شاب يعلن زواجه 33 مرة كـ«محلل».. الإفتاء والأزهر يحددان الحكم الشرعي: «ملعون من الله»
حالة من الجدل أثارها شاب تزوج 33 مرة وأنه يعمل محلل شرعي، بهدف عودة السيدات المطلقات إلى أزواجهن بعد طلاقهن 3 مرات، واصفا هذا الفعل بأنه "عمل خيري لوجه الله بدون أي مقابل"، وهو ما ردت عليه الإفتاء وعلماء بالأزهر موضحين حكم ذلك.
وقد أعاد هذا الحوار قضية الزواج بشرط التحليل إلى السطح مرة أخرى، وهي قضية أثير بشأنها أزمات وحالة من الجدل في المجتمع طوال العقود السابقة، وقد تناولتها السينما في عدة أفلام منها "زوج تحت الطلب"، وقد أصدرت الإفتاء فتوى حاسمة بشأنها، فيما أكد عالم أزهري أن هذا الفعل حرام وملعون من الله.
وقال محمد الملاح، في تصريحات إعلامية له أمس، إنه تزوج 33 مرة وأنه يقوم بذلك لوجه الله كعمل تطوعي بدون أي مقابل لله فقط، مؤكدا أنه لا يتقاضى أموالاً وهدفه حماية البيوت من الخراب وانفصال الأزواج ولديّ صفحة على فيس بوك تروج لهذا الأمر.
وأشار إلى أنه بدأ في هذا الأمر عندما اقترحت عليه إحدى زميلاته في العمل ذلك لأجل أن يتزوج من صديقتها التي طلقت ثلاث مرات حتى تعود لزوجها كعمل إنسانى ابتغي به وجه الله، وهو ما قام به بالفعل وتزوج منها ثم طلقها وعادت إلى زوجها السابق، وتكرر هذا الأمر مجددا، حتى وصل عدد مرات زواجه إلى 33 مرة، مضيفا أنه إذا قالت لي دار الإفتاء إن هذا العمل خاطئ سيتوقف عنه.
معلون من الله
وعن هذا الأمر، قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، تعليقا ما روج له أحد الأشخاص بأنه يعمل "محلل شرعي" وتزوج 33 مرة، إنه إن كان هذا الشخص يعلم أنه جاء ليحلل واشترط عليه ذلك فهذا عين الحرام، وصاحبه ملعون من الله سبحانه وتعالى، ويجب عليه أن يراجع نفسه، مضيفا أنه إذا كان الزواج بدون علم الشخص بأنه جاء ليحلل ووجد شهود ومهر وأعلن الزواج للاستقرار فهو لا شيء فيه.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه إن كانت المسألة تؤخذ بطريقة التجارة فالإسلام بعيد عن ذلك تماما، وهو يعد "شغل بيزنس" إذا علم الشخص أنه جاء ليحلل وجاء ليفتح بيوت كما يدعي، مضيفا أنه ما أعلنه الشخص بأنه يقوم بالزواج بهدف إعادة الزوجات إلى أزواجهن فهذا حرام طالما نيته ذلك، لأن الزواج أساسه الأبدية والاستقرار.
وشدد فؤاد على أن الزواج لا يعني الزواج لشهر أو اثنين ثم تطليق المرأة، فهذا ضياع لحق المرأة والأسرة والأزواج والأولاد، مضيفا أن فتح الباب لهذا المجال فهذا سيجعل الأشخاص يعملون في هذا الأمر كشغل والتربح منه بدلا من العمل الطبيعي، وينهار المجتمع على ضوء هذه الأفعال التي منعها الإسلام بل أن الشرع بيّن أن من يفعل هذا وهو يعلم أن "محلل" ويشترط عليه ذلك، فهو معلون معلون ملعون، فقد لعن الله المحلل والمحَلل له.
وأكد أن الزواج الشرعي هو أن يكون بشهود ومهر وبإعلام وبتأبيد وغير مشروط بمدة معينة، محذرا الشباب من نشر هذه الثقافة أو الأفعال التي يحاول هذا الشخص إعلانها وترويجها في المجتمع، فالمجتمع المصري آمن أسريا وشرعيا وفيه علماء ويجب استشارة العلماء قبل أي شيء.
