تصل رواتبهم إلى 27 جنيهًا في اليوم.. الكادحون في حرارة الصيف
يكدحون من أجل لقمة العيش.. لا يكترثون لشقائهم الذي يسقيه العرق أمام لهيب المواقد رغم حرارة الصيف المجحفة، يستيقظون فجراً للسعي على أرزاقهم، فحقوقهم في الحياة مهدرة ورأسمالهم صحتهم ودونها لن يجدوا من يعولهم وأسرهم، فهم جنود مجهولون يكافحون دون شكوى رغم أوجاعهم التي تسكن بداخلهم لقلة حيلتهم لنيل أبسط الحقوق في العيش، دون نظر الدولة إليهم بعين الرأفة لتوفير سبل الأمان والراحة دون الخوف من انقطاع أرزاقهم في حال عجزهم عن العمل.
تلك هي قصة أصحاب تلك الأعمال الشاقة كعمال الأفران والمشويات في حرارة الصيف، والتي رصدتها "الهلال اليوم" خلال جولة ميدانية لتتعرف على حالهم، وأهم مطالبهم.
عامل الفرن والحرارة
أمام أحد الأفران بمنطقة العمرانية يقف "خالد علي" ذو الـ55 عاماً، حاملا في يده عجينًا لخبزه داخل الفرن وسط لهيب النار وحرارة الشمس المنهكة، والذي حدثنا قائلاً: "أنا بنزل الفرن من الساعة 6 الصبح وبقف قصاده 8 ساعات لحد ما بيستوي لأن درجة حرارته عالية، واحنا في عز الصيف وصعب على أي واحد إنه يستحمل وأنا بقالي 40 سنة على الحال ده لحد ما الواحد خلاص تعب وجاب آخره"، لافتًا إلى أن يوميته 70 جنيهًا وفي حال عدم قدرته على العمل لا يستطيع أن يحصل على يوميته ما يزيد عليه أعباء مصروفات أسرته التي تتكون من 3 أفراد.
لا يوجد تأمين
ويتابع الفران حديثه قائلاً: "المهنة دي لو عندك صحة بتاكل وبتأكل اللي وراك، ولو معندكش صحة مش هتعرف تاكل، ولا تأكل اللي وراك، وفي الجو ده لو طلعت في الهوا وأنا عرقان بتعب ومقدرش أشتغل ولا أكل عيالي بس ربنا بيسترها"، مشيراً إلى أنه ليس مؤمنًا عليه صحياً لتجاوز عمر الخمسين عامًا علاوة على ارتفاع مصروفات التأمينات التي تصل تكلفتها إلى 500 جنيه يتم تجديدها كل 5 سنوات ولكن ظروفه المادية لا تمكنه من تحمل هذا المبلغ.
الاهتمام من الدولة
ويوضح أن عمال الأفران الفئة الوحيدة التي لم تقم بأي إضرابات أثناء ثورة 25 يناير، مراعاةً للمواطنين وحاجتهم من عيش، متمنياً أن يكون هناك اهتمام من الدولة بأصحاب الأفران وحمايتهم في حال إصابتهم بالعجز ليتمكنوا من إعالة أسرهم وعدم الاحتياج لأحد.
عناء عامل الشوى
وبداخل أحد محالات المشويات، يحمل "سعيد مصطفى" 30 عاماً صواني من اللحوم والفراخ ليضعها على الشواية وسط حرارة الفحم لتسويتها متصبباً عرقاً من شدة حرارة الشواية المصاحبة لحرارة الصيف، والذي حدثنا قائلاً: "الشغل على الشواية صعب ومش أي حد يستحمله لأن الحرارة شديدة أكتر من الفرن بس لازم نتحمل عشان أكل العيش وربنا بيعين الواحد"، مشيراً إلى أنه يقف أمام الشواية من 10 صباحاً حتى 10 مساء دون راحة لإعداد طلبات الزبائن من مشويات ليصاب في نهاية اليوم بإنهاك شديد وجفاف جسمه لتصببه الكثير من العرق.
12 ساعة دون توقف
ويضيف عامل الشوي أنه يقتضي يومية تصل إلى 60 جنيهًا مقابل عمل لمدة 12 ساعة وسط حرارة لهيب الفحم المرهق وأنه يعمل في هذا المجال منذ 15 عاماً ما جعله يتأقلم على تلك الحرارة، مشيراً إلى أنه في بعض الأحيان يصاب بحروق أثناء شوية للطعام بسبب السرعة أو وقوع أحد الأسياخ عليه ولكنه يواصل العمل وفي نهاية اليوم يقوم بالذهاب إلى إحدى الصيدليات ليضمن الحرق بمراهم مضادة للحروق.
مستقبل مجهول
ويوضح "سعيد" أنه في حال مرضه لا يجد راتباً أو مظلة تأمين صحي يحتمي بها ما يضعه في ضغط نفسي وإرهاق بدني طيلة الوقت تخوفاً على مستقبله المجهول في حال إصابته بمكروه أو وعكة صحية وعدم قدرته على الوفاء بمصاريف منزله.
13.2 مليون شخص دون غطاء قانوني
ووفقاً لتقرير صادر عن ركز "البيت العربي للبحوث والدراسات" فإن 56% من إجمالي العاملين بمصر تصل رواتبهم إلى 27 جنيهًا في اليوم، كما يبلغ متوسط الأجر في القطاع الخاص 1916 جنيهًا شهريا، ونسبة المتعطلين من حملة الشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها بلغت نحو 75.4%، وعدد العاملين في مصر دون غطاء قانوني وبعيد عن معايير العمل اللائق 13.2 مليون شخص.
وبحسب التقرير، تخسر الدولة من الناتج القومي 1.4 مليار جنيه سنويا نتيجة حوادث وإصابات العمال، بينما يبلغ عدد العمالة غير المنتظمة أكثر من 14 مليون شخص.