "كوستا" في "أوبرا عايدة" هو الفنان الكبير عـزت أبو عوف.
البداية
ولد عزت أبو عوف بالقاهرة، في 21 أغسطس 1948، لأب موسيقي هو الفنان الراحل أحمد شفيق أبو عوف، تعلم منه العزف علي البيانو وهو في سن صغير، التحق بمعهد الكونسرفتوار بعد افتتاحه 1959وكان زميله في المعهد الموسيقي عمر خيرت، حرص والده أن يتعلم الموسيقى كهواية دون أن تؤثر على دراسته، التحق بكلية الطب وتخصص في قسم أمراض النساء والتوليد.
فرقة ليه بتي شاه
بالتزامن مع دراسته في كلية الطب انضم لفرقة Les Petits Chats "ليه بتي شاه" أشهر فرق الموسيقى الغربية في مصر "بـاند" والتي أسسها وجدي فرانسيس 1967 وكان "أبو عوف" يعزف على الأورج في الفرقة التي ضمت عمر خورشيد وعمر خيرت ويحيى خليل وهاني شنودة، وحققت نجاحا كبيرا خاصة أنها جاءت بعد مغادرة الفرق الموسيقية الأجنبية مصر والتى كانت تعزف فى المطاعم والملاهي الليلية.
كانت بداية الفرقة من منطقة العجمي بالإسكندرية، ولاقت شهرة واسعة بين جيل شباب السبعينيات لتقديمها موسيقى غربية مختلفة عما كان يقدم من موسيقى في تلك الفترة، كانت الفرقة تقدم موسيقاها علي مركب عمر الخيام وكان وقتها عزت أبو عوف في الـ 19 عاما من عمره.
فرقة البلاك كوتس
بعد حصوله علي زمالة كلية الجراحين الملكية عمل في مهنة الطب لفترة بالتزامن مع عمله مع فرقة "ليه بتي شاه" حتى قرر أن ينضم لفرقة Black Coats The "البلاك كوتس" التي أسسها إسماعيل الحكيم، ابن الكاتب الكبير توفيق الحكيم، وهي من أشهر الفرق التي قدمت الغناء والموسيقى الغربية "باند" في أواخر الستينيات وبدايات السبعينيات، وبجانب عمله قدم "عزت" الموسيقى التصويرية لمسلسل "حكاية ميزو" بطولة سمير غانم، ولحن إسكتش مسرحي في مسرحية "الدخول بالملابس الرسمية" للفنانين أبو بكر عزت وسهير البابلي.
فرقة فور إم
توقفت "البلاك كوتس"بعد وفاة مؤسسها في 1978، وهو ما دفع عزت أبو عوف لتكوين فرقة "الفور إم" في 1979 مع شقيقاته البنات "مها، منال، منى، ميرفت" بتشجيع من والدته، بينما يدرك أنه والده سوف يرفض احتراف بناته الأربع للغناء والفن.
وخوفا من والده كان يتدرب ويجري البروفات مع شقيقاته في البدروم لمدة 6 أشهر حتى ولم يعلم والده بأمر الفرقة التي يقودها "أبو عوف" الأبن وشقيقاته إلا من إعلان عن أولى حفلاتها نشرته إحدى الصحف وهو ما جعله يغضب حتى أقنعه أنه سيعمل لمدة 3 شهور حتي تنتهي مدة العقد.
في أحد الأيام ذهب الراحل أحمد شفيق أبو عوف ليشاهد أولاده وما تقدمه الـ"فور إم" التي لاقت استحسانه وتركهم يقدمون أغانيهم، واستمرت الفرقة 12 عامًا حققت خلالها شهرة كبيرة وصنعت حالة غنائية جديدة في فترة الثمانينيات، ومن أبرز أغانيها "الولا ده، مغنواتي، لا عاجبك كده ولا كده، جنون الديسكو، الليلة الكبيرة" وقدمت الفرقة الأغاني التراثية القديمة بصبغة موسيقى وتوزيع جديد أبرزها "التوبة" لعبد الحليم حافظ.
بدايته مع السينما
بعد زواج شقيقات عزت أبو عوف انفصلت الفرقة ليبدأ مشوار جديد في حياته وهو التمثيل وكانت البداية من فيلم "آيس كريم في جليم" بطولة عمرو دياب وسيمون عندما رشحه المخرج خيري بشارة في أول ظهور سينمائي له وتوالت أفلامه في التسعينيات أبرزها "كشف المستور، ليلة ساخنة، امرأة هزت عرش مصر، إشارة مرور، عيش الغراب، حسن اللول" ومع عادل إمام قدم "طيور الظلام، الجردل والكنكة" ومسرحية "بودي جارد" ومع أحمد زكي "اضحك الصورة تطلع حلوة"، واكتشف الفنان محمد فؤاد وقدمه في أول أفلامه "اسماعيلية رايح جاي" وظهر "أبو عوف" بشخصيته الحقيقية وكأنه يعيد مشهد اكتشافه في الفيلم كما حدث في الواقع.
وفي التليفزيون عدة مسلسلات أبرزها "العائلة، نصف ربيع الآخر، هوانم جاردن سيتي، زيزينيا، أوراق مصرية، أم كلثوم" وفي الألفية الجديدة قدم العديد من المسلسلات أبرزها "عباس الأبيض في اليوم الأسود، الملك فاروق، شيخ العرب همام، العتبة الحمرا، الدالي، باب الخلق، الصفعة" وكان آخرها "الأب الروحي".
وفي السينما شارك في عدة أفلام للشباب أبرزها "سيب وأنا سيب، مطب صناعي، واحد من الناس، أيظن، عمر وسلمي، عودة الندلة، ما تيجي نرقص، 45 يوم، خلطة فوزية، الديكتاتور، بوبوس" وكانت آخر أعماله للسينما "هروب اضطراري" وترأس لسنوات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
فاطيما حب العمر
تزوج عزت أبو عوف من السيدة "فاطيما" في 1975 بعد قصة حب كبيرة وأنجب منها "كمال ومريم" ورحلت في 2012 ليدخل في أزمة نفسية كبيرة، وأنهكه المرض بعد وفاة حب عمره وشريكة حياته، وبعدها بـ 3 سنوات، تزوج من مديرة أعماله "أميرة" التي عرفها قبل 18 عاماً من زواجه منها، ووقفت بجواره في أيام مرضه.
الرحيل
عانى عزت أبو عوف في أيامه الأخيرة من التعب في الكبد والقلب ومكث داخل أحد المستشفيات نحو شهر ونصف ليرحل عن عالمنا في 1 يوليو 2019 بعد رحلة طويلة ملأ الدنيا فيها بالموسيقى والبهجة وترك خلفه أعمالا شاهدة علي موهبته الكبيرة وتبقي ذكراه باقية لا تغيب.