رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


يسألونك عن دور الشعب؟

13-9-2021 | 20:45


عبد الرازق توفيق,

إذا كان المواطن جادًا فى مواجهة مشاكله وراغبًا فى تغيير حيات، عليه أن يقرأ بأفكار سليمة هو مسئول عنها، وثقافات ترسخت من عقود سابقة ، فالوعى والفهم وامتلاك شجاعة المواجهة مع النفس يكشف أن الإنسان المصرى فى حاجة إلى تعديل مساره من أجل إصلاح حقيقى سيؤدى إلى التقدم.

 

 

على مدار عقود طويلة.. الشعب يعلق كل الأزمات والمشاكل على شماعة الحكومة أو الدولة..  وربما كان لهم بعض الحق.. لكن السؤال فى ظل ما يجرى الآن من بناء وتنمية وإصلاح حقيقى بشكل غير مسبوق..  ماذا عن دور المواطن .. وهل سيفهم ويستوعب فلسفة وأهداف الإصلاح، فالدولة فى حاجة إلى إعادة صياغة ورؤية جديدة يرسمها بشجاعة ورؤية ونظرة استشرافية قيادة وطنية فريدة ومخلصة لا تبتغى إلا وجه الله ومصلحة وتقدم الوطن وتحقيق آمال وطموحات المصريين التى تأخرت كثيرا.

هل نتخلى كشعب عن شماعة الحكومة والمسئول هل قمنا وأدينا دورنا؟ وهل امتلكنا الوعى والفهم لندرك أن الإصلاح الحقيقى هو سبيلنا الوحيد لإنهاء عقود المعاناة والأزمات المزمنة التى تسببت فى الكثير من الكوارث والتراجع وعدم مواكبة التقدم والتطور.

هل أدركنا كشعب فلسفة وأهداف أكبر عملية تنمية وبناء فى تاريخ مصر ، ألم يستشعر كيف تغيرت مصر إلى الأفضل، وهل وصل إلى عقولنا ما أدت إليه ثمار نجاح الإصلاح الاقتصادى الشامل، هل نتابع حركة البناء العالية ذات الوتيرة المتسارعة لتعويض عقود غياب الرؤية والإرادة.

 الحقيقة أننا لابد أن نتغير من داخلنا ونودع عقود «الأنتخة» ومقولة الحكومة «بابا وماما» أو ثقافة «أبو بلاش كتر منه».. هذا الطريق أثبت فشله الذريع على أرض الواقع من خلال انهيار منظومات الخدمات ومعاناة المواطن بل الوطن.

فشلت سياسات فتح الصدر وقرارات «أبوبلاش» فلم يكن تطبيق الاشتراكية فِى مصر أمرا صائبا أو صحيحا كمسار وفكر سياسى وسعت فقط إلى شعارات رنانة ولم تدرس جيدا ولم تطبق على أساس تقدير موقف أو الإدراك الحقيقى لقدرة موارد الدولة ومع تفاقم الزيادة السكانية انهارت ومعها جاءت معاناة وآلام المواطنين فى كل شيء .. العلاج أبوبلاش أو بثمن لا يذكر .. أدى إلى اختفاء المستشفى أصلا..  ولم يعد هناك مستشفى أو طبيب أو حتى كيس قطن فزادت أوجاع المصريين ومعاناتهم والدعم الذى كان موجها لشريحة معينة فى المجتمع هم الفقراء والأكثر احتياجا ذهب للأغنياء والأثرياء سواء كتجارة أو فى جيوبهم.. أصبح الدعم يحتاج فى ذلك الوقت لدعم.

ان ما تحتاجه مصر من إصلاح جذرى فى العديد من المجالات هو مواجهة حقيقية لأخطاء وكوارث الماضي.. فاستمرار أى خدمة بشكل راق وحضارى للناس لتخفف عنهم المعاناة يحتاج لسعر معقول وموضوعى يتناسب مع قدرات الدولة التى تمتلك موارد محدودة للإنفاق على عشرات المجالات والبنود لذلك نحن فى حاجة إلى حالة فهم شعبى ووعى وطنى شاملة لكافة أمورنا وقضايانا.

