رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


آفة‭ ‬خطيرة

24-9-2021 | 22:53


عبد الرازق توفيق,

   ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬تطيح‭ ‬بالأخلاق‭ ‬والمبادئ‭ ‬وتؤدى‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭.. ‬وإحداث‭ ‬فتنة‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭.. ‬فالتسريبات‭ ‬والوشايات‭..‬ ‭ ‬واختلاق‭ ‬الأكاذيب‭ ‬للإضرار‭ ‬بالناس‭.. ‬وتتبع‭ ‬عورات‭ ‬وخصوصيات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭.. ‬أمور‭ ‬تنذر‭ ‬بعواقب‭ ‬وخيمة‭.. ‬ فإن‭ ‬للمجالس‭ ‬أمانات‭ ‬وقواعد‭ ‬وأصولاً‭ ‬ومبادئ‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تراعى‭..‬ ‮«‬المجالس‭ ‬أمانات‮»‬‭.. ‬ وحرب ‭ ‬‮«‬الوشايات‭ ‬والتسريبات‮»‬‭ ‬والأكاذيب‭..‬ تستحق‭ ‬مواجهة‭ ‬حقيقية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬مجتمع‭ ‬فاقد‭ ‬الثقة‭ ‬فى‭ ‬نفسه‭.. ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬الانتهازية‭ ‬والأنانية‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية‭ ‬ضيقة. 

آفة‭ ‬خطيرة‭ ‬انتشرت‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.. ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬مستنقع‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬2011‭.. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ساهمت‭ ‬فى‭ ‬تدنى‭ ‬الأخلاق‭ ‬والأنانية،‭ ‬وجاءت‭ ‬إلينا‭ ‬بثقافات‭ ‬مستوردة‭.. ‬وجعلت‭ ‬أسافل‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الإرهابيين‭ ‬والمتطرفين‭ ‬والمجرمين‭ ‬والخونة‭ ‬والعملاء‭ ‬والطابور‭ ‬الخامس‭ ‬هم‭ ‬الصفوة‭ ‬والنُخب‭ ‬والأسياد‭ ‬وأصحاب‭ ‬المعالى‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أنهم‭ ‬جميعاً‭ ‬كانوا‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬الأوباش‭ ‬والمرتزقة‭ ‬و«القبيضة»‬‭.‬

الآفة‭ ‬الخطيرة‭ ‬التى‭ ‬أصبحت‭ ‬منتشرة‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬يناير‭.. ‬هى‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسريبات‭ ‬والوشايات‭ ‬ونشر‭ ‬الأكاذيب‭ ‬عن‭ ‬الآخرين‭ ‬بالزعم‭ ‬والادعاء‭.. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يجلس‭ ‬بجوارك‭.. ‬أو‭ ‬يجلس‭ ‬أمامك‭ ‬ليأخذ‭ ‬منك‭ ‬دون‭ ‬أمانة‭ ‬أو‭ ‬تحرى‭ ‬الدقة‭ ‬وينقل‭ ‬للآخرين‭ ‬للإيقاع‭ ‬والوقيعة‭ ‬مع‭ ‬البعض‭ ‬أو‭ ‬الوشاية‭ ‬بك‭ ‬عند‭ ‬ذوى‭ ‬الشأن‭ ‬والقرار‭ ‬والمسئولين‭.. ‬أو‭ ‬كشف‭ ‬عورات‭ ‬وأسرار‭ ‬الناس‭.. ‬أو‭ ‬التقول‭ ‬والحديث‭ ‬بلسان‭ ‬الآخرين‭ ‬دون‭ ‬إذن‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬‮ «الآفة» ‬‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬وتأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬الفتنة‭ ‬والانقسام،‭ ‬وافتقاد‭ ‬الثقة‭ ‬فى‭ ‬الآخرين‭.. ‬ومنذ‭ ‬اختراع‭ ‬‮«‬الموبايل‮»‬‭ ‬اللعين‭ ‬انتشرت‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭.. ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يجلس‭ ‬بجوارك‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬مكتبك‭ ‬ويقوم‭ ‬بتسجيل‭ ‬كلامك‭ ‬وحديثك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدرى‭.. ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬تدرى‭ ‬أيضاً‭ ‬يوجه‭ ‬كلامك‭ ‬ويقوم‭ ‬بسؤالك‭ ‬فى‭ ‬موضوعات‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬يستفزك‭ ‬لتخطئ‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬الآخرين،‭ ‬أو‭ ‬تبدى‭ ‬رأياً‭ ‬مخالفاً‭.. ‬أو‭ ‬توجه‭ ‬إهانة‭ ‬لأحد‭ ‬يقوم‭ ‬بتسجيلها‭ ‬ونقلها‭ ‬للآخرين‭.‬

