رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حماقة نتنياهو تهدد بإشعال فتيل الحرب الأهلية


4-4-2025 | 23:16

.

طباعة
تقرير : دعاء رفعت

«أخطر عدو لإسرائيل هو بنيامين نتنياهو»، هكذا وصف آلاف الإسرائيليين ما آلت إليه دولة الاحتلال خلال تظاهرات حاشدة فى ساحة هابيما بتل أبيب، طالبت بوقف الحرب فى غزة واستعادة الأسرى بموجب اتفاق وقف لإطلاق النار، فيما ندد المتظاهرون بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلى بإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، والذى تسبب فى دعاوى المعارضة الإسرائيلية بإغلاق الدولة بأكملها بإضراب عام مخطط له الأسبوع القادم.

دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إلى إضراب عام إذا رفض نتنياهو الانصياع لقرار المحكمة العليا بتجميد إقالة رئيس الشاباك، وصرح بأنهم سيغلقون البلد بأكمله، فيما ندد المتظاهرون بما يرونه تحولًا استبداديًا من جانب نتنياهو، الذى يعقد اجتماعًا لحكومته لبدء إجراءات عزل النائبة العامة جالى بهاراف ميارا، وهى منتقدة أخرى لرئيس الوزراء.. ومن المقرر أيضًا تنظيم احتجاج ضد إقالة النائب العام يوم الأحد أمام الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وبالقرب من مقر إقامة رئيس الوزراء الخاص فى القدس الغربية.. وتثير استعادة الحرب على غزة فى 18 من مارس الجاري، قلق الإسرائيليين الذين لا يعرفون مصير 24 من الأسرى الذين لا يزالون فى قبضة حماس.. وفيما اتهم نتنياهو المعارضة بإثارة الفتنة والفوضى، وفى حين احتج آلاف فى القدس المحتلة ضد حكومته، واتهموها بتقويض الديمقراطية وعدم الاكتراث بالمحتجزين فى غزة، حذر زعيم معسكر الدولة بينى جانتس من أن إسرائيل على بعد خطوة من حرب أهلية.. وفى تطور جديد انضم جانتس إلى آلاف المحتجين على التشريع القضائي، ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عنه تحذيره من أن إسرائيل على بعد خطوة من حرب أهلية.

وفى تحليله لـ«المصور»، أوضح الدكتور أشرف الشرقاوي، أستاذ الدراسات الإسرائيلية واللغة العبرية، أنه ومنذ عامين تقريبًا، لا يشغل بال رئيس الوزراء الإسرائيلى شيء أكثر من تحويل النظام فى إسرائيل إلى نظام ديكتاتوري، قائم على حكم فرد واحد هو رئيس الوزراء، بحيث يكون الجميع مسخَّرين لخدمته، وتُقاس كفاءتهم بمدى نجاحهم فى ذلك. وربما يكون بعضنا قد نسى ذلك بسبب الحرب على غزة، موضحًا أنه وقبل شهور قليلة من «طوفان الأقصى» كانت الساحة السياسية مليئة بالاحتجاجات اعتراضًا على محاولة تغيير النظام القضائى فى إسرائيل بطريقة تسمح بتغوُّل السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، حتى ظننا أن نتنياهو يوشك على السقوط، لا سيما بعد خروج احتجاجات شارك فيها أكثر من ثلاثمائة ألف متظاهر، وهو رقم كبير للغاية مقارنة بتعداد السكان فى إسرائيل. ثم جاءت عملية «طوفان الأقصى» كطوق نجاة للحكومة ورئيسها.

وأضاف: «كتبتُ وقتها أن الحكومة الإسرائيلية - سواء كانت يمينية أو يسارية - اعتادت على مدى تاريخ وجود إسرائيل السماحَ بحدوث حدث أمنى عند وقوع احتجاجات كبيرة تكاد تخرج عن السيطرة. فالحدث الأمنى يتيح للدولة الإسرائيلية أن تحمّر عينيها للجمهور وتقول له: «كفاكم احتجاجًا، فقد شغلتم الأمن عن الحدود فتسلل الأعداء، تكرر هذا الأمر كثيرًا حتى أصبح معتادًا لدى بعض المتخصصين. توقعتُ أن تترك أجهزة الأمن الإسرائيلية ثغرة أمنية يتسلل منها فدائى أو اثنان، لا يعرفون أنها ثغرة متعمدة، ليقوموا بعملية فدائية تستغلها إسرائيل ضد المظاهرات».

وكشف الشرقاوي، قائلًا: «الثغرة مرّ منها ليس مقاتلًا أو اثنين، وإنما آلاف المقاتلين، فى عملية أطلقوا عليها «طوفان الأقصى». وما أدركته بعد أيام قليلة وكتبت عنه - وأكدته تقارير تتحدث عن تقرير لخمس منظمات تابعة للأمم المتحدة، يسعى الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون والألمان إلى منعه - هو أنه كان هناك اتفاق مسبق بين إسرائيل من ناحية، وبين الولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من ناحية أخرى، على إخلاء غزة من السكان، من خلال تدبير مذابح جماعية ضد المدنيين. وكانت حشود قوات الدول الأربع متمركزة فى البحر المتوسط تنتظر الإشارة، التى لم تتأخر كثيرًا.. وقد يرى البعض أن هذه نظرية مؤامرة، ولكننى أعتقد أن تقرير الأمم المتحدة سيصدر قريبًا، رغم تهديد الولايات المتحدة بالانسحاب من المنظمة الدولية». 