 

 المصريون فى حاجة أيضا إلى مواجهة مع النفس وادراك ان مصر لن تتقدم إلا بالعمل والوعى وإدراك فلسفة وأهداف الدولة من وراء الإصلاح والتصدى الحقيقى لتحدياتنا..  وإذا كانت الدولة تقوم بواجبها وتؤدى مسئولياتها بشكل غير مسبوق وتسعى جاهدة لتوفير الحياة الكريمة للمواطن وحل أزماته والارتقاء بالخدمات المقدمة له ولم يعد للمواطن أى حجة ولن يجد شماعة يعلق عليها مشاكله وأزماته .. لذلك لابد ان يقوم المواطن بدوره ويتحمل مسئولياته ويكون شريكا أساسيا فى التعامل مع الحكومة.

ربما البعض يتهمنى بالتحيز للحكومة لكننى أدعو كل ذى عقل وعينين يرى أننا أمام عهد انطلق منذ 7 سنوات يسابق الزمن..  ويعمل ليل نهار .. ويملأ البلاد عمارا وبناء وتنمية ولديه طموحات غير محدودة فى توفير أعلى المعايير من أجل توفير الخدمات للمواطن بما لا يقل عن الدول المتقدمة فإذا كانت مصر تبنى دولة جديدة وحديثة من بنية أساسية وتحتية ووسائل نقل حديثة تشمل تطويرا تاريخيا للسكة الحديد وإدخال خدمات جديدة مثل القطار الكهربائى والمونوريل والقطار السريع وتطويرا أيضا تاريخيا للموانئ المصرية وتبنى المدن الجديدة الذكية وتتوسع فى إنشاء الوحدات السكنية لتوفير احتياجات المواطن بأعلى جودة وتقضى على الأزمات والطوابير وانقطاع التيار الكهربائى وفيروس سى وقوائم الانتظار والعشوائيات وتنشد الحياة الكريمة للمواطن .. وتبذل جل جهودها فى التوسع الزراعى وإقامة المزارع السمكية والحيوانية والصوبات الزراعية تعمل فى كل المجالات والقطاعات بدون توقف وبمعدلات قياسية وفى ظل قيادة سياسية لا تنام وتعمل برؤية عبقرية وحكومة - بحسب قول الرئيس - بتتحرق معايا.

 إذن السؤال المهم .. ماذا عن دور وواجب ومسئولية المواطن وماذا سيفعل..  هل سيظل محتفظا بالسلبية النمطية .. وثقافة «الأنامالية» .. و«مال الحكومة حلال» أو اتهام الحكومة بالفشل والإخفاق وأنها قصرت فى حق سيادته أم أننا نحتاج لنوبة صحيان وإفاقة حتى نستيقظ من غيبوبة الماضى وأخطائه ومعتقداته وميراثه.

الوعى الحقيقى هو الحل..  والوعى يسبقه فهم صحيح لكل تحدياتنا والتعرف على ملامح الإمكانيات والقدرات المصرية فلا يجب أن نظل نردد كلاما لا نفهمه .. كوريا الجنوبية بدأت معنا واليابان وأندونيسيا وماليزيا .. ويقولك المواطن أمال إحنا متأخرين ليه..  ربما هو يسأل فقط ولا يدرىأ نه السبب بنسبة كبيرة..  لأن هذه الدول واجهت تحدياتها بكل شجاعة وشفافية وأنهت عقود عدم اتخاذ قرارات الإصلاح الصعبة فأدت فى النهاية إلى نهضة عادت ثمارها على المواطن فى شكل خدمات متقدمة ومتوسط دخل مرتفع لدينا على سبيل المثال تحد خطير للغاية هو الزيادة السكانية والنمو السكانى العشوائى الذى يزيد ويتخطى موارد الدولة وقدراتها وإمكانياتها.. هل من مصلحة المواطن أن ينجب ٥ و٦ و٧ و٨ أطفال أو أبناء رغم ان قدرته المالية والمادية وظروفه لا تسمح بذلك.. هل يستطيع الانفاق عليهم.. وتعليمهم أو جعلهم أصحاء يعيشون بلا أمراض أو معاناة؟ هل سينجح أن يقدم للمجتمع مواطنا صالحا ومؤهلا وفاعلا يضيف للمجتمع والدولة أم انه يتحول إلى عالة بلا مهاراتأو قدرات أو ربما تتحمل الدولة نتائج تسربه من التعليم أو تداعيات عمالة الأطفال أو سلسلة أمراض طويلة أو انحراف يهدد سلامة وأمن المجتمع. لماذا لا يواجه البعض أنفسهم بجدوى كثرة الإنجاب.. وهل هى طريق صحيح لحياة بلا عناء ومعاناة وشقاء.

