رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.... مشروعات مستقبل عُمان المستدام


21-5-2025 | 10:42

.

طباعة
بقلم/أحمد تركي... خبير الشؤون العربية

تواصل سلطنة عُمان سعيها الحثيث نحو تبنّي مفاهيم الاستدامة في مختلف القطاعات، وفي مقدمتها قطاعات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر والنقل النظيف، ويأتي أسبوع عُمان للاستدامة ليكون منصة وطنية فاعلة تسلط الضوء على أبرز المبادرات والمشروعات التي تجسد التزام سلطنة عمان برؤية "عُمان 2040"، من خلال شراكات استراتيجية تجمع بين القطاعين الحكومي والخاص لدعم الاقتصاد الأخضر والتقنيات الصديقة للبيئة.

تلعب الأمونيا الخضراء في سلطنة عمان دورًا متزايد الأهمية في سعي السلطنة إلى بناء اقتصاد مستدام ومنخفض الانبعاثات، إذ تُعتبر الأمونيا الخضراء، التي تُنتج من الهيدروجين الأخضر (الذي يُنتج بدوره من الكهرباء المتجددة مثل الشمس والرياح)، وقودًا نظيفًا وقابلًا للتخزين والتحويل، مما يفتح آفاقًا واسعة لتنويع مصادر الطاقة وتصديرها، وفتح الأفاق الواعدة للاستثمارات الأجنبية فيها.

تُعتبر الأمونيا الخضراء من الوقود النظيف، مما يساعد على تقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء، وتساعد الأمونيا الخضراء في تخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي، مما يساهم في تحقيق استقرار اقتصادي أكثر، وتمتلك عُمان موقعًا استراتيجيًا يسمح لها بتصدير الأمونيا الخضراء إلى الأسواق العالمية، مما يساهم في تعزيز اقتصادها، وتنجذب الاستثمارات الأجنبية إلى مشاريع الأمونيا الخضراء في عُمان، مما يسهم في نمو القطاع وتحقيق التنمية المستدامة.

بدأ أول مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء في عُمان التابع لمجموعة "أوكيو" في سبتمبر 2022، بطاقة إنتاجية تصل إلى 1000 طن متري يوميًا. وقد تم توقيع اتفاقية بين شركة كورية وبيت مسقط، تُنفذ هذه الاتفاقية مشروعًا لإنتاج الأمونيا الخضراء في منطقة الدقم، مما يعزز التعاون الدولي في مجال الطاقة النظيفة. وتعمل الحكومة العمانية على تطوير مشاريع متكاملة للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، مما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تعتزم عُمان أن تصبح مركزًا رئيسيًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين والأمونيا الخضراء، مما يساهم في تعزيز دورها في مجال الطاقة النظيفة على مستوى العالم. وتستثمر عُمان بشكل متزايد في تطوير البنية التحتية لقطاع الطاقة النظيفة، مما يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتقديم فرص عمل جديدة.

بشكل عام، تُعد الأمونيا الخضراء في عُمان جزءًا أساسيًا من رؤية السلطنة لتحقيق اقتصاد مستدام ومتنوع، وتلعب دورًا حيويًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

وفي إطار مواصلة الجهود العُمانية نحو الدخول إلى الأسواق العالمية في مجال الطاقة الخضراء، وفتح الآفاق للاستثمارات الأجنبية، وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وقّعت كل من شركة هيدروجين عُمان (هايدروم) والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة ومجموعة "أكمي" اتفاقيتي تطوير المشروع وحق الانتفاع بالأرض للمرحلتين الثانية والثالثة من مشروع "أكمي" للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

يأتي هذا التوقيع ليُدرج المشروع رسميًا تحت مظلة الإطار التنظيمي لهايدروم، بما يُعزز تكامل المشروعات التجارية الكبرى ويُمهد للمرحلة المقبلة من التنفيذ.

إذ يمثل توقيع هذه الاتفاقية خطوة محورية جديدة في خارطة طريق شركة هايدروم لتوسعة محفظتها المتكاملة من مشاريع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان، ويأتي هذا التوقيع استكمالا لأحد أوائل مشروعات الهيدروجين المدرجة ضمن مسار المبادرات الوطنية التي تتولى هايدروم الإشراف على تنفيذها وتنسيقها، لا تقتصر أهمية هذه الاتفاقية على تعزيز اتساق المبادرات السابقة مع الإطار التنظيمي الوطني، بل تؤكد كذلك الالتزام بنمو منظم قابل للتوسع، مما يعزز ثقة المستثمرين، ويُرسخ مكانة سلطنة عُمان كلاعب رئيسي في سوق الهيدروجين العالمي والأمونيا الخضراء.

تغطي المرحلتين الثانية والثالثة من المشروع مساحة تبلغ 80 كيلومترًا مربعًا، ومن المتوقع أن تنتجا سنويًا نحو 71 ألف طن من الهيدروجين الأخضر، و400 ألف طن من الأمونيا الخضراء لكل مرحلة، ويأتي توقيع هاتين المرحلتين بعد الشروع في تنفيذ المرحلة الأولى التي تستهدف إنتاج 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء، والمدعومة باتفاقية شراء مع شركة يارا النرويجية، ومع اكتمال جميع مراحل المشروع، تطمح عُمان لتحقيق طاقة إنتاجية تصل إلى 0.9 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًا.

