رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مصــــر وأمريـكـــا كيف تبنى الشراكة الجديدة على المصالح المشتركة؟

24-5-2017 | 13:50


بقلم: د. طارق فهمى

أطلق فوز الرئيس الأمريكى ترامب كرئيس للولايات المتحدة الفرصة المناسبة لتطوير العلاقات المصرية - الأمريكية سواء على الصعيدين الثنائى والإقليمي، مقارنة بإدارة الرئيس أوباما، والتى شهدت علاقته بالقاهرة توترات علنية، وأخرى غير معلنة، وقد تضمن الخطاب السياسى لإدارة ترامب حتى الآن تقاطعات لرؤيته مع سياسة مصر إزاء عدة قضايا فى الشرق الأوسط، ومنها، مكافحة الإرهاب ومعارضة تيار الإسلام السياسي، ورفض تغيير الأنظمة السياسية، فضلا عن الأزمتين فى ليبيا وسوريا، بخلاف ما برز من تصريحات ودية من ترامب تجاه الرئيس عبد الفتاح السيسى وبرزت بعمق فى زيارة الرئيس السيسى لواشنطن والإعلان الأمريكى عن دعم مصر فى مكافحة الإرهاب والتطرف، ويضاف لذلك استئناف الاتصالات المصرية الأمريكية على مستوى عال وزيارة وزير الدفاع الأمريكى وإجراء مناورات تحية النسر وتجدد زيارات الوفود الأمريكية للقاهرة والمصرية لواشنطن.

 

العودة للماضى

تعرضت العلاقات المصرية – الأمريكية خلال إدارة أوباما إلى خلافات بعضها علنى والآخر مكتوم، حيث اتجهت هذه الإدارة خصوصا منذ سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين فى العام ٢٠١٣ للضغط على مصر عبر ملفات مثل، المعونة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية والسعى لدمج الإسلام السياسي، فضلا عن خلافات القاهرة وواشنطن حول قضايا الإرهاب واتفاقيات التجارة الحرة، وليبيا وسوريا، وبالتالي، بدت العلاقات بين البلدين أشبه بحالة من التجمد، إذ لم يزر الرئيس السيسى الولايات المتحدة، إلا لإلقاء خطابه فى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك.

لذا، شكل تولى الرئيس ترامب موقعه فرصة لتحسين هذه العلاقات بدرجة أكبر، وذلك لتركيز الجمهوريين على البعد الاستراتيجى فى العلاقة بين البلدين، فضلا عن موقفهم المعادى لتيار الإسلام السياسي، وهو ما تؤيده مصر شكلا ومضمونا، إضافة لإدراكهم أهمية دور مصر فى مكافحة الإرهاب، ووجود توافق نسبى فى بعض الملفات الإقليمية والثنائية مع السعى لتطوير أسس العلاقات على قواعد جديدة من المصالح المشتركة وتفهم أمريكى لطبيعة العلاقات مع دولة كبيرة محورية فى الشرق الأوسط ونموذج للدولة التى تواجه التحديات والمخاطر فى الإقليم بأكمله.

ولعل رؤية ترامب فى قضية مكافحة الإرهاب قريبة نسبيا من الرؤية المصرية، فهو يتعامل مع كل أشكال الإرهاب على أنها شيء واحد لابد من مواجهته، حيث لا يفرق بين إسلاميين معتدلين ومتشددين، وبالتالي، يمكن لمصر تلعب دورا فى مشاطرته هذه الرؤية فى مقابل رفع القيود عن المعونة العسكرية واستخدام الأسلحة الأمريكية المقدمة لمصر فى إطار جهود مكافحة الإرهاب فى سيناء ولا شك أن هناك تفهما كاملا أمريكيا لحرب مصر على الإرهاب وهو ما سيدفعها لدعم مصر استراتيجيا وأمنيا والاستجابة للمتطلبات المصرية الكاملة لمصر فى هذا السياق.

والواضح حتى الآن أن الرئيس ترامب مع فكرة استقرار الدول، ويرفض فكرة تغيير الأنظمة بالقوة فى الشرق الأوسط، حيث ينظر إلى التغيير باعتباره مهمة الشعوب، وأن أمريكا ستدعم رغبات الاستقرار فى الشرق الأوسط، ويتوافق هذا التوجه مع التوجهات المصرية فى مرحلة ما بعد ٣٠ يونيه ٢٠١٣.

وينظر الرئيس ترامب إلى أن كل ما يحدث فى ليبيا من فوضى وإرهاب ومليشيات مسلحة هو مسئولية أمريكية؛ إلا أن موقف الرئيس الأمريكى تجاه الأزمة الليبية غير واضح، وكذا موقفه يشوبه عدم الوضوح تجاه “خليفة حفتر “ قائد الجيش الوطنى الليبى الذى يحارب الإرهاب وهناك توافقا لدى ترامب مع الرؤية المصرية بشان الأوضاع فى سوريا، وعدم إسقاط الجيش، وضرورة محاربة الإرهاب، كما أن ترامب لديه توجه للتعاون مع روسيا فى حل الأزمة السورية والقضاء على داعش، وهو أمر يقترب من الرؤية المصرية فى دعم الجيش السورى ورفض إسقاط الدولة.