أشار الشرقاوي، إلى أقوال البعض بأن «طوفان الأقصى» هو الذى تسبب فى الحرب، لكن الواقع أن الحرب كانت مُخططًا لها فى هذا التوقيت، ولو لم يستغل الفلسطينيون الثغرة التى تركتها إسرائيل بطريقة فاجأت إسرائيل نفسها، لرتبت إسرائيل ما يبدو أنه تسلل، ثم استكملت عليه. فمن الثابت، وفقًا لتحقيقات الصحافة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلى لاحقًا، أن نسبة كبيرة من القتلى الإسرائيليين سقطوا جراء قصف الطائرات الأباتشى الإسرائيلية للمستوطنات والمواقع العسكرية، فى إطار تنفيذ ما يُعرف بـ»بروتوكول هنيبال»، الذى يقضى بقصف مواطنين إسرائيليين، مدنيين وعسكريين، بحجة أن وقوعهم فى الأسر سيُستخدم كورقة ضغط على إسرائيل. وكان من المؤكد أن إسرائيل ستنفذ هذا السيناريو حتى لو لم يتحرك فلسطينى واحد ضدها.

وأضاف: «ما يهمنى فى الموضوع الآن هو أن الحرب تسببت فى حظر الاحتجاجات لفترة طويلة، إلى أن بدأت أسر الأسرى الإسرائيليين تدرك أن «الجيش» الإسرائيلى يحاول قتل أبنائهم المحتجزين أسرى فى غزة، حتى يتخذ من ذلك مبررًا لاستمرار الإبادة الجماعية للفلسطينيين، فعادت الأسر إلى الاحتجاج فى الشارع. وصحبت عودة الاحتجاجات عودة المطالبة بمحاكمة نتنياهو- الذى كان قد جمّد التعديلات القضائية مؤقتًا بسبب الحرب. وبدأت بالفعل جلسات محاكمته، مما جعله يستشعر الخطر، فسعى إلى إعادة مناقشة قوانين التعديلات القضائية التى ستكفل لرئيس الوزراء، بصفته، حصانة من المساءلة القضائية». 

وتابع الشرقاوي: «جاءت الصدامات مع رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) والمستشارة القانونية للحكومة، وقرار نتنياهو إقالتهما؛ الأول لتعزيزه موقفه الرافض لتشكيل لجنة تحقيق رسمية فى أحداث «طوفان الأقصى»، والثانية لمعارضتها التعديلات القضائية التى تضع المحكمة العليا تحت سلطة السلطة التنفيذية، وتكفل لرئيس الحكومة حصانة من المحاكمة، وتتيح له التغوّل على السلطة القضائية. وما أدهش نتنياهو حقًا هو قرار رئيس «الشاباك» ألا يستسلم، وتهديده وسلفه بكشف المستور، وهو ما دفع رئيس الوزراء إلى تقديم شكوى يتهم أحدهما فيها بابتزازه. لم يذكر أى من الطرفين نوعية الابتزاز، ولكن يبدو واضحًا لى أنهما يهددان بكشف مؤامرة الاتفاق على قتل مواطنين إسرائيليين بهدف الترتيب لإبادة جماعية للفلسطينيين». 

وأوضح الشرقاوى، أنه فيما اختار رئيس «الشاباك» المُقال، رونين بار، مهمة مقدسة لدى الجمهور يُدارى خلفها الحديث عن المؤامرة، وهى الدفاع عن النظام الديمقراطى، قائلًا: «هنا أتساءل: أين وجه الديمقراطية فى رفض رئيس مؤسسة أمنية فاشلة إقالته بسبب إخفاقه الأمنى البحت؟ ويردد رئيس «الشاباك» أنه سيستقيل بعد نهاية الحرب. لماذا بعد نهاية الحرب؟ لأن الاستيلاء على غزة والتطهير العرقى ضد الفلسطينيين سيكونان سببًا فى تجاوز الجمهور عن أى أخطاء، ربما باستثناء الأسر التى فقدت وستفقد أبناءها.. بالطبع خرج الآلاف فى احتجاجات مؤيدة لرئيس الجهاز الأمني، «الذى يدافع عن النظام الديمقراطى»، وللمستشارة القانونية التى تدافع عن استقلال القضاء.وكانت النتيجة هى الكمّ الهائل من الاحتجاجات التى نراها فى الشارع الإسرائيلي، والتى يبدو أن رئيس الوزراء لا يأبه بها، بل يسعى جاهدًا لاعتماد القوانين التى تتيح له الحصانة من المحاكمات، مستفيدًا من الأغلبية البسيطة التى يتمتع بها الائتلاف الحاكم».

أخبار الساعة