رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السيسى يحارب الإرهاب نيابة عن العالم

31-5-2017 | 13:24


بقلم : خالد ناجح

طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى مجموعة من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات فى كيفية مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره التى تتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية، لمقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية.. وهنا يكون السؤال الحقيقى الذى يحتاج لمعالجة جادة وصريحة هو: كيف يمكن تفعيل هذه المقاربة الشاملة على أرض الواقع ووفق أى أساس؟

إن خطر الإرهاب يمثل تهديداً جسيماً لشعوب العالم أجمع ومنذ زمن بعيد و الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب واضحة لا لبس فيها.

 

وهذه الرؤية «تضمن مواجهة كافة المنظمات الإرهابية دون انتقائية أو اقتصارها على مسرح عمليات واحد دون آخر»، ولابد أن تتم المواجهة بشكل شامل ومتزامن، فالمواجهة الشاملة تتطلب أيضاً مواجهة مصادر التمويل ووقف الدعم السياسى والمادى والأيديولوجى، فالمعركة ضد الإرهاب هى معركة فكرية بامتياز.

الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد أكثر من مرة أن مصر لن تتردد فى ضرب معسكرات الإرهابيين فى الداخل والخارج، مصر بالفعل لديها إصرار على مواصلة الحرب على الإرهاب التى بدأتها نيابة عن العالم عندما عرف الرئيس فى مؤتمر الرياض إن الحديث عن التصدى للإرهاب على نحو شامل يعنى مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، فلا مجال لاختزال المواجهة فى تنظيم أو اثنين ، فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية، تجمعها روابط متعددة فى معظم أنحاء العالم تشمل الأيديولوجية، والتمويل، والتنسيق العسكرى والمعلوماتى والأمنى، وإنما يقتضى النجاح فى استئصال خطر الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن على جميع الجبهات.

مصر تخوض يومياً حرباً ضروساً ضد التنظيمات الإرهابية فى شمال سيناء، وتحقق فيها انتصارات مستمرة وتقدماً بحيث يتم استئصال الإرهاب بأقل خسائر ممكنة مع الحفاظ على أرواح المدنيين من أبناء سيناء.

وأشار الرئيس إلى أن معركتنا هى جزءٌ من الحرب العالمية ضد الإرهاب ونحن ملتزمون بهزيمة التنظيمات الإرهابية، وحريصون على مد يد العون والشراكة لكل حلفائنا فى المعركة ضد تلك التنظيمات فى كل مكان.

وحدد الرئيس سبل المواجهة الشاملة مع الإرهاب التى تبدأ بالتمويل والتسليح مرورا بالدعم السياسى والأيديولوجى.

كلمة الرئيس السيسى التى أعلن فيها عن ضربات نسور الجو المصرية لقواعد تدريب للإرهابيين فى ليبيا أجابت على تساؤلات عديدة، كانت تجول فى خاطرى وخاطر المواطن المصرى، خاصة أنه من حق مصر الدفاع عن نفسها من خلال مواجهة الجماعات الإرهابية التى توجد فى دول الجوار، مثل ليبيا والسودان وغيرها من الدول الأخرى.

الجماعات الإرهابية تستهدف الدولة المصرية خلال المناسبات الدينية من أجل إحداث فتنة وضرب الوحدة الوطنية، والرئيس كان رده قويا ورسالته واضحة من أنه سيواجه أى خطر خارجى يستهدف إسقاط الدولة المصرية، وعلى ذلك يجب على الدولة أن تبادر بمواجهة الإرهاب، ولا تنتظر أن تحدث عمليات إرهابية حتى تتحرك القوات.

أنه يجب تأمين البوابات الشرقية والغربية والجنوبية، لأن الدولة المصرية محاصرة من كافة الاتجاهات من قبل الدول التى ترعى الإرهاب وتقف معه.

لكن أيضا فى القمة المصرية الأمريكية طرح الرئيس أسئلة من نوعية أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين؟؟ وأين يتم علاج المصابين منهم؟؟ و مَن الذى يشترى منهم الموارد الطبيعية التى يسيطرون عليها كالبترول مثلاً؟ مَن الذى يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟

خلال السنوات القليلة الماضية قدمت مصر نموذجاً تاريخياً لاستعادة مؤسسات دولتها الوطنية بشكل سلمى وحضارى عن طريق تفعيل الإرادة الشعبية التى رفضت جميع محاولات اختطاف الدولة المصرية.

