رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بوصلة‭ ‬الوطن

19-9-2021 | 21:30


عبد الرازق توفيق,

   «‬الحياد‭ ‬فى‭ ‬الوطن‭ ‬خيانة‮» ‬‭.. ‬والرماديون‭ ‬والمذبذبون‭ ‬وهواة‭ ‬إمساك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬المنتصف‭ ‬هم‭ ‬أخطر‭ ‬أعداء‭ ‬الدولة‭.. ‬فالشريف‭ ‬يعادى‭ ‬من‭ ‬يعادى‭ ‬وطنه‭.. ‬وعندما‭ ‬تتبدل‭ ‬المسارات‭ ‬من‭ ‬العداء‭ ‬إلى‭ ‬التصالح،‭ ‬يحترم‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭.. ‬ورؤية‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭.. ‬لكن‭ ‬الأكلة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الموائد‭.. ‬والمتحولين‭.. ‬والواقفين‭ ‬فى‭ ‬المنتصف‭ ‬مذبذبين‭ ‬بين‭ ‬ذلك‭  ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬هؤلاء‭.. ‬ولا‭ ‬إلى‭ ‬هؤلاء‭.. ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬هذه‭ ‬المعانى‭ ‬الشريفة‭.. ‬فهم‭ ‬دائماً‭ ‬جاهزون‭ ‬لبيع‭ ‬شرفهم‭ ‬ومبادئهم‭ ‬مقابل‭ ‬أى‭ ‬ثمن‭ ‬أو‭ ‬مصلحة‭.. ‬وهم‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬الخونة‭ ‬والعملاء‭.‬ 

‮«‬أكره‭ ‬مَن‭ ‬يُعادى‭ ‬بلدي،‭ ‬ويُضمر‭ ‬لها‭ ‬الشر‭.. ‬وأحب‭ ‬مَن‭ ‬يساعدها‮»‬‭.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المبدأ‭ ‬الذى‭ ‬يحكم‭ ‬مواقف‭ ‬الشرفاء‭ ‬والوطنيين‭.. ‬ولا‭ ‬يعرفه‭ ‬المرجفون‭ ‬وأصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬الرمادية‭ ‬وهواة‭ ‬إمساك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬المنتصف‭.‬ هناك‭ ‬مقولة‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬صديق‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬عدو‭ ‬الغد‭.. ‬وعدو‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬صديق‭ ‬الغد‮»‬‭.. ‬فالسياسة‭ ‬مصالح‭ ‬وتوافق‭ ‬وعلاقات‭ ‬دول‭ ‬تُبْنَى‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاحترام،‭ ‬وعدم‭ ‬الإضرار‭.‬ ‭.. ‬وتتحدد‭ ‬مواقف‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬علاقة‭ ‬الدولة‭.. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬تعادى‭ ‬بلدي،‭ ‬وتتآمر‭ ‬عليها‭ ‬وتحاول‭ ‬الإضرار‭ ‬بمصالحها‭ ‬أو‭ ‬أمنها‭.. ‬فهى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى‭ ‬كمواطن‭ ‬عدو‭.. ‬والحيادية‭ ‬هنا‭ ‬خيانة‭.. ‬والوقوف‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية‭ ‬عمالة‭.. ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أغلى‭ ‬وأعز‭ ‬من‭ ‬الوطن‭.‬
زميلى‭ ‬الإعلامى‭ ‬الكبير‭ ‬نشأت‭ ‬الديهي‭.. ‬أثار‭ ‬فى‭ ‬برنامجه‭ ‬‮«‬بالورقة‭ ‬والقلم‮»‬‭ ‬حول‭ ‬‮«‬بوصلة‭ ‬الوطن‮»‬‭.. ‬وتغيير‭ ‬مواقف‭ ‬الإعلامى‭ ‬حسب‭ ‬درجة‭ ‬علاقة‭ ‬وطنه‭ ‬بدولة‭ ‬أخري‭.. ‬أو‭ ‬تتبدل‭ ‬حسب‭ ‬العلاقة،‭ ‬عداءً‭ ‬أو‭ ‬صداقة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬توتر‭.. ‬وأعجبتنى‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬بوصلة‭ ‬الوطن‮»‬‭.. ‬فمواقفى‭ ‬تتحدد‭ ‬طبقاً‭ ‬لموقف‭ ‬بلدي‭.. ‬أكون‭ ‬شديد‭ ‬العداء‭ ‬والمواقف‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬يُعادى‭ ‬بلدي،‭ ‬وإذا‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خطراً‭ ‬يحدق‭ ‬بها،‭ ‬فأنا‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الجندي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬المقاتل‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتردد‭ ‬لحظة‭ ‬فى‭ ‬حمل‭ ‬سلاحه‭ ‬لمواجهة‭ ‬عدو‭.. ‬وأقلامنا‭ ‬وكلامنا‭ ‬يشبهان‭ ‬السلاح‭.‬

يقيناً‭.. ‬الانحياز‭ ‬للوطن‭ ‬شرف‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬شرف‭.. ‬والإعلامى‭ ‬الوطنى‭ ‬الشريف‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬إلا‭ ‬مصلحة‭ ‬بلده‭.. ‬وهو‭ ‬مثل‭ ‬الجندى‭ ‬الذى‭ ‬يقسم‭ ‬بأن‭ ‬يدافع‭ ‬عنها‭ ‬فى‭ ‬البر‭ ‬والبحر‭ ‬والجو‭.. ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬معها‭ ‬فى‭ ‬السراء‭ ‬والضراء‭.. ‬تلك‭ ‬هى‭ ‬الوطنية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬المرجفون‭ ‬والخونة‭ ‬وأصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬الرمادية‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يكفون‭ ‬عن‭ ‬العواء‭.. ‬فمَن‭ ‬يكتفى‭ ‬بشرف‭ ‬المشاهدة‭ ‬عندما‭ ‬يتعرض‭ ‬الوطن‭ ‬للخطر‭ ‬أو‭ ‬يرى‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتآمر‭ ‬على‭ ‬دولته‭.. ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يوصف‭ ‬به‭ ‬هؤلاء‭ ‬أنهم‭ ‬مثل‭ ‬المسخ،‭ ‬بلا‭ ‬هوية‭ ‬أو‭ ‬شكل‭ ‬أو‭ ‬مضمون‭.. ‬انتهازيون‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولي،‭ ‬‮«‬سماسرة‭ ‬حرب‮»‬‭.. ‬وتُجار‭ ‬فرص‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬ضيقة‭ ‬ورخيصة‭.‬ الرماديون‭ ‬والمرجفون‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬أعداء‭ ‬الوطن،‭ ‬لأن‭ ‬العدو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لك‭ ‬واضح‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬أما‭ ‬أصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬‮«‬المائعة‮»‬‭ ‬فهم‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬ألد‭ ‬الأعداء‭.‬ بوصلة‭ ‬الوطن‭.. ‬تعبير‭ ‬عبقري‭.. ‬تتحدد‭ ‬تبعاً‭ ‬لها‭ ‬مواقفنا‭ ‬واتجاهاتنا‭.. ‬ولا‭ ‬نخجل‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.. ‬فهناك‭ ‬شرفاء‭ ‬يقدمون‭ ‬أرواحهم‭ ‬فداء‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أعدائه‭.. ‬وبالتالى‭ ‬فإن‭ ‬مَن‭ ‬يقف‭ ‬‮«‬محايداً‮»‬‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية‭ ‬هو‭ ‬مثل‭ ‬الجندى‭ ‬المتخاذل،‭ ‬والهارب‭ ‬من‭ ‬الميدان،‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬عداد‭ ‬الموتى‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬وعقوبته‭ ‬معروفة‭ ‬أيضاً،‭ ‬وهى‭ ‬الإعدام‭.‬

