نجاح الموجي.. هرم السينما ومصدر البهجة
شاب نحيل قادته قدماه إلى القاهرة يلهث خلفه حلمه بأن يصبح ممثلا، تمنى حينها ألا يضيع حلمه وسط الزحام، من تحت الصفر بدأ مشوار كفاحه، نحت في الصخر وكتب اسمه وسط عمالقة السينما، وقف أمام الكبار يسرق الكاميرا من أشدهم وأعظمهم موهبة بأداءه السهل البسيط، يتنقل بخفة بين الأدوار، تجده تجده الموظف والسباك، الفلاح، صبي الجزار، وصديق البطل الوفي.
قادر بكلمة منه أن ينتزع الضحكة من أعماق قلبك، هو ملك الخروج عن النص في المسرح، وأستاذ الإفيه في السينما هو "عبد الله" في "الحريف" الذي يقتل جارته من أجل المال، و"الواد مزيكا" في "المتزوجون" والمعلم "هرم" في "الكيت كات" صاحب الجملة الأشهر في الفيلم "صح بس هنكر" هو صاحب البهجة ومصدرها الفنان الكبير نجاح الموجي.
ولد نجاح الموجي في قرية ميت الكرماء بمحافظة الدقهلية في 11 يونيو 1945 لأسرة متوسطة الحال، اسمه الحقيقي عبد المعطي محمد حجازي الموجي، وكان شقيقه الأكبر "نجاح" قعيد ويقوم "عبد المعطي" على خدمته وتقديرا منه لدور شقيقه في حياته والذي وقف بجانبه استعار اسمه "نجاح" ليكون الاسم الفني له عند شهرته.
انتقل "الموجي" مع أسرته إلى القاهرة وعاشا في حي حدائق القبة، كان في طفولته نحيف وشاحب الوجه ما دفع أطفال الحي إلي إطلاق عليه لقب"قرقر"، عمل والده في عدة مهن منذ قدومه إلي القاهرة، وكانت اسرته بسيطة للغاية، وما إن حصل على الثانوية حتى التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية.
بدأ حياته الفنية من خلال إذاعة صوت العرب الذي كان يقدمه المخرج الإذاعي عبد الله قاسم وعلمه الحرفية الفنية الخاصة للكوميديان، وفي طريقه تعرف على فرقة ثلاثي أضواء المسرح، وشارك معهم في أدوار صغيرة في عدة مسرحيات منها "حواديت" 1967، و"فندق الأشغال الشاقة" 1969، و"جوليو ورمييت" 1973.
كانت انطلاقته الحقيقية على المسرح عندما جسد دور "الواد مزيكا" في مسرحية "المتزوجون" 1976 وكانت بداية تعارفه مع الجمهور وحققت نجاحا كبير، وبدأ بعدها يتنقل ما بين التليفزيون والسينما التي بدأها بفيلم "المرايات" 1977 وفي نفس العام "الزوج المحترم" و"أولاد الحلال" 1978.
في مطلع الثمانينات، قدم دور "ياقوت" في فيلم "أمهات في المنفى"1981، وتوالت أعماله للسينما، لم يغيب عنه المسرح وقدم مسرحية "المهزلة" 1983 والتي يعتبرها "الموجي" الأقرب لقلبه، عاد للسينما وقدم عدة أفلام لعل أبرزها "شوارع من نار" 1984 وفي نفس العام قدم واحد من أجمل أدواره في فيلم "الحريف" للمخرج محمد خان في دور "عبدالله" صديق "فارس" عادل إمام.
لم تتوقف أعماله في تلك الفترة، وكان أبرزها دور "خشبة" في فيلم "مدافن مفروشة للإيجار" 1986، كان يتنقل بين الأدوار وفي كل دورر يقدمه يترك خلفه بصمة، قدم مع أحمد زكي دور "أحمد" في فيلم "الحب فوق هضبة الهرم" 1987 للمخرج عاطف الطيب، وفي نفس العام "أربعة في مهمة رسمية" وجسد دور سائق التاكسي، بينما في 1989 كان على موعد مع فيلم "أيام الغضب" وحصد جائرة أحسن ممثل مساعد في مهرجان دمشق السينمائي.
بداية التسعينات قدم فيلم "المساطيل" 1991 في دور"عباس النص"، وكانت أشهر إفيهاته "من لم يمت بالسيف مات بالمطواة"، وفي نفس العام قدم واحدا من أجمل أدواره في فيلم "الكيت كات" للمخرج داوود عبد السيد في دور "هرم" تاجر المخدرات، وما زالت تتداول إفيهاته في الفيلم حتى الآن لعل أشهرها"صح بس هنكر" وجملة "الشيخ حسني" محمود عبد العزيز عندما أمسك به في منزل صديقه المريض وهو يجلس مع زوجته ويقول له "انت بتستعماني يا هرم".
لم ينته إبداع "الموجي" وقدم واحد من أجمل أدواره في فيلم "ليه يا بنفسج" 1993، وتوالت أعماله "زيارة السيد الرئيس، قليل من الحب كثير من العنف، طأطأ وريكا وكاظم بيه"، و"البحر بيضحك ليه"1995 مع محمود عبد العزيز.
قدم للتليفزيون العديد من المسلسلات المهمة لعل أبرزها "أهلا أهلا بالسكان" ويعد انطلاقته في التليفزيون، وتوالت أعماله للدراما منها "عائلة، الفلوس، سر الأرض، بوابة الحلواني بجزئيه الأول والثاني، الشارع الجديد، نحن لا نزرع الشوك، ريش على ما فيش، حارة الشرفا، الوهم والسلاح".
قدم العديد من المسرحيات منها "لا مؤاخذة يا منعم، دلع الهوانم، الورثة، جيران آخر زمن، ملك الشحاتين، شقة في الدور الرابع، العين الحمرا".
كان يمتلك "الموجي" موهبة إلقاء المونولوج، وقدم في أفلامه مونولوجات "سلم لنا بقى عالتروماوي" في فيلم "أيام الغضب" و"حنكورة حكالنا حكاية" في فيلم "ليه يا بنفسج"، وكان دائم الخروج عن النص في مسرحياته، ولكنه لا يخرج عن الآداب العامة، وبلغ رصيده الفني ما يزيد عن 150 عملا ما بين السينما والتليفزيون والمسرح.
عين في وزارة الثقافة حتى وصل إلي منصب وكيل وزارة الثقافة، تزوج من السيدة عائشة فريد كانت تعمل موجهة بالتربية والتعليم وله ابنتان "أسماء" و"أيتن" وتعمل الأخيرة مذيعة بالفضائية المصرية.
توفي نجاح الموجي في 25 سبتمبر 1998، إثر أزمة قلبية عن عمر ناهز 53 عامًا، تاركًا خلفه رصيدا كبيرا من الفن شاهدا على موهبته، وحب غير محدود من جمهوره، وضحكات كلما مر من أمام الشاشة.