هل فى عصر التقدم والتكنولوجيا الحالى أصبحت كثرة العيال «عزوة» وهل الأهم العدد أم النوعية وهل طفل أو اثنان على درجة متقدمة من التعليم والصحة والقدرات أفضل أم 10 أطفال مرضى وجهلاء فى ظل مناخ من الفقر والحاجة والعوز.. لذلك فإن كثرة العيال والإنجاب هى العدو الرئيسى لحقوق الإنسان وحقه فى الحياة الكريمة والصحة والتعليم والعمل وحقه أيضا أن يعيش فِى وطن قوى وقادر بلا تشوهات اجتماعية.

الزيادة السكانية.. مسئولية المجتمع وعليه أن يعى خطورتها حاليا فى ظل إمكانية تجاوزها وزيادتها عن موارد وقدرات الدولة وان الاستمرار فى هذه الثقافات والاعتقادات التى لا تمت للأديان أو المصلحة الإنسانية بصلة هى مسار وطريق خاطئ. فهل يمكن أن يتصور مخلوق ان البعض منا مازال يقدم على زواج القاصرات.. كيف تتخلى عن مصلحة ابنتك وهل هى مجرد تجارة.. وكيف تزوج طفلة بريئة ليس لديها خبرة الحياة وإدارة بيت أو حتى التعامل مع زوج يكبرها بعشرات السنوات وتفاجأ بعد عام أنها أصبحت أما وما هى تداعيات ذلك على سيكولوجية وصحة هذه الفتاة أم هناك عدم إدراك لهذه الإبعاد والتداعيات وتحول الأمر إلى مجرد تجارة بعد أن انتزع الآباء من قلوبهم أى نوع من الرحمة والإنسانية والوعى هل الجهل يقودنا إلى هذا الانتحار فهل كل ذلك هو مسئولية الحكومة التى نشف ريقها مع الإعلام فى التوعية بخطورة ومخاطر مثل هذه السلوكيات على الفتيات والمجتمع والدولة.

هناك قطاع منا أيضا اعتاد الأنتخة والراحة والنوم فى العسل.. ولايريد أن يعمل ويكافح.. فبعض الصنايعية تخلوا عن حرفهم.. واشتروا «التوك توك» ليستيقظ من النوم بمزاجه.. ويجلس على القهوة ثم ساعتان من العمل وباقى التفاصيل مفيش داع. ومثال آخر للصنايعية أو بعضهم يعذبك حتى يكمل عمله.. فإذا استعنت بنقاش يأتيك أول يوم ثم يضع العدة ويستمر مسلسل «التحايل».

الغريب أيضا.. أننا ندفع أموالا طائلة فى «السجائر» للعلم أنا مدخن وكروت الشحن والاتصالات وباقات النت ونستخدمها كلزمة أو بدون «لزمة» وننفق عشرات الآلاف على الدروس الخصوصية برضا.. نعطى أموالنا للمدرسين وللأسف الزوجة عاوزة تعطى الأبناء دروسا حتى فى «الخط العربى» وإذا واجهتها تقولك كل العيال بتاخد دون أن تحاسب الأبناء على مذاكرتهم.. طوال النهار الموبايلات فى أيديهم ويتأذى ليس من المذاكرة فحسب ولكن أيضا من ساعة المدرس الخصوصى. وعندما تزيد وترتفع سلعة أو خدمة بشكل رمزى تقوم الدنيا ولا تقعد «وهاتك» يا هرى ويا تنظير ويا دنيا سوداء وفلسفة وضيق رغم كل اللى ذكرناه بيهدر الآلاف من ميزانيات البيت والأسرة.

