وافق مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، وبشكل نهائى على مشروعى القانونين المقدمين من النائب الدكتور عبدالهادى القصبى، حيث يتعلق الأول بتعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014، والقانون رقم 174 لسنة 2020 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، والثانى بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم 141 لسنة 2020، وكذلك على الجداول المرفقة بمشروعى القانونين.
ويهدف التعديل التشريعى إلى تحقيق التمثيل العادل والمتكافئ للسكان والمحافظات وفقا للتطورات والتقسيمات الإدارية المستحدثة للمحافظات، وفى ضوء الإحصائيات المُحدثة المقدمة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والهيئة الوطنية للانتخابات عن عام 2025، حيث تم إدخال تعديلات بسيطة على القوانين الحالية لتحقيق التناسب العادل بين عدد السكان والناخبين من جهة، وعدد النواب الممثلين عنهم من جهة أخرى، وفق معايير منضبطة وواقعية.
وشملت تعديلات قانون مجلس النواب بقاء عدد أعضاء مجلس النواب كما هم، 596 نائبا؛ منهم 28 معينًا و384 منتخبًا بالقائمة و284 منتخبًا بالفردي، حيث تم تخصيص 102 مقعد لكل من دائرتى جنوب ووسط الدلتا وشمال وجنوب الصعيد، بدلًا من 100 مقعد، و40 مقعدا لقائمتى شرق وغرب الدلتا، بدلًا من 42، والإبقاء على عدد الدوائر الفردية كما هى 143 دائرة، وإعادة هيكلة داخلية تمثلت فى إلغاء دائرتين واستحداث اثنتين، كما تمت زيادة قيمة التأمين إلى 30 ألف جنيه للمرشح الفردى بدلًا من 10 آلاف و129 ألفًا للقائمة المخصصة لها 40 مقعدًا، و306 آلاف جنيه للقائمة المخصصة لها 102 مقعد.
وفيما يخص قانون مجلس الشيوخ، تم أيضا الإبقاء على عدد أعضاء مجلس الشيوخ البالغ 300؛ منهم 100 بالتعيين، و100 بالانتخاب بالقائمة، و100 انتخاب بالفرد، حيث تم تخصيص 37 مقعدًا لكل من دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا ودائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد، بدلًا من 35، وتخصيص 13 مقعدًا لكل من دائرة قطاع شرق الدلتا ودائرة قطاع غرب الدلتا، بدلًا من 15، كما تمت زيادة قيمة التأمين ليصبح 30 ألفًا، بدلًا من عشرة آلاف جنيه للمرشح الفردي، و39 ألفًا للقائمة المخصص لها (13) مقعدًا، و111 ألفًا للقائمة المخصص لها (37) مقعدًا، بواقع ثلاثة آلاف جنيـه عـن كـل مترشح بالقائمة.
ومن جانبه، قال المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب: من اللحظات الفارقة فى عمر العمل البرلمانى، تلك التى يُعرض فيها على مجلس النواب تشريعات تمس جوهر الشرعية الديمقراطية، وتعيد رسم خرائط التمثيل النيابى على أسس من الدستور ومعطيات الواقع، وفى هذا الإطار، يأتى عرض مشروعى القانونين المتعلقين بتقسيم الدوائر الانتخابية لمجلسى النواب والشيوخ، لا بوصفهما مجرد تقسيمات فنية أو بيانات جغرافية صماء، بل باعتبارهما تجسيدًا حيًّا لنضج التجربة البرلمانية المصرية، وترجمة صادقة للإرادة العامة فى أنقى صورها، وإعادة تأسيس للعلاقة بين المواطن ومؤسسات الحكم، على نحو يعزز شرعية النظام النيابي، ويؤكد استجابة البرلمان لتحديات اللحظة الوطنية بتوازن دقيق بين صرامة النص وروح الواقع.
وأكد رئيس مجلس النواب، أن تلك التعديلات، ليست مجرد تعديل تشريعي، بل هى خطوة محسوبة فى بناء استقرار النظام النيابي، وترسيخ قواعد التمثيل الرشيد، وإعلاء لقيمة الانسجام بين مقتضيات الدستور وضرورات الواقع، بما يعزز ثقة المواطن فى مؤسسة اختارها بإرادته الحرة لتكون لسانه وصوته، مؤكدًا أن الانتخابات النيابية المقبلة ستتم تحت إشراف عضو من أعضاء الهيئات القضائية، على كل صندوق انتخابى، بما يضمن الشفافية الكاملة فى كافة مراحل الاقتراع والفرز، ويرسخ ثقة المواطنين فى سلامة العملية الانتخابية وحيادها.
من ناحيته، قال النائب حسام الخولى، نائب رئيس حزب مستقبل وطن، وممثل الأغلبية البرلمانية بمجلس الشيوخ: كان من اللافت للنظر أن يقود حزب مستقبل وطن، كحزب سياسى تلك المهمة بمشاركة أحزاب أخرى، حيث تنحّت الحكومة جنبًا لتتولى القوى السياسية تبنى القانون، فى سابقة لم تكن موجودة.