شرف‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬شرف‭ ‬سواء‭ ‬بالسلاح‭ ‬أو‭ ‬بالكلمة‭ ‬أو‭ ‬القلم،‭ ‬وهى‭ ‬معانٍ‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬الجالسون‭ ‬فى‭ ‬المناطق‭ ‬‮«‬الرمادية‮»‬‭.. ‬والإعلامى‭ ‬إذا‭ ‬وقف‭ ‬فى‭ ‬صف‭ ‬الوطن‭ ‬ضد‭ ‬أى‭ ‬دولة‭ ‬معادية،‭ ‬فهو‭ ‬واجب‭ ‬مقدس‭ ‬وشرف‭ ‬كبير،‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬ولا‭ ‬غنى‭ ‬عنه،‭ ‬وليس‭ ‬بعده‭ ‬اختيار‭.. ‬وما‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬خيانة‭ ‬وعمالة‭.. ‬وإذا‭ ‬تغيرت‭ ‬مواقف‭ ‬نفس‭ ‬الدولة‭ ‬المعادية‭ ‬إلى‭ ‬علاقات‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬الوطن،‭ ‬فإن‭ ‬المواقف‭ ‬هنا‭ ‬تختلف،‭ ‬ولا‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحب‭ ‬أو‭ ‬الكراهية،‭ ‬أو‭ ‬مغازلة‭ ‬مَن‭ ‬كان‭ ‬يعادينا‭.. ‬فنحن‭ ‬نتصرف‭ ‬ونتحدث‭ ‬ونحدد‭ ‬مواقفنا‭ ‬طبقاً‭ ‬لبوصلة‭ ‬وقلب‭ ‬وعقل‭ ‬وطننا‭.. ‬ولسنا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭.. ‬فأعظم‭ ‬مصلحة‭ ‬للإنسان‭ ‬هى‭ ‬مصلحة‭ ‬وطنه‭.. ‬أما‭ ‬الآكلون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الموائد،‭ ‬ومَن‭ ‬ينتظرون‭ ‬‮«‬فُتات‮»‬‭ ‬الآخرين‭ ‬وإحسانهم‭.. ‬فهم‭ ‬مثل‭ ‬الجيف‭ ‬العفنة،‭ ‬ومصيرهم‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬والى‭ ‬عكا»‬‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬لمصر‭ ‬إلا‭ ‬القوة‭ ‬والقدرة‭ ‬والنصر‭.. ‬ومن‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬الشريفة‭ ‬المعاصرة‭ ‬لوطنهم‭ ‬لهم‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية،‭ ‬فهو‭ ‬واهم‭ ‬ويعانى‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬وشذوذ‭ ‬فكرى‭ ‬وعقائدي،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬أدنى‭ ‬معايير‭ ‬الوطنية‭.‬ مواقف‭ ‬الشرفاء‭ ‬لا‭ ‬تتبدل‭ ‬بالمعنى‭ ‬السييء‭.. ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬سوى‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭.. ‬لا‭ ‬تُداهن‭ ‬مَن‭ ‬يعادى‭ ‬الوطن‭.. ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬رمادية‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬تعرضه‭ ‬للخطر‭.. ‬وتكون‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬طبيعية‭ ‬غير‭ ‬مبتذلة‭ ‬إذا‭ ‬عادت‭ ‬العلاقات‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭.. ‬فالأقلام‭ ‬الشريفة‭ ‬أشبه‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬التى‭ ‬فى‭ ‬حوزة‭ ‬الوطن‭.. ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أعدائه‭.. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬الوفاق‭ ‬فهى‭ ‬أقلام‭ ‬غير‭ ‬مبتذلة‭ ‬لا‭ ‬تسعى‭ ‬ولا‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬منافع‭ ‬أو‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية‭ ‬ذاتية،‭ ‬فجُلّ‭ ‬اهتمامها‭ ‬وعقيدتها‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬وأمنه‭ ‬ونُصْرَته‭.‬

