منذ أيام حلت ذكرى وفاة الصوت القوي الكروان الطيب كما أطلق عليه أهل الفن، الفنان الذي تحلى بهدوء الطبع ودماثة الخلق وقد كان لي شرف زمالة نجله الدكتور محمود كارم محمود في المجلس القومي لحقوق الإنسان ثماني سنوات وهو السفير السابق الذي مثل مصر في دول الإتحاد الأوروبي وشرق آسيا ومن شابه أباه ماظلم فهو عنوان للأدب الجم والخلق الرفيع وقد كتب على صفحته في ذكراه أن اللواء سمير فرج ذكره بأن الوالد كان له السبق في الحفلات داخل الوطن وخارجه، كما أنه كان وطنيا و كان قوميا أيضا حيث سجن لمدة ستة شهور في الجزائر لأنه كان يغني في شوارع تونس والجزائر ضد الإحتلال آنذاك بصوته العفي القوي"التينور"الذي سجل تسعة أوبريتات كان أشهرها العشرة الطيبة لسيد درويش وليلة من الف ليلة لبيرم التونسي..وقد عاتبه السيد عمرو موسى لأنه يحتفظ ببعض التسجيلات النادرة لوالده، وكان يطيب لنا أن نسمع في ذكراه ذلك الصوت الشجي الذي تخرج من معهد فؤاد الأول للموسيقى ورعاه وشجعه محمد حسن الشجاعي رئيس قسم الغناء ومصطفى بك رضا رئيس المعهد و يبدوا أن حلاوة الصوت قد ورثها من والده قارئ القرأن الشيخ أبو ريا الذي تربى في أحضانه في مدينة دمنهور...فقد غنى لمحمود الشريف والسنباطي ومحمد الموجي ومحمد سلطان أروع الألحان...فمن يستطيع أن ينسى أوبريت عوف الأصيل وياحلو ناديلي...وأمانة عليك ياليل طول وهات العمر م الأول...ورائعة عنابي ياخدود الحليوة التي ظلت أيقونة المحبين زمنا.. وعلى شط بحر الهوى رسيت مراكبنا...والنبي ياجميل حوش عني هواك...أما السمر فقد تدللوا مع سمرة ياسمرة مرة في مرة شغلني هواك دمك خفة وتاج العفة شبكني معاكي..وعيني بترف ياحبة عيني..ويا أبو العيون السود ياللي جمالك زين.. والأغنية الوطنية الأشهر التي كانت تزلزل إذاعة صوت العرب..أمجاد ياعرب أمجاد...وقد حكى الراحل الكبير أنه في زيارة لأحدى البلدان العربية كان يصلي الجمعة وخرج ليجد جمهرة وظن أنهم ينتظرون لتوقيع اوتوجراف أو تحيته وفوجئ أنهم يوزعون منشورات ضده تقول أنه أتى ومعه ٨٠ راقصة ويدعون لمقاطعة حفلته والواقع أنه لم يصاحب اي راقصة وذهب إلى مدير البوليس منزعجا ولكنه ضحك وطمأنه بأن هذا أمر عادي ففي كل مكان ترى هذه النوعية التي تحاول أن تقلب الحقائق وغنى حفلته ولاقى ترحيبا شديدا فحكى القصة على المسرح فازداد التصفيق فبالفعل لم تصاحبه على المسرح سوى الفرقة الموسيقية...ومما يذكر أن توجو مزراحي قد أكتشفه كممثل وقدمه في فيلم "ملكة الجمال" واشترك بعدها فيما يقرب من عشرين فيلما كان آخرها "ثأر بايت" ولكنه في كثير منها كان يغني فقط وقدم بعض المسرحيات أشهرها "معروف الاسكافي" ومصرع كليوباترا...وواضح أنه لم يشأ أن يعتب عليه أحد فقد أعاد اغنية عبد الغني السيد بصوته البيض الإمارة والسمر العذارى..رحم الله كارم محمود الزاهد المحب لأهله ووطنه.