شهدت الساحة الفنية فى مصر طيلة العقود الماضية، مع إنتاج أول فيلم عربى صامت والذى حمل عنوان «ليلى» عام ١٩٢٧ ظهور المئات من الفنانين والنجوم الذين حققوا نجاحات كبيرة ومميزة سواء على شاشة السينما أو على خشبة المسرح أو عبر شاشة التليفزيون، غير أن الملفت فى الأمر حقاً أن قطاعاً كبيراً من هؤلاء النجوم ليس خريجاً فى المعاهد الفنية المتخصصة، سواء معهد التمثيل أو معهد الفنون المسرحية، بينما تخرجوا فى كليات ومعاهد مختلفة بعيدة كل البعد عن مجال الفن. فى السطور التالية نرصد رحلة هؤلاء الفنانين ونتسأل هل دراسة الفن ضرورة للنجاح فيه؟ كليات القمة المفاجأة أ ن نسبة كبيرة من فنانينا الكبار تخرجوا فى كليات قمة مثل الطب والهندسة بل والاقتصاد والعلوم السياسية، ومنهم من عمل بالفعل بضع سنوات فى مجالات تخصصهم بعد التخرج، ثم تركوا هذا التخصص، وتفرغوا للفن تأكدهم من عدم قدرتهم على تركه أو الاستغناء عنه، فاستقالوا من وظائفهم الأساسية وتفرغوا للفن تماماً، ليحققوا به نجاحاً كبيراً، ويصبحوا من كبار النجوم، ويأتى فى مقدمتهم بالطبع الفنان الكبير يحيى الفخرانى، حيث حصل على بكالوريوس الطب من جامعة عين شمس فى مجال الطب النفسى، وبعد التخرج شارك فى العديد من الأعمال الفنية بأدوار ثانوية وبدأ فى لفت الأنظار إليه، فانتقل للأدوار الثانية ثم جاءت مرحلة البطولات المطلقة ليصبح منذ بداية الثمانينيات واحداً من نجوم الصف الأول، حتى صار اليوم واحداً من أهم الفنانين فى تاريخ الفن المصرى والعربى. وكذلك الفنان آسر يس الذى يعد واحداً من أهم نجوم الألفية الجديدة، فقد تخرج فى كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية، ومن خلال مسرح الجامعة ظهرت موهبته بجلاء ليتم اكتشافه من داخلها، حيث راح المخرجون يرشحونه لأعمال مختلفة، وبسرعة البرق أثبت وجوده، وأصبح فى غضون أعوام قليلة واحداً من أبرز نجوم جيله، ليتصدى لبطولات عديدة سواء على شاشة السينما أو فى الدراما التليفزيونية وليعشقه ملايين الشباب ويترقبوا أعماله الجديدة بصفة مستمرة. كما حصل الفنان الكبير الراحل عزت أبو عوف على بكالوريوس الطب، تخصص نساء وولادة، ولكونه نشأبداخل عائلة فنية، فوالده الموسيقار الكبير الراحل أحمد شفيق أبوعوف، فقد عشق الفن منذ نعومة أظفاره. واتجه فى البداية للموسيقى، وقام بتكوين فرقة ناجحة مع شقيقاته الأربع أطلق عليها فرقة «4M» وكان من أبرز أعضائها شقيقته الفنانة الكبيرة الراحلة مها أبوعوف، وتخرج من الفرقة الكثير من المطربين، وبعد أن تم تفكيك الفرقة ركز بقوة فى التمثيل وحقق نجاحات كبيرة على مدار الثلاثين عاماً التى سبقت رحيلة عن عالمنا. ويذكرنا هذا بالفنان الكوميدى الراحل فؤاد خليل الذى تخرج أيضاً فى كلية الطب، ومارس المهنة بضعة أعوام حتى تفرغ للتمثيل وحقق نجاحات كبيرة وقدم أدواراً بارزة فى العديد من الأفلام والمسلسلات وعلى خشبة المسرح، فقد كان صاحب أداء مميز ومختلف، وينتزع الضحكات من القلوب ببساطة وتلقائية.
