يقول الناقد الموسيقى الدكتور أشرف عبدالرحمن، ينقسم الغناء الجماعى إلى شقين الأول وهو الكورال أو المجموعة تغنى خلف المطرب وهذا النوع ظهر من مئات السنين خاصة فى الإنشاد الدينى على سبيل المثال كان يقال الشيخ محمود طه أو الشيخ النقشبندى وبطانته أى ما يبطن صوت المطرب وتعنى الكورال الذى يردد خلفه المذهب وبعض النقاد يدعوهم المذهبجية وهم من يغنون المذهب وراء المطرب بشكل جماعى، وهذا المذهب منتشر جدا فى الغناء الدينى، ومن المطربين الذين بدأوا بهذا الشكل كوكب الشرق السيدة أم كلثوم عندما كانت تصعد للغناء وهى طفلة كان شقيقها ووالدها وأوقات يصطحبون 2 آخرين معهم وهى تنشد وهما يرددان خلفها ولم يتم الاستغناء عن هذه البطانة لهؤلاء المنشدين حتى عندما ظهرت الطقطوقة أصبح هناك كورال يردد خلف المطرب وهذا جزء من استخدام الأصوات الغنائية الجماعية داخل الإنشاد الدينى والغناء.
وتابع عبدالرحمن: أما الشق الثانى هو الغناء الجماعى لفرق جميعهم يشتركون فى غناء الأغنية بأكملها من البداية للنهاية بشكل جماعى، ويرجع ظهور هذا النوع من الغناء فى المسرح الغنائى مع سيد درويش حيث كانت كل المقدمات فى المسرحيات لابد أن تبدأ بأغنية جماعية، لذلك ترعرعت ونمت الأغنية الجماعية وظهرت بشكل كبير جدا وتطورت فى المسرح الغنائى، لأن الغناء الجماعى يعبر عن الدراما، وأيضا من خلال السينما كان لابد من استخدام الكورال وليس أغانى فردية فقط بالتأكيد يوجد فى السينما أغانٍ فردية ولكن الكورال كان له دور كبير جدا وظهر هذا فى فيلم «شيء من الخوف» حيث تغنى الكورال من ألحان بليغ حمدى كل هذا دراما، حيث كان البناء الدرامى يعبر عنه الغناء الجماعى، وذلك لأن الغناء الفردى لا يستطيع أن يصل بالتعبير عن المواقف والأحداث الدرامية سواء فى المسرح الغنائى أو فى السينما أو فى الدراما بشكل عام.
وأضاف..لعبت الأغنية الجماعية أو استخدام المجاميع والكورال دورا هاما فى المسرحيات الغنائية بشكل كبير جدا وأيضا فى الأغانى الفردية على المسرح الغنائى لابد أن يسبقها كورال كى يمهد للمطرب كأغنية «اتمخطرى يا عروسة واتهنى بعريسك سيد العرسان» وأغانٍ أخرى لسيد درويش إلى أن ظهر فى منتصف السبعينيات بعض الفرق الجماعية كفرقة ثلاثى النغم - الثلاثى الطروب - الثلاثى المرح الذى ظهر بداية الستينيات ولكن لم يستمروا كثيرا وقدموا روائع من ألحان على إسماعيل وعبدالعظيم محمد والكثير من الملحنين العظماء، وظهرت أيضا فرقة الأصدقاء فى أواخر السبعينيات للموسيقار عمار الشريعى ثم فرقة 4M للفنان الراحل عزت أبو عوف وكان معه شقيقاته مها ومنال وميرفت ومريم حيث قدموا أعمالا كثيرة جدا، وأيضا فرقة المصريين للموسيقار هاني شنودة حيث شهدت مطلع الثمانينيات ازدهارا كبيرا جدا لوجود فرق غنائية جماعية قدمت الكثير من الأغانى الشبابية الخفيفة وحققت نجاحا كبيرا، ثم بعد ذلك ظهر الفيديو كليب فى فترة التسعينيات واندثرت قليلا هذه الفرق وبعضها توقف، لأن الفيديو كليب كظاهرة جديدة بدأ بالغناء الفردى والتصوير المبهر ونوعا ما تراجعت الأغنية الجماعية.
وواصل: بعد ثورة 1952 ظهر ازدهار فى الأغنية السياسية وفى الستينيات ظهر غناء الاوبريتات الوطنية التى قدمها محمد عبدالوهاب مثل وطنى حبيبى وعاش الجيل الصاعد كل هذا جانب تعبيرى عن الروح الوطنية حيث كان لا يصح أن تكون أغنية فردية معبرة عن الوطن العربى ولا يوجد بها كورال جماعى، حيث ابتكر عبدالوهاب الأوبريت الوطنى الغنائى الذى يشمل أصواتا فردية ولكن لا يمكن الاستغناء عن الكورال .
واستكمل: الآن الوضع مختلف أصبحت هناك أغانى مهرجانات وأغانى الراب وأغانى دخيلة علينا بالإضافة إلى الإيقاع السريع كل هذا أدى إلى اندثار وتراجع الأغنية الجماعية، لأن الإيقاع السريع لا يتماشى معها، و الأغنية الحالية أصبحت لا تستدعى هذا النوع، ومع انتشار الأغانى الصاخبة وأغانى المهرجانات أدى إلى هبوط الأغنية الجماعية ولم يعد لها وجود لا أعلم تحديدا إن كانت ستعود أم لا لكن كل فترة من الفترات يصبح لها مقتضياتها ومتطلباتها، والآن لم يعد هناك مطلب أو حاجة لوجود مثل هذا الغناء الجماعى الذى كان معبرا وجميلا حيث كان من أهم سماته اختيار أصوات متوافقة وهذا صعب إيجاده الآن، وأيضا يتطلب هذا النوع وجود ألحان خاصة له.