وأضاف «الخولى»: ليس هناك تغيير فى القانون فيما يخص نسبة القائمة والفردي، لكن ما حدث يتعلق بتعديل فى بعض الدوائر، وهو غير متعلق بالسياسة أو بالحكومة أو الأحزاب، لكنه تطبيق للدستور والقانون، المتمثل فى مراعاة الوزن النسبى الناخبين، وعدد السكان، ومن المهم أن يعى المواطن جيدًا أن عملية قيد الناخبين تتم تلقائيا لكل مواطن عندما يبلغ 18 سنة، مما يعنى أنه كل عام سنجد أعدادًا جديدة فى كل محافظة، وفى كل مركز وفى كل مدينة، تتم إضافتها، وهو ما يتغير معه التمثيل النسبى لعدد السكان، كل 5 سنوات، مما يعنى ذلك، أن تلك التعديلات ستصبح بشكل دورى قبل كل فصل تشريعى جديدة، لكون ذلك عملية حسابية بحتة بعيدة عن السياسة والحكومة.
نائب رئيس حزب مستقبل وطن، أكد أن «الدستور حاكم فيما يتعلق بمسألة القائمة المغلقة، لضرورة تمثيل الفئات السبع المنصوص عليها فيه، وهو ما يصبح من المستحيل تطبيقه فى ظل قائمة نسبية، وبالتالى لن يمكن الأخذ بنظام القائمة النسبية، إلا بعدما تتمكن الفئات الواردة فى الدستور، من المشاركة فى الانتخابات بعيدًا عن الضمانات الدستورية والدعم المجتمعى لها»، موضحًا أن «حزب مستقبل وطن لم يطالب أو يعترض، فيما يخص زيادة مقاعد البرلمان، خلال جلسات الحوار الوطني، حيث كنت ممثل الحزب فى تلك الجلسات، إنما اعترضنا على المطالبة بزيادة عدد المقاعد على أساس عدد السكان، فهل من المنطقى زيادة العدد كلما زاد عدد السكان، وهو ما يصعب تحقيقه»، ومشيرًا إلى إمكانية تحقيق ذلك فى المستقبل، بعد زيادة عدد السكان فى المناطق الجديدة والتى وقتها سيتطلب ضرورة تمثيلها داخل البرلمان.
بدوره، قال النائب ياسر الهضيبى، سكرتير عام حزب الوفد، المتحدث الرسمى باسم الحزب: إن «حزب الوفد جاهز لخوض الانتخابات النيابية القادمة، سواء شيوخا أو نوابا، وفقا لأى نظام انتخابى، والحزب مع أى نظام انتخابى يحقق المصلحة العُليا للدولة المصرية، فمصلحة الوطن تتقدم على مصلحة الأحزاب».
وأضاف المتحدث الرسمى لحزب الوفد: مشروع قانون انتخابات مجلس الشيوخ وتقسيم الدوائر الإنتخابية، الذى وافق عليه البرلمان بعد أخذ موافقة مجلس الشيوخ، وافق عليه حزب الوفد موافقة نهائية لأنه يحقق المصلحة العُليا للوطن وللسياسة الداخلية.
وأعرب «الهضيبى»، عن احترام حزب الوفد لأى رأى يؤيد إجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية، متسائلا: هل النظام الانتخابى بالقائمة النسبية يحقق المتطلبات الدستورية نسبة 25 فى المائة مرأة ويحدد فيه الفئات السبع المهمشة مع وجود 50 فى المائة فردي؟، ولكننا نحترم كافة الآراء، على حد تأكيده.
وفيما يتعلق بتقسيم الدوائر، قال «الهضيبى»: إنه يعنى إعادة التوزيع الجغرافي، كما أن تقسيم الدوائر جاء تقسيما عادلا يتناسب مع عدد السكان، وتمثيل المحافظات الحدودية، تطبيقا للدستور بالتمثيل المتكافئ ما بين عدد السكان والمعدل النسبى وتمثيل المحافظات.
بينما أعلن النائب، إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، بمجلس النواب، رفضه لمشروعين القانونين بشأن تعديلات قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر لمجلسى النواب والشيوخ.
وتساءل: : «أنا بسأل نفسى جايين نناقش إيه انهارده، هل جايين نناقش عدد مقاعد بناء على تغيير عدد السكان، الإجابة بالتأكيد لأ.. إحنا جايين نناقش مستقبل مصر السياسى ونظرة الشعب للانتخابات الآن وبعد 5 سنين».
واستكمل: «الأرقام كاشفة وتقول إن الناس عزفت عن هذه الانتخابات، وإن كانت تعبر عن الناس بصورة ما لكن ليس بصورة حقيقية، الناس بتنزل تشارك بطلوع الروح، ومع السنوات عدد الناخبين بيقل، أى أنهم فقدوا ثقتهم فى العملية الانتخابية، والدليل أن نسبة المشاركة فى الانتخابات بعد ثورة يناير تخطت 60 فى المائة، وللأسف تناقصت النسب إلى العشرينات».
