إنه الأجدر.. ليستكمل مشروعه الوطنى وحلمه الكبير لها
بقلم: سكينة فؤاد
قادم فوق أجنحة أغلبية غير مسبوقة فى أول انتخابات بعد أن استرد المصريون ثورتهم من جماعة الإخوان، التى اختطفتها، ما كان أيسر أن يختار الرئيس الطريق الذى يضاعف شعبيته من خلال بريق نجاحات شكلية وخادعة ترجئ المواجهات الجادة مع الأزمات والمخاطر الموروثة والمستجدة إلى من يأتى بعده، كما فعل من كانوا قبله.. ولكنه لم يتعود إلا أن يكون أمينا وصادقا فحمل أمانة بلاده وهمومها وقرر أن يخترق بها طريق المواجهة ومهما كان الثمن، بعد أن أدرك أن التجميل بالجراحات الخطيرة، التى تحتاجها بلاده أفضل من مسكنات بينما الداء يستفحل..
كان يعرف أن طريق السلامة يمتلئ بالأشواك.. والتكاليف المؤلمة.. كقائد للمخابرات كان يرى رؤية العين المعلن والمخبوء من أخطار تتهدد بلاده ابتداء باستكمال مخطط العنف الخلاق وإعادة تقسيم وترسيم دول المنطقة بدماء أبنائها.. وما أعلن عنه فى ٢٦/٧/٢٠١٣ بطلب تفويض من الشعب لمواجهة ما أطلق عليه العنف المحتمل! ويومها تساءل كثيرون.. أى عنف محتمل؟! كان يعرف ما لم نكن قد عرفناه بعد وما كأننى تقوم به جماعة الإخوان.. وما كان يحدث فى سيناء وأن مدن العريش والشيخ زويد ورفح بشمال سيناء شهدت تدفق عشرات الآلاف من العناصر الإرهابية لإقامة معسكرات هناك أثناء حكم الإخوان وبحماية اتفاقية السلام التى أبعدت الجيش المصرى عن حماية هذا الجزء العزيز من بلاده! وأيضًا ما تكشف من تجنيد الجماعات الإرهابية فى سيناء لآلاف من الشباب المصرى وتلقينهم تدريبات عسكرية، ثم إعادتهم لمحافظاتهم، وما يرصد فى منطقة القناة ومدينة بورسعيد بالتحديد من عبور ودخول سيارات ضخمة عابرة للصحراء وعلى ظهرها أسلحة ومدافع تطوف بأنحاء المدينة وتروع أبناءها بإطلاق الرصاص عليهم..
ولا أذكر بالتحديد أعداد من سقط من شهداء من أبناء بورسعيد برصاص الوجوه الغريبة القادمة من سيناء! وما توالى من وقائع وجرائم إرهابية وتوالى سقوط الشهداء من مدنيين وجيش وشرطة وتوالت أيضًا المؤامرات على السياحة والعصف بما تبقى من مصادر للدخل القومى انضمت إلى ميراث ثقيل لعشرات السنين من إهدار الصناعة والزراعة والسرقة والنهب والتجريف للثروات البشرية والطبيعية وتوحش الرأسمالية وتحالفها مع السلطة.
قاد الرئيس عبدالفتاح السيسى سفينة الوطن وسط كل هذه الأنواء والعواصف وعلى قدر خطورتها لم تستطع أن تنسيه حلمه لبلاده مثل كل محب لهذا الوطن عارف بقيمته وقدره وتاريخه وإمكاناته وآلام الملايين من أبنائه وألا توقف هذه المخاطر والتحديات بناء الحلم بدولة حديثة ووضع الأساس لاتساع عمرانى وتنموى ركيزته وقاعدته الصعيد الذى طال حرمانه ومثلثه الذهبى وإنقاذ الأرض والفلاح وإعادة الحياة للصروح الصناعية التى خصخصت ودمرت والقوة العمالية الهائلة من عمال وصناع وزراع مصر.. وزيادة الرقعة الزراعية وإنشاء مجتمعات متكاملة بعدما تم نهبه وتدميره والبناء فوقه من أخصب أراضى الوادى القديم.. والقضاء نهائيًا على المناطق العشوائية الفاقدة لجميع مقومات الحياة الإنسانية.. وانقاذ عملية تعليمية وأجيال انهارت تماما ومد جسور قوية لأجيال جديدة من الشباب مع بلادهم وإعدادهم للمشاركة فى قيادة الحاضر والمستقبل وإحياء الكنوز الطبيعية والمقومات التى تمتلئ بها مدن ومنطقة القناة وإدخالها منافسًا قويًا لمدن بحر وموانئ لا تمتلك المقومات العبقرية لمنطقة القناة وأفضل استثمار لقناة السويس الجديدة وجذب استثمارات بحجم ما لدى مصر من إمكانات.. وإعادة السيادة للقرار المصرى والمكانة وسيادة الشعب صانع وصاحب الثورة فى ٢٥ يناير ٢٠١١ ومدها العظيم ٣٠/٦، وإعادة التوازن لعلاقات مصر مع دول العالم من خلال الاحترام المتبادل ومحاولات مستميتة لجمع الشمل العربى وإيقاف نزيفه والتآمر عليه وحماية الحدود المصرية من حشود الغدر التى تحشد حولها وخاصة من حدودها الغريبة وكسر حصار الادعاءات والأكاذيب التى لم تكف جماعة الإخوان وسادتهم ومحركوهم من قوى دولية وإقليمية عن إطلاقها ومقاومة مخططات تيئيس وتشكيك فى كل ما يتم إنجازه وكل المأمول تحققه والتى ظلت ومازالت هدفاً أساسيا للحروب الجديدة ولإعلام مأجور ولممارسات من قوى الماضى التى أفلتت بكل ما ارتكبت فى حق هذا الوطن وبما نهبت من ثرواته دون حسابات جادة وتفرغت للحرب على كل ما يحدث فى مصر.