انتشار‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفراد‭ ‬وفى‭ ‬المجتمع‭ ‬خطر‭ ‬كبير‭.. ‬يجسد‭ ‬عيوباً‭ ‬خطيرة‭.. ‬وثقوباً‭ ‬عميقة‭ ‬فى‭ ‬المنظومة‭ ‬الأخلاقية‭.. ‬وفشل‭ ‬كل‭ ‬أدوات‭ ‬ووسائل‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭.. ‬فالظاهرة‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬تربية‭ ‬وسلوك‭.. ‬وحالة‭ ‬خواء‭ ‬شخصى‭ ‬من‭ ‬الفضائل‭ ‬والمبادئ‭.. ‬وأيضاً‭ ‬إخفاق‭ ‬أسرى‭.. ‬وفشل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬تعكس‭ ‬حالة‭ ‬فقد‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬بتعاليم‭ ‬الدين‭ ‬وفضائله‭.‬
فى‭ ‬أصولنا‭ ‬وأعرافنا‭ ‬المصرية‭ ‬يقولون‭: ‬المجالس‭ ‬أمانات‭.. ‬وهذه‭ ‬المجالس‭ ‬تشبه‭ ‬الأمور‭ ‬المقدسة‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬الناس،‭ ‬ولها‭ ‬آداب،‭ ‬وأخلاق،‭ ‬وقواعد‭.. ‬أبرزها‭ ‬الأمانة‭.. ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬اليوم‭ ‬الأسرار‭ ‬وإفشاء‭ ‬خصوصيات‭ ‬وآراء‭ ‬الناس‭ ‬وكلامهم‭ ‬عن‭ ‬أشياء‭ ‬وأمور،‭ ‬وهم‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬ارتياح‭ ‬لمن‭ ‬يجلسون‭ ‬أمامهم‭ ‬وعدم‭ ‬التفكير‭ ‬فى‭ ‬قبح‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بانتهاك‭ ‬حرمة‭ ‬المجالس‭ ‬ونقل‭ ‬مضامينها‭ ‬وكلام‭ ‬المشاركين‭ ‬فيها،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬ليسوا‭ ‬أمناء‭.. ‬وما‭ ‬يفعلونه‭ ‬يخالف‭ ‬أدنى‭ ‬قواعد‭ ‬الأمانة‭ ‬والشرف‭.‬

الأخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬والأدهى‭ ‬والأمر‭ ‬أن‭ ‬يتطوع‭ ‬البعض‭ ‬بالكذب‭ ‬والتقول‭ ‬على‭ ‬الناس‭.. ‬وإسناد‭ ‬أقوال‭ ‬إليهم،‭ ‬وآراء‭ ‬وأفعال‭ ‬لم‭ ‬تخطر‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬بالهم‭.‬

فالتقول‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬والكذب‭ ‬والافتعال‭ ‬لمواقف‭ ‬لم‭ ‬يفعلوها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التشكيك‭.. ‬وهز‭ ‬الثقة‭ ‬فيهم‭.. ‬وانتشرت‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬فى‭ ‬مواقع‭ ‬المسئولية‭.. ‬حيث‭ ‬الوشايات‭ ‬والتقول‭.. ‬واختراع‭ ‬مواقف‭ ‬واختلاق‭ ‬أكاذيب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإطاحة‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬والاعتقاد‭ ‬الخاطئ‭ ‬بأنه‭ ‬سيكون‭ ‬البديل‭.. ‬المصالح‭ ‬والمناصب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تهدر‭ ‬الأخلاق‭ ‬والمبادئ‭.. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لمن‭ ‬يكذب‭ ‬ويشى‭ ‬ويختلق‭ ‬وغير‭ ‬الأمين‭ ‬على‭ ‬المجالس‭ ‬أن‭ ‬يؤتمن‭ ‬على‭ ‬مسئولية‭ ‬لأنه‭ ‬كما‭ ‬باع‭ ‬المبادئ‭ ‬والأخلاق‭ ‬سيبيع‭ ‬نفسه‭ ‬وشرفه‭.‬

هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يكلفون‭ ‬أنفسهم‭ ‬حتى‭ ‬قول‭ ‬الصدق‭ ‬والحقيقة‭ ‬بمنتهى‭ ‬الموضوعية‭.. ‬لكنهم‭ ‬يتفننون‭ ‬فى‭ ‬الكذب‭ ‬والاختلاق‭ ‬والوشايات‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬ترويج‭ ‬الوشايات‭ ‬والأكاذيب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإضرار‭ ‬بشخص‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭.‬

سمعت‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬دخل‭ ‬لمكتب‭ ‬أحد‭ ‬القيادات‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬وجلس‭ ‬معه‭.. ‬وأخذ‭ ‬يفتح‭ ‬موضوعات‭ ‬كثيرة‭ ‬للحديث‭ ‬ومحاولة‭ ‬استخلاص‭ ‬آراء‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬فى‭ ‬أمور‭ ‬تخص‭ ‬القيادة‭ ‬الصحفية‭ ‬الأعلى‭.. ‬وكانت‭ ‬تربط‭ ‬القيادتين‭ ‬علاقة‭ ‬إنسانية‭ ‬قوية،‭ ‬وبينهما‭ ‬صداقة‭ ‬عمر‭.. ‬وفتح‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬‮«‬الموبايل‮»‬‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬للاتصال‭ ‬بالقيادة‭ ‬الأعلى‭.. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأخير‭ ‬إلا‭ ‬وابل‭ ‬من‭ ‬الشتائم‭ ‬والإهانات‭ ‬لهذا‭ ‬الشخص‭.. ‬واتهامه‭ ‬بأنه‭ ‬حقير‭ ‬وغير‭ ‬متربى‭ ‬ووضيع‭.. ‬وهذا‭ ‬تصرف‭ ‬نبيل‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الأعلى‭.. ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬المفروض‭ ‬ألا‭ ‬يقبل‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬الحقيرة‭ ‬والمتدنية‭.. ‬لأنها‭ ‬ستؤدى‭ ‬إلى‭ ‬كوارث‭ ‬مجتمعية‭.. ‬وفتنة‭ ‬وتشرذم‭ ‬وانعدام‭ ‬للثقة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭.‬