الناعقون‭ ‬والمرجفون‭ ‬والرماديون،‭ ‬تحدثوا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬غَيَّر‭ ‬مواقفه‭ ‬بعد‭ ‬تغيير‭ ‬مسارات‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭.. ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭ ‬بالمرة،‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬تتخندق‭ ‬فى‭ ‬صف‭ ‬الوطن‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬إذا‭ ‬تعرض‭ ‬لخطر‭ ‬ومحاولات‭ ‬التآمر‭ ‬والإضرار‭ ‬بأمنه‭ ‬واستقراره،‭ ‬وحياة‭ ‬وأرواح‭ ‬شعبه‭ ‬ومصالحه‭ ‬العليا‭.. ‬وتُشْحِذ‭ ‬أقوى‭ ‬أسلحتك‭ ‬كإعلامى‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬مَن‭ ‬يعادون‭ ‬وطنك،‭ ‬وهو‭ ‬شرف‭ ‬ونقاء‭ ‬وطن‭ ‬لا‭ ‬يدركه‭ ‬‮«‬السفلة‮»‬‭ ‬والمرجفون‭ ‬والرماديون‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬أخطر‭ ‬وأشد‭ ‬وطأة‭ ‬من‭ ‬الأعداء‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬تغير‭ ‬المسار‭ ‬السياسى‭ ‬للدولة‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬كان‭ ‬يختلف‭ ‬معها‭ ‬أو‭ ‬يعاديها،‭ ‬فإن‭ ‬الإعلامى‭ ‬الوطنى‭ ‬الشريف‭ ‬يحترم‭ ‬رأى‭ ‬صانع‭ ‬القرار،‭ ‬لأن‭ ‬فيه‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن،‭ ‬وأن‭ ‬حالة‭ ‬الاختلاف‭ ‬أو‭ ‬الإضرار‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭.. ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬يَنْظِمُ‭ ‬الشعر‭ ‬والغزل‭ ‬فيمن‭ ‬كانوا‭ ‬بالأمس‭ ‬أعداء‭.. ‬ولكنه‭ ‬يحتفظ‭ ‬بالخبر‭ ‬العادى‭ ‬والطبيعي‭.. ‬احتراماً‭ ‬وتقديراً‭ ‬لرؤية‭ ‬الدولة‭ ‬وصانع‭ ‬القرار‭.. ‬وهذا‭ ‬أيضاً‭ ‬شرف‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬المتنطعون‭ ‬والرماديون‭.‬ قلنا‭ ‬ومازلنا‭.. ‬إن‭ ‬الحياد‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأوطان‭ ‬‮«‬خيانة‮»‬‭.. ‬وانتهازية‭.. ‬فكيف‭ ‬أشاهد‭ ‬وطنى‭ ‬يواجه‭ ‬الخطر‭ ‬وأقف‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدي‭.. ‬فالكلمة‭ ‬والقلم‭ ‬هما‭ ‬أضعف‭ ‬الإيمان‭.‬ مواقف‭ ‬الذين‭ ‬حسموا‭ ‬أمرهم‭ ‬واختاروا‭ ‬طريقهم‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬فى‭ ‬صف‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يزايد‭ ‬عليها،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬لا‭ ‬ينتظرون‭ ‬مصلحة‭ ‬أو‭ ‬عطاء‭ ‬من‭ ‬أحد‭.. ‬ولا‭ ‬يأكلون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الموائد‭.. ‬ولم‭ ‬يُعْرَف‭ ‬عنهم‭ ‬أى‭ ‬تلون،‭ ‬أو‭ ‬تحول،‭ ‬وليس‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬إعلامى‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬حجم‭ ‬نشأت‭ ‬الديهي،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حقيقة‭ ‬ثابتة‭ ‬وراسخة‭.. ‬فنحن‭ ‬لسنا‭ ‬على‭ ‬رأسنا‭ ‬بطحة‭.. ‬بل‭ ‬نتشرف‭ ‬وعلى‭ ‬استعداد‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬أرواحنا‭ ‬وحياتنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصر،‭ ‬فهذه‭ ‬هى‭ ‬الغاية‭ ‬والمقصد‭ ‬والهدف،‭ ‬ولم‭ ‬نُضْبَط‭ ‬يوما‭ ‬بتحول‭ ‬أو‭ ‬تلون،‭ ‬ولم‭ ‬نجلس‭ ‬على‭ ‬موائد‭ ‬اللئام‭ ‬والخونة‭ ‬والعملاء‭ ‬طمعاً‭ ‬فى‭ ‬تمويل‭ ‬أجنبى‭ ‬للعمل‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬بلادنا‭.. ‬فهذه‭ ‬هى‭ ‬الخيانة‭ ‬بعينها‭.‬

موقفنا‭ ‬ثابت‭.. ‬لم‭ ‬يتزحزح‭ ‬قَيْدَ‭ ‬أُنْمُلَة‭.. ‬ونقول‭ ‬ونؤكد‭ ‬دائماً‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬مؤامرة‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬ومكتملة‭ ‬الأركان،‭ ‬لم‭ ‬تستهدف‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬الشيطانى‭ ‬هو‭ ‬إسقاط‭ ‬مصر‭ ‬وإعلان‭ ‬وفاة‭ ‬الدولة‭.‬

الحياد‭.. ‬خيانة‭.. ‬أمر‭ ‬بديهى‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتوارى‭ ‬المرجفون‭ ‬والرماديون‭ ‬خزياً‭ ‬وعاراً‭.. ‬على‭ ‬مواقفهم‭ ‬الرديئة‭.. ‬انتابتهم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفجور‭ ‬والخِسَّة‭ ‬والسفالة‭ ‬والتنطع‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬الشرفاء‭.. ‬واتهامهم‭ ‬بتبديل‭ ‬مواقفهم،‭ ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭.. ‬فمَن‭ ‬هاجموا‭ ‬أعداء‭ ‬مصر‭.. ‬لم‭ ‬يتحولوا‭ ‬للغزل‭ ‬والهُيام‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبدلت‭ ‬مسارات‭ ‬السياسة،‭ ‬طبقاً‭ ‬لمصلحة‭ ‬الدولة‭ ‬ورؤية‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬محل‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬والتأييد،‭ ‬لأنها‭ ‬تصب‭ ‬فى‭ ‬المصلحة‭ ‬العُليا‭ ‬للوطن‭.. ‬وتصدر‭ ‬عن‭ ‬عقيدة‭ ‬وطنية‭ ‬شريفة‭ ‬تحظى‭ ‬بثقة‭ ‬عميقة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬خطواتها‭ ‬وقراراتها‭.‬ اللعب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحبال‭.. ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬مربع‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬حسب‭ ‬المصلحة‭ ‬والمكاسب‭ ‬والمنافع،‭ ‬وإدمان‭ ‬التحول‭ ‬والتلون‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬للغاية‭.. ‬فالتلون‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الحرباء‭.. ‬وتغيير‭ ‬الجلد‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الأفاعي‭.. ‬والخطر‭ ‬هو‭ ‬غض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الآفات،‭ ‬لأنها‭ ‬هى‭ ‬الأخطر‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إدماجها‭.. ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬بترها‭.. ‬لأن‭ ‬وجودها‭ ‬يمثل‭ ‬بؤرة‭ ‬‮«‬خبيثة‮»‬‭.. ‬وشوكة‭ ‬فى‭ ‬ظهر‭ ‬الوطن‭.. ‬تنتظر‭ ‬التوقيت‭ ‬للانقضاض‭.. ‬جاهزة‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬وقت‭ ‬لبيع‭ ‬مبادئها‭ ‬وشرفها‭.‬

المحايدون‭ ‬أيضاً‭ ‬أشد‭ ‬خطراً‭.. ‬والرماديون‭ ‬والمرجفون‭ ‬والمذبذبون‭.. ‬فالأوطان‭ ‬تحتاج‭ ‬رجالا‭ ‬حسموا‭ ‬أمرهم‭.. ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬إلا‭ ‬بعين‭ ‬الوطن‭.. ‬ولا‭ ‬يتحركون‭ ‬إلا‭ ‬طبقاً‭ ‬لبوصلته‭.. ‬لا‭ ‬يبيعون‭ ‬مبادئهم‭.. ‬ولا‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬وغنائم‭ ‬ومكاسب‭.. ‬بل‭ ‬جُل‭ ‬عقيدتهم‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬لتراب‭ ‬وأرض‭ ‬مصر‭.‬


