رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


اقتصاد المعرفة وصناعة المستقبل

24-9-2021 | 20:56


عصام حسن,

الكثير منا - حتى طبقة المتعلمين- لا يعرف وربما لم يسمع عن الاقتصاد المعرفي أو ما يطلق عليه فى بعض الأحيان اقتصاد المعلومات، أو الاقتصاد القائم على المعرفة، وأن ثمـة اقتصــاد جديــد يتطــور بسـرعة وعلــى نطــاق واســع وتتوســع خصائصـه فــي مواجهــة الاقتصـاد التقليدي.

وإذا كـان الاقتصـاد هـو "علـم النـدرة"، فـإن اقتصـاد المعرفـة فـى أبـرز خصائصـه وخاصـة فـى ظـل التكنولوجيا الرقمية هـو اقتصاد الوفرة، وفى منطقتنا العربية حيث تواجـه الاقتصـادات فيها بعـض القضـايا المستعصية مثل "انخفاض معدل النمـو، انخفـاض فـى التنـوع االقتصـادي، معـدلات البطالـة المرتفعـة، هجرة رأس المال المادى والبشري، انخفـــــاض القيمـــــة المضـــــافة فـــــى الإنتـــــاج والخدمات، الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة، عدم تمتع المنتج المحلى بميزة تنافسية....الـخ". والتى تتطلب حلول لها تتمثل في اقتصاد المعرفة.

 

فى هذا  الاقتصاد تعتبر المعرفة المحرك الرئيسى للنمو االقتصادي، وتعتمد اقتصادات المعرفة على تقنية االتصاالت والمعلومات كما تستخدم الرقمنة النتاج سلع وخدمات ذات قيمة

مضافة. ويُعرف الاقتصاد المعرفى بأنّه نظام الاستهالك والإنتاج يعتمد على رأس المال الفكري، حيث إن اعتماده على القدرات الفكرية يعّد أكبر من اعتماده على المدخلات المادية أو الموارد الطبيعية، فهو يساعد على زيادة سرعة التقدّم التقنى والعلمي، كما أنّه يُستخدم فى الحفاظ على النمو الاقتصادى وتطويره على المدى الطويل.

ومع بداية الألفية الجديدة فى الدول المتقدمة والدول النامية الصاعدة على المستوى العالمى بات من المعروف أن نمطاً جديداً من الاقتصاد قائماً على المعرفة بدأ يتشكل. بل أصبح يزداد حجم تأثيره فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية وفى نمط حياة الإنسان عموماً، وهو ما جاء نتيجة للخطط الوطنية المتكاملة ذات البرامج الزمنية والأهداف المحددة التى وضعتها تلك الدول لسد الفجوة المعرفية بينها منذ الربع األخير من القرن الماضي.

 

 كما أصبحت المعرفة هى المحرك االرئيسى لتوازنات القوى فى النظام العالمى خلال الفترة الأخيرة، لذلك يقوم معهد البنك الدولى للمعرفة بمساعدة الدول التى ترغب فى التمكن من اقتصاد المعرفة واستخدامها لتصبح أكثر تنافسية على مستوى الاقتصاد العالمى من خلال

مؤشر مكون من 4 ركائز وهي:

1 -المحفزات الاقتصادية: الحوافز التى تشجع على استخدام المعرفة الحالية والجديدة،وتخصيصها بكفاءة.

2 -التعليم: ضرورة التعليم لتحقيق النمو التكنولوجى خاصة ًفى المجالات العلمية والهندسية، فالمجتمع الأكثر تعلّماً عادةً ما يكون أكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية، مما يساعد على زيادة الإنتاجية والإنتاج.

3 -تقنية المعلومات والاتصالات: حيث تسهل عملية الاتصالات، والنشر، ومعالجة المعلومات والتكنولوجيا، مما يساعد على زيادة تدفق وانتشار المعلومات والمعرفة في

جميع أنحاء العالم، وتساعد كذلك على تقليل تكاليف اإلجراءات التجارية، وزيادة التواصل والإنتاجية.

4 -الإبداع والابتكار: يجب ابتكار نظام فعّال للعديد من الجهات؛ ومنها: الشركات، ومراكز الأبحاث، والجامعات، ومراكز الفكر، والاستشاريون، وغيرها من المنظمات التى تطبّق المعرفة العالمية، وتُكيّفها مع الاحتياجات المحلية لإنتاج تكنولوجيا جديدة، ومن الجدير بالذكر أّن المعرفة التقنية تساعد على زيادة نمو الإنتاجية.

 

ومن التجارب الدولية التى تبنت استراتيجيات تطويرية نحو الاقتصاد المعرفى التجربة السنغافورية وهى متعلقة بتطوير الجامعات والمؤسات التعليمية. ومن هنا نجد أن التراكم المعرفى هو المحفز الرئيسى للنمو الاقتصادى وبالتالى فلابد من الاستثمار فى التعليم والتدريب وتسهيل وجود نسبة ممكنة للتحول الهيكلى للاقتصاد المعرفى على صعيد سياسات الاقتصاد الكلى وبيئة الأعمال.

وفى ظل الظروف التنافسية الجديدة الناتجة عن العولمة، يجب على الحكومات فى منطقتنا أن تضع سياسات جديدة، تعّزز الابتكار، وتشجع المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة القائمة على بناء القدرات الابتكارية، وتزويدها بالتدريب، والبحث التطبيقي، والمساعدة الفنية، ونشر المعلومات، ونقل التكنولوجيا، والأنظمة الإدارية. مما يؤدى فى النهاية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة وهو ما يعرف باقتصاد المستقبل.