المكاتب‭ ‬مليئة‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬المشينة‭.. ‬والتصرفات‭ ‬الحقيرة‭.. ‬فالأمانة‭ ‬شيء‭ ‬‮«‬عظيم‮»‬‭.. ‬وخصوصيات‭ ‬وعورات‭ ‬الناس‭ ‬شيء‭ ‬مقدس‭ ‬وخط‭ ‬أحمر‭.. ‬والأديان‭ ‬تحث‭ ‬على‭ ‬احترامها‭.. ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬سلوكيات‭ ‬الأفراد‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬غريب‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬تماماً‭.. ‬وعدم‭ ‬إيمان‭ ‬بأن‭ ‬النافع‭ ‬والضار‭ ‬هو‭ ‬اللَّه‭.. ‬وأن‭ ‬المناصب‭ ‬والوظائف‭ ‬بيد‭ ‬اللَّه‭.. ‬وهو‭ ‬من‭ ‬يعز‭ ‬ويذل‭.. ‬فهل‭ ‬تراجع‭ ‬الإيمان‭ ‬لدى‭ ‬الناس‭.. ‬فلا‭ ‬حيلة‭ ‬فى‭ ‬الرزق‭ ‬ولا‭ ‬شفاعة‭ ‬فى‭ ‬الموت‭... ‬‮«‬قل‭ ‬لن‭ ‬يصيبنا‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬اللَّه‭ ‬لنا‮»‬‭.. ‬والنبى‭ ‬الكريم‭ ‬‭(‬صلى‭ ‬اللَّه‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬يقول‭: ‬‮«‬ما‭ ‬أصابك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليخطئك‭.. ‬وما‭ ‬أخطأك‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليصيبك‮»‬‭.. ‬وأيضاً‭: ‬‮«‬واعلم‭ ‬أن‭ ‬الأمة‭ ‬لو‭ ‬اجتمعت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينفعوك‭ ‬بشىء،‭ ‬لم‭ ‬ينفعوك‭ ‬إلا‭ ‬بشىء‭ ‬قد‭ ‬كتبه‭ ‬اللَّه‭ ‬لك‭.. ‬وإن‭ ‬اجتمعوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يضروك‭ ‬بشىء،‭ ‬لم‭ ‬يضروك‭ ‬إلا‭ ‬بشىء‭ ‬قد‭ ‬كتبه‭ ‬اللَّه‭ ‬عليك،‭ ‬رُفِعَتْ‭ ‬الأقلام‭ ‬وجفت‭ ‬الصحف‮»‬‭.. ‬لذلك‭ ‬فالأمور‭ ‬محسومة‭ ‬والأحرى‭ ‬بالإنسان‭ ‬أن‭ ‬يسطر‭ ‬ويحفر‭ ‬اسماً‭ ‬محترماً‭.. ‬وأفضل‭ ‬ثروة‭ ‬لأبنائه‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬لهم‭ ‬اسماً‭ ‬محترماً‭ ‬مقدراً‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬حسن‭ ‬السمعة‭ ‬والسيرة‭.. ‬ما‭ ‬أجمل‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬اللَّه‭ ‬يرحم‭ ‬أبوك‭.. ‬كان‭ ‬رجلاً‭ ‬محترماً‮»‬‭.. ‬فالناس‭ ‬سيرة‭.. ‬والأصل‭ ‬الكريم‭.. ‬و‮«‬اللبن‭ ‬النظيف‮»‬‭.. ‬و«اللى‭ ‬متربى‭ ‬على‭ ‬طبلية‭ ‬أبوه‭ ‬وشبعان‭.. ‬لا‭ ‬تغريه‭ ‬الدنيا‮»‬‭.. ‬فلا‭ ‬أدرى‭ ‬لماذا‭ ‬يقترب‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الحرام‭ ‬والمال‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يستحقه‭ ‬ولماذا‭ ‬أيضاً‭ ‬يقوم‭ ‬البعض‭ ‬بأدوار‭ ‬‮«‬الشماشرجية‮»‬‭ ‬والتطفل‭ ‬والنفاق‭ ‬واللعب‭ ‬على‭ ‬الوترين‭ ‬والحبلين‭.. ‬فهل‭ ‬يستطيع‭ ‬هؤلاء‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬المرآة؟‭!.. ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬يتعمد‭ ‬الإضرار‭ ‬بمنافسيه‭ ‬ومحاولة‭ ‬إقصائهم‭ ‬بكل‭ ‬نذالة‭ ‬وفقدان‭ ‬للشرف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أكاذيب‭ ‬وادعاءات‭ ‬ومزاعم‭ ‬غير‭ ‬موجودة‭.. ‬وهو‭ ‬يجسد‭ ‬حالة‭ ‬ضعف‭ ‬وعدم‭ ‬ثقة‭ ‬فى‭ ‬النفس‭ ‬وعدم‭ ‬إيمان‭ ‬وتدنٍ‭.. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التدقيق‭ ‬والتحرى‭ ‬والتأكد‭ ‬مما‭ ‬يقول‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأراجوزات‭ ‬الذين‭ ‬أفلسوا‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬فى‭ ‬رصيدهم‭ ‬سوى‭ ‬الأكاذيب‭.‬


