تربط مصر بدول القارة الأفريقية علاقات وثيقة تمتد لعقود مضت، كانت العلاقات بين البلدين نموذجا للدعم والتعاون الثنائي والمشروعات المشتركة، وخلال السبع سنوات الماضية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم أطلقت مصر عددا من المشروعات التنموية الكبرى التي تربطها بدول القارة السمراء في عدة قطاعات ومجالات.
وكان مجال الكهرباء من أبرز تلك المجالات، حيث تنفذ مصر مشروعا كبيرا للربط الكهربائي مع قارة أفريقيا، كواحد من المشروعات الضخمة التي تربط مصر بدول أفريقيا وتوطد علاقات الجانبين بشكل يخدم التنمية ويساعد القارة على الخروج من أزماتها ومواجهة التحديات التي تحيط بها وتعيق مسيرتها التنموية في ظل ما تمتلكه من ثروات طبيعية وبشرية.
الربط الكهربائي مع القارة
ويعد مشروع الربط الكهربائي المصري الربط مع قارة أفريقيا، أحد أبرز المشروعات التنموية في هذا الصدد، حيث بدأت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في تنفيذ أولى خطوات تحول مصر لمحور عالمي للطاقة بإطلاق التيار بالمرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي مع السودان بقدرة 70 ميجاوات كمرحلة أولى، ومن المتوقع أن يصل إلى 3 آلاف ميجا وات.
ووفقا لهذا المشروع فإنه سيتم الربط بين مصر وإثيوبيا ومنها لجميع دول قارة أفريقيا، وذلك بعد أن نجحت الدولة المصرية في النهوض بقطاع الكهرباء بافتتاح مجموعة من المحطات الضخمة أبرزها الثلاث محطات التي نفذتها شركة سيمنس في العاصمة الإدارية الجديدة وبني سويف والبرلس وساهمت في رفع إنتاج مصر من الكهرباء وأصبح هناك احتياطيا قوميا يصل إلى 15 ألف ميجا وات، وهو ما يسمح لها بالتوسع في مشروعات الربط الكهربائي مع جميع دول العالم للاستفادة من القدرات الاحتياطية التي تزيد بشكل مستمر بشكل يجذب المستثمرين إلى مصر.
أهداف مشروعات الربط الكهربائي
ويستهدف مشروع الربط الكهربائي مع القارة الأفريقية وغيرها من الدول مجموعة من الأهداف الهامة من بينها:
- تحويل مصر لنقطة مهمة لنقل الكهرباء لدول أوروبا وأفريقيا من خلال مشروعات الربط الكهربائي بحلول عام 2030.
- مشروعات الربط الكهربائي تحقق عائدًا ماديًا كبيرًا بالعملة الصعبة تعود بالنفع على الاقتصاد المصري.
- يتم بيع الطاقة للدول الأوروبية والأفريقية بأعلى سعر، وهو وقت ذروة حسب طبيعة كل دولة.
الربط مع قارة أفريقيا
يمثل مشروع الربط الكهربائي "المصري- السوداني" البداية الحقيقية لربط شبكات كهرباء مصر بدول أفريقيا ومنها بالشبكة الأوروبية، حيث يجري حاليا دراسة الربط الكهربائي جنوباً في اتجاه القارة الأفريقية للاستفادة من الإمكانيات الهائلة للطاقة المائية في القارة، بالإضافة إلى دراسات الربط مع إثيوبيا وسد إنجا بالكونغو الجاري تحديثه لمواكبة تطور الشبكات بتلك الدول.
وتولى القيادة السياسية اهتماما خاصا بالربط مع دولة السودان الشقيق، لذا يتم تنفيذ خط الربط الهوائى المزدوج، ويأتى هذا المشروع فى إطار الخطوات التنفيذية التى يتخذها قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى لتزويد السودان بقدرة كهربية تصل إلى حوالى 200-300 ميجاوات كمرحلة أولى، على أن يتم التنفيذ على مرحلتين بقيمة استثمارية تبلغ حوالى 6٫7 مليون دولار بالإضافة إلى 326 مليون جنيه.
كما سيتم عقب استكمال هذا المشروع البدء فى العمل للربط مع شبكة كهرباء إثيوبيا ضمن مشروع ربط شبكات دول حوض النيل الشرقى خاصة أن هناك ربطا فعليا حاليا بين إثيوبيا والسودان وبعدها تأتى الخطوة الثانية لربط شبكات دول حوض النيل الأحد عشر فى شبكة واحدة يمكنها تلبية متطلبات شعوب هذه الدول من الكهرباء.
السد العالي وسد إنجا
وأكدت الدراسات التى شاركت فى إعدادها مصر أن نهر إنجا في الكونغو، والذي يستخدم هذا السد لتوليد الطاقة الكهربائية يعتبر أهم مصادر الطاقة النظيفة لإنتاج قدرات كهربائية تصل إلى أكثر من47 ألف ميجاوات كمرحلة أولى وهى قدرات تكفى الدول الأفريقية المجاورة ويمكن تصدير جزء منها إلى أوروبا بعد ربط سد إنجا بالسد العالى، عبر شبكة ربط كهربائية عملاقة تخترق معظم الدول الأفريقية، وأن ذلك يأتى فى إطار التعاون المثمر والبناء بين مصر والدول الأفريقية.
وسيمثل الربط الكهربائى بين السد العالى فى مصر وسد إنجا بالكونغو خطوة أساسية فى دعم دور مصر لتصبح مركزا محوريا فى نقل الطاقة الكهربائية إلى شمال إفريقيا وأوروبا، فضلاً عن أن هذا المشروع يعد بمثابة نقطة انطلاق لإنتاج طاقة كهرومائية هائلة تكفى لتغذية دولة الكونغو وباقى دول القارة الإفريقية وتصدير الفائض إلى أوروبا حيث تضمنت استراتيجية الاتحاد الأوروبى حتى عام 2050 استيراد طاقة خضراء من دول الجوار بما يعادل 33 مليار يورو.
وكانت قد أجريت دراسات عام 1995 لمشروع الربط الكهربائى بين إنجا وأسوان لاستغلال الطاقة الكهرومائية بمنطقة إنجا بالكونغو تضمنت إمكانية الربط بين إنجا وأسوان لتصدير حوالى 35 ألف ميجاوات يمكن نقلها عبر خطوط تمر بإفريقيا الوسطى - تشاد - السودان إلى مصر بمسافة قدرها حوالى 5300 كم بتكلفة تتراوح بين 72٫3 - 94٫3 دولار سنت / كيلووات ساعة وتم تحديث دراسة الجدوى فى عام 1997 بتمويل من بنك التنمية الأفريقي.