الهندسة
أما الفنان يوسف الشريف فقد تخرج فى كلية الهندسة، جامعة عين شمس، وكان لاعب كرة قدم بناشئى النادى الأهلى، لكن عشقه للفن جعله يتفرغ له، تاركاً المجالين الهندسى والرياضى، ونجح فى تقديم أعمال فنية ناجحة وجميلة وقام بطولات مميزة وأصبح أحد نجوم الصف الأول. كما تخرج الفنان الشاب المميز كريم فهمى فى كلية طب الأسنان، ودخل مجال التأليف والتمثيل، ومن الفن حقق شهرته الكبيرة ليس فى مصر فقط، بينما فى العالم العربى. كما تخرج الفنان المحبوب أحمد فهمى فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وذلك بعد تحويله من كلية الهندسة، وعشق الفن أيضاً وتميز بأداء مختلف، وأصبح خلال الأعوام الماضية واحداً من أبرز الفنانين المميزين بالساحة الفنية. وسبقه فى التخرج فى نفس الكلية «الاقتصاد والعلوم السياسية» الفنان الكبير الراحل ممدوح عبدالعليم الذى نجح فى تحقيق مكانة خاصة ومميزة به بين عمالقة الفن فى حقبتى الثمانينيات والتسعينيات وانطلق لمصاف النجوم، وقدم العديد من الأعمال المميزة. كما تخرجت الفنانة الشابة الموهوبة سهر الصايغ فى كلية طب الأسنان بجامعة القاهرة، ولكنها كانت قد بدأت مشوارها الفنى وهى فى سن صغيرة من خلال مسلسل «كوكب الشرق»، ولفتت بسرعة مذهلة أنظار المخرجين نحوها بأدائها البسيط النابع من شخصيتها، فحققت بسرعة نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة، لم تنجح الكثير من الفنانات خريجات المعاهد الفنية فى تحقيقه.
خريجو كلية الزراعة
وبعيداً عن كليات القمة كان لكلية «الزراعة» حظ وافر لدراسة عدد كبير من النجوم بها، يأتى فى مقدمتهم الفنان الكبير عادل إمام ورفيق رحلة مشواره الفنان الراحل سعيد صالح، ورفيقهما الثالث فى رحلة الكفاح صلاح السعدنى، والفنانة الكبيرة الراحلة محسنة توفيق، بالإضافة إلى الفنان الكبير الراحل سمير غانم وزوجته ورفيقة مشواره الفنى والإنسانى الفنانة الراحلة دلال عبد العزيز، وجميعهم كما نرى حققوا نجاحات كبيرة ووصلوا للقمة فى الفن وكأن هناك علاقة ما لا نعرفها بين الفن وكلية الزراعة.
أبناء التجارة
وشهدت كليات التجارة بالجامعات المصرية تخرج مجموعة كبيرة من أحب وأبرز الفنانين لقلوبنا سواء من الأجيال القديمة أو هذا الجيل، لعل من أبرزهم الفنانة الكبيرة بوسى والنجمة غادة عادل والفنان الكبير محمود حميدة والنجمة ليلى علوى والنجمة سمية الخشاب والفنانة الكبيرة صفية العمرى وصلاح عبدالله ونشوى مصطفى وأحمد آدم ومصطفى قمر وانتصار والراحل علاء ولى الدين ومحمد نجاتى ونيرمين الفقى وريهام عبد الغفور. دارسو القانون بينما تخرج الفنان الكبير خالد صالح، فى كلية الحقوق، وقد تكشفت موهبته أثناء تمثيله بمسرح الجامعة وهو فى الكلية، ثم توقف لفترة عن العمل الفنى برغبته، ثم عاد من جديد للفن عن طريق مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية، ثم اتجه بثقله للسينما والتليفزيون وحقق نجاحات كبيرة وقام ببطولات مميزة خلال عمره الفنى القصير الذى لم يتجاوز حاجز الخمسة عشر عاماً، ليصبح واحداً من أبرز نجوم الألفية الجديدة، قبل أن يفارق الحياة بشكل مفاجئ قبل 10 أعوام من الآن. وقد سبقه فى التخرج فى نفس الكلية «الحقوق» كوكبة كبيرة من كبار الفنانين فى مقدمتهم فناننا الكبير الراحل محمود يس والنجمة الاستعراضية الكبيرة شريهان والفنانة المعتزلة شرين سيف النصر والنجمة التونسية المتألقة هند صبرى والفنانة المميزة عبير صبرى.
