«الوصفة المصرية».. للعلاقات الدولية
جاء حديث الرئيس السيسى فى المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس القبرصى ليكشف عن المواقف المصرية الثابتة والشريفة تجاه كل القضايا والأزمات الذى تحكمه مجموعة من المبادئ لا تتغير أو تتبدل.. فالرئيس أكد المواقف المصرية التى تستند إلى القانون ومقررات الشرعية الدولية، سواء فيما يتعلق بمنطقة شرق المتوسط، أو القضية القبرصية أو القضية الفلسطينية، أو الأزمة الليبية.. لذلك.. فنحن أمام دولة احترمها العالم.. وأصبح يثق فى قيادتها للمنطقة.. ويعوِّل عليها فى ترسيخ الأمن والسلام فيها.. فمصر رسخت مجموعة من المبادئ التى تحكم علاقات الدول.. من خلال عدم التدخل فى الشئون الداخلية والاحترام المتبادل، وعدم انتهاك السيادة.. وإرساء التعاون والشراكة لتحقيق مصالح الدول وتطلعات الشعوب.
احترام متبادل.. عدم التدخل فى الشئون الداخلية.. ولا انتهاك للسيادة.. التعاون والشراكة الطريق إلى أمن واستقرار وسلام المنطقة
العلاقات بين مصر وقبرص نموذج لعلاقات التعاون والشراكة والالتزام بالقانون الدولى والقرارات والمرجعيات والشرعية الدولية والتى تسعى إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة التى تشهد اضطرابات وتهديدات خطيرة منذ العقود الماضية، التى تصاعدت حدتها فى العقد الأخير، وهو الأمر الذى يستلزم التعاون والتنسيق بين الدول المحبة للسلام والبناء والاستقرار، بدلاً من سياسات التصعيد والتوتر والصراعات والأطماع، والتدخل السافر فى شئون الدول، وانتهاك سيادتها.
العلاقات المصريةــ القبرصية، عمرها 60 عاماً من التعاون والتقارب، إلا أنها شهدت توهجاً كبيراً فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووصلت إلى شراكة فى العديد من المجالات، وأيضاً وجود إرادة قوية لاستثمار ما يتوفر لدى البلدين الصديقين من إمكانيات كبيرة لتحقيق مصالحهما المشتركة، بما يمثل نموذجاً يُحتذى به على المستوى الإقليمى فى الترابط والتعاون، لذلك فإن تدشين اللجنة الحكومية العليا بين البلدين على المستوى الرئاسى يمثل خطوة جديدة على طريق تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين القاهرة ونيقوسيا، التى باتت ركيزة مهمة للاستقرار الإقليمي، وتعظيم الفرص والإمكانات فى علاقات التعاون الثنائي، ويضيف مزيداً من الزخم إلى هذا التعاون المستمر فى القطاعات المختلفة.
هناك تعاون ثنائى بين البلدين واتفاقيات متنوعة، وهناك إرادة سياسية لتفعيلها، تمثل فرصاً واعدة، خاصة فى مجال الطاقة سواء فى مشروعات الربط الكهربائى ومشروعات الطاقة المتجددة ومشروع خط الأنابيب الذى سيربط حقل «أفروديت» القبرصى لنقل الغاز إلى محطتى الإسالة المصريتين فى إدكو ودمياط، تمهيداً للتصدير إلى الأسواق الأوروبية، وهناك أيضاً تعاون وثيق ومهم فى العديد من المجالات مثل: الأمن، والدفاع، والزراعة والاستزراع السمكي، والسياحة، والثقافة، والنقل.. وهناك جهود متواصلة لرفع معدلات التبادل التجارى والاستثمارى بالشراكة مع القطاع الخاص، ومجتمع رجال الأعمال فى البلدين، وهناك تعاون فى مجالات البحث العلمى والتعليم العالي.
الحقيقة أن هناك تأكيداً على أهمية ترجمة الالتزام السياسى إلى مشروعات وبرامج محددة، تحقق مصلحة الجانبين فى مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية، خاصة من خلال تذليل كافة العقبات على المستويين التنفيذى والفني.
