د. رانيا أبو الخير,
فى يومهم العالمى الذى يصادف الأول من أكتوبر من كل عام، يحتفل الجميع بكبار السن، ذلك اليوم الذى تم تحديده بمقتضى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر فى ديسمبر 1990، تقديرا لجهودهم وتعظيما لعطائهم واحتراما لدورهم، وهو ما لخصته السيدة الأولى انتصار السيسى فى تهنئتها لهم، إذ ذكرت نصا فى صفحتها على موقع الفيس بوك: "نعتز باليوم العالمى لكبار السن لنعبر عن تقديرنا للأجيال السابقة التى قدمت لنا الكثير من العطاء".
والحقيقة أنه رغم أهمية هذا اليوم العالمى الذى يجعلنا جميعا نستذكر سويا قيمة العطاء والتضحية التى يبذلها السابقون من أجلنا، إلا أن الاحتفال بهم لم يكن على قدر الأهمية والقيمة التى يجب أن نعطيها جميعا لهم، لما قدموه من خدمات وما بذلوه من مجهودات أسهمت فيما وصلنا إليه اليوم وما حققناه من إنجازات بُنيت على ما قدمه الأولون.
صحيح أن الدستور المصرى قد أعطى مجالا واسعا للاهتمام بكبار السن وضمان حقوقهم صحيا واقتصاديا واجتماعيا وترفيهيا، إلا أنه من الصحيح أيضا أن التطبيق العملى لهذه الحقوق لا يزال ينقصها الكثير، وهذا ما حاولت أن تتضمنه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى منتصف شهر سبتمبر الماضى، إذ تضمنت العديد من الحقوق المكفولة لكبار السن والمستهدف تحقيقها تنفيذا للنص الدستور والتزاما بما يوجبه علينا ديننا وأخلاقنا وضمائرنا، حيث حددت الاستراتيجية جملة من المستهدفات، من أبرزها؛ منح الدولة معاشا ضمانيا لكبار السن ممن لا يتقاضون معاشا تأمينيا وليس لهم دخل، وطورت شبكات الأمان الاجتماعى ببرنامج كرامة، وذلك بمنح معاش للمسنين بداية من عمر الـ65، أو لمن يعانون عجزا أو مرضا مزمنا، وتم إنشاء دور الرعاية الخاصة بكبار السن، وافتتاح أندية رعاية نهارية لهم، وإطلاق وثيقة مكتوبة خاصة بحقوق الكبار بالتعاون مع المجتمع المدني، ونشر آليات الثقافة الإلكترونية فى مراكز المسنين لتمكينهم ثقافيا بتهيئة الثقافة الذاتية بأيسر الرسائل، فضلا عن إتاحة الهيئة العامة لتعليم الكبار الفرصة للمسنين لمواصلة التعليم فى المراحل الإعدادية والثانوية وصولا للتعليم الجامعي.
خلاصة القول إن احتفال مصر بالذكرى التاسعة والعشرين لليوم العالمى لكبار السن هذا العام يحمل طابعا مميزا عن الأعوام السابقة، إذ جاء متزامنا مع اطلاق الرؤية الوطنية لضمان حقوق كبار السن معبرة عن مستهدفاتها وطموحاتها، آملين أن تأتى الذكرى الثلاثين فى العام القادم لتجد مزيدا من التطور والارتقاء فى منظومة الحقوق التى يتمتع بها كبار السن، مع الأخذ فى الاعتبار أن قضية ضمان هذه الحقوق تحتاج إلى تكاتف الجهود وتعاضدها فى سبيل تحسين ظروف معيشة حياة كبار السن والارتقاء بأوضاعهم على النحو الذى يستحقونه، فهم أمانة فى أعناقنا كما كنا سابقا أمانة فى أعناقهم.