من‭ ‬الخطر‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نربى‭ ‬ونرعى‭ ‬الأفاعى‭ ‬فى‭ ‬بيوتنا‭.. ‬وأوطاننا‭.. ‬لأنه‭ ‬مهما‭ ‬أغدقت‭ ‬لها‭ ‬العطاء‭.. ‬ومنحتها‭ ‬بسخاء‭.. ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬ستلدغك‭.. ‬وسيكون‭ ‬مصيرك‭ ‬الموت‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.. ‬لذلك‭ ‬فرعاية‭ ‬الشرفاء‭ ‬والاهتمام‭ ‬بهم‭ ‬هو‭ ‬الاختيار‭ ‬الأفضل‭.‬ أغرب‭ ‬شيء‭ ‬أن‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الفضيلة‭ ‬والمبادئ‭ ‬وأنت‭ ‬غارق‭ ‬فى‭ ‬بحور‭ ‬الرذيلة‭ ‬والرخص‭.. ‬وللأسف‭ ‬لا‭ ‬تخجل،‭ ‬وتدَّعى‭ ‬وتزعم‭ ‬وتكذب‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الفضائح‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مباشر‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬الناس‭.. ‬فعلاً‭.. ‬‮«‬نهيتك‭ ‬ما‭ ‬انتهيت‭ ‬والطبع‭ ‬فيك‭ ‬غالب‭.. ‬وديل‭ ‬الكلب‭ ‬ما‭ ‬ينعدل‭ ‬لو‭ ‬علقوا‭ ‬فيه‭ ‬قالب‮»‬‭.‬ من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تسأل‭ ‬السؤال‭ ‬التاريخى‭ ‬والمصيرى‭ ‬والكاشف‭: ‬من‭ ‬أين‭ ‬لك‭ ‬هذا‭.. ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تسأل‭ ‬الناس‭ ‬إلحافاً‭.. ‬ويعطف‭ ‬عليك‭ ‬البعض‭ ‬بـ«سندوتش‮»‬‭ ‬وخمسة‭ ‬جنيهات‭ ‬و«كوب‭ ‬شاى‭ ‬أو‭ ‬فنجان‭ ‬قهوة‮»‬‭.. ‬وإذ‭ ‬فجأة‭ ‬تصبح‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬السيارات‭ ‬الفارهة‭ ‬والأرصدة‭ ‬الهائلة‭.. ‬والسكن‭ ‬الفاخر،‭ ‬فيلا‭ ‬أو‭ ‬قصر‭.. ‬وملابس‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬موضة‭ ‬من‭ ‬أرقى‭ ‬بيوت‭ ‬الأزياء‭.. ‬السؤال‭ ‬الطبيعي‭: ‬من‭ ‬أين‭ ‬لك‭ ‬كل‭ ‬هذا؟‭!.. ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تتوازن‭ ‬الأمور؟‭!.. ‬وتتسق‭ ‬حتى‭ ‬تستقيم‭ ‬الحياة‭.‬ سيظل‭ ‬الشريف‭ ‬شريفاً‭.. ‬وهبه‭ ‬اللَّه‭ ‬نعمة‭ ‬الاستغناء‭ ‬وبُغْض‭ ‬الحرام‭.. ‬وسيظل‭ ‬الملوث‭ ‬ملوثاً‭.. ‬والعاجز‭ ‬عاجزاً‭.. ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬سوف‭ ‬تسقط‭ ‬الأقنعة،‭ ‬ولن‭ ‬يصعد‭ ‬الفشلة‭ ‬والعجزة‭ ‬وأنصاف‭ ‬المواهب‭ ‬والمبتزون‭.. ‬فالتاريخ‭ ‬لا‭ ‬تخفى‭ ‬عليه‭ ‬خافية،‭ ‬يسجل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.. ‬وللأسف‭ ‬الناس‭ ‬تنسي‭.. ‬وتغتر‭ ‬بالمظهر‭ ‬وتتجاهل‭ ‬الجوهر‭.. ‬ولن‭ ‬يحيق‭ ‬المكر‭ ‬السييء‭ ‬إلا‭ ‬بأهله‭.‬

خلود‭ ‬وحماية‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فى‭ ‬أيدى‭ ‬المرجفين‭ ‬والرماديين‭ ‬والمذبذبين‭.. ‬فهؤلاء‭ ‬لديهم‭ ‬قدرة‭ ‬غريبة‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.. ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الشرف‭.. ‬التصابى‭ ‬السياسى‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬آفة‭ ‬خطيرة،‭ ‬وسلوك‭ ‬مشين‭.. ‬يشبه‭ ‬المراهقة‭ ‬المتأخرة‭ ‬لدى‭ ‬العجائز‭.. ‬مما‭ ‬يجعلهم‭ ‬مسخاً‭.. ‬ومسخرة‭ ‬لا‭ ‬تجلب‭ ‬سوى‭ ‬الإساءة‭ ‬والعار‭.. ‬لذلك‭ ‬المتنطعون‭ ‬هم‭ ‬أخطر‭ ‬أمراض‭ ‬المجتمع‭.‬