قواسم ومشتركات كثيرة تربط مصر وقبرص سواء مصالحهما المشروعة فى شرق المتوسط، وأيضاً التحديات فى منطقة شرق المتوسط.. تقارب الرؤى ووجهات النظر حول قضايا المنطقة وأزماتها، والاتفاق على أهمية الحلول السياسية لتلك الأزمات حفاظاً على أمن واستقرار وسلام المنطقة.
كل ما سبق أمر مهم، ويجسد قوة علاقات مصر الدولية وحرصها على مد جسور التعاون والشراكة مع دول المنطقة لترسيخ أمنها واستقرارها وسلامها.. لكن ما توقفت عنده واسترعى انتباهى هو كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي.. فهناك معانٍ ورسائل جسَّدت شرف وأخلاقية السياسة المصرية فى التعامل مع الدول والأزمات والقضايا، وأنها حريصة كل الحرص على التمسك بأهداب قيم المنظومة الدولية، والقانون الدولي، والشرعية والقرارات والمرجعيات الدولية، فنحن أمام دولة محترمة لا تنتهج سياسات حمقاء أو تسعى إلى زيادة التصعيد والتوتر، وحدة الاضطرابات فى المنطقة، لكنها تسعى لترسيخ السلام والبناء والتعاون بين الدول والتقارب بين الشعوب.
الحقيقة أننا أمام سياسة دولية مصرية باتت واضحة ومعروفة للجميع، لا تتوقف مصر عن ذكر ملامحها ومكوناتها وأبعادها، فى كل المحافل واللقاءات الدولية، فمصر التى تؤكد دوماً ضرورة الاحترام المتبادل بين الدول وعدم التدخل فى الشئون الداخلية أو انتهاك سيادة الدول وثرواتها ومياهها الإقليمية وترسيخ سبل التعاون والشراكة وتبادل المصالح والخبرات من أجل البناء والتنمية والاستفادة من موارد الدول تحقيقاً لصالح وتطلعات وآمال الشعوب.. فالتقارب والسلام والحلول السياسية هى أكثر ربحية وعوائد بدلاً من الصراعات والتوترات والمواجهات المسلحة التى لم تحقق سوى الخراب والدمار واستنزاف موارد وثروات الدول والتأخر عن ركب البناء والتقدم.. ولقد نالت الرؤية والسياسات المصرية احترام وتقدير وثقة دول العالم.
إذا تأملت أو أجريت تحليل مضمون لكلمة الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى المشترك الذى عقده بالأمس مع الرئيس القبرصى تجد أن الرئيس السيسى كلما ذكر أو تحدث عن أزمة أو قضية فى المنطقة أنهى حديثه بعبارات عن القانون الدولى والقرارات والمرجعيات والشرعية الدولية.
مصر تعلن سياستها ليس بالأقوال، ولكن أفعال وسياسات ومواقف على الأرض، ثوابتها ومبادئها شريفة فى كافة المواقف، تستند على قناعاتها وإيمانها، وأيضاً مبادئ وقرارات ومرجعيات الشرعية الدولية.. ليس لديها نهم سياسى لإثارة المشاكل والتوترات.. لا تنتهج سياسات الأطماع والتدخل فى الشئون الداخلية للدول، أو انتهاك سيادتها، تسعى إلى الحفاظ على حقوقها المشروعة التى يقرها القانون الدولى وأيضاً حل أزمات المنطقة عبر الحلول السياسية والتفاوضية من أجل نشر ثقافة الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة.
