أنور وجدي.. أيقونة عصره وفتى السينما الأول
شاب وسيم خفيف الظل وأيقونة عصره، لم يكن الطريق أمامه مفروشا أمامه بالورود بدأ كومبارس صغير حتى وصل إلي قمة نجوميته، وبات أحد أهم رواد السينما المصرية وأحد أكبر صناعها، هو فنان شامل ممثل ومخرج ومنتج ومؤلف وظاهرة استثنائية وعبقرية فنية تستحق التأمل، وقفت أمامه أهم نجمات السينما وكبار المطربات، هو "الطيار وحيد" في "غزل البنات" و"الضابط أحمد يسري" الذي يطارد عصابة "ريا وسكينة" و"حسن الهلالي" في "أمير الانتقام" هو فتى السينما الأول الفنان أنور وجدي.
ولد أنور يحيى الفتال، في 11 أكتوبر 1901، لأسرة سورية كانت تعمل في تجارة الأقمشة في حلب تعرضت للإفلاس وعانت من الفقر، لتنتقل إلي القاهرة وتقيم في حي الظاهر، درس "أنور" بمدرسة الفرير الفرنسية، ولكنه ترك دراسته ليتجه إلي الفن، ما دفع والده لطرده من المنزل إذ كان يريد أن يتلقى نجله تعليماً راقياً، ولكنه كان مغرماً بالتمثيل، وجد ضالته في شارع عماد الدين يقف بالساعات أمام مسرح فرقة رمسيس في انتظار يوسف وهبي، أملاً في أن يضمه إلي فرقته.
نجحت وساطة قاسم وجدي ريجيسير فرقة رمسيس ووافق يوسف وهبي أن يعمل معه "أنور" الذي أخذ الأسم الثاني من قاسم وجدي وأطلق على نفسه "أنور وجدي" وكانت مهمته تسليم الأوردرات للفنانين، لم يتسلل اليأس يوما إلي قلبه يعمل ليل نهار حتى حصل على أدوار صامتة في عروض الفرقة المسرحية، ثم كومبارس متكلم، وكان الظهور الأول له في مسرحية "يوليوس قيصر" 1922، ومع ظهور السينما شارك "وجدي" بالتمثيل في الفيلم الصامت"جناية نصف الليل" 1930، وبعده في أول فيلم ناطق "أولاد الذوات" 1932، ثم فيلم "الدفاع" 1935 مع يوسف وهبي.
وتوالت أفلامه وشارك في فيلم "الحل الأخير" 1937، بينما في 1939 شارك في 5 أفلام دفعة واحدة هي "العزيمة، بائعة التفاح، خلف الحبايب، الدكتور، أجنحة الصحراء"، بداية الاربعينيات شارك في العديد من الأفلام وحصره المخرجين في أدوار الشاب الثري المستهتر في عدة أفلام أبرزها " انتصار الشباب، ليلى بنت الريف، الستات في خطر، ليلى في الظلام"، حتى تصدرت صورته أفيش فيلم "كدب في كدب" مع ببا عز الدين وكانت أولى بطولاته المطلقة.
كوَّن شركة "الأفلام المتحدة" للإنتاج السينمائي، وقدم أول فيلم من إنتاجه وتأليفه وإخراجه وهو "ليلي بنت الفقراء" 1945، مع الفنانة ليلى مراد والتي كون معها ثنائياً في عدة أفلام تربعت على عرش الأفلام الرومانسية أبرزها "ليلى بنت الأغنياء، عنبر، قلبي دليلي، الهوى والشباب، غزل البنات".
في تلك الفترة وقف أمام كبار المطربات في عدة أفلام أبرزهن أم كلثوم في "فاطمة" وصباح في "القلب له واحد" ورجاء في فيلم "رجاء"، ومع بداية الخمسينيات اكتشف الطفلة المعجزة فيروز وراهن عليها بعين المنتج ولم يتردد في إنتاج عدة أفلام لها حققت نجاحاً كبيراً وكانت البداية مع "ياسمين" وبعده "دهب" و"فيروز هانم".
بات النجاح يطارده مع ليلى مراد وقدم مع فيلمين في تلك الفترة "بنت الأكابر" و"حبيب الروح" ومن أبرز أفلامه "أمير الانتقام" والذي لاقى شهرة ونجاح كبير، و "ريا وسكينة، النمر، الوحش" وكانت أخر أفلامه "أربع بنات وضابط" بعد أن عرف المرض طريقه وهو في عز شهرته.
تزوج أنور وجدي من الفنانة ليلى مراد واستغل تصوير المشهد الأخير من فيلم "ليلى بنت الفقراء"، وهي ترتدي الفستان الأبيض وتزوجها في الحقيقة، ولكن الغيرة الفنية وعقد الاحتكار الذي وقعه معها أفسد العلاقة الزوجية بينهما ووقع الطلاق بينهما أكثر من مرة وبعد 8 سنوات تم الانفصال، ثم تزوج من الفنانة ليلى فوزي ولكن لم يستمر الزواج سوى 9 شهور.
كان "وجدي" يعاني من مرض الكلى ولكن اشتد عليه المرض في أيامه الأخيرة، تقول الفنانة ليلى فوزي في حوار لها مع صفاء أبو السعود "فوجئت بمرضه بعد زواجي منه ووالده وشقيقاته البنات ماتوا بنفس المرض، وسافرت معه إلي السويد وهناك أجرى غسيل كلى ولكنه توفى" كان "وجدي" يخطط لأفلام ينوي إنتاجها ولكن كان الموت أقرب له من النجاة من مرض الكلى وعاد مع زوجته ليلى فوزي من السويد في تابوت ليرحل عن عالمنا في 14 مايو 1955، عن عمر ناهز 51 عامًا، رحل أنور وجدي وبقت أفلامه شاهدة على موهبته وتفرده وحبه للسينما التي عشقها حتى النفس الأخير.