نشر متحف الإسكندرية القومي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورة وشرح لقطعة أثرية من مقتنياته المميزة، وهي أيقونة "الآباء الثلاثة" أو "الأقمار الثلاثة" المعروضة حاليًا في ڨاترينة الأيقونات في قسم الآثار القبطية والبيزنطية بالمتحف. يأتي ذلك استكمالًا لدور المتحف في المشاركة المجتمعية، حيث يشارك متابعي الصفحة صور وشرح لبعض القطع الأثرية الموجودة بالمتحف.
القطعة عبارة عن أيقونة خشبية تصور الأقمار الثلاثة وهم: (القديس باسيليوس، القديس يوحنا، القديس غريغوريوس) من اليسار إلى اليمين، مكتوب عليها أسماؤهم باللغة اليونانية، ويرتدون الأزياء أو الملابس الكهنوتية، وتحيط برأس كل منهم هالة نورانية ترمز إلى المجد والقداسة، ويحملون الكتاب المقدس باليد اليسرى، في حين أنهم يشيرون باليد اليمنى للمباركة، وذلك من خلال حركة الأصابع كعلامة للبركة.
وعن شرح القطعة، أوضح هيثم محمد، أمين المتحف، عبر الصفحة الرسمية للمتحف على موقع "الفيس بوك"، أن الآباء الثلاثة أطلقت عليهم الكنيسة "الأقمار الثلاثة" أو "أقمار الكنيسة"، لأنهم من أبرز آباء الكنيسة الشرقية في القرن الرابع الميلادي، ويطلق عليهم كذلك -من ضمن آخرين- لقب "أطباء الكنيسة"، وكانوا مجموعة أساقفة ذوي نفوذ كبير في الكنيسة الأولىٰ، وكان لهؤلاء الآباء دورهم في اللاهوت المسيحي.
رغم ذلك، يجهل هويتهم الكثيرون، وهم القديس باسيليوس الكبير، والقديس يوحنا الذهبي الفم، والقديس غريغوريوس اللاهوتي، وفق ما ذكرته إيما غريب خوري في كتابها "الأقمار الثلاثة وآباء القرون الأربعة الأولى" الصادر في بيروت عام 1994.
وتُسميهم الكنيسة معلمي المسكونة، وهي تعيد لكل واحد منهم بمفرده، إلا أنه منذ القرن الثاني عشر الميلادي وتحديدًا سنة 1100 ميلاديًا، في أيام الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأول كومنينوس، أصبح لهم عيد مشترك في 30 يناير، مع الاحتفاظ بالعيد المنفرد لكل منهم.
وأضاف أن هؤلاء الآباء الثلاثة أثاروا اهتمام المعلمين والمفكرين حتىٰ من بعد ثمانية قرون، وفي تلك الأيام برز خلاف حاد في الكنيسة حول من هو الأبرز فيهم، ولم يبق الخلاف في مستوىٰ المعلمين والمفكرين بل انتقل إلى عامة الشعب، فقد انقسم الشعب أحزابًا متحمسين للواحد منهم ضد الآخر بشكل عنيف، ونتج عن هذا الخلاف اضطرابات ومشاحنات أقلقت الكنيسة.
فأرادت الكنيسة ممثلة في أحد أساقفتها أن تضع حدًا لهذا الصراع، لذلك اقترح أن يجعل للثلاثة عيدًا مشتركًا، وقد استند في ذلك إلىٰ رؤيا في منامه:
فقد رأىٰ الآباء الثلاثة قادمين إليه وقائلين:
"جميعنا متساوون أمام ﷲ في الكرامة والرتبة، فلا داعي للخلاف بينكم." بهذا التدبير عمل الأسقف علىٰ جمع المتخاصمين، وسعىٰ إلىٰ وضع حد للخلاف فيما بينهم، وبفضل حكمته عاد السلام يعم الكنيسة.