الرئيس السيسى تحدث عن الوضع فى منطقة شرق المتوسط والقضية القبرصية، بما يعكس الموقف المصرى الثابت، الذى يستند إلى ضرورة التزام الدول باحترام القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، خاصة مبادئ عدم التدخل فى شئون الدول الداخلية.. وهو ما يشكل تهديداً خطيراً لأمن واستقرار الدول وسلام المنطقة، وهو ما تعيشه منطقة شرق المتوسط حالياً.. ولعل تأكيد الرئيس السيسى على ضرورة احترام السيادة والمياه الإقليمية للدول وأهمية احترام الحقوق السيادية لدول المنطقة اتصالاً بمسألة التنقيب عن الغاز الطبيعى والثروات «الهيدرو كربونية» فى مناطقها الخاصة، طبقاً للقانون الدولى واتفاقيات تعيين الحدود البحرية ذات الصلة، وهى رسالة مهمة وقوية للجميع ممن يحاولون العبث بالقانون الدولى والشرعية الدولية ويهددون أمن وسلام المنطقة التى هى فى الأصل تعيش حالة من الاضطراب والتوتر.. وعندما تحدث الرئيس السيسى عن القضية القبرصية أكد موقف مصر الثابت من مساعى تسوية القضية القبرصية، وفق مقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.. إذن ما يحكم مواقفنا هو الحق والعدل والقانون الدولي.. والقرارات والمرجعيات المتعلقة بالشرعية الدولية.. لذلك دائماً تتسم المواقف المصرية بالحكمة والشرف والشرعية الدولية.
ومصر أكدت أيضاً خلال المؤتمر الصحفى المشترك بين الرئيسين تضامنها مع قبرص حيال أى ممارسات من شأنها المساس بالسيادة القبرصية أو محاولات فرض أمر واقع مستحدث بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن وبما يقوِّض فرص التوصل إلى تسوية القضية القبرصية على أساس وحدة الجزيرة والأطر التى توافق المجتمع الدولى عليها لحل القضية.. إذن مصر لم تخرج عن إطار سياساتها.. وتتمسك بالحق والقانون والشرعية الدولية وما اتفق عليه المجتمع الدولي.
لم يتغير الموقف المصرى تجاه قضية منطقة شرق المتوسط والقضية القبرصية، عن موقفها بالنسبة للقضية الفلسطينية والأزمة الليبية.. فالمنظور المصرى فى التعامل مع قضايا المنطقة ينطلق من الشرعية الدولية والقرارات والمرجعيات الدولية وثوابت السياسة المصرية.
الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية واضح وثابت وشريف.. فالرئيس السيسى أكد خلال المؤتمر الصحفى أهمية تضافر الجهود الدولية لتقديم الدعم اللازم لقطاع غزة المتضرر بشدة جراء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع والعمل على عودة الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية نهائية تفضى إلى إقامة دولة فلسطينية وفق مقررات الشرعية الدولية.
الخميس الماضى كانت هناك قمة مصريةــ أردنيةــ فلسطينية فى القاهرة.. أكدت مصر على ثوابتها تجاه القضية الفلسطينية بأهمية استعادة الحقوق المشروعة للأشقاء الفلسطينيين.. واستئناف المفاوضات وإحياء عملية السلام وصولاً إلى حل الدولتين، الذى أصبح قناعة للدول الكبرى من خلال دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
الأمر نفسه بالنسبة للأزمة الليبية، فالموقف المصرى واضح وثابت.. فالرئيس السيسى تحدث عن أهمية عقد الانتخابات الليبية فى موعدها مع خروج كافة القوات الأجنبية من ليبيا، وعودة ليبيا إلى أبنائها ليصونوا مقدراتها ويبنوا مستقبلهم بإرادتهم الوطنية المستقلة.
موقف مصر ثابت تجاه الأزمة الليبية.. ويسعى إلى استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها، من خلال جيش وطنى يتصدى لكل التحديات والتهديدات التى تستهدف أمن وأمان واستقرار الليبيين وأيضاً عدم التدخل فى الشأن الداخلى الليبى ومنع التدخلات الأجنبية غير المشروعة.. وخروج كافة القوات الأجنبية وتفكيك وطرد الميليشيات الإرهابية والمرتزقة، وضرورة عقد الانتخابات وفق القرارات الدولية.
الحقيقة أننا أمام مواقف ثابتة.. وسياسات شريفة تستند إلى مقررات الشرعية الدولية ولاتحيد عنها.
على مدار أكثر من سبع سنوات لم تتنازل أو تتراجع مصر عن سياساتها، بل تطبق مواقفها ومبادئها على جميع الأزمات، وهو ما جعلها محل ثقة وتقدير المجتمع الدولي.. لذلك فإن مصرــ السيسى تستحق وبجدارة هذا الدور والثقل المرموق فى المنطقة والتعويل عليها فى ترسيخ أمنها وسلامها واستقرارها.
تحيا مصر