رد الإفتاء
وعن الزواج بشَرْط التحليل، قالت دار الإفتاء في فتوى لها، أن زواج المرأة المَبْتوتة –أي: المطلقة ثلاثًا- لكي تحل للزوج الأَوَّل، -وهو ما يُعْرَف بـ(الزواج بشَرْط التحليل)- حرامٌ شرعًا باتفاق الفقهاء؛ فقد روي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنَّه لَعَن المُحَلِّل والمُحَلَّل له» (أخرجه الترمذي)، واللعن إنما يكون على ذنبٍ كبيرٍ.
واستشهدت الإفتاء بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّه سُئِل عن تحليل المرأة لزوجها؛ فقال: «ذاك السِّفَاح» (رواه البيهقي). والسِّفَاح؛ أي: الزنا.
الأزهر يوضح حكم زواج المحلل
وفي فتوى سابقة له، ورد إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف سؤالا عن حكم الزواج ليوم واحد بغرض التحليل، فقالت السائلة "تم طلاقي طلاقًا بائنًا بينونة كبري، وقمت بالاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يعقد عليَّ لمدة يوم، ويطلقني حتى أعود للزوج الأول، وتم تنفيذ ما اتفقنا، وبالفعل عقد عليَّ وطلقني، ولـم يدخل بي، ولـم يحدث بيننا خلـوة شرعيـة ثـم طلقنـي وعدت بعدهـا إلـى زوجـي الأول الـذي طلقنـي ثلاث طلقـات بعقـد جديد فهل هـذا العقد كان صحيحًا؟ وهل كان رجوعي إلـى الزوج الأول كـان صحيحًـا أيضًا؟ .
وأكدت اللجنة أنه إذا طلق الزوج زوجته ثلاث تطليقات، فقد بانت منه بينونة كبرى؛ فلا يملك مراجعتها لا في عدتها ولا بعد انتهائها؛ إلا إذا انقضت عدتُها، فتزوجت زوجًا آخر، ودخل بها، ثم طلقها، ثم انتهت عدَّتها منه، فيحل للزوج الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين، وتعود إليه بثلاث طلقات جديدة؛ لقوله – تعالى- : {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [البقرة: 229]، ثم قال سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }. [البقرة: 230].
شروط الزواج
وأوضحت اللجنة أنه يشترط في النكاح الذي يحصل به التحليل للزوج الأول ما يلي:
الشرط الأول: أن يكون نكاحًا صحيحًا مستوفياً أركان انعقاد عقد الزواج وشروط صحته، فلو كان العقد فاسدًا - كالنكاح دون شهود أو نكاح المتعة- لم يحصل به التحليل وإن دخل بها؛ لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة، ومطلق النكاح ينصرف إلى ما هو نكاح حقيقة على الراجح من أقوال الفقهاء .
الشرط الثاني: أن يدخل بها الزوج الثاني دخولا حقيقيًا: فلا يكفي مجرد العقد الصحيح دون الدخول؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ القُرَظِيِّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي، فَأَبَتَّ طَلاَقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لاَ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». متفق عليه
الشرط الثالث : أن يكون النكاح الثاني بنية استدامة العشرة بينهما، وخاليًا من التأقيت والتحليل ؛ لأن الأصل في عقد الزواج في الشريعة الديمومة والاستمرار، ويظهر هذا واضحاً من خلال تحريم الإسلام لكل زواج مؤقت، فقال الإمام النووي – رحمه الله - : [النكاح المؤقت باطل، سواء قيد بمدة مجهولة أو معلومة، وهو نكاح المتعة] روضة الطالبين 2/ 42.
وأكدت اللجنة أنه بناء على ما سبق، فما ذكر في محل السؤال زواج باطل لا يحل؛ لأنه كان بنية التحليل، ولم يحدث فيه دخول، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :{ ألا أخبركم بالتيس المستعار"؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال "هو المحلل، لعن اللَّه المحلل والمحلل له} رواه ابن ماجة والحاكم.
كما أنه اشتمل على التأقيت الذي يبطله، وقال الإمام الخرقي – رحمه الله - : {ولو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه، لم ينعقد النكاح] المغني 7/ 180، وبالتالي لا تحل السائلة بهذا الزواج لزوجها الأول؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل.