28-12-2022 | 11:48
نانيس جنيدى
تشابه الألحان قضية قديمة حديثة ليس لها وطن
منذ القدم والوسط الغنائى يعانى من قضية لا تموت، فمنذ أن كان موسيقار الأجيال، محمد عبدالوهاب، يبدع فى ألحان تتراقص على نغماتها القلوب قبل الآذان، وحتى عصر أغانى المهرجانات، لم تختفِ قضية تشابه الألحان والجمل الموسيقية بين الملحنين، والتى قد تبرَّر بعض الأحيان بأنها مجرد توارد خواطر موسيقية، بينما الاختلاف كبير ما بين الاقتباس وإعادة التوزيع.
فالقضية ليست حديثة، فموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب على سبيل المثال تمتع بموهبة لا تضاهى، مكنته من مواجهة كثير من تلك الشائعات التى لو طالت غيره لقضت عليه، ولكن ما حقيقة تلك الشائعات ومدى صحتها، أم أنها مجرد صدفة؟
من هذه الشائْعات أنه ذات يوم وبعد صداقة وطيدة وعشرة طويلة جمعت بين الموسيقار محمد الموجى والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، قرر الموجى أن يعتزل العمل مع العندليب نهائياً ويبتعد عن التلحين له، وبالتحديد حدث ذلك أثناء العمل على تلحين أغنية «توبة»، التى لحنها محمد عبد الوهاب.
لم يكن سبب ابتعاد الموجى عن حياة حليم الفنية الغيرة أو الحقد بسبب تلحين عبد الوهاب للأغنية، ولكن السبب أنه فوجئ بلحن الأغنية عندما سمعه وكان يحتوى على نفس الجملة الموسيقية التى عزفها الموجى مسبقاً أمام موسيقار الأجيال، وعندما واجهه قائلاً: «دا اللحن اللى أنا قولته!»، أجابه عبد الوهاب بهدوء: غريبة مسألة توارد الخواطر الموسيقية دى، نادرًا ما بتحصل.
منذ هذا الحين امتنع الموجى نهائياً من العزف أو مسك العود أمام عبد الوهاب، ولكنه لم يحدث خلافاً بينه وبين العندليب، لكون العندليب يحترم كل الذكريات التى جمعته بالموجى، ويعلم أنه حزن على جملة موسيقية قد تعب بها ولم تكن من نصيبه، وليس فقط الموجى بل كانت هناك ألحان تتشابه مع ألحان السنباطى وبيتهوفن، ولكن الأمر كله مازال حتى هذه اللحظة يدور تحت إطار الشائعات.
على مدار سنوات طويلة ظل الأمر يتكرر بين الكثير من الملحنين، فقد تنتشر ظاهرة تشابه الألحان فى العالم كله من منطلق موسيقى وأخلاقى، ولكن هذا التشابه بين الجمل الموسيقية يختلف عن اقتباسها وإعادة توزيعها.
فالاقتباس ينطبق على لحن أغنية «Coupable» للمغنى الفرنسى جان فرانسوا ميشيل الذى استخدم لحن أغنية «حبيتك بالصيف» للأخوين رحبانى بعدما غنتها فيروز عام 1971 فى مسرحية «يعيش يعيش»، كذلك اقتبست الفنانة اللبنانية إليسا لحناً تركياً فى أغنيتها «حالة حب»، ولكن فى كلتا الحالتين، حافظ الفنان الذى اقتبس اللحن على حقوق المؤلف الأصلى وطلب الحصول على حق إعادة إنتاج العمل بلغة أخرى، ومع توزيع موسيقى جديد.
أما الاستيلاء على الألحان، فيكون باعتماد الإيقاع الموسيقى المستخدم فى أغنية ما دون الرجوع إلى صاحب العمل أو ذكره. وغالباً ما تعاد الجمل الموسيقية مع تغييرات طفيفة وتوزيع موسيقى يحاول - باستخدام آلات معينة - العمل على تغطية اللحن الأصلي.
وفى تصريحات سابقة قال الموزع الموسيقى اللبنانى، مازن سبلينى، «إن الاستيلاء على الموسيقى، تقنياً، تبدأ عندما يتعدى عدد الجمل الموسيقية المنقولة من عمل آخر جملتين، ففى العادة يُسامح الموسيقى عندما ينقل جملتين موسيقيتين لا أكثر».
وفى تلك المسألة التى تتشابه فيها الجمل الموسيقية الكثير من الحالات، وهناك فنانون عرب وأجانب كثيرون نسخوا ألحاناً كاملة أو مقاطع من أغانٍ.
ففى عام 2003 أخذ تيمبالاند لحن صلاح الشرنوبى لأغنية «بتونس بيك» التى تغنت بها الراحلة وردة، عام 1991 ونقلها إلى أغنية Don’t Know What to Tell You للمغنية عليا.
وفى هذا الصدد قال المطرب والملحن عصام كاريكا: هذا الأمر أصبح «عينى عينك»، وهو يدل على الإفلاس الفنى نهائياً، وستظل سرقة الألحان مستمرة ولن تنتهى، لأن من يود الظهور وهو مفلس فنياً دائماً يبحث عن الناجح ليستولى عليه.