الجمعة 3 مايو 2024

في ذكراه الثالثة.. محمود ياسين نجما لكل العصور

محمود ياسين

14-10-2023 | 11:45

عنتر السيد

محمود ياسين هو بلا شك كان نجما لكل العصور ..كان فنانا مسرحيا وتليفزيونيا وإذاعيا وسينمائيا كبيرا.. له رصيد من النجاحات والجوائز والأعمال المهمة .. رحلته مع السينما بدأت بظلم شديد ولكن مع المسرح كانت حلما ، وفي التليفزيون بدأت لافتة ومهمة . فنان صاحب بصمة ، رصيده 150 فيلما و50 مسلسلا و30 مسرحية وعشرات الأعمال الإذاعية . عين سفيرا للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع . كما عين مديرا للمسرح القومي ورئيسا للجان تحكيم الكثير من المهرجانات التليفزيونية والسينمائية،  كما تم تكريمه في مهرجانات القاهرة والإسكندرية والمهرجان القومي للأفلام الروائية ومهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون . والوقوف أمام نجم بقامة محمود ياسين لتحليل وشرح مشواره الفني نقديا يحتاج إلى  دقة والى إلمام كامل بمعظم تفاصيل حياته ، وقد حاولنا أن نرسم لمشواره الفني صورة عن قرب لعله تكون منصفة إلى حد بعيد  .
فقد ولد محمود ياسين في 2 يونيو من عام 1941 بمدينة بورسعيد   وهو من مواليد برج الجوزاء ، ورحل عن عمر يناهز 79 عاما في الرابع عشر من اكتوبر 2020 ..حيث يعد "ياسين"، أيقونة من أيقونات نجوم الفن في العالم العربي، بسبب أعماله الفنية والتى كانت وما زالت وستظل محفورة في أذهان الجماهير... وتزوج ياسين من الفنانة شهيرة  المعتزلة حاليا وله ابن هو الممثل والمؤلف الشهير  عمرو محمود ياسين وابنة هي الفنانة رانيا ياسين . درس ياسين في بورسعيد حتى المرحلة الثانوية قبل أن ينزح للقاهرة ويتخرج في كلية الحقوق عام 1964 ، وعقب تخرجه التحق بالعمل في المسرح القومي ، وظل ياسين مبدعا على خشبة القومي إلى أن عاد إليه بعد سنوات ليكون مديرا له من خارج البيت الفني للمسرح ، وشهدت الفترة التي قضاها ياسين في القومي أزهى عصوره بتلك المسرحيات التي فاقت نجاحاتها أي عروض أخرى .

المسرح والبكوات 
وقدم ياسين للقومي عددا من الأعمال المهمة في عهده مثل " أهلا يا بكوات " في أول مرة والذي اضطلع ببطولتها أيضا عقب انسحاب الفنان عزت العلايلي من العرض كما قدم " البهلوان " من بطولة يحيى الفخراني ووضعت على شباك القومي لافتات " كامل العدد " لأول مرة في المسرحيتين. وقد بدأت رحلته في البطولة من خلال مسرحية " الحلم" من تأليف محمد سالم وإخراج عبد الرحيم الزرقاني،  بعدها بدأت رحلته الحقيقية على خشبة المسرح القومي والذي قدم على خشبته أكثر من 20 مسرحية طوال مشواره الفني  أبرزها  " وطني عكا، عودة الغائب، وا قدساه، سليمان الحلبي، الزير سالم، ليلة مصرع جيفارا، ليلى والمجنون، الخديوي ".و قد كان لنبرات صوته الحادة، ووسامة مظهره، وأدائه المختلف المتميز، دور هام في لفت الأنظار إليه كممثل على المسرح أولا ثم في السينما بعد ذلك .

بداية سينمائية 
واللافت في مشوار محمود ياسين مع السينما إن علاقته بها بدأت بظلم شديد لها من جانبه ففي بداياته الأولى لم يكن يدرك أهمية هذا الفن الساحر ومدى تأثيره على المجتمع وفي الناس ، لأنه بالأساس كان يرى في نفسه فنانا مسرحيا ـ حتى أنه بدأ مشواره السينمائي بأدوار صغيرة من خلال أفلام " القضية 68 " و " شيء من الخوف " و " حكاية من بلدنا"  حتى جاءته فرصة البطولة الأولى من خلال فيلم   " نحن لا نزرع الشوك"  مع شادية وإخراج حسين كمال ثم اختارته فاتن حمامة للوقوف أمامها في فيلم " الخيط الرفيع " .. ثم توالت أعماله السينمائية ليصل رصيده لأكثر من 150 فيلما . كان أخرها " الوعد " مع روبي و " عزبة ادم" مع فتحي عبد الوهاب و "الجزيرة" مع احمد السقا . 

