بقلم : صلاح سلام
غمض عينيك وامشي بخفة ودلع... الدنيا هي الشابة وأنت الجدع...تشوف رشاقة خطوتك تعبدك...لكن أنت لو بصيت لرجليك تقع..وعجبي...تسالي..بصوت إيناس جوهر كروان الإذاعة المصرية.. ترعرعنا واشتد عودنا مع كلمات الضاحك الباكي عمنا صلاح جاهين كتلة المشاعر الإنسانية والتراث المتأجج الشاعر والممثل والكاتب والرسام...
الذي امتزج مع ثورة يوليو وعبر عما يجيش في صدور الجماهير والتقى بكمال الطويل الذي جسد المعاني فأصبحت أنشودة الجماهير وجعل الكلمات الملتهبة كأنها قصيدة عشق إنساني فكنا نغني بالأحضان يابلدي ياحلوة كأننا نغني للفتاة التي أسرت القلب ويا أهلا بالمعارك وكأننا سنذهب إلى رحلة او نزهة.. فكان تلاحم الجماهير مع هذه الأناشيد كأنها أغنيات الحب والصبا والجمال وخاصة أنها بصوت عبد الحليم حافظ ...فعاشت معنا وبنا إلى يومنا هذا، ظل صلاح جاهين طوال عمره القصير «٥٥عاما» وهو الذي درس الفنون الجميلة ثم المحاماه بناء على رغبة والده المستشار ورئيس محكمة استئناف المنصورة...ظل طيلة حياته أسيرا لقلمه إما كأشهر رسام للكاريكاتير في الخمسينات والستينات من روزاليوسف إلى الأهرام ، الذي كان يوميا يحمل احد الرسومات التي تختصر مقالات..ومن مكتبه في روزاليوسف الذي ضم أحمد عبد المعطي حجازي الذي قال عنه إنه صوت مصر وصوت البشرية، فهو ثمرة التراث القومي والإنساني وصلاح عبد الصبور وهو الشخصية الهادئة والمختلفة تماما عن جاهين فهو صاحب الفصحى والقلم الذي يخاطب المثقفين بينما جاهين هو رائد الشعر الشعبي وإن كان يعرف قيمة الكلمة وانها تمثل الحياة والصمت الذي يعبر عن الموت فهو فيلسوف البسطاء وشاعر الفقراء ..وأيضا روائي لامع في المتوحشة وشفيقة ومتولي واميرة حبي انا وخلي بالك من زوزو ومسرحية انقلاب وهو وهي لأحمد زكي الذي كان من اكتشافاته وسعاد حسني أعز صديقة له والتي أصيبت بالاكتئاب بعد رحيله ولكنه هو أيضا أصيب بالاكتئاب في أعقاب نكسة ١٩٦٧ حيث أحس أن الحلم الذي كان يرسم ملامحه قد تبخر ومن أروع ما كتب والذي كان سببا في شهرته هي الرباعيات..على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ماشاء/ انا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء....بحبها بعنف ورقة وعلى استحياء.. وقد غنى علي الحجار وهو من اكتشافه أيضا بالحان سيد مكاوي هذه الرباعيات .. وقد قدم أدوارا كممثل في اكثر من فيلم في موت أميرة ولاوقت للدموع والوداع بونابرت وغيرهم وكتب أغاني فيلم غرام في الكرنك واليوم السادس ومن المؤكد انه كان يكتب كلمات الأغاني التي كان يكتب لها السيناريو وهي التي وجد فيها ضالته حيث انتهج طريقا آخر منطلقا نحو أفلام البهجة والتفاؤل والتي تناسب شخصيته التي تفوح منها رياحين صبايا البلد وأحلام رجل الشارع ممزوجة بالفرحة والتفاؤل دون التخلي عن العمق الإنساني فيسوق مايريد من معاني مغلفا بما يناسب العصر...الدنيا ربيع الدنيا ربيع وقفلي على كل المواضيع قفل قفل...وهو يعني مايقول فهو فيلسوف وخلطة من سارتر والبير كامي ونيتشة ولكن بطعم التراث الفلكلوري المصري.. كان أول ديوان شعر له عام ١٩٥٥ «كلمة سلام» وفي إطار التنوع لاننسى فوازير نيللي .. الخاطبة وعروستي...ولاشك أنه كان سياسيا بارعا ولكنه حول السياسة إلى قصائد وطنية....وفي الختام.. في ناس بشوفها بالألوان وناس جواها مش بيبان...وناس أسود وناس أبيض وناس محتاجة بس أمان.. وأكثر ناس تأمنهم مابيجي الجرح غير منهم... وناس أنت بعيد عنهم بتنسى معاهم الأحزان...وعجبي!