بقلم : أمل مبروك
يونس عليه السلام نبى الله تعالى إلى أهل نينوى من أرض الموصل بالعراق، دعاهم كغيره من الأنبياء والرسل إلى عبادة الله الواحد الأحد.. لكنهم أصروا على الكفر والطغيان، فتوعدهم يونس بالعذاب وخرج من بلدتهم غضبان أسفا قبل أن يأمره الله تعالى بالخروج معتقدا أنه فعل الصواب وأن الله لن يعاقبه على سرعة غضبه ويأسه من قومه، اتجه إلى الشاطئ وركب سفينة، بينما كان عدد كبير من قومه قد تحققوا من صدق ما يدعوهم إليه.. ولما علموا أنه تركهم خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم.. ثم تضرعوا إلى اللَّه تعالى أن يغفر لهم ويسامحهم فرفع اللَّه عنهم العذاب، قال سبحانه: "إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين".
أما يونس فقد ارتفع الموج بسفينته إلى الدرجة التى قرر معها الركاب ضرورة تخفيف الحمولة بإلقاء أحدهم منها، واقترعوا فيما بينهم ثلاث مرات فوقعت القرعة فى المرات الثلاثة على يونس.. قال تعالى: "فساهم فكان من المدحضين" فألقى بنفسه فى البحر، فأرسل له الخالق العظيم حوتا كبيرا ابتلعه من دون أن يأكله لتكون بطنه له سجنا، "فنادى فى الظلمات".. والمقصود بالظلمات هنا ما ذكره ابن مسعود رضى الله عنه أنها ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل، هنا استغاث يونس بربه قائلا: "لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين", فأنجاه الرحمن الرحيم: "فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين".
هذه الجملة العظيمة التى دعا بها يونس ربه يؤكد كل علماء المسلمين أن بها اعترافين كبيرين الأول هو: الاعتراف بألوهية الله تعالى ووحدانيته، والثانى هو: الاعتراف بالذنب والتقصير والخطأ، والأول يدل على تمام العبودية لله رب العالمين، ويدل الثانى على قوة الإيمان والرغبة فى العودة إلى طريق الصواب بالتنازل عن الغرور والتوقف عن التمادى فى العصيان.
فتدبروا يرحمكم الله تعالى قوة الدعاء، فالاعتراف بالظلم ثم اتباعه بتوبة وندم ثم إقلاع عنه هو لا شك سبب للمغفرة وخروج من الأثر السيئ للظلم والخطأ فى حق الآخرين وإغضاب الله تعالى، وهو أيضا باب من أبواب الرحمة والسعادة وإجابة الدعاء.