وينظر الرئيس ترامب دائما إلى ايران على أنها عدو ومصدر للإرهاب، وكذا يعتبر الاتفاق النووى معها بأنه كارثة وأنه لابد من إلغائه، إلا أن ذلك لن يلغى الاتفاق الذى أصبح متعدد الأطراف ويحمل مشروعية دولية من خلال مجلس الأمن.. ومن المحتمل أن يعاد النظر فى بعض السياسات الأمريكية الحالية عقب القمة العربية الإسلامية الإمريكية فى زيارة الرئيس ترامب للمنطقة إذ من الواضح أن الرئيس ترامب سيرسل رسائل سياسية واستراتيجية تتعلق بالتعامل مع إيران مع طمأنة دول الخليج العربى خاصة مع التوقع بشراكة جديدة على أسس مختلفة وهو ما سينطبق على التوجهات إزاء إسرائيل والتحسب جيدا لتحفظاتها إزاء إيران فى الفترة المقبلة.

علاقات جديدة

تتوافق علاقات مصر مع الإدارة الأمريكية فى بعض القضايا والملفات، ويساعد على ذلك وجود أغلبية جمهورية فى الكونجرس من بينها مجموعة أصدقاء مصر التى تؤيد القيادة المصرية، الأمر الذى يمثل فرصة لتحسين العلاقات المصرية - الأمريكية بشكل أكبر مما كانت عليه أثناء فترة أوباما، أضف لذلك، حديث ترامب الودى عن الرئيس السيسى وسعيه للاستقرار.

ويمثل الحضور الأمريكى الفرصة لتحسين العلاقات العسكرية المصرية الأمريكية، ومن هنا يتوجب على مصر استغلال الفرصة للحديث عن رفع القيود التى فرضتها إدارة أوباما السابقة بشأن استخدام المعونات العسكرية واستخدام بعض الأسلحة، ويمكن تعديل ذلك فى إطار الحديث عن مكافحة الإرهاب، وعودة الحديث عن حجم المعونة الأمريكية المقدمة لمصر مقارنة بإسرائيل، كما يمكن لمصر العمل على تعزيز التعاون العسكرى مع الولايات المتحدة.

وكذلك تعزيز التعاون الاقتصادى مع الولايات المتحدة بتعميق اتفاقية الكويز أو التفاوض حول اتفاقية للتجارة الحرة والحصول على ضمانات قروض بقيمة ١٠ مليارات دولار على ١٠ سنوات يتم بها دعم الاقتصاد والموازنة المصرية، بسعر فائدة لا تتجاوز الـ٪١ والمطالبة بعودة المعونة الأمريكية إلى ما كانت عليه فى ٢٠٠٩ لمدة خمس سنوات مقبلة.

التسوية فى المنطقة

من الضرورى إذن إيصال رسالة إلى الجانب الأمريكى بأن مصر ولاعتبارات تاريخية وسياسية لا يمكن تجاوز دورها فى أية اتصالات، وأن لديها القدرات والثقل السياسى للتأثير على كل الأطراف الفلسطينية، بما فى ذلك حركات المقاومة وحركة فتح ويمكن أن يتم ذلك من خلال التنسيق مع الجانب الإسرائيلى الذى يرغب فى دور مباشر ومعلن لمصر ويمكن لمصر تقديم نفسها للولايات المتحدة بأنها وسيط إقليمى يمكن أن يمارس دورا فى تفكيك عناصر أزمة المفاوضات العربية الاسرائيلية عبر تنفيذ بعض الأفكار الأمريكية المطروحة، وفى هذا الإطار يمكن لمصر تقديم مقترح بتشكيل لجنة تضم مصر والأردن والولايات المتحدة لإدارة ملف المفاوضات فى المرحلة المقبلة على أن يكون حضورها من خلال خطة عمل كاملة يمكن البناء عليها.

والتنسيق أيضا مع الجانب الإسرائيلى فى الترتيب لعقد لقاء خماسى فى القاهرة أو عمان بمشاركة مصرية أردنية إسرائيلية فلسطينية بدعم أمريكى لترتيب الخطوات الإجرائية والجوهرية للتفاوض وإجراء اتصالات مع عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة فى الولايات المتحدة ودعوة بعضهم إلى القاهرة لبناء مواقف مصرية فلسطينية واحدة وبما يؤدى لحضور مصرى فاعل فى الدوائر الأمريكية.

إضافة للتنسيق المباشر مع الجانب الفلسطينى وبناء مظلة دعم ومساندة مصرية من خلال تكثيف اللقاءات الرسمية بين الطرفين فى الفترة المقبلة، وتعيين مصر مبعوثا دائما وممثلا للسيد الرئيس للمفاوضات العربية الإسرائيلية يتولى التنسيق بين الأطراف المختلفة خاصة مع بدء استئناف المفاوضات رسميا وكذلك قيام السيد الرئيس بإعداد مبادرة مصرية لاستئناف التفاوض بين الجانبين العربى والإسرائيلى، على أن تتم بالتنسيق مع الجانب الأمريكى وتقدم مصر بطلب للجانبين الفلسطينى والأردنى باستضافة اللقاءات التنسيقية المقترحة بين مصر والأردن وفلسطين قبل لقاء الرئيس محمود عباس والرئيس ترامب فى واشنطن على أن تباشر مصر تحركاتها الدبلوماسية فى مجلس الأمن من خلال التحرك إزاء المجموعة العربية فى الأمم المتحدة لإظهار التحرك المصرى المباشر، وفى إطار تكتيل التحركات المصرية الدولية بشأن القضية الفلسطينية، ويمكن لمصر التقدم بطلب للجامعة العربية رسميا لإعادة النظر فى بعض بنود المبادرة العربية وإعادة طرحها خاصة تجاه الجانب الإسرائيلي.