ثنائيات.. عندما خلع النقشبندي عمامته بسبب لحن بليغ حمدي
ذهب الشيخ سيد النقشبندي إلي مكتب وجدي الحكيم محرجاً بعد أن أخبره الأخير برغبة الرئيس السادات في أن يسمعه على لحن من ألحان بليغ حمدي بعد أن أفتتح النقشبندي حفل خطبة كريمة الرئيس في القناطر، خطوات ثقال يمشيها النقشبندي ناحية استديو الإذاعة حيث يجلس بليغ في إنتظار الشيخ.
"على آخر الزمن يا وجدي هاغني" كان الأمر جلل عند كبير المبتهلين، يعتقد أن اللحن سوف يفسد روحانيات الابتهال، ولكنه لم يكن يعلم بعد أنه علي موعد مع عبقري سوف يغير مجرى حياته بلحن واحد يدخل الطمأنينة في قلوب الملايين بمجرد سماع " مَوّلاى إنّى ببابكَ قَد بَسطتُ يَدى.. مَن لى ألوذُ به إلاك يا سَندي" تغمض عيناك وتسرح في ملكوت الله بينما لسانك يردد تلقائيا "الله.. الله".
حالة من الترقب والقلق تنتاب وجدي الحكيم وهو يشاهد بليغ وهو يلقى اللحن على مسامع الشيخ، لم تزول إلا عندما خلع الشيخ "عمامته"، ربما عندما وقعت على مسامعه "أقُوم بالليّل والأسحارُ سَاجيةٌ..أدعُو وهمّسُ دعائى بالدُموُع نَدي.. بنُورِ وَجهِكَ إنى عَائدٌ وجلُ.. ومن يذ بك لن يَشّقى إلى الأبد" حتى خلع النقشبندي "الجبة" ووقف بصوته الملائكي يسجل الابتهال الذي كتب كلماته الشاعر عبد الفتاح مصطفى.
"مَهما لقيت من وعارضها..فَأنت لي شغل عمّا يرى جسدي" حالة من الروحانيات تدخل قلبك وتجعلك تطير في عالم بعيدا عن الدنيا وتلقي همومها خلف ظهرك وتحلق روحك في السماء، وبينما الكورال خلفه يردد "مولاي إني ببابك" ويضبط الإيقاع على تلك الجملة الواحدة يصدح صوت أحد أهم المنشدين في العالم العربي بـ "تَحّلو مرارةِ عيشٍ فى رضاك.. ومَا أُطيقُ سُخطاً على عيشٍ من الرَغَد" كان لحن بليغ هادئا يناسب صوت النقشبندي.
ضع يدك علي قلبك وأخفض رأسك قليلا وردد مع الشيخ "مَن لي سِواك، ومَن سِواك يَرى قلبي ويسمَعُه؟ كُل الخَلائِق ظِلّ في يَدِ الصَمدِ" شعور بالراحة يتسلل إلي قلبك فلا مخاوف تطوف حوله، ثمة دمعة خفيفة تكاد أن تسقط من عينك على جبهتك من فرط الخشوع ولا تملك سوى أن ترفع يدك إلي السماء تناجي ربك طمعا في مغفرة ورحمة الكريم "أدعوكَ يَا رب فاغفر زلَّتي كَرماً.. واجعَل شَفيعَ دُعائي حُسنَ مُعْتَقدي.. وانظُر لحالي في خَوفٍ وفي طَمعٍ.. هَل يَرحمُ العَبد بَعْد الله من أحد؟".
خرج النقشبندي وهو يقول لوجدي الحكيم "بليغ ده جن" وعاشت "مولاي" وبات الابتهال هو الأكثر حضوراً في شهر رمضان، وكرر التعاون مع بليغ في 5 إبتهالات آخرى هي "أشرق المعصوم، أقول أمتى، أى سلوى وعزاء، أنغام الروح، رباه يا من أناجي، يا ليلة في الدهر"، ولم يتقاضى بليغ والنقشبندي أي أجر عن الإبتهال.