وأكد «منصور»: «نحن لا نتحدث عن مصلحة شخصية، ولو هيحصل انتخابات بأى نظام يرضى الشعب، ولم يتم انتخابى فى المجلس مش مهم، لكن لما نسب المشاركة تقل بهذه الصورة على مدار هذه السنوات هى دى المشكلة التى تحتاج لبحث، أنا أبحث عن المصلحة العامة لمستقبل مصر السياسى، وفى جلسات الحوار الوطنى تم طرح رؤى كثيرة حول هذا الأمر، وكل الفئات الدستورية يمكن تحقيقها من خلال «القائمة النسبية» سواء المرأة، الأقباط، ذوو الهمم، المصريون فى الخارج، فنحن نتحدث عن مستقبل السياسة فى مصر، وأحذر من خطورة استمرار الوضع كما هو».
ومن جانبه، قال النائب أحمد قناوي، عضو مجلس الشيوخ، وأمين عام حزب العدل: كنا نتمنى أن يسفر الحوار الوطنى على إجماع وتوافق على نظام انتخابى بعينه، وألفت النظر هنا إلى خروج ثلاثة اقتراحات، وتم رفعها لرئيس الجمهورية، ولكننا كنا نتمنى أن يكون هناك نظام انتخابي، معتمد على القائمة النسبية، حتى لا تهدر أصوات الأقلية من الناخبين، خاصة أن الغالبية العظمى من دول العالم الديمقراطية تتبنى نظام القوائم النسبية، وعدد قليل جدا، لا يتجاوز 4 دول فى العالم فقط، هى اللى تتبنى نظام القائمة المطلقة.
وأضاف أمين عام حزب العدل: «نظام القائمة النسبية دستورى، ويعد إحدى الممارسات الديمقراطية التى تفسح المجال أكثر للمنافسة، وتعزز التنوع وتعزز التعددية، وهناك طرق تكتفى بالحد الأدنى من الشكل الديمقراطي، فإحنا طبيعى إن إحنا محتاجين فى التحول الديمقراطى اللى بدأناه عبر سنوات قليلة، أن نعزز التعددية ونعزز قيم التشاركية فى البناء الديمقراطي، من خلال إتاحة الفرصة للأحزاب الأقل انتشارا والأقل تمويلا إنها تنافس من خلال قوائم نسبية أو من خلال دوائر فردية صغيرة، مشيرا إلى تقسيم المحافظة فى قانون تقسيم الدوائر لمجلس الشيوخ، لدائرة واحدة، وليست كافة المحافظات متساوية فى المساحة، حيث إن بعضها مترامى الأطراف، وشاسعة المساحات، وأخرى تانى بعدد كبير جدا من المراكز، ذاتها، وهو ما يصعب على مرشح تغطية كل هذه المراكز، ويكون معروفًا جماهيريًا، من خلال حملة انتخابية فى وقت قصير، فهى مسألة صعبة جدا، وبالتالى لن تفرز هذه العملية الانتخابية وفقا لهذا النموذج، الأفضل دائما، بل ستفرز القادر على حشد أصوات أكثر عن غيره، بغض النظر عن قدراته على التأثير فى باقى الناخبين».
وتعليقًا على وجهة نظر الحكومة بصعوبة تطبيق «الكوتة» التى نص عليها الدستور، فى نظام القائمة النسبية، قال: هناك اقتراحات كثيرة تم تقديمها، ومن ضمنها أن يكون هناك قائمة مطلقة خاصة بالكوتة، ووفق نص الدستور على أن التمثيل النسبى المناسب لمدة 10 سنوات فقط، مما يعنى عدم وجود الحاجة للتمسك بالكوتة، وفيما يخص تمثيل المرأة، بنسبة 25 فى المائة، فهى ليست فئة بل تعد نصف المجتمع، ومخصص لها 25 فى المائة من أعداد النواب، وبالتالى كان من السهل جدا عمل قوائم نسبية تشمل تمثيل المرأة، وعلى واضعى القوائم أن يضمنوا تمثيلا مناسبا لها، ونظرا لكون مجلس الشيوخ خارج الالتزام بوجود كوتة، فقد كان أولى أن يصبح تجربة جيدة، وأن تُجرى انتخاباته بنظام القوائم النسبية، خاصة أن هناك ثلث المجلس بالتعيين، وبالتالى يسهل جدا انتقاء التمثيل بالفئات الأقل تمكينا فى المجتمع من خلال التعيين.
وأضاف «قناوى»: كانت هناك فرص كثيرة للغاية لتعديل النظام الانتخابى من أجل زيادة التعددية والتشاركية فى بناء هذا الوطن من خلال تمثيل أكبر طيف ممكن داخل المجلسين، ولكن أحزاب الأكثرية ارتأت أنها تستمر على الوضع الذى يرفضه كثير من شركاء السياسة.