قدر الثقة فى القائد وقدر الإيمان بحلمه الكبير لبلاده واحترامه لإرادة الشعب وخاصة عشرات الملايين الذين يمثلون الظهير الشعبى لدولة ٣٠/٦ يجب المكاشفة بكل ما يمثل آلاما حقيقية لهذه الملايين وما يحتاج إليه من معالجات عاجلة ومراجعات وحساب جاد لكل من ليسوا على قدر فروض الأزمات وتحدياتها ابتداء بمن حملوا هذه الأرصدة من الظهير الشعبى توابع وتكاليف القرارات الاقتصادية التى كانت تمثل ضرورة، والتى كان لا يقل ضرورة قوانين وسياسات وإجراءات تُحمل هذه التكاليف والتبعات للقوى التى تضخمت وتوحشت وأخذت بلا حدود من خيرات واستحقاقات المصريين ولا يحركها وازع من ضمير لتحمل النصيب الأكبر من أعباء عبور الأزمات. أيضًا من أهم ضمانات سلامة وقوة الحاضر والمستقبل إقامة التوازن بين الحرب على الإرهاب والحفاظ على الحريات المسئولة والتى يكفلها الدستور والتقدم إلى مجلس النواب بالقوانين، التى تحمى الحريات وتوقف شرعنة الفساد وتدعم الحرب الجادة التى تشنها الدولة عليه.. واتساع زوايا الرؤية ودوائر الاختيار للوصول إلى الكفاءات التى تمتلئ بها مصر فى جميع المجالات ومن جميع الأطياف الوطنية التى لم تمارس غدرا أو إهدارا للدماء وإعداد مركز المعلومات لدائرة معارف علمية مُدققة عن الثروة البشرية الهائلة والدرجات العلمية والإنجازات والقدرات لتُنهى انفراد المؤسسات الأمنية باختيار الوزراء والمحافظين وجميع القيادات الأمر الذى ترتب عليه سوء اختيارات كثيرة أثرت تأثيرات مؤسفة فى تعطيل مسيرة الإصلاح - وتوفير أكبر قدر من الاستقلالية لانتخابات المحليات ربما يدفع بدماء وفكر وقدرات جديدة تضع نهاية لشبكات الفساد والإفساد التى تحكم المحليات ولتشرق أجيال جديدة من الشباب والمرأة، التى أتوقع أن تكون من القوى الأساسية المحققة لانتصارات مصرية فى السنوات القادمة بإذن الله ولا يمكن العبور بحديث عن الشباب دون تطلع لمد الدولة لجسور أقوى مع جميع أطيافهم ووضع خطط جادة لتخفيض نسب البطالة والإفراج عن جميع من لم يدانوا بأحكام جنائية، وإدراك مدى ضرورة إجراء تغيير وزارى يهدى المهندس شريف إسماعيل حق الراحة بعد ما وفق أو لم يوفق فى إنجازه ولتتولى الحكومة قيادة سياسية واقتصادية من أجيال وفكر ورؤى جديدة فقد آن أوان التخلص من ظلال وسلالات الماضى بكل ما ارتكب فى حق هذا الوطن ولإنهاء امتداد إخفاقات دفع المصريون أثمانا غالية لها، وسن القوانين التى تحق للمصريين أملهم فى استرداد ثرواتهم وملياراتهم المنهوبة والتى كان يمكن أن تلعب دورًا كبيرا فى تخفيف أزماتهم الاقتصادية وحاجتهم إلى القروض والديون فلا أظن أنه فى الدنيا من يواجه مثلنا المسافات الفلكية بين أعلى مستويات الثروات المنهوبة من دم ولحم شعب يعانى أدنى وأقسى مستويات العوز وافتقاد جميع شروط ومقومات إنسانية وعدالة الحياة واعتبار المصارحة والمكاشفة بحقيقة وما وراء كل ما يحدث وما يتخذ من إجراءات وقرارات حتمًا وفريضة وواجبًا، وأخيرا - وعلى ما أتذكر حتى الآن - أن ترفع وتدان جميع أشكال التمييز - والحصانات فى غير موقعها ولزومها وأن تصبح المواطنة ميزانا عادلا يوزن به جميع المصريين.
لا أجد أجدر من القائد الذى حمل روحه على كفه وتقدم مع الجيش الوطنى ليلبى نداء عشرات الملايين - البحر البشرى غير المسبوق فى التاريخ الإنسانى الذى ملأت أمواجه الهادرة شوارع وميادين مصر فى ٣٠/٦.. لا أجد الأجدر منه ليكمل ما بدأ وليحقق فى فترة رئاسية قادمة لن تمتد لأكثر من أربع سنوات حلمه الوطنى الكبير لبلاده وحلم المصريين لبلادهم لتحقق وتسترد وتتبوأ ما تستحق من مكانة وقوة وسيادة واكتفاء واعتماد على الذات وإطلاق واستثمار الكامن من ثرواتها البشرية والطبيعية وما خرج المصريون من أجله فى ٢٥ يناير و٣٠/٦ ونادوا عليه من عيش وحرية - وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.