رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


يونان سعد: هناك حالة من غياب النقد في مصر

25-5-2017 | 15:11



«شبح المرايا» لعله الديوان الأول للشاعر يونان سعد إلا أنه استطاع من خلاله أن يثبت أن لشعر العامية عالما أوسع ورؤية أشمل وفلسفة خاصة، قادرة على تناول مختلف المواضع الفلسفية، خارجا بشعر العامية من محليته المعهودة..

«الهلال اليوم» التقت الشاعر يونان سعد، تحدث خلالها عن النقد في مصر وأزمته وتطلعات قصيدة العامية، وحكى لنا عن حركة "صعاليك" الذي لم يكتب لها البقاء، وغيرها من التفاصيل..



توجد حالة من غياب النقد الحقيقي في مصر.. ما رأيك في ذالك وما السبب؟

نعم هناك حالة من غياب النقد، والسبب في ذلك هو شيوع الجو الاحتفائي بصدور اﻷعمال المختلفة للكتاب على صفحات المجلات الأدبية والجرائد المتخصصة، هذا الجو الاحتفائي الذي بتنا نتعارف عليه تحت مسمى "عرض كتاب" لا نستطيع أن نعتبره نقدا، لذلك سقطت قيمة النقد في عيني الأديب، والمسئول اﻷول عن ذلك هو المؤسسات التي كانت في القديم منبرا للناقد ثم توقفت عن ذلك، إذا أردنا أن نحاسب النقاد فعلينا أن نحاسبهم من خلال دراسات نقدية أعدوها عن أعمال أدبية للكتاب، لا من خلال المقالات الاحتفائية، وعليك أن تتصفح أي مجلة عربية أو مصرية متخصصة في اﻷدب ستجد أن جل الدراسات تدور حول درويش ومحفوظ، أي أن الحركة النقدية توقفت عند هذه المرحلة، والسبب في ذلك هو المؤسسة التي تنتقي قبل الناقد نفسه.

 

كيف ترى مكانة القصيدة العامية من شعر الفصحى؟

لو كنت تتحدث عن التاريخ فقصيدة الفصحى أوسع وأكبر تاريخا وأكثر زخما نظرا لقدمها وهذا ليس ذنب شعراء العامية بالتأكيد ذلك إذا نظرنا إلى حداثة العهد.

وإذا نظرنا إلى القصيدة الفرد فيكفيني لو تعثرت في قصيدة عامية واحدة تعلو على نظيراتها من قصائد الفصحى المعاصرة، وهذا موجود لكن في تجارب جد نادرة

لذلك ننتظر المزيد من العامية لكن على السواد اﻷعظم من شعراء العامية أن يوسعوا أفقهم وألا يكتفوا بلون واحد يصبح مع الوقت باهتا من كثرة التكرار، وأظن أن قصدي مفهوم.

 

هل ترى أنه على الشاعر النزول إلى الجمهور باعتباره حامل رسالة أم أن الجمهور خارج حساباتك؟

على الشاعر أن يأخذ الناس في حسبانه بالطبع، فهو في النهاية يكتب لهؤلاء وﻷجلهم أيضا، لكن على أي أساس، لا أقتنع أبدا بفكرة النزول للجمهور بمعنى التماهي مع منظومتهم الفكرية والجمالية والخلقية أيا كانت، وإلا أصبح الشاعر مجرد اسطوانة تكرار لما هو موجود بصرف النظر عن جدارته من عدمه، لنعلم أن الجمهور غالبا ما يصفق لمن ينافقه ويثبت له أن إحساسه بالجمال وأفكاره على ما يُرام، إذا كان النزول للجمهور يعني هذا اﻷمر فأنا أرفضه بالطبع، خصوصا أن معظم شعراء العامية يقعون في هذا الفخ دون أن يدروا.