مصر ترى أن كل من يوفر الملاذ للإرهابيين أو يدعمهم ماليا أو معلوماتيآ فهو شريكٌ فى الإرهاب بل قالها الرئيس صراحة أن دولآ تورطت فى دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم، كما أن هناك دولاً تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب سواء على أراضيها أو من مروا خلالها ووفرت لهم التدريب اللازم.

فى الوقت الذى وقفت فيه مصر بمفردها تحارب الإرهاب كانت الإدارة الأمريكية فى عهد أوباما تأخذ الجانب الآخر من الحرب وتلتقى الإخوان فى البيت الأبيض والخارجية، بل وتمنع السلاح من الجيش المصرى إلى أن جاء تراميب إلى البيت الأبيض فى معجزة لكى تتغير المعادلة ففى أول لقاء بينهم أكد الرئيس الأميركى دونالد ترامب، خلال لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، أن التعاون العسكرى مع مصر سيكون أكبر من أى وقت مضى.

وأكد مساندته للسيسى، قائلاً: إن الرئيس السيسى قام بالكثير من الأشياء الرائعة فى وقت صعب للغاية، وأميركا تدعم مصر وشعبها، وهى ترى أنها داعم قوى لمصر.

وقال ترامب، فى اجتماع بالمكتب البيضاوى مع السيسى، “أود فقط أن يعلم الجميع، إن كان هناك أدنى شك، أننا نقف بقوة خلف الرئيس السيسى. لقد أدى عملا رائعا فى موقف صعب للغاية. نحن نقف وراء مصر وشعب مصر بقوة”.

ولكن ليس من المتصور أن تعارض أى دولة اتباع سياسة حازمة ضد الإرهاب، واتخاذ الإجراءات الحاسمة ضد من يمارسونه، أما أن إرساء أسس وقواعد واضحة لمكافحة الإرهاب على المستوى الدولى يسبغ على تلك الإجراءات شرعية دولية واسعة وقبولاً واسعاً من المجتمع الدولى كله.ومن هنا يتضح أهمية عقد قمة دولية لمواجهة ظاهرة الإرهاب، تحت رعاية الأمم المتحدة فى إطار موضوعى وزمني، يتم التوافق حوله ويستهدف تقنين تعامل المجتمع الدولى بصورة جماعية ومنظمة مع الإرهاب بجميع صوره وأشكاله وبمختلف أبعاده، ووضع الضوابط اللازمة لمواجهته وردعه.

أدت حالة انهيار الدولة فى بعض بلاد الربيع العربى إلى إيجاد بيئة مواتية لنمو تنظيمات إرهابية، وقيامها بالعديد من العمليات داخل تلك البلاد وخارجها، مما أدى إلى تركيز الأجندة الدولية وتفاعلات مجلس الأمن على مواجهة تلك الظاهرة.

وقد أصدر المجلس العديد من القرارات التى تعالج ظاهرة الإرهاب، واتسمت بأنها إما تتناول أفعال التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” أو غيره، أو تتناول الأوضاع المتدهورة فى دول الربيع العربى مثل سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، وإدانة الأفعال الإرهابية بها، أو اتخاذ إجراءات جماعية دولية بشأن الظاهرة الإرهابية، ومنها التحالف الدولى لمواجهة تنظيم “داعش” فى سوريا والعراق.

ويتسم القرار ٢٢٥٣ بأنه من أكثر القرارات الدولية وضوحا فى محاربة الإرهاب. إلا أنه تنقصه آليات التنفيذ والتطبيق الملزمة للدول. كما أنه لم يضع قواعد واضحة للمحاسبة والعقوبات الواجبة على الدول التى تتملص من تنفيذه. كما أن القرار ينقصه الوضوح حول المنظمات، والأفراد، والمؤسسات، والكيانات التى ترتبط بتنظيمى “داعش” و”القاعدة”، مما يدفع بعض الدول لتفسيره حسب مصالحها وأهوائها فى تصنيف هذه المنظمة أو تلك، وبالتالى يمكن أن يتحول إلى سيف يسلط ضد بعض الأفراد، والجماعات، والمؤسسات، والكيانات، دون سواها.

