رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«قول شكرًا تاخد جايزة»

4-9-2021 | 23:15


إلهام أبو الفتح,

من أجمل الأخبار التي قرأتها خبر عن مقهى بباريس إذا أشرت للجرسون وطلبت منه قهوة، بأطراف أصابعك يحاسبك المقهى على سعرها الرسمي تسعة يورو، لكن إذا قلت له من فضلك أريد قهوة، ثم قلت بعد احتسائها تسلم أيدك يكافئك بخصم 50% من ثمنها ويحصل منك خمسة يورو فقط ويعفيك من أربعة يورو مقابل الحروف الخمسة لكلمة "ميرسي" الفرنسية! 


وقد نشرت مجلة نيتشر العلمية التي يبلغ عمرها اكثر من مائه عام دراسة أن مجموعة من العلماء تابعوا على ما يقرب من 1,000 محادثة حول العالم فوجدوا أن الأشخاص الذين أُسدي إليهم معروف نادرًا ما يقولون "شكرًا".


وسر عجبي أنه ما أسهل كلمة شكرا على اللسان لو علمناها لأولادنا، فكلمة " شكرا" ليست مجرد أربع حروف نحمد بها شخصا أسدى لنا معروفا، لكنها "فعل" معناه كمية هائلة من العطاء بلا حدود، ففي معجم المعاني معنى "شكرت الدابة" أي أكلت وامتلأت حتى شبعت، و"شكرت الشجرة" أي أخرجت أغصانا صغيرة وزهورا وسنابل، و"شكرت السحابة" أى اِمْتَلأَتْ بالماء، حتى الإنسان البخيل إذا وضعنا فعل شكر قبله يصبح المعنى غَزُرَ عطاؤهُ.

وفي القرآن الكريم حين يقول الحق في سورة فاطر "إن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ"  فإن معنى الشكور هو المثيب المُنْعم بالجزاء!، فلم أكن اتخيل هذه المعاني حين كتبت الأسبوع الماضي عن فضل كلمة شكرا، حتى جاءتني ردودا هائلة من القراء وكأنني عثرت على كنز فرعوني كاد يتوه تحت مغارات الرمال المتحركة ووسط زحام الحياة، ولأن بعض الناس نسوا كلمة شكرا فأصبحت تصرفاتهم فيها جحود، يخطف الفرد نتائج الخدمة ثم ينكب على موبايله في عالمه الوهمي دون أن يشعر بمن حوله ولا يقولون لمن أحسن اليهم شكرا، لا من قدم له الطعام في البيت ولا من غسل كوب الشاي ولا من أصلح لمبة الشارع ولا من رفع المخلفات وأماط الأذى عن الطريق، لو قال الدير للعامل شكرا علي عمل اداه ولو قال العامل لمديره شكرا سيزيد الإنتاج وعمل الجميع في جو من الحب والايجابية 


الحديث الشريف يبشرنا برجل شوهد يتمتع في الجنة ونعيمها لمجرد أنه رفع غصنا ناشفا من الطريق، فما بالك بمن يتصدق أو يرفع مخلفات المباني أو يردم حفرة حفرها لتوصيل مياه لبيته وتركها مصيدة للمارة، فالشكر.. والعرفان بالجميل لا يوزن بالمال، وعلى المجتمع تشجيع ثقافة الشكر ومكافأة الأخلاق الحميدة في التعامل، وآليات منح هذه المكافأة أيسرها كلمة شكرا قبل أن تتحول حياتنا إلى لهاث خلف المصالح الأنانية الضيقة، وتتحول علاقتنا في العمل وفى الشارع وحتى في البيوت إلى جزر منعزلة يحكمها مبدأ الأنانية، ولا يستوعبون تأكيد الخالق الرزاق "ولئن شكرتم لأزيدنكم".