رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الصفحات الدينية الرسمية على السوشيال ميديا وكورونا (3)

26-9-2021 | 17:48


د.شريف درويش اللبان,

من خلال تحليل خطاب الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف المصرية، أمكن رصد أهم الأطروحات الأساسية التى برزت خلال فترة الدراسة وذلك على النحو التالي:

  1. أطروحة الاقتصاد الإسلامى السبيل الأمثل لمواجهة وباء كورونا

   حيث ركزت تلك الأطروحة على أهمية وضرورة تبنى هذا النوع من الاقتصاد خلال المرحلة القادمة بعرض أدلة وشواهد تظهر أهمية الاقتصاد الإسلامى بتقديمه للكثير من الحلول لمواجهة أزمة "كورونا" سواء بدعوة المواطنين إلى التكافل الاجتماعى ومساعدة الفقراء، كذلك ضرورة الاعتماد على الذات فى الإنتاج وخاصة ما يتعلق بالأمن الغذائي، وهى استراتيجية اقتصادية لها بالغ الأثر فى القضاء على البطالة وتحسين مستوى المعيشة وتحقيق الأمن الغذائى للدولة المصرية.

 

  1. أطروحة جماعة الإخوان الإرهابية تتاجر بالدين والوطن خلال جائحة كورونا

  ركز الخطاب الدينى لوزارة الأوقاف المصرية على خطورة جماعة الإخوان الإرهابية بسعيها لأذى المواطنين خلال تلك الأزمة، من خلال عدة مسارات خاصة بمجموعة من الحقائق والوقائع، كما جاء فى مقال لوزير الأوقاف محمد مختار جمعة بعنوان "الجماعة الإرهابية": "إن هذه الجماعة بتاريخها الأسود تاجرت بالدين والوطن وبالحياة الإنسانية بدعوتهم للناس بالتجمعات ولا يأبهون بحياتهم...يستغلون الأزمات أسوأ استغلال حتى لو كان وباء عالمى بهدف تحقيق مآربهم الشيطانية لتحقيق مصالحهم ومصالح من اشتراهم بالدولارات من الدول التى تمول الإرهاب"، أما المسار الثانى فركز على قيام الآلة الإعلامية لجماعة الإخوان ببث الشائعات والأكاذيب عن أرقام مبالغ فيها عن ضحايا الفيروس من أجل نشر الفزع والهلع بين أبناء الوطن.

 

3- أطروحة دعم السياسات الصحية وقرارات الدولة:

حيث ركزت تلك الأطروحة على دعم الإجراءات الاحترازية والوقائية التى اتخذتها الدولة بدعوة المواطنين إلى الالتزام بسياسات التباعد الاجتماعي، والبعد عن التجمعات، حيث أظهر خطاب وزارة الأوقاف توافق الخطاب الدينى مع العلم بتعليق صلاة الجمعة والجماعة وغلق المساجد مؤقتا بناء على رأى أهل العلم متمثلة فى وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية اللتين أكدتا على خطورة التجمعات فى نقل العدوي، وفقهيا بناءً على ديننا الحنيف الذى يدعو للحفاظ على النفس وان حياة الساجد قبل عمارة المساجد.

  كما تطرقت تلك الأطروحة إلى دعوة خطاب وزارة الأوقاف المواطنين بتجنب المصافحة والملامسة والمعانقة بناء على تعليمات وزارة الصحة لتجنب نقل العدوي، وفقهيا أيضا بما يقتضيه فقه النوازل كما رأى الإمام مالك وأبى حنيفة بكراهية المعانقة فى النوازل وغيرها.

 

4- أطروحات النصح والوعظ والإرشاد:

من خلال الرصد والتحليل يمكن تقسيم هذه الأطروحة إلى مجموعة من الطروحات الفرعية وهي:

أ- الوعظ والإرشاد الديني: مثل ضرورة التقرب إلى الله والدعاء لله تعالى أن يراجع كل منا علاقته بربه لذهب الهم وكشف الكرب وذلك بالاستشهاد بآيات قرآنية كما قال تعالي: "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أو قَاعِدًا أو قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، كذلك تأكيد الخطاب على دعوة الناس للثقة بالله وحسن العلاقة به وإحساس الإنسان بأنه فى معية الله وحفظه أهم سبل أمانة النفسي.

