رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الذكرى الـ123 لميلاد رائد المسرح الذهني توفيق الحكيم

9-10-2021 | 12:27


توفيق الحكيم

عبدالله مسعد

تمر اليوم الذكرى الـ123 لميلاد الأديب الكبير توفيق الحكيم، حيث ولد في 9 أكتوبر 1898، وهو أحد رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، وهو ابن الطبقة الثرية الذي انسلخت أعماله منها لتنفذ إلى عمق الطبقات الاجتماعية المصرية وتعبر عنها بجلاء.

ولد حسين توفيق إسماعيل الحكيم في مثل هذا اليوم لأب من أثرياء مدينة الإسكندرية وأم من أصول تركية، نشأ الحكيم في عزبة والده القاضي بالبحيرة، في بيئة شبه منعزلة كان فيها الأثر الأكبر على حياته لأمه التي طالما حاولت عزله عن البيئة المحيطة به، مّا أدى لاحقاً إلى تعزيز الانطوائيّة في شخصيته، لكنه أظهر منذ صغره ولعه بالآداب، حيث بدأ بارتياد المسارح وحضور العروض المسرحية لا سيما عروض جورج أبيض.


عاش مع الحكيم والده في مزرعة تقع فى محافظة البحيرة على طريق مدينة دمنهور، كما أن والديه كانا من أصول مختلفة، وربما اعتبر هذا سببًا في التقلبات التى مر بها توفيق؛ فكانت أمه تحاول دائمًا إخراجه من القالب الذى يعيش فيه وبشكل لا يناسب ليونة ذِهنه كطفل، فانتقل من حالة النشاط والحيوية التي يصحبها الذهن المرن والفكر الخيالي اللذين يواكبان العقل إلى حالة الانعزال والانغلاق على نفسه؛ ليكوّن بعدها شخصيّة ذاتيّة له.


عاصر الحربين العالميتين 1914 – 1939، وعاصر عمالقة الأدب فى تلك الفترة مثل مصطفى صادق الرافعى وطه حسين والعقاد وأحمد أمين وسلامة موسى، وعمالقة الشعر مثل أحمد شوقى وحافظ إبراهيم، وعمالقة الموسيقى مثل سيد درويش وزكريا أحمد والقصبجي، وعمالقة المسرح المصرى مثل جورج أبيض ويوسف وهبى والريحاني. 

 

كما عاصر فترة انحطاط الثقافة المصرية في الفترة الممتدة بين الحرب العالمية الثانية وقيام ثورة يوليو 1939 - 1952. هذه المرحلة التى وصفها فى مقال له بصحيفة أخبار اليوم بالعصر "الشكوكي"، وذلك نسبة محمود شكوكو.


وشهد عام 1933 نشر أول مسرحية فلسفية للحكيم بعنوان "أهل الكهف" وهى قصة مستوحاة من القرآن، وكانت هذه المسرحية البداية للعديد من المسرحيات التى أصبحت أساسًا كلاسيكيًا للأدب العربى الحديث.


سمى تياره المسرحى بالمسرح الذهنى لصعوبة تجسيده فى عمل مسرحى وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيداً حيث قال فى إحدى اللقاءات الصحفية : "إنى اليوم أقيم مسرحى داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك فى المطلق من المعانى مرتدية أثواب الرموز، لهذا اتسعت الهوة بينى وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة. 


حصل فى الحكيم عام 1958 على قلادة الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر لمساهماته المختلفة وخاصةً عن عمله المميز "عودة الروح" الذى يعتقد أنّه ألهم عبد الناصر نفسه إضافةً إلى الجيل بأكمله، حيث كانت تحمل رموزًا مختلفة تعود إلى مصر القديمة وأمجادها الخالدة التى عمل عبد الناصر على إحيائها.


وحصل فى عام 1962 على جائزة الدولة التقديرية لإخلاصه للفن وبشكلٍ خاص الدراما، بالإضافة إلى إشعاله الروح القومية من خلال كتاباته الدرامية، إخلاصه لحركة التطور الاجتماعي، واهتمامه العميق بإنهاء كافة مظاهر الظلم والفساد.


وقال عنه نجيب محفوظ في احد حواراته الصحفية حين سُئل عن "التراث" عند الحكيم وإلى أي درجة نجح في توظيفه توظيفا معاصرا، كان الحكيم يمتاز بذكاء نادر وثقافة موسوعية مكنته من التقاط الجزئيات التي لا ينتبه كثيرون إليها سواء في التراث أو التاريخ أو الحياة، فمثلا تجده في مسرحية "أهل الكهف" يصور لك الناس الذين خرجوا من الكهف، فاكتشفوا أن عملتهم ليست متداولة. ورغم أنها أسطورة قديمة، ومذكورة في القرآن، ومعروفة لنا جميعا، إلا أن الحكيم استطاع بموهبته أن يلتقطها ليخاطب بها مصر الحديثة، ووظفها توظيفا معاصرا، لأن عينه كانت على الحاضر دائما، حتى أن "إيزيس" انقلبت عنده إلى ما بشبه ثورة شعبية، وأيضا "السلطان الحائر" رغم أنها حادثة تاريخية صغيرة إلا أن الحكيم استطاع أن يستخرج منها معنى من أجمل المعاني وأبلغها.

واضاف نجيب عن الحكيم قائلا: أنا شخصيا أعتبرها في قمة ومقدمة مسرحياته، ويصح أن نضعها عنوانا للمسرح الحديث، كما يرى صاحب الثلاثية أن الحكيم كان من جيل موسوعي أثرى الحياة الثقافية والأدبية والفنية بإعطاء أمثلة في كل شيء، وحين تخصص كان للفن كله، مسرح، رواية، قصة قصيرة، لكن كان عليه أن يستقر بعد عناء الرحلة في بيته، في المسرح، ولن ننسى للحكيم أنه الكاتب الأول الذي جعل الدولة تحترم الفن والأدب وتخصص لهما ما يسمى بـ "التفرغ".


ومن مؤلفات توفيق الحكيم: أهل الكهف، وشهرزاد، وعهد الشيطان، وسليمان الحكيم، والملك أوديب، وبجماليون، ورحلة إلى الغد، ودقت الساعة، وإيزيس، والحب العذري، ولعبة الموت، وشمس النهار، ومصير صرصار، والحمير، ومن قصصه ورواياته: القصر المسحور، وعودة الروح، وعصفور من الشرق، وليلة الزفاف، ويوميات نائب في الأرياف، والرباط المقدس، وعصا الحكيم.


كما ان له عدد من الأعمال التي تحولت لأعمال سينمائية منها: رصاصة في القلب، الرباط المقدس، الأيدي الناعمة، ليلة زفاف، يوميات نائب في الأرياف، عصفور الشرق.