ما‭ ‬أعظم‭ ‬المواقف‭ ‬الواضحة‭.. ‬والأيادى‭ ‬الطاهرة‭.. ‬والقلوب‭ ‬النقية‭.. ‬وما‭ ‬أجمل‭ ‬الشرف‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬عزَّ‭ ‬فيه‭ ‬الشرف‭.. ‬فهو‭ ‬رصيد‭ ‬لا‭ ‬ينفد‭.. ‬بل‭ ‬يساوى‭ ‬أموال‭ ‬وكنوز‭ ‬الدنيا‭.. ‬والوفاء‭ ‬والانتماء‭ ‬والفداء‭ ‬والتضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوطن‭ ‬ومناصرته‭ ‬هى‭ ‬أعظم‭ ‬النعم‭.‬ وفى‭ ‬الختام‭ ‬الشرفاء‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬عزَّ‭ ‬فيه‭ ‬الشرف‭.. ‬عقيدتهم‭ ‬الحياد‭ ‬فى‭ ‬الأوطان‭ ‬خيانة‭.. ‬مواقفهم‭ ‬واضحة‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيها‭.. ‬فالأقلام‭ ‬والكلمات‭ ‬هى‭ ‬أيضاً‭ ‬سلاح‭.. ‬والإعلامى‭ ‬والصحفى‭ ‬‮«‬مقاتل‮»‬‭ ‬يغضب‭ ‬لوطنه‭.. ‬ويسعد‭ ‬لانتصاره،‭ ‬ويشهر‭ ‬سلاحه‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬أعدائه‭.. ‬لكن‭ ‬الرماديين‭ ‬والمذبذبين‭ ‬والمرجفين‭ ‬هم‭ ‬أخطر‭ ‬أعداء‭ ‬الوطن،‭ ‬بل‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬العملاء‭ ‬والجواسيس،‭ ‬لا‭ ‬تأمنهم‭ ‬على‭ ‬وطن‭.. ‬فهم‭ ‬غارقون‭ ‬فى‭ ‬البيع‭ ‬حتى‭ ‬بيع‭ ‬الشرف‭.. ‬جاهزون‭ ‬للتلون‭ ‬والتحول‭ ‬مثل‭ ‬الحرباء‭ ‬والأفاعي‭.. ‬والنتيجة‭ ‬‮«‬لدغة‭ ‬موت‭ ‬محتومة‮»‬‭.. ‬لذلك‭ ‬فمحاولات‭ ‬احتوائهم‭ ‬أو‭ ‬إدماجهم،‭ ‬مخاطرة‭ ‬كبرى‭.‬ ‮«‬أكره‭ ‬مَن‭ ‬يُعادى‭ ‬بلدي،‭ ‬ويُضمر‭ ‬لها‭ ‬الشر‭.. ‬وأحب‭ ‬مَن‭ ‬يساعدها‮»‬‭.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المبدأ‭ ‬الذى‭ ‬يحكم‭ ‬مواقف‭ ‬الشرفاء‭ ‬والوطنيين‭.. ‬ولا‭ ‬يعرفه‭ ‬المرجفون‭ ‬وأصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬الرمادية‭ ‬وهواة‭ ‬إمساك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬المنتصف‭.‬ هناك‭ ‬مقولة‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬صديق‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬عدو‭ ‬الغد‭.. ‬وعدو‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬صديق‭ ‬الغد‮»‬‭.. ‬فالسياسة‭ ‬مصالح‭ ‬وتوافق‭ ‬وعلاقات‭ ‬دول‭ ‬تُبْنَى‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاحترام،‭ ‬وعدم‭ ‬الإضرار‭.‬ ‭.. ‬وتتحدد‭ ‬مواقف‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬علاقة‭ ‬الدولة‭.. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬تعادى‭ ‬بلدي،‭ ‬وتتآمر‭ ‬عليها‭ ‬وتحاول‭ ‬الإضرار‭ ‬بمصالحها‭ ‬أو‭ ‬أمنها‭.. ‬فهى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى‭ ‬كمواطن‭ ‬عدو‭.. ‬والحيادية‭ ‬هنا‭ ‬خيانة‭.. ‬والوقوف‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية‭ ‬عمالة‭.. ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أغلى‭ ‬وأعز‭ ‬من‭ ‬الوطن‭.‬


زميلى‭ ‬الإعلامى‭ ‬الكبير‭ ‬نشأت‭ ‬الديهي‭.. ‬أثار‭ ‬فى‭ ‬برنامجه‭ ‬‮«‬بالورقة‭ ‬والقلم‮»‬‭ ‬حول‭ ‬‮«‬بوصلة‭ ‬الوطن‮»‬‭.. ‬وتغيير‭ ‬مواقف‭ ‬الإعلامى‭ ‬حسب‭ ‬درجة‭ ‬علاقة‭ ‬وطنه‭ ‬بدولة‭ ‬أخري‭.. ‬أو‭ ‬تتبدل‭ ‬حسب‭ ‬العلاقة،‭ ‬عداءً‭ ‬أو‭ ‬صداقة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬توتر‭.. ‬وأعجبتنى‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬بوصلة‭ ‬الوطن‮»‬‭.. ‬فمواقفى‭ ‬تتحدد‭ ‬طبقاً‭ ‬لموقف‭ ‬بلدي‭.. ‬أكون‭ ‬شديد‭ ‬العداء‭ ‬والمواقف‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬يُعادى‭ ‬بلدي،‭ ‬وإذا‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خطراً‭ ‬يحدق‭ ‬بها،‭ ‬فأنا‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الجندي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬المقاتل‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتردد‭ ‬لحظة‭ ‬فى‭ ‬حمل‭ ‬سلاحه‭ ‬لمواجهة‭ ‬عدو‭.. ‬وأقلامنا‭ ‬وكلامنا‭ ‬يشبهان‭ ‬السلاح‭.‬


يقيناً‭.. ‬الانحياز‭ ‬للوطن‭ ‬شرف‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬شرف‭.. ‬والإعلامى‭ ‬الوطنى‭ ‬الشريف‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬إلا‭ ‬مصلحة‭ ‬بلده‭.. ‬وهو‭ ‬مثل‭ ‬الجندى‭ ‬الذى‭ ‬يقسم‭ ‬بأن‭ ‬يدافع‭ ‬عنها‭ ‬فى‭ ‬البر‭ ‬والبحر‭ ‬والجو‭.. ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬معها‭ ‬فى‭ ‬السراء‭ ‬والضراء‭.. ‬تلك‭ ‬هى‭ ‬الوطنية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬المرجفون‭ ‬والخونة‭ ‬وأصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬الرمادية‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يكفون‭ ‬عن‭ ‬العواء‭.. ‬فمَن‭ ‬يكتفى‭ ‬بشرف‭ ‬المشاهدة‭ ‬عندما‭ ‬يتعرض‭ ‬الوطن‭ ‬للخطر‭ ‬أو‭ ‬يرى‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتآمر‭ ‬على‭ ‬دولته‭.. ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يوصف‭ ‬به‭ ‬هؤلاء‭ ‬أنهم‭ ‬مثل‭ ‬المسخ،‭ ‬بلا‭ ‬هوية‭ ‬أو‭ ‬شكل‭ ‬أو‭ ‬مضمون‭.. ‬انتهازيون‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولي،‭ ‬‮«‬سماسرة‭ ‬حرب‮»‬‭.. ‬وتُجار‭ ‬فرص‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬ضيقة‭ ‬ورخيصة‭.‬ الرماديون‭ ‬والمرجفون‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬أعداء‭ ‬الوطن،‭ ‬لأن‭ ‬العدو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لك‭ ‬واضح‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬أما‭ ‬أصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬‮«‬المائعة‮»‬‭ ‬فهم‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬ألد‭ ‬الأعداء‭.‬ بوصلة‭ ‬الوطن‭.. ‬تعبير‭ ‬عبقري‭.. ‬تتحدد‭ ‬تبعاً‭ ‬لها‭ ‬مواقفنا‭ ‬واتجاهاتنا‭.. ‬ولا‭ ‬نخجل‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.. ‬فهناك‭ ‬شرفاء‭ ‬يقدمون‭ ‬أرواحهم‭ ‬فداء‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أعدائه‭.. ‬وبالتالى‭ ‬فإن‭ ‬مَن‭ ‬يقف‭ ‬‮«‬محايداً‮»‬‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية‭ ‬هو‭ ‬مثل‭ ‬الجندى‭ ‬المتخاذل،‭ ‬والهارب‭ ‬من‭ ‬الميدان،‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬عداد‭ ‬الموتى‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬وعقوبته‭ ‬معروفة‭ ‬أيضاً،‭ ‬وهى‭ ‬الإعدام‭.‬


