الجمعة 19 ابريل 2024

"إيجار قديم"حكايات إنسانية داخل عمارة سكنية


نورا أنور

23-12-2022 | 13:07

نورا أنور
قبل بدء عرض حلقات مسلسل"إيجار قديم" توقع ملاك العقارات القديمة أن العمل سينصفهم فى أزمتهم مع المستاجرين القدامى، وهى الأزمة المطروحة على السطح منذ سنوات حيث يطالب الملاك بتغيير قانون العلاقة بينهم وبين المستأجرين ولكن جاء المسلسل بمثابة "خذلان" لهم، فقد فوجئوا بأن المسلسل وقف على الحياد تماما ، وأنا شخصيا انتظرت حتى نهاية الحلقات لعلهم يطرحون حلًا لهذه الأزمة، أنا شخصيا أعانى منها مثل بطل العمل رمزى "شريف منير" ،ولكن ذكاء المؤلف ترك النهاية مفتوحة، حيث قام برصد مشكلة الإيجار القديم فى إطار اجتماعى متضمنا مواقف حدثت بالفعل بشأن الإيجار القديم، فالمسلسل طرح فكرة الإيجار القديم بتقديم وجهتى النظر للملاك والمستأجرين بحيادية تامة دون أن ينحاز لطرف على حساب آخر ، فالمسلسل -الذى كتبه عمرو الدالى وأخرجه طارق رفعت- فى إطار الدراما الاجتماعية؛ فيه عدد من الحكايات الإنسانية داخل عمارة سكنية، أبرزها قصة معلم التربية الموسيقية رمزى- شريف منير- الذى يمتلك العمارة ويؤجر شققها بنظام الإيجار القديم ، وعندما لا يجد هو نفسه مكانا ليقيم فيه، يستضيفه الساكن حسين - صلاح عبد الله- وبعد وفاة حسين، يشتعل الصراع بين رمزى ونجل حسين الشاب طارق- محمد الشرنوبى- ، ويصل الخلاف بينهما إلى المحاكم. ويأتى "إيجار قديم "كعمل درامى متكامل ومختلف عما هو سائد من دراما لم يخضع لسطوة النجم وتحكماته وفرض رؤيته على العمل ، فقد كان البطل الرئيسى لهذا العمل الدراما التى جذبت الجمهور طوال حكايات حياتنا اليومية وعاداتنا التى أصبحت فى خبر كان ،وجاء السيناريو بطريقة سلسة طبيعية يعبر واقعنا وهو أمر أصبح عملة نادرة فى الأعمال الدرامية بشكل بسيط بعيدا عن الفذلكة والمبالغة فى العلاقات بين الجيران التى لم تعد موجودة فى الوقت الحالي، فقضية"الإيجار القديم"ليست فى حد ذاتها الهدف الأساسى من المسلسل، إنما مجرد وسيلة لطرح أهم القضايا التى اصبحت رمزًا لكل ما هو قديم تسوده المودة والتعاون بين الجيران والتعبير عن الطبقة المتوسطة المصرية، ومن خلاله تم طرح أكثر من مشكلة: الطلاق واختلاف التفكير بين الأجيال بين الأب والابن ومشكلات الأزواج والتى تحلها الأم أو الحماة ، وكأن الهدف الرئيسى للمسلسل العودة لعاداتنا القديمة والحنين لأجواء البيوت المصرية فى الماضى وتميز السيناريست والكاتب عمرو الدالى بقدرة فائقة على رسم الشخصيات،وترجم السيناريو بحرفية شديدة المخرج طارق رفعت الذى يتميز بقدرته الكبيرة فى إدارة الممثل وظهوره بصورة وأداء مختلفين، فقام بترجمة النص بصناعة الكادرات والإضاءة التى تساعده على تخطى فكرة التصوير فى لوكشنات محدودة معظمها داخلى. ورغم أن شريف منير هو البطل الرئيسى للأحداث إلا أنه لم يستحوذ على أحداث العمل، فنجد"رمزى" الرجل الذى يفقد مسكنه ويجد نفسه بلا مأوى رغم امتلاكه عقارًا كاملًا ينصهر داخل مشكلات الملاك والمستأجرين فى العمارة .. "شريف منير"ملئ بالانفعالات بين الإنسانيات وبين الكوميديا الخفيفة ويلعب فى المنطقتين بسلاسة شديدة، فقد وصل لمرحلة النضج الحقيقى فى تعامله مع الشخصيات التى يلعبها تشعر معه أنه يعيش بداخل الشخصية ولا تستطيع أن تفصل بينه وبين الدور الذى يلعبه، ففى كل مرة يدهشنا بأدائه الرائع الذى يغلفه بخبرات السنوات الطويلة وفى نفس الوقت قدرته الفائقة على التناغم مع الجيل الجديد من الشباب. رغم خفة دمه المعتادة إلا أن الفنان صلاح عبدالله قدم دورالأب بطريقة رائعة تجعل المشاهد ينتقل معه من الضحك إلى البكاء مثل ما حدث فى مشهد جمعه بابنه عمر الذى جسده "محمد الشرنوبى" ،مشهد جعل الأهالى مرعوبين من مواجهة أبنائهم والأبناء شاهدة أن من حقهم المساحة وعدم تدخل الأهالى فى حقهم .. الفنانة حنان سليمان قدمت دور الحماة التى تقف فى صف الحق تنصر زوجة ابنها على ابنها، كلنا نأمل ان نرى هذه العلاقة حقيقة ، والفنانة ميمى جمال كم أنت جميلة بخفة دمك وعمق المشهد الذى قدمتيه مع رمزى الذى قدم معانى كثيرة أهمها عندما تترك الساحة تصبح طى النسيان ، أما شخصية المطلقة ونظرة المجتمع لها فكانت وجهًا جديدًا "إلهام وجدى" قدمتها بهدوء وكأنها ممثلة من سنوات.