ووفقاً لخبراء الطاقة، فإن توقيع الاتفاقية يعكس النجاح الذي حققته منطقة الدقم في استقطاب مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، ويؤكد على الاهتمام الذي يحظى به قطاع الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ضمن استراتيجية المنطقة (2025 - 2030)، وسعي إدارة المنطقة لتبني مشروعات الصناعات الخضراء وفقا لـ«رؤية عُمان 2040» واستراتيجية سلطنة عُمان للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.

وتزامنا مع هذا التوقيع، يرتفع عدد مشروعات الهيدروجين الأخضر الذي أسندته هايدروم إلى محافظتي الوسطى وظفار إلى 9 مشروعات بقيمة استثمارية تتجاوز 50 مليار دولار أمريكي وسعة إنتاجية إجمالية تبلغ حوالي 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030.

تعتمد هذه المشروعات على ما يقارب 35 جيجاواط من الطاقة المتجددة، ضمن إطار وطني موحّد يُمكّن من التنفيذ على نطاق واسع، ويتماشى مع الطلب العالمي المتنامي. ومن خلال محفظتها المتنامية، تواصل هايدروم ترسيخ مكانة عُمان كواحدة من أكثر منظومات الهيدروجين تقدمًا وجاهزية على مستوى العالم.

ليس هذا فحسب، بل أعلنت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في عُمان، عن إطلاق حزمة مبادرات لتعزيز النقل الأخضر، إلى جانب جهود شركة نفط عمان للتسويق عبر ذراعها “إيفو” في نشر بنية تحتية متطورة لشحن المركبات الكهربائية، واستعراض أول دراجة وشاحنة كهربائية عمانية بالكامل. كما برزت شركة “صان إنيرجي” العُمانية بابتكارها وحدات طاقة شمسية متنقلة مخصصة للإنارة والمراقبة في المواقع الصناعية، كحلول مبتكرة تعزز كفاءة التشغيل وتقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.

كما تم توقيع برنامج تعاون بين عُمان وإحدى الشركات الهندية لإنشاء شركة لتصميم الدوائر المتكاملة واسعة النطاق في سلطنة عُمان. وستركز نشاطات الشركة على تعزيز الابتكار في تصميم أشباه الموصلات، مع المساهمة في تطوير الكوادر المحلية. وبناءً على برنامج التعاون،  ستؤهل الشركة 80 مهندساً عُمانيّاً في تقنيات تصميم أشباه الموصلات لمدة 12 شهراً.

تلتزم الشركة الهندية بموجب هذا التعاون بنقل المعرفة والمعايير العالمية في مجال أشباه الموصلات إلى سلطنة عُمان، مستفيدة من خبرتها في التصميم والتصنيع، حيث ستعمل على تأهيل الكوادر العُمانيين ليكونوا مختصين في مجال أشباه الموصلات؛ مما سيتيح لهم مواكبة وتلبية المتطلبات المستقبلية ومستجدات سوق العمل في هذا المجال. يُعد هذا البرنامج خطوة مهمة لبناء قطاع متكامل في مجال صناعة أشباه الموصلات في سلطنة عُمان، الذي يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد الرقمي العالمي.

وتلعب شركة أوكيو لشبكات الغاز، دورًا رياديًا في دعم التحول نحو الطاقة النظيفة، من خلال مبادرات استراتيجية تشمل تسريع استخدام الهيدروجين الأخضر وتطوير بنية تحتية متقدمة لنقل الكربون وتوفير شبكات متكاملة لنقل الهيدروجين من مواقع الإنتاج إلى مراكز التصدير، ما يعزز مكانة سلطنة عُمان كمركز عالمي للطاقة النظيفة.

فضلاً عن الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال أسبوع عُمان للاستدامة لتوفير خدمة نقل صديقة للبيئة باستخدام مركبات تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في خطوة تعكس التزام سلطنة عُمان بالاستدامة وخفض الانبعاثات، وتأتي المبادرة ضمن استراتيجية "مواصلات العُمانية" لتعزيز حلول التنقّل الذكية والمستدامة، وتدعم أهداف الحياد الكربوني بحلول 2050.

يُشار إلى أن سلطنة عُمان كانت قد افتتحت مؤخراً محطتي “منح 1” و”منح 2” للطاقة الشمسية، بسعة إنتاجية تبلغ 1000 ميجاواط، وتستخدمان أكثر من مليوني لوح شمسي كهروضوئي ثنائي الوجه، مما يعزز توليد الكهرباء النظيفة ويخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 1.4 مليون طن سنويًا.

المؤكد أن كل هذه المبادرات العُمانية في إطار الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، تأتي في إطار التوجه الوطني لسلطنة عُمان نحو تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة، تماشيًا مع رؤية “عُمان 2040” التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ودعم جهود سلطنة عمان في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، والإسهام في تقليل الانبعاثات الكربونية، خاصة في القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز والوصول إلى الأسواق العالمية في مجال الطاقة الخضراء.

أخبار الساعة