شرف‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬شرف‭ ‬سواء‭ ‬بالسلاح‭ ‬أو‭ ‬بالكلمة‭ ‬أو‭ ‬القلم،‭ ‬وهى‭ ‬معانٍ‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬الجالسون‭ ‬فى‭ ‬المناطق‭ ‬‮«‬الرمادية‮»‬‭.. ‬والإعلامى‭ ‬إذا‭ ‬وقف‭ ‬فى‭ ‬صف‭ ‬الوطن‭ ‬ضد‭ ‬أى‭ ‬دولة‭ ‬معادية،‭ ‬فهو‭ ‬واجب‭ ‬مقدس‭ ‬وشرف‭ ‬كبير،‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬ولا‭ ‬غنى‭ ‬عنه،‭ ‬وليس‭ ‬بعده‭ ‬اختيار‭.. ‬وما‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬خيانة‭ ‬وعمالة‭.. ‬وإذا‭ ‬تغيرت‭ ‬مواقف‭ ‬نفس‭ ‬الدولة‭ ‬المعادية‭ ‬إلى‭ ‬علاقات‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬الوطن،‭ ‬فإن‭ ‬المواقف‭ ‬هنا‭ ‬تختلف،‭ ‬ولا‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحب‭ ‬أو‭ ‬الكراهية،‭ ‬أو‭ ‬مغازلة‭ ‬مَن‭ ‬كان‭ ‬يعادينا‭.. ‬فنحن‭ ‬نتصرف‭ ‬ونتحدث‭ ‬ونحدد‭ ‬مواقفنا‭ ‬طبقاً‭ ‬لبوصلة‭ ‬وقلب‭ ‬وعقل‭ ‬وطننا‭.. ‬ولسنا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭.. ‬فأعظم‭ ‬مصلحة‭ ‬للإنسان‭ ‬هى‭ ‬مصلحة‭ ‬وطنه‭.. ‬أما‭ ‬الآكلون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الموائد،‭ ‬ومَن‭ ‬ينتظرون‭ ‬‮«‬فُتات‮»‬‭ ‬الآخرين‭ ‬وإحسانهم‭.. ‬فهم‭ ‬مثل‭ ‬الجيف‭ ‬العفنة،‭ ‬ومصيرهم‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬والى‭ ‬عكا»‬‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬لمصر‭ ‬إلا‭ ‬القوة‭ ‬والقدرة‭ ‬والنصر‭.. ‬ومن‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬الشريفة‭ ‬المعاصرة‭ ‬لوطنهم‭ ‬لهم‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية،‭ ‬فهو‭ ‬واهم‭ ‬ويعانى‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬وشذوذ‭ ‬فكرى‭ ‬وعقائدي،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬أدنى‭ ‬معايير‭ ‬الوطنية‭.‬ مواقف‭ ‬الشرفاء‭ ‬لا‭ ‬تتبدل‭ ‬بالمعنى‭ ‬السييء‭.. ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬سوى‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭.. ‬لا‭ ‬تُداهن‭ ‬مَن‭ ‬يعادى‭ ‬الوطن‭.. ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬رمادية‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬تعرضه‭ ‬للخطر‭.. ‬وتكون‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬طبيعية‭ ‬غير‭ ‬مبتذلة‭ ‬إذا‭ ‬عادت‭ ‬العلاقات‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭.. ‬فالأقلام‭ ‬الشريفة‭ ‬أشبه‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬التى‭ ‬فى‭ ‬حوزة‭ ‬الوطن‭.. ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أعدائه‭.. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬الوفاق‭ ‬فهى‭ ‬أقلام‭ ‬غير‭ ‬مبتذلة‭ ‬لا‭ ‬تسعى‭ ‬ولا‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬منافع‭ ‬أو‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية‭ ‬ذاتية،‭ ‬فجُلّ‭ ‬اهتمامها‭ ‬وعقيدتها‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬وأمنه‭ ‬ونُصْرَته‭.‬

الناعقون‭ ‬والمرجفون‭ ‬والرماديون،‭ ‬تحدثوا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬غَيَّر‭ ‬مواقفه‭ ‬بعد‭ ‬تغيير‭ ‬مسارات‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭.. ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭ ‬بالمرة،‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬تتخندق‭ ‬فى‭ ‬صف‭ ‬الوطن‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬إذا‭ ‬تعرض‭ ‬لخطر‭ ‬ومحاولات‭ ‬التآمر‭ ‬والإضرار‭ ‬بأمنه‭ ‬واستقراره،‭ ‬وحياة‭ ‬وأرواح‭ ‬شعبه‭ ‬ومصالحه‭ ‬العليا‭.. ‬وتُشْحِذ‭ ‬أقوى‭ ‬أسلحتك‭ ‬كإعلامى‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬مَن‭ ‬يعادون‭ ‬وطنك،‭ ‬وهو‭ ‬شرف‭ ‬ونقاء‭ ‬وطن‭ ‬لا‭ ‬يدركه‭ ‬‮«‬السفلة‮»‬‭ ‬والمرجفون‭ ‬والرماديون‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬أخطر‭ ‬وأشد‭ ‬وطأة‭ ‬من‭ ‬الأعداء‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬تغير‭ ‬المسار‭ ‬السياسى‭ ‬للدولة‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬كان‭ ‬يختلف‭ ‬معها‭ ‬أو‭ ‬يعاديها،‭ ‬فإن‭ ‬الإعلامى‭ ‬الوطنى‭ ‬الشريف‭ ‬يحترم‭ ‬رأى‭ ‬صانع‭ ‬القرار،‭ ‬لأن‭ ‬فيه‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن،‭ ‬وأن‭ ‬حالة‭ ‬الاختلاف‭ ‬أو‭ ‬الإضرار‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭.. ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬يَنْظِمُ‭ ‬الشعر‭ ‬والغزل‭ ‬فيمن‭ ‬كانوا‭ ‬بالأمس‭ ‬أعداء‭.. ‬ولكنه‭ ‬يحتفظ‭ ‬بالخبر‭ ‬العادى‭ ‬والطبيعي‭.. ‬احتراماً‭ ‬وتقديراً‭ ‬لرؤية‭ ‬الدولة‭ ‬وصانع‭ ‬القرار‭.. ‬وهذا‭ ‬أيضاً‭ ‬شرف‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬المتنطعون‭ ‬والرماديون‭.‬ قلنا‭ ‬ومازلنا‭.. ‬إن‭ ‬الحياد‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأوطان‭ ‬‮«‬خيانة‮»‬‭.. ‬وانتهازية‭.. ‬فكيف‭ ‬أشاهد‭ ‬وطنى‭ ‬يواجه‭ ‬الخطر‭ ‬وأقف‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدي‭.. ‬فالكلمة‭ ‬والقلم‭ ‬هما‭ ‬أضعف‭ ‬الإيمان‭.‬ مواقف‭ ‬الذين‭ ‬حسموا‭ ‬أمرهم‭ ‬واختاروا‭ ‬طريقهم‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬فى‭ ‬صف‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يزايد‭ ‬عليها،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬لا‭ ‬ينتظرون‭ ‬مصلحة‭ ‬أو‭ ‬عطاء‭ ‬من‭ ‬أحد‭.. ‬ولا‭ ‬يأكلون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الموائد‭.. ‬ولم‭ ‬يُعْرَف‭ ‬عنهم‭ ‬أى‭ ‬تلون،‭ ‬أو‭ ‬تحول،‭ ‬وليس‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬إعلامى‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬حجم‭ ‬نشأت‭ ‬الديهي،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حقيقة‭ ‬ثابتة‭ ‬وراسخة‭.. ‬فنحن‭ ‬لسنا‭ ‬على‭ ‬رأسنا‭ ‬بطحة‭.. ‬بل‭ ‬نتشرف‭ ‬وعلى‭ ‬استعداد‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬أرواحنا‭ ‬وحياتنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصر،‭ ‬فهذه‭ ‬هى‭ ‬الغاية‭ ‬والمقصد‭ ‬والهدف،‭ ‬ولم‭ ‬نُضْبَط‭ ‬يوما‭ ‬بتحول‭ ‬أو‭ ‬تلون،‭ ‬ولم‭ ‬نجلس‭ ‬على‭ ‬موائد‭ ‬اللئام‭ ‬والخونة‭ ‬والعملاء‭ ‬طمعاً‭ ‬فى‭ ‬تمويل‭ ‬أجنبى‭ ‬للعمل‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬بلادنا‭.. ‬فهذه‭ ‬هى‭ ‬الخيانة‭ ‬بعينها‭.‬
موقفنا‭ ‬ثابت‭.. ‬لم‭ ‬يتزحزح‭ ‬قَيْدَ‭ ‬أُنْمُلَة‭.. ‬ونقول‭ ‬ونؤكد‭ ‬دائماً‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬مؤامرة‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬ومكتملة‭ ‬الأركان،‭ ‬لم‭ ‬تستهدف‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬الشيطانى‭ ‬هو‭ ‬إسقاط‭ ‬مصر‭ ‬وإعلان‭ ‬وفاة‭ ‬الدولة‭.‬

الحياد‭.. ‬خيانة‭.. ‬أمر‭ ‬بديهى‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتوارى‭ ‬المرجفون‭ ‬والرماديون‭ ‬خزياً‭ ‬وعاراً‭.. ‬على‭ ‬مواقفهم‭ ‬الرديئة‭.. ‬انتابتهم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفجور‭ ‬والخِسَّة‭ ‬والسفالة‭ ‬والتنطع‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬الشرفاء‭.. ‬واتهامهم‭ ‬بتبديل‭ ‬مواقفهم،‭ ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭.. ‬فمَن‭ ‬هاجموا‭ ‬أعداء‭ ‬مصر‭.. ‬لم‭ ‬يتحولوا‭ ‬للغزل‭ ‬والهُيام‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبدلت‭ ‬مسارات‭ ‬السياسة،‭ ‬طبقاً‭ ‬لمصلحة‭ ‬الدولة‭ ‬ورؤية‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬محل‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬والتأييد،‭ ‬لأنها‭ ‬تصب‭ ‬فى‭ ‬المصلحة‭ ‬العُليا‭ ‬للوطن‭.. ‬وتصدر‭ ‬عن‭ ‬عقيدة‭ ‬وطنية‭ ‬شريفة‭ ‬تحظى‭ ‬بثقة‭ ‬عميقة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬خطواتها‭ ‬وقراراتها‭.‬ اللعب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحبال‭.. ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬مربع‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬حسب‭ ‬المصلحة‭ ‬والمكاسب‭ ‬والمنافع،‭ ‬وإدمان‭ ‬التحول‭ ‬والتلون‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬للغاية‭.. ‬فالتلون‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الحرباء‭.. ‬وتغيير‭ ‬الجلد‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الأفاعي‭.. ‬والخطر‭ ‬هو‭ ‬غض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الآفات،‭ ‬لأنها‭ ‬هى‭ ‬الأخطر‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إدماجها‭.. ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬بترها‭.. ‬لأن‭ ‬وجودها‭ ‬يمثل‭ ‬بؤرة‭ ‬‮«‬خبيثة‮»‬‭.. ‬وشوكة‭ ‬فى‭ ‬ظهر‭ ‬الوطن‭.. ‬تنتظر‭ ‬التوقيت‭ ‬للانقضاض‭.. ‬جاهزة‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬وقت‭ ‬لبيع‭ ‬مبادئها‭ ‬وشرفها‭.‬

المحايدون‭ ‬أيضاً‭ ‬أشد‭ ‬خطراً‭.. ‬والرماديون‭ ‬والمرجفون‭ ‬والمذبذبون‭.. ‬فالأوطان‭ ‬تحتاج‭ ‬رجالا‭ ‬حسموا‭ ‬أمرهم‭.. ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬إلا‭ ‬بعين‭ ‬الوطن‭.. ‬ولا‭ ‬يتحركون‭ ‬إلا‭ ‬طبقاً‭ ‬لبوصلته‭.. ‬لا‭ ‬يبيعون‭ ‬مبادئهم‭.. ‬ولا‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬وغنائم‭ ‬ومكاسب‭.. ‬بل‭ ‬جُل‭ ‬عقيدتهم‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬لتراب‭ ‬وأرض‭ ‬مصر‭.‬

