المسحراتي.. صورة رمضانية عمرها أكثر من 1200 سنة
يبقى المسحراتي أهم شخصيات هذا الشهر الفضيل رغم مرور أكثر من 1200 سنة على ظهوره ، فهو الشخص الذي يطوف الأحياء قبيل أذان الفجر وهو يردد عبارات مثل "اصحى يا نايم.. وحّد الدائم، أو "السحور يا عباد الله" و"يا نايم اذكر الله... يا نايم وحّد الله، كما يردد أحياناً المدائح النبوية، ولطبلته المعلقة بواسطة حبل في رقبته والمتدلية على صدره صوت مميز يدركها الإنسان عن بعد لأن العصا المستخدمة هي خاصة بها أيضا، وعادة ما يتوارث أولاده مهنته عنه، تلك المهنة التي تقتصر على شهر رمضان فقط.
ظهور المسحراتي
حرص المسلمون على طعام السحور منذ القدم، وذلك تمسكا بالحديث النبوي الشريف: "تسحروا فإن في السحور بركة"، رواه البخاري ومسلم.
ومنذ ذلك الوقت تعددت الطرق والأساليب لإيقاظ النائمين على السحور، وفي عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كان الناس يعرفون وقت السحوربأذان بلال، ويعرفون المنع بأذان ابن أم مكتوم، وعلى مر العصور ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية بدأ المسلمون يتفننون في أساليب التسحير وظهرت وظيفة المسحراتي في الدولة الإسلامية في العصر العباسي، ويعتبر والي مصر إسحاق بن عقبة أولالقاهرة ليلا في رمضان لإيقاظ أهلها إلى تناول طعام السحور عام (238هـ)، وفى العصر الفاطمي أمرا الحاكم بأمر الله الفاطمي الناس أن يناموا مبكرين بعد صلاة التراويح وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا الشعب للسحور، وبعد ذلك عين أولو الأمر رجلا للقيام بمهمة المسحراتي والذي كانت مهمته المنادة "يا أهل الله قوموا تسحروا"، وكان يدق أبواب المنازل بعصا يحملها، وفي عصر المماليك ظهر "ابن نقطة" شيخ طائفة المسحراتية والمسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد وهو مخترع فن القومة وهي من أشكال التسابيح، ثم انتشرت بعد ذلك مهنة المسحراتي بالطبلة التي كان يُدق عليها دقات منتظمة بدلا من استخدام العصا، هذه الطبلة كانت تسمى "بازة" وهي صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتي دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة فاستعان المسحراتي بالطبلة الكبيرة التي يدق عليها أثناء تجوله بالأحياء وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة.
ومن أشعار المسحراتي:
اصحي يا نايم وحد الدايم..
وقول نويت بكرة إن حييت..
الشهر صايم والفجر قايم ورمضان كريم .