يا ريس.. خلى الحكومة تاخد بالها بجد من الصعايدة
بقلم: أشرف التعلبى
أعرف تمامًا ما يبذله حقًا الرئيس من أجل تنمية الصعيد الجوانى، وما قام به من زيارات لأسوان والأقصر وأسيوط والبحر الأحمر وقنا، وأعلم أيضا دور برنامج «تكافل وكرامة».. لكن هذا لا يكفى لمنطقة حُرمت من التنمية عشرات السنين، فمازال الصعيدى لا يشعر أو يلمس أى تحسن أوتغيير.
ورغم كثرة التصريحات والوعود من المحافظين والوزراء وكبار المسئولين، إلا أن الفقر مازال يدق باب كل قرى الصعيد، لدرجة أن نسبة الفقر تجاوزت الحد المسموح به عالميا.. وحتى الآن لم يتم تفعيل المادة ٢٣٦ من الدستور الخاصة بتنمية الصعيد.
وكواحد من أبناء الصعيد (قنا) اسمحوا لى بأن أقول إننا مللنا من المطالبة بالتنمية وأصبحنا نشعر أنها كم لو كانت ليست من حقنا.. وأصبحت الأحلام لا تحققها الوعود، فمنذ عقود طويلة والصعايدة يطالبون والحكومات المتعاقبة تعد ولا تفى بما تعد وكل حكومة جديدة تردد أن السابقة تجاهلت الصعيد وتقدم لـ٣٠ مليون صعيدى الاعتذار عن هذا التجاهل، لكن سرعان ما تكرر ما فعلته الحكومات السابقة.. الصعايدة لا الآن يصدقون وعود الحكومة.. فحالهم كما هو لم يتغير أبدا، لدرجة أن ما يقرب من ٥٠٪ من الفقراء هم من أبناء محافظات الصعيد وعلى رأسها أسيوط وقنا وسوهاج... أما الآن ومنذ شهور فقد ازداد الوضع فقرا، فمن كان يشترى لحمة مرتين بالأسبوع، يومى الأحد والخميس، اكتفى بمرة واحدة والأغلب تكون “فراخ”.. الفقر كتب حكاية قريتنا أننا صابرون منذ زمن وننتظر الفرج.
سيدى الرئيس.. نعقد عليك الآمال بأن تنجدنا من الفقر الذى حول صعيدنا لقرى منسية بائسة، شبابها يفرون هاربين إلى دول الخليج يبحثون عن فرصة عمل أى عمل، وكم من مهندس ومحاسب يعمل فى القاهرة والإسكندرية عاملا باليومية، فالتنمية مقترنة بأمور كثيرة تحدد ملامح الشخصية القروية، فالثأر يقترن بالتنمية والأمية كذلك، والبطالة والمرض.. نعم التنمية حل لكل قضايا وهموم قريتنا، فالناس يعيشون فى نار “قايدة” لا تنطفئ، فنزيف دم الثأر لا يتوقف، وفى كل قرية “تار”..
جيلنا الشقى جيل يحلم بيوم فى جنة القاهرة، أصله بيقولوا لينا أنتم درجة تانية فى قطار البشر، كل مظاهر الحياة الجيدة موجودة فى مصر على أساس أن القاهرة بالنسبة لينا مصر، عاوز دكتور زين روح مصر، عاوز جامعات زينة روح مصر، عاوز تدريب روح مصر، عاوز شغل روح مصر، عاوز تخلص ورقك علشان تسافر روح مصر.. تعبت يا مصر منك ومستنى “رئيسي” يشيلنى من همى وفقري!.
بيقولوا علينا صعايدة ومخنا تخين وزى القفل، وقالوا علينا نكت، وقالوا علينا كلام كتير.. طيب والصعايدة مش بنى آدمين مصريين... من كتر الفقر الناس فى قريتنا ملهية فى الثأر والبحث شغال على ودنه عن “لقية” كنز من أيام الفراعنة، أصله خلاص ملوا من الفقر وسنينه، من زمان شغالين ومفيش حاجة بتتغير، كل الدنيا اتغيرت إلا قطار الصعيد واقف مكانه، محروم ومطرود من رحمة الحكومة.. ورغم خير “قبلي” من أراض ومناجم ومحاجر وعمالة وموانئ وآثار وسواحل البحر الأحمر، إلا أن الصعيد غير مرغوب فيه، كأن الفقر مكتوب على جبينه.
المعركة ليست صيانة أو ترميم مستشفى أو طريق.. القضية تحتاج إلى إرادة حقيقية من مختلف جوانبها، لابد أن نحدد إجابة على بعض من هذه التساؤلات: هل نحن فى حاجة لاستغلال خيرات الصعيد، هل نحن فى حاجة لعقول أبنائه، هل نستطيع القضاء على الثأر والأمية والمرض والبطالة، هل نريد تفعيل مراكز الشباب وقصور الثقافة...؟
ناس الصعيد الجوانى بيقولوا يا حكومة: حُلمنا بسيط.. توفير أبسط سبل الحياة الكريمة، لا نريد العيش فى الزمالك أو المهندسين، لكن أن نعيش كما نحن تحت سفح الجبل، حيث قرانا وبيوتنا وأرضنا، نحلم بمدرسة ومستشفى ومصدر رزق وكوب ماء نظيف وصرف صحى..، هل يتحقق حُلمنا البسيط أم ستتواصل جروحنا ومآسينا إلى مدى آخر، وتستمر المطالبة بالتنمية وتحسين ظروف الحياة الكريمة، أمانة ثقيلة، حلم ثقيل، يلاحق الأجيال القادمة.
نفسى ومنى عينى يا ريس أحس أن الصعيدى مش مطرود من رحمة الحكومة!