ورغم ان الزيادة الرمزية تريد الحفاظ على مستوى الخدمة واستمرارها وتطويرها من أجل المواطن لانقترب من «حكومة البيت». طبعا عارفين مين «حكومة البيت» لكننا نلوم دائما على الحكومة فى الدولة.. أحيانا يكون حساب القهوة أو الكافيه يفوق مائتى جنيه يدفعها المواطن برضا ويزيد عليها «البقشيش» للقهوجى لكن عند الزيادة الرمزية فى السلعة أو الخدمة كأنك تقطع من «جسمه».. ببساطة لأن هناك من رسخ ثقافة «أبوبلاش» فى زمن العقود الاشتراكية وما بعدها.

أنا مع المواطن البسيط أو الفقير أو الأكثر احتياجا ولابد أن يحظى بدعم ورعاية الدولة وهو ما يحدث.. لكن ضد ألاعيب المقتدرين والأثرياء أو اقترابهم من مال وحقوق الغلابة أو التحايل للحصول على الدعم المستحق لهم وهناك من يمارس ألاعيب «شيحة» ويزيف ويزور بيانات ولا يدلى بالحقيقة رغم ان ما يحصل عليه حرام وسحت شرعا وأخلاقا.

أيضا نقطة مهمة بل خطيرة هى جلد أنفسنا.. وتعذيب أسرنا.. فى جهاز العروسين نبالغ بشكل غير معقول انفاق بعشرات بل مئات الآلاف على الأجهزة وكل نوع جهازين أو ثلاثة ناهيك عن عشرات البطاطين.. ومئات الملابس وفى النهاية قروض.. والخاتمة غارمات فى السجون.. هل هذا يعقل أليس هذا من فعل أنفسنا ومن أجل المظاهر والفشخرة الكذابة والمطلوب ان الدولة تتعامل وتتكلف وتنفق من أجل حل المشكلة.. وياريت الناس ترتدع أو تتوب أو تتوقف عن فعل ذلك وكأننا على رأى سعيد صالح «بتشده ليه علشان يلسعني».

فى بلادنا قبلي.. بنت فلان جابت شبكتها بـ 100 ألف جنيه ووصلت للرقم القياسي.. العروس اللى بعدها فى البلد لازم تحطم الرقم وعلى الأقل بـ 110 آلاف شبكة.. وكأننا فى سباق وموسوعة جينيز للأرقام القياسية.. الناس بتعذب نفسها بأيديها.. رغم ان الدين يقول «يسروا ولا تعسروا» وخير «الأمور الوسط».. ويقول المولى عز وجل «ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا» صدق الله العظيم.

ظواهر كثيرة يتحمل مسئوليتها المواطن نفسه.. فهل الحكومة أو الدولة ستضع على كل مواطن أو موظف «رقيبا» شرطيا مثلا حتى لا يفسد أو يرتشى أو يحصل على ما لا يستحق.. أو يزوغ من عمله أو يهمل فيه ولا يؤديه بضمير هذه بالطبع نوعيات وفئة ولا تمثل الأغلبية لكنها ظواهر موجودة.

إذا كنا كشعب جادين فى الوصول إلى ذروة التقدم وبلوغ أهدافنا والقضاء على مشاكلنا وأزماتنا فيجب ان نفهم ونعى وإذا فهمنا ووعينا يجب ألا نكون سلبيين بل نكون على استعداد لتحمل مسئوليتنا طالما انه طريق الصواب والمسار الصحيح لتحقيق أهدافنا.. لكن أن نظل صامتين عن الحق الذى نعرفه جيدا ونزايد عند تنفيذه فهذا خطر علينا قبل أن يكون خطرا على الحكومة.. فالأحرى بنا أن نكون صادقين مع أنفسناتحيا مصر