سياحة وفنادق
وتخرجت النجمة داليا البحيرى من كلية «السياحة والفنادق» وكذلك الفنانة الجميلة أميرة فتحى، وسبقهما فى التخرج منها الفنانة الكبيرة إسعاد يونس والممثل الكبير هشام سليم. حربية وجوية وشرطة وهناك مجموعة من الفنانين الكبار ممن تركوا بصمات قوية ومؤثرة وارتبط الجمهور بهم على مدار عقود طويلة من الزمان، ممن تخرجوا فى الكلية الحربية وكذلك الجوية والشرطة، يقدمهم فارس السينما المصرية والعربية أحمد مظهر، الذى كانت بدايته من خلال فيلم «ظهور الإسلام» عن قصة «الوعد الحق» للكاتب طه حسين، وبعد ثورة يوليو 1952 تم إنتاج فيلم «ظهور الإسلام»، عن قصة الوعد الحق للكاتب الكبير طه حسين، وقد شارك مظهر فى هذا الفيلم بعد تقدم مخرج الفيلم إبراهيم عز الدين بطلب إلى وزارة الحربية للسماح له بالتمثيل فى الفيلم وكان له ما أراد، لتكسب السينما ويكسب الجمهور فناناً كبيراً من طراز فريد، حيث توالت أعماله بعد هذا وانطلق بقوة لمصاف النجوم الأوائل ليستقيل من سلاح «الفرسان» ويتفرغ للفن حتى آخر يوم فى حياته. كذلك الحال بالنسبة للفنان إيهاب نافع الذى كان ضابطاً طياراً فى الجيش المصرى لسنوات طويلة حتى ارتبط عاطفياً بالفنانة الكبيرة ماجدة الصباحى، فتزوجا واتجه للفن بقوة وقام بالكثير من البطولات. وشهدت نفس الكلية تخرج الفنان الكبير محمود قابيل، الذى لفت الأنظار نحوه بشدة فى نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات وقدم العديد من الأدوار المميزة خلال مشواره الفنى الذى قارب نصف القرن من الزمان. بينما تخرج الفنان الكبير الراحل صلاح ذوالفقار فى كلية الشرطة وانطلق لعالم الفن والتمثيل لتأثره الشديد بشقيقيه المخرجين الكبيرين عز الدين ذوالفقار ومحمود ذوالفقار، ونجح صلاح ذوالفقار فى تحقيق نجاح كبير منذ إطلالته الأولى فى منتصف خمسينيات القرن الماضى، وأصبح واحداً من أهم نجوم السينما المصرية واستمرت مسيرته الحافلة حتى رحيله فى مطلع تسعينيات القرن الماضى عقب انتهائه من تصوير آخر مشاهده فى فيلم «الإرهابي» مع الفنان عادل إمام.
وشهدت كلية الشرطة أيضاً تخرج الإعلامى الكبير طارق علام، الذى اتجه بثقله لعالم البرامج التليفزيونية، وتميز بتقديم نوعية معينة من البرامج جعلته يقف على صف واحد مع كبار الإعلاميين فى حقبة التسعينيات من القرن الماضى. كليات ومعاهد متنوعة وهناك فنانون كثيرون أيضاً تخرجوا فى كلية الفنون الجميلة ومن أبرزهم علا غانم والفنان الراحل خفيف الظل حسين الإمام. كما حصل المطرب الكبير محمد منير على شهادة البكالوريوس فى الفنون التطبيقية واتجه للموسيقى والغناء، وحصل المطرب الكبير عمرو دياب على «معهد فنى تجارى»، والتحق بعدها بأكاديمية خاصة لصقل موهبته الموسيقية. فنانون بلا مؤهلات ناهيك عن أن نسبة كبيرة من فنانينا القدامى ممن لازالوا يعيشون فى قلوبنا حتى اليوم رغم مرور عشرات السنين على رحيلهم، لم يحصلوا على أى مؤهلات دراسية. ومن أبرز هؤلاء الفنانين الرائد الفنى الكبير على الكسار، والفنانة والراقصة الكبيرة سامية جمال. مؤهلات متوسطة ومن الفنانين أصحاب المؤهلات المتوسطة والتوجيهية القديمة، الفنانون الكبار عماد حمدى وماجدة الصباحى ومحمود المليجى ومريم فخر الدين وناهد شريف .