ب- الوعظ والإرشاد الاجتماعي: وذلك من خلال دعوة المواطنين للتراحم فيما بينهم وجبر الخواطر وتحميل المسئولية الإنسانية والمجتمعية ببيان المواقف العملية فى حياة النبى والتى ينبغى أن تكون فى حياة الناس، وذلك بالمسارعة فى إخراج الزكاة والصدقات، كما قال نبينا الكريم: "حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع"، كما تطرقت تلك الأطروحة لضرورة ترشيد المواطنين استهلاكهم وقت الأزمات والبعد عن الأنانية والشره فى شراء السلع، إعمالا بالقاعدة الفقهية "لا ضرر ولا ضرار"، كذلك النهى عن الإسراف والتبذير كما قال تعالي: "ولا تبذر تبذيرا"، وكما قال نبينا: "كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا فى غير إسراف ولا مخيلة".

 

ثانيا: استراتيجيات اتصالات الأزمة التى اعتمد عليها الخطاب الدينى لصفحة وزارة الأوقاف

وقد تبين من خلال الرصد والتحليل الاستراتيجيات التى اعتمدت عليها الصفحة الرسمية لمؤسسة الأوقاف فى تناولها لجائحة كورونا وذلك على النحو التالي:

  1. استراتيجية ملتقى الطرق: ارتكز الخطاب الدينى لوزارة الأوقاف على بعض الآليات التى تم اتخاذها من الأسس النظرية لهذه الاستراتيجية، كالتركيز على الآثار الاقتصادية للأزمة والأوضاع العالمية المترتبة على الأزمة، فالعالم الأن أصبح يعانى من ركود اقتصادى عميق يشبه الكساد العظيم الذى عانى منه العالم مطلع القرن الماضي.
  2.  استراتيجية الصدمة: اعتمد خطاب وزارة الأوقاف على أن وباء كورونا ألقى بظلاله على النفس البشرية، حيث أصاب البعض جانب من التوتر والقلق ربما يصل عند البعض منهم إلى حد الاكتئاب، كذلك التركيز على حجم الكارثة التى سببها هذا الوباء على مستوى العالم اقتصاديا واجتماعيا.
  3. استراتيجية الصالح العام: ظهرت هذه الاستراتيجية فى الخطاب من خلال المعالجة الإعلامية والتى اعتمدت على توعية المواطنين بضرورة تفهمه لطبيعة الظروف الراهنة ومساعدة جميع مؤسسات الدولة فى إجراءاتها الوقائية والاحترازية للحد من انتشار الفيروس، وأن يبذل كل مواطن أقصى طاقته فى تحرى السبل التى تحول دون نقل هذا الداء إلى الآخرين، واعتبار هذا واجبا شرعيا ووطنيا.
  4. استراتيجية التريث وعدم التورط: ظهرت هذه الاستراتيجية من خلال التركيز على رصد الشائعات وتفنيدها والتحذير من الانسياق خلف هذه الأكاذيب التى تروجها جماعات موتوره وصفحات مشبوهة، وأيضا ضرورة توخى الحيطة والحذر والأخذ بأقصى الأسباب مع طمأنينة النفس وثقتها فى الله والبعد عن كل أسباب الهلع والفزع، كذلك تركيز المعالجة الإعلامية للخطاب على نشر المعلومات الإيجابية كانخفاض الأعداد بعد انتهاء الموجة الأولى بسبب وجود قيادة حكيمة استطاعت التوازن بين إجراءات الحماية والتباعد من جانب وتيسير أمور الناس وقضاء مصالحهم من جانب آخر.

 

 وبالنسبة للأساليب الإقناعية التى ارتكزت عليها بنية الخطاب الدينى لوزارة الأوقاف فاعتمدت الأساليب المنطقية "العقلانية" فى معالجتها لجائحة كورونا، من خلال الاستناد إلى نصوص قرآنية وأحاديث نبوية خاصة بضرورة التزام المواطنين بالإجراءات الاحترازية لحفظ النفس، كذلك عرض أدلة وشواهد بخطورة الفيروس الذى أصبح وباءً عالميا وما ترتب عليه من آثار اجتماعية واقتصادية على مستوى العالم، أيضا الاستناد إلى مجموعة من الحقائق خاصة بجماعة الإخوان واعتبارها جماعة إرهابية تسعى لأذى الآخرين وتنشر الأكاذيب والفزع بين المواطنين حول الجائحة، أما بالنسبة للاستمالات العاطفية فركز الخطاب على بث رسائل الطمأنينة والراحة والأمان للمواطنين، من خلال دعوة المواطنين للتقرب والتضرع إلى الله لرفع الوباء وكشف الكرب، كذلك تم الاستناد إلى استمالات التخويف من خلال التأكيد على خطورة وباء كورونا وسرعته فى الانتشار واحتمالية فرض الحظر الشامل تزامنا مع الموجة الثالثة وزيادة أعداد المصابين والوفيات.