واقعة‭ ‬ضياء‭ ‬السيد،‭ ‬المدرب‭ ‬العام‭ ‬لمنتخب‭ ‬مصر‭.. ‬هى‭ ‬مثال‭ ‬للتدنى‭ ‬واستغلال‭ ‬ثقة‭ ‬الأشخاص‭ ‬ومن‭ ‬قام‭ ‬بتسريب‭ ‬كلام‭ ‬ضياء‭ ‬السيد‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬فاقد‭ ‬للضمير‭ ‬والأمانة‭ ‬والتربية‭ ‬والأخلاق‭ ‬والشرف‭.. ‬والأمر‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬فيما‭ ‬قاله‭ ‬ضياء‭ ‬السيد‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬من‭ ‬‮«‬سرَّب‭ ‬وأفشى‮»‬‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬ضياء‭ ‬لمجموعة‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬يعتبرهم‭ ‬أصدقاء‭ ‬للأسف‭.. ‬رسخوا‭ ‬أو‭ ‬اتحاد‭ ‬الكرة‭ ‬رسَّخ‭ ‬لسلوك‭ ‬مشين‭.. ‬وأصبح‭ ‬الآن‭ ‬مطالباً‭ ‬بعدم‭ ‬الازدواجية‭.. ‬فما‭ ‬فعله‭ ‬عندما‭ ‬عاقب‭ ‬إمام‭ ‬عاشور‭ ‬لاعب‭ ‬الزمالك‭ ‬عندما‭ ‬تحدث‭ ‬فى‭ ‬غرفة‭ ‬ملابس‭ ‬اللاعبين‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬الزمالك‭ ‬وقام‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬بتسجيل‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬من‭ ‬إساءة‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬الأهلى‭ ‬ورموزه‭ ‬ونشره‭ ‬على‭ ‬الـ«سوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭.. ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬خصوصية‭ ‬وفى‭ ‬نطاق‭ ‬ضيق‭.. ‬وتمت‭ ‬معاقبة‭ ‬إمام‭ ‬عاشور‭ ‬بالإيقاف‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬المباريات‭.. ‬لذلك‭ ‬اتحاد‭ ‬الكرة‭ ‬مطالب‭ ‬بإنزال‭ ‬العقوبة‭ ‬المناسبة‭ ‬على‭ ‬ضياء‭ ‬السيد‭ ‬المدرب‭ ‬العام‭ ‬للمنتخب‭ ‬‮«‬المساواة‭ ‬فى‭ ‬الظلم‭ ‬عدل‮»‬‭ ‬واتحاد‭ ‬الكرة‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬حرج‭ ‬بالغة‭ ‬ومطالب‭ ‬بأن‭ ‬يزيل‭ ‬عنه‭ ‬شبهة‭ ‬التحيز‭ ‬والانحياز‭ ‬للأهلى‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬تشكيلة‭ ‬الجهاز‭ ‬الفنى‭ ‬للمنتخب‭ ‬أو‭ ‬قرارات‭ ‬فيها‭ ‬ازدواجية‭ ‬معايير‭.‬

