أصدرت منظمة الصحة العالمية تحديثات على إرشاداتها بشأن جودة الهواء وجددت التحذير من مخاطر التلوث على حياة الإنسان، خاصة في زمن انتشار الجائحة التي أودت بحياة الملايين حول العالم.
وتطرقت الحلقة رقم 56 من برنامج "العلوم في خمس"، الذي تقدمه فيسميتا جوبتا سميث، وتبثه منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي وعبر حساباتها على مواقع التواصل، إلى إرشادات جودة الهواء الجديدة، وتأثير الملوثات على تفاقم انتشار الفيروس، وذلك من خلال لقاء أجرته مع الخبيرة العالمية الدكتورة ماريا نيرا، مديرة قسم البيئة وتغير المناخ والصحة في المنظمة الأممية.
وقالت المتخصصة أن الجديد في إرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن جودة الهواء، بشكل أساسي، هو أننا بحاجة إلى خفض المستويات الموصى بها من التعرض لملوثات الهواء من أجل حماية صحة البشر، حيث أنه بات من المعروف حاليًا أن حتى التعرض لمستويات منخفضة للغاية من بعض الملوثات التي يتنفسها الإنسان يوميًا يعرضه للخطر.
وأردفت قائلة أنه لهذا السبب، بالنسبة لستة ملوثات رئيسية، فإن المنظمة توصي بمستويات أقل من شأنها حماية صحة الإنسان. وتتمثل الرسالة المهمة لهذه الإرشادات في أنه إذا تم تنفيذ توصيات المنظمة بشكل خاص فيما يتعلق بـPM 2.5، وهي عبارة عن جسيمات دقيقة معلقة في الهواء يصل قطرها إلى 2.5 ميكرومتر، والتي تعد واحدة من أخطر الجسيمات المعلقة على الصحة، فسوف يمكن إنقاذ 80% من إجمالي عدد الوفيات التي تحدث سنويًا بسبب تلوث الهواء، والتي تشير الاحصائيات إلى أنها تصل إلى 7 ملايين حالة وفاة مبكرة ناجمة عن التعرض لتلوث الهواء.
وأوضحت أن هناك ستة ملوثات يجب التخلص منها في الهواء الذي يتنفسه الإنسان لأنها تشكل مصدر قلق كبير لصحة الكائنات الحية، مشيرة إلى أن الجسيم المعلق بقطر 2.5 ميكرومترو، والذي يشار إليه بـPM 2.5، هو جسيم صغير يمكن أن ينتقل بسهولة إلى الرئتين وينتقل من الرئة إلى مجرى الدم، ومن ثم يمكن أن يصل إلى أي عضو في جسم الإنسان.
وأضافت أن هناك أيضًا جسيمات دقيقة، لكنها أكبر قليلًا حيث يصل قطرها إلى 10 ميكرومتر، التي يطلق عليها اختصارًا PM10، ثم تأتي أربع ملوثات أخرى تنتج أساسًا من حركة المرور أو من احتراق الوقود الأحفوري، هي SO2 وNO2 والأوزون وأول أكسيد الكربون.
وقالت دكتورة ماريا إنه يتم استهداف هذه الملوثات الست في إطار إرشادات وتوصيات منظمة الصحة العالمية، وإذا تحقق النجاح في تنفيذ التوصيات الجديدة من خلال خفض مستويات تلك الملوثات الستة في الهواء، فسوف يمكن إنقاذ العديد والعديد من الأرواح.
وحول العلاقة بين تلوث الهواء وإصابات كوفيد-19، شرحت أن المقاييس الرديئة للهواء الذي يتم تنفسه تكون عامل خطر رئيسي لأمراض الجهاز التنفسي الحادة والمزمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية، مضيفة أنه إذا تعرض شخص لتلوث الهواء، فسوف يصاب بأمراض معينة أو أمراض كامنة تمنح إمكانية أكبر لتطوير حالات خطيرة إذا حدثت عدوى بفيروس سارس-كوف-2، وبالتالي فإن هناك علاقة واضحة بين تلوث الهواء وتفاقم حالات كوفيد-19 في الأماكن شديدة التلوث.
وأشارت إلى أن هذه الحقائق تمثل سببًا إضافيًا تجعل من الضروري بدء التخطيط من الآن لمرحلة ما بعد التعافي من جائحة كوفيد-19، من أجل إعادة تخيل عالم أكثر خضرة بمصادر طاقة نظيفة، وأماكن يمكن أن يتنفس فيها البشر هواء لا يتسبب في قتلهم.
وفي هذا السياق، نوهت إلى أن 90% من سكان العالم، لا يتنفسون هواءً يتطابق مع المعايير الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية لحماية صحة البشر.
وأعربت عن أملها في أن يتم اتخاذ قرارات ملزمة من حكومات العالم للحد من تلوث الهواء وخفض معدلات الخطر الذي يهدد صحة المواطنين.
وتسبّب الوباء بوفاة ما لا يقل عن 4,780,108 أشخاص في العالم منذ أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض نهاية ديسمبر 2019، فيما تأكدت إصابة 233,723,290 شخصا على الأقل بالفيروس منذ ظهوره.
وتعافت الغالبية العظمى من المصابين رغم أن البعض استمر في الشعور بالأعراض بعد أسابيع أو حتى أشهر.