أما عن البساطة، فهناك بساطة مزيفة وسطحية تنافق الجماهير، وهو ما يقع فيه معظم متعاطي العامية، وهي تقود بالطبع للون واحد من الكتابة والأسلوبية؛ سيكون باهتا بالطبع، وهناك بساطة حقيقية لا يصل إليها الشاعر سوى بعد اجتيازه دروبا طويلة من التعقيد، العالم معقد وليس بسيطا أبدا، لذلك فالشاعر الذي يستطيع تلخيص العالم في جملة واحدة بسيطة؛ عليه أن يتعاطى أولا مع هذا التعقيد ولفترة طويلة وطبيعي أن ينعكس ذلك على قصيدته، ذلك قبل أن يصل للبساطة المنشودة، لا أحد يصل للبساطة من طريق مباشر، هذا هو الواقع وما عدا ذلك فهو ادعاء.

 

انصرف الكثير من كتاب العامية إلى كتابة القصيدة الفصحى والرواية.. ما رأيك في هذه الظاهرة.. وما تقييمك لمنتجهم؟

لا أرى أنها ظاهرة، عن نفسي لست أعرف ممن تحولوا من العامية للفصحى سوى شاعرين أنا واحد منهما واﻵخر هو الشاعر عبدالرحمن تمام.

هل ترى في الجيل الحالي أصوات حقيقة يمكن الرهان على تجاربهم؟

هناك تجارب حقيقية جدا سواء في قصيدة العامية أو الفصحى، في فنون السرد أيضا، لكني لا أستطيع أن أراهن على أحد، فاﻷمر راجع للكاتب نفسه، سيعمل على توسيع أفقه ومشاعره باستمرار ليصل في يوم ما للنص الذي يستوعب الإنسان والعالم، أو أن يركن لمخزون داخلي لا يتجدد وطبيعي أن ينضب ذات يوم.

 

هل ترى أن فكرة الجيل ضرورية للمبدع أم أنها إحدى مراحل الشللية؟

أراها إحدى مظاهر الشللية، الأدب لا يعرف هذه المصطلحات، فمن المطلوب من اﻷدب أن يكون عابرا للزمان والمكان والأشخاص.

 

هل ترى أن للعامية أملا في الوصول للعالمية كشكل أدبي؟

بالشكل الحالي لا أعتقد، فمعظم شعراء العامية أنفسهم يرون أنهم أقل من ذلك، ويرون أن العامية لا تصبح عامية إذا خرجت عن محليتها، ومع ذلك هناك تجارب لا تبلغ عدد أصابع الكف الواحد لديها مفهوم آخر وأوسع عن قصيدة العامية، باعتبارها شعرا قبل أن تكون عامية مصرية، فالشعر عابر وعام، ويحتمل كل اﻷلوان والاتجاهات.

 

تأخر ديوانك الأول كثيرا، لماذا؟ وهل هناك مشاريع مستقبليه تقوم على كتابتها؟

بسبب إشكاليات جميعنا يعلمها عن سوق النشر، مازلت غير مقتنعا بدفع مبلغ من المال مقابل نشر قصيدتي، أرى أن في ذلك إهانة لنصي الذي هو في كل اﻷحوال أفضل مني ومنفصل عني وعلي أن أحترمه، أضف إلى ذلك حالات النصب المتفشية في وهم كبير نسميه سوق النشر، أما عن الهيئات الحكومية وإن كانت أفضل في هذا السياق، إلا أن قيود النشر فيه كثيرة، خصوصا إذا كنت غير راضيا عن رفض نص بسبب تعرضه لتابوه أو فكرة محظور الحديث عنها.

 

حدثنا عن تجربة "الصعاليك" ولماذا لم تستمر؟

الصعاليك من أنقى الشعراء والكتاب الذين صادقتهم، كانت لدينا أحلام كبيرة يبدو أنها كانت أعلى من طول ذراعي وإياهم، ربما خان بعضنا هذا الحلم أو فقد اﻷمل مبكرا وأعذرهم في ذلك، ربما أيضا وصلنا لمرحلة لم نجد أنفسنا فيها متوافقين في اتجاهاتنا الفنية، وهذا طبيعي فقد كنا صغارا جدا من حيث السن، والناس تغير اتجاهاتها مع التقدم في العمر.