الأوقاف ومبادرة حق الطفل.. تطبيق للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
د. رانيا أبو الخير,
في خطوة رائدة ومتميزة لوزارة الأوقاف المصرية، وفى أول تطبيق عملى للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسى في سبتمبر الماضى، أطلقت الوزارة مبادرة حق الطفل في الوعى كمبادرة تثقيفية لبناء هذا الوعى، مؤكدة على أن حقوق الطفل لا تقف عند حدود الغذاء الصحى أو التعليم أو الرياضة فحسب، بل تشمل جوانب أخرى لا تقل أهمية عن هذه الجوانب.
والحقيقة أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في بندها الثانى في محورها الرابع والمتعلق بحقوق الطفل، كانت قد أشارت إلى أن التحدى الأول الذى رصدته هو الحاجة إلى رفع الوعى بحقوق الطفل، مع التأكيد على أهمية ترسيخ مبدأ المصلحة الفضلى للطفل عند كافة الجهات، وهو ما أدركته وزارة الأوقاف في إطلاق مثل هذه المبادرة من خلال إصدارات أطلقت عليه "رؤية للنشء" تستهدف تربية أطفالنا على القيم والأخلاق والثقافة الرشيدة التي تناسب مرحلتهم العمرية، على أن يتم تنفيذ هذه المبادرة كخطوة أولى من خلال 100 مسجد تتوافر بها أماكن مناسبة تتمثل في دور المناسبات التابعة لها، مع تأكيدها على مراعاة الإجراءات الاحترازية.
ولا شك أن هذه المبادرة التي تعكس وعيا لدى وزارة الأوقاف بأمرين مهمين: الأول، أن مكانة المسجد ودوره يجب ان يُنظر إليه من جانب المجتمع نظرة مختلفة، فدوره ليس قاصرا على أداء الشعائر الدينية فحسب، بل يمثل مدرسة توعوية لبناء أجيال المستقبل بدلا من تلك الصورة التي رسخت في بعض الأذهان عن أنه كان في مرحلة معينة مفرخة لجماعات التطرف والإرهاب، في حين أن دوره الحقيقى هو دور توعوى تنموى كما كان في عهد الدولة الإسلامية الأولى، شريطة أن يكون أداؤه لهذا الدور تحت رعاية الدولة ومسئوليتها بعيدا عن خفافيش الظلام. أما الامر الثانى، أن الوزارة أدركت أنه من الأهمية بمكان تعظيم الاستفادة من دور المناسبات الملحقة بالمساجد، من خلال الاستعانة بها لبناء وعيا صحيحا لدى الأطفال وتحصينهم من وقوعهم في براثن خطابات دينية مضللة تحاول جماعات التطرف والإرهاب تسويقها لهم وغرسها في أذهانهم.
خلاصة القول إن بناء المستقبل يجب أن يرتكز على بناء رجاله المؤهلين لتحمل المسئولية وفق أسس صحيحة ومنطلقات سليمة.