من‭ ‬الخطر‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نربى‭ ‬ونرعى‭ ‬الأفاعى‭ ‬فى‭ ‬بيوتنا‭.. ‬وأوطاننا‭.. ‬لأنه‭ ‬مهما‭ ‬أغدقت‭ ‬لها‭ ‬العطاء‭.. ‬ومنحتها‭ ‬بسخاء‭.. ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬ستلدغك‭.. ‬وسيكون‭ ‬مصيرك‭ ‬الموت‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.. ‬لذلك‭ ‬فرعاية‭ ‬الشرفاء‭ ‬والاهتمام‭ ‬بهم‭ ‬هو‭ ‬الاختيار‭ ‬الأفضل‭.‬ أغرب‭ ‬شيء‭ ‬أن‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الفضيلة‭ ‬والمبادئ‭ ‬وأنت‭ ‬غارق‭ ‬فى‭ ‬بحور‭ ‬الرذيلة‭ ‬والرخص‭.. ‬وللأسف‭ ‬لا‭ ‬تخجل،‭ ‬وتدَّعى‭ ‬وتزعم‭ ‬وتكذب‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الفضائح‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مباشر‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬الناس‭.. ‬فعلاً‭.. ‬‮«‬نهيتك‭ ‬ما‭ ‬انتهيت‭ ‬والطبع‭ ‬فيك‭ ‬غالب‭.. ‬وديل‭ ‬الكلب‭ ‬ما‭ ‬ينعدل‭ ‬لو‭ ‬علقوا‭ ‬فيه‭ ‬قالب‮»‬‭.‬ من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تسأل‭ ‬السؤال‭ ‬التاريخى‭ ‬والمصيرى‭ ‬والكاشف‭: ‬من‭ ‬أين‭ ‬لك‭ ‬هذا‭.. ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تسأل‭ ‬الناس‭ ‬إلحافاً‭.. ‬ويعطف‭ ‬عليك‭ ‬البعض‭ ‬بـ«سندوتش‮»‬‭ ‬وخمسة‭ ‬جنيهات‭ ‬و«كوب‭ ‬شاى‭ ‬أو‭ ‬فنجان‭ ‬قهوة‮»‬‭.. ‬وإذ‭ ‬فجأة‭ ‬تصبح‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬السيارات‭ ‬الفارهة‭ ‬والأرصدة‭ ‬الهائلة‭.. ‬والسكن‭ ‬الفاخر،‭ ‬فيلا‭ ‬أو‭ ‬قصر‭.. ‬وملابس‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬موضة‭ ‬من‭ ‬أرقى‭ ‬بيوت‭ ‬الأزياء‭.. ‬السؤال‭ ‬الطبيعي‭: ‬من‭ ‬أين‭ ‬لك‭ ‬كل‭ ‬هذا؟‭!.. ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تتوازن‭ ‬الأمور؟‭!.. ‬وتتسق‭ ‬حتى‭ ‬تستقيم‭ ‬الحياة‭.‬ سيظل‭ ‬الشريف‭ ‬شريفاً‭.. ‬وهبه‭ ‬اللَّه‭ ‬نعمة‭ ‬الاستغناء‭ ‬وبُغْض‭ ‬الحرام‭.. ‬وسيظل‭ ‬الملوث‭ ‬ملوثاً‭.. ‬والعاجز‭ ‬عاجزاً‭.. ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬سوف‭ ‬تسقط‭ ‬الأقنعة،‭ ‬ولن‭ ‬يصعد‭ ‬الفشلة‭ ‬والعجزة‭ ‬وأنصاف‭ ‬المواهب‭ ‬والمبتزون‭.. ‬فالتاريخ‭ ‬لا‭ ‬تخفى‭ ‬عليه‭ ‬خافية،‭ ‬يسجل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.. ‬وللأسف‭ ‬الناس‭ ‬تنسي‭.. ‬وتغتر‭ ‬بالمظهر‭ ‬وتتجاهل‭ ‬الجوهر‭.. ‬ولن‭ ‬يحيق‭ ‬المكر‭ ‬السييء‭ ‬إلا‭ ‬بأهله‭.‬

خلود‭ ‬وحماية‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فى‭ ‬أيدى‭ ‬المرجفين‭ ‬والرماديين‭ ‬والمذبذبين‭.. ‬فهؤلاء‭ ‬لديهم‭ ‬قدرة‭ ‬غريبة‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.. ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الشرف‭.. ‬التصابى‭ ‬السياسى‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬آفة‭ ‬خطيرة،‭ ‬وسلوك‭ ‬مشين‭.. ‬يشبه‭ ‬المراهقة‭ ‬المتأخرة‭ ‬لدى‭ ‬العجائز‭.. ‬مما‭ ‬يجعلهم‭ ‬مسخاً‭.. ‬ومسخرة‭ ‬لا‭ ‬تجلب‭ ‬سوى‭ ‬الإساءة‭ ‬والعار‭.. ‬لذلك‭ ‬المتنطعون‭ ‬هم‭ ‬أخطر‭ ‬أمراض‭ ‬المجتمع‭.‬

ما‭ ‬أعظم‭ ‬المواقف‭ ‬الواضحة‭.. ‬والأيادى‭ ‬الطاهرة‭.. ‬والقلوب‭ ‬النقية‭.. ‬وما‭ ‬أجمل‭ ‬الشرف‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬عزَّ‭ ‬فيه‭ ‬الشرف‭.. ‬فهو‭ ‬رصيد‭ ‬لا‭ ‬ينفد‭.. ‬بل‭ ‬يساوى‭ ‬أموال‭ ‬وكنوز‭ ‬الدنيا‭.. ‬والوفاء‭ ‬والانتماء‭ ‬والفداء‭ ‬والتضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوطن‭ ‬ومناصرته‭ ‬هى‭ ‬أعظم‭ ‬النعم‭.‬ وفى‭ ‬الختام‭ ‬الشرفاء‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬عزَّ‭ ‬فيه‭ ‬الشرف‭.. ‬عقيدتهم‭ ‬الحياد‭ ‬فى‭ ‬الأوطان‭ ‬خيانة‭.. ‬مواقفهم‭ ‬واضحة‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيها‭.. ‬فالأقلام‭ ‬والكلمات‭ ‬هى‭ ‬أيضاً‭ ‬سلاح‭.. ‬والإعلامى‭ ‬والصحفى‭ ‬‮«‬مقاتل‮»‬‭ ‬يغضب‭ ‬لوطنه‭.. ‬ويسعد‭ ‬لانتصاره،‭ ‬ويشهر‭ ‬سلاحه‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬أعدائه‭.. ‬لكن‭ ‬الرماديين‭ ‬والمذبذبين‭ ‬والمرجفين‭ ‬هم‭ ‬أخطر‭ ‬أعداء‭ ‬الوطن،‭ ‬بل‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬العملاء‭ ‬والجواسيس،‭ ‬لا‭ ‬تأمنهم‭ ‬على‭ ‬وطن‭.. ‬فهم‭ ‬غارقون‭ ‬فى‭ ‬البيع‭ ‬حتى‭ ‬بيع‭ ‬الشرف‭.. ‬جاهزون‭ ‬للتلون‭ ‬والتحول‭ ‬مثل‭ ‬الحرباء‭ ‬والأفاعي‭.. ‬والنتيجة‭ ‬‮«‬لدغة‭ ‬موت‭ ‬محتومة‮»‬‭.. ‬لذلك‭ ‬فمحاولات‭ ‬احتوائهم‭ ‬أو‭ ‬إدماجهم،‭ ‬مخاطرة‭ ‬كبرى‭.‬