المهم‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬ظاهرة‭ ‬مجتمعية‭ ‬خطيرة‭ ‬أراها‭ ‬نتجت‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭: 
أولاً‭: ‬تداعيات‭ ‬أحداث‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬وما‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الضعف‭ ‬والتدنى‭ ‬والابتذال‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭..‬
ثانياً‭:‬‭ ‬انتشار‭ ‬ثقافة‭ ‬الأنانية‭ ‬والانتهازية،‭ ‬ونفسى‭ ‬ومن‭ ‬بعدى‭ ‬الطوفان‭.‬
‭‬ثالثاً‭:‬‭ ‬غياب‭ ‬التربية‭ ‬الصحيحة‭ ‬المتجذرة‭ ‬من‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭.‬
رابعاً‭:‬‭ ‬تفشى‭ ‬الثقافة‭ ‬الرديئة‭ ‬والاستهلاكية‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬مضمون‭ ‬حقيقى‭ ‬وهى‭ ‬ظاهرة‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬انتشر‭ ‬فيها‭ ‬الفساد‭ ‬والقبح‭ ‬وغياب‭ ‬المبادئ‭ ‬وعلا‭ ‬فيها‭ ‬شأن‭ ‬الفاسدين‭ ‬والراقصات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭.‬
‭‬خامساً‭:‬‭ ‬غياب‭ ‬الدين‭ ‬الصحيح‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬انتشار‭ ‬جماعات‭ ‬الظلام‭ ‬والمتاجرة‭ ‬بالدين‭ ‬و«البراجماتية‮»‬‭ ‬العفنة‭ ‬وعدم‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬للوطن‭ ‬ولا‭ ‬لأى‭ ‬فضيلة‭.‬
سادساً‭:‬‭ ‬غياب‭ ‬المدرسة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬دورها‭ ‬بعد‭ ‬انتشار‭ ‬ثقافة‭ ‬‮«‬السناتر‮»‬‭ ‬والدروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬بديلاً‭ ‬للمدارس‭.. ‬وما‭ ‬لهذه‭ ‬الثقافة‭ ‬من‭ ‬سلوكيات‭.‬ ‭>‬سابعاً‭: ‬ثقافة‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭ ‬والإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬الذى‭ ‬استباح‭ ‬كل‭ ‬شىء‭.. ‬وأيضاً‭ ‬فرض‭ ‬واقعاً‭ ‬شاذاً‭ ‬ورفع‭ ‬سقف‭ ‬طموحات‭ ‬البسطاء‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬يرونه‭ ‬من‭ ‬نمط‭ ‬حياة‭ ‬للأثرياء‭ ‬والأغنياء‭ ‬ضمن‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭.. ‬ناس‭ ‬تسكن‭ ‬القصور،‭ ‬وآخرون‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬القبور‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬تراجع‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭.. ‬وتفشى‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والتسريبات‭ ‬والوقيعة‭ ‬والوشايات‭ ‬والتشكيك‭ ‬وإفشاء‭ ‬أسرار‭ ‬وخصوصيات‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬أى‭ ‬وازع‭ ‬من‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬ضمير‭ ‬أو‭ ‬أخلاق‭.. ‬هؤلاء‭ ‬رفعوا‭ ‬شعار‭ ‬مصلحتهم‭ ‬وأنانيتهم‭ ‬ومكاسبهم‭ ‬بأى‭ ‬وسيلة‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬شرعيتها‭ ‬وشرفها‭.‬


الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الأخلاق‭.. ‬تأتى‭ ‬من‭ ‬مناخ‭ ‬عام‭ ‬ومنظومة‭ ‬متكاملة‭.. ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬الأسرة‭ ‬والمدرسة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والجامع‭ ‬والكنيسة‭ ‬والثقافة‭ ‬والإعلام‭.. ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نلتفت‭ ‬لخطورة‭ ‬غياب‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬واجبها‭.. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬إلى‭ ‬البناء‭ ‬الدينى‭ ‬والأخلاقى‭ ‬حيويته‭ ‬وفاعليته،‭ ‬ولسنا‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الكارهين‭ ‬للدين‭ ‬الصحيح‭ ‬والأخلاق‭ ‬السليمة‭.‬