إن الدعوة لعقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب المنظم تحت إشراف الأمم المتحدة، تهدف إلى وضع استراتيجية دولية ترمى إلى اتخاذ جميع تدابير الوقاية والمكافحة، وإلى وضع الإجراءات اللازمة للمواجهة بفاعلية، بما فى ذلك مصادر تمويله والشبكات الفرعية المنتشرة للمنظمات الإرهابية عبر الدول، وآثاره المدمرة على الأمن والسلم الدوليين، ومن مهام مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب أيضاً، إرساء معايير وقواعد واضحة تكفل التصدى لظاهرة الإرهاب، ومنها المبادرات التى استحدثتها الأمم المتحدة فى مجال مكافحة الإرهاب، وفى مقدمتها الاتفاقيات والقرارات الدولية التى أدت إلى أن الإرهاب أحد العناصر التى تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، كما تضمنت حث الدول على اتخاذ تدابير فعالة وحازمة وفقاً لأحكام القانون الدولى ذات الصلة، والمعايير الدولية لحقوق الإنسان من أجل القضاء على الإرهاب الدولى، إلا أن هذه الاتفاقيات والقرارات بحاجة إلى إطار متناسق ، لتعكس تضافر جهد المجتمع الدولى فى التصدى لظاهرة الإرهاب ومحاصرتها وحرمانها المأوى والملاذ والتمويل ولقد كان لفشل المجتمع الدولى فى إبرام اتفاقية شاملة حول الإرهاب الأثر فى تركيز الدول جهودها فى نطاق الأمم المتحدة، للتوصل إلى اتفاقيات نمطية تكافح أشكال الإرهاب المختلفة التى تهدد المجتمع الدولى فلا أمل سوى فى عقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب، تنبثق عنه اتفاقية دولية تلزم الجميع بتنفيذ بنودها، وبغير ذلك سوف يتعرض العالم كله للعديد من الكوارث يتعذر فيها التفرقة بين الضحية والجلاد والارتباط بين مكافحة الإرهاب الدولى وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، يعد أساساً قانونياً سليماً وخطوة على الطريق الصحيح لعقد المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب، بعيداً عن اختلاف وجهات النظر السياسية للدول فى هذا الشأن، ومثال ذلك إيواء بعض الدول لعناصر إرهابية دولية بزعم حق اللجوء السياسى لهم، ووجود مساعدات لتلك العناصر فى دول أخرى بزعم احترام الحقوق السياسية وحماية الديمقراطية إن الإرهاب المنظم جريمة دولية لا تستطيع دولة واحدة مكافحته ولكن لابد من تكاتف كل الدول، وإن لم يسرع المجتمع الدولى لمكافحـته ستكتوى بناره كل الدول، حيث إن كثيراً من الإرهابيين قد اقتربوا من استخدام أسلحة الدمار الشامل فى جرائمهم الإرهابية، وعليه فلم يعد أمام المجتمع الدولى إلا السعى الجاد نحو عقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب المنظم، خاصة بعد أن أصبح من الظواهر التى تتعدى حدود الدولة ولا يخص شعباً بعينه، بل أصبح من السلوك المؤثر الذى يصيب كل الشعوب. ولاشك أن الوقت قد حان للتغلب على أهم عقبة تحول دون نجاح جهود المكافحة الدولية، وهى عدم وجود إطار موحد ينظم جهود المكافحة، ويمكن من خلاله عقد اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب، على غرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

لكن الافت للنظر أن هناك اختلافا بين الدول الكبرى حول تصنيف الجماعات والحركات المتشددة فيما إذا كانت إرهابية أم لا، كما حدث فى التنظيمات العديدة فى سوريا، حيث صنفت روسيا حركة “جيش الإسلام” كتنظيم إرهابى، بينما رأت دول أخرى عدم ضمه للجماعات الإرهابية، وهذا يعكس غلبة الجانب السياسى على القانونى. وبالتالى، فإن مصطلح الإرهاب الدولى يقبل تفسيرات متنوعة تختلف باختلاف المفاهيم الفلسفية، والسياسية، والاجتماعية.