النجم الأكثر انتشارا 
 ياسين الذي وصف ذات يوم بأنه الأكثر عملا بين أبناء جيله لأنه كان يقف أمام كل نجمات السينما في آن واحد مثل فاتن حمامة التي اختارته لأول مرة لبطولة فيلم " الخيط الرفيع " وبعده " أفواه وأرانب " بات الأكثر اختيارا لدى كل نجمات السينما .. فعمل مع نجلاء فتحي في 14 فيلما رومانسيا مثل " اذكريني"  و" الشريدة " و " سونيا والمجنون "  و عمل مع نبيلة عبيد التي اختارته في أول بطولاتها المطلقة في المرحلة الثانية من مشوارها السينمائي في نهاية حقبة السبعينات فقدمته بطلا أول في أفلام " وسقطت في شهر العسل " و " ولا يزال التحقيق مستمرا " و " أيام في الحلال " و " الشريدة "، و كذلك ماجدة وميرفت أمين ونادية لطفي ونادية الجندي وسميرة احمد ورغدة وأثار الحكيم والهام شاهين . كما مثّل أمام أشهر المطربات في أفلام غنائية مثل نجاة ووردة وعفاف راضي واسهم محمود ياسين في عجلة الإنتاج السينمائي وكان رصيده 9 أفلام كمنتج..

ولكن التقى محمود ياسين مع  نادية الجندي في أكثر من خمسة أفلام .. مثل      " الباطنية " و " وكالة البلح " و " وداد الغازية " و " شهد الملكة " و" عالم وعالمة " و كانت تلك الأفلام تدور في فلك واحد تقريبا وهي عالم الاتجار بالمخدرات وقد استغلت الجندي ياسين كورقة رابحة في تلك الفترة.

أعمال تليفزيونية 
إن اتجاه محمود ياسين إلى التليفزيون في السنوات الأخيرة من عمره تاركا ورائه فراغا سينمائيا في مشواره الفني لم يكن بسبب سوء اختياراته أو إن العمر قد تقدم به ، والسينما بحسب كلامه تدور في فلك الشباب ووقد اكد لي ذات مرة ان أكثر من 90 % من  أفلامه قدمها  شابا ، وان الجمهور قد مل من تلك الوجوه السينمائية المكررة ويحتاج إلى التغيير فاقبل على سينما الشباب ، إلا إننا نرى في هذا المنحى أيضا إن بداية ياسين من خلال التليفزيون كانت قوية جدا وكلنا نذكر مسلسل " الدوامة " الذي يعد من أفضل أدواره على الإطلاق،  والعمل التليفزيوني قد يكون فيه مساحة أكثر للاختيار.  
فعندما خرجت السينما من مسارها الصحيح اتجه محمود ياسين للشاشة الصغيرة كلية ، و التي حققت له لحظات إمتاع حقيقية في الأداء والموضوعات التي يقدمها ربما لم تتح له في السينما ، فقدم حتى الآن أكثر من 50 مسلسلا أبرزها " الدوامة " و"  الطريق إلى القدس" و "  بابا في ثانية رابع "  و" التوبة " و" الأبواب المغلقة " و " العصيان " بجزأيه الأول والثاني و " سلالة عابد المنشاوي " و " سوق العصر " و "  رياح الشرق " الذي كان مؤلفا له و" أبو حنيفة النعمان " و " جمال الدين الأفغاني"  و " ابن سينا " و" الأفيال"  و " ثورة الحريم " و " عابد المنشاوي " و " ماما في القسم "   مع سميرة احمد و وغيرها من الأعمال المتميزة.

أيضا عشق ياسين للأعمال التليفزيونية قد أعطاه الاطمئنان الكامل على بقائه في دائرة الضوء نجما وبطلا مطلقا بعكس السينما لو كان قد تواجد من خلالها كانت ستمنحه أدوارا صغيرة حتى لو كانت مهمة ومؤثرة.

ومحمود ياسين له ادوار تليفزيونية عظيمة منذ دوره اللافت في حلقات " مسافر بلا طريق " الذي لعب فيه دور الشاب فاقد الذاكرة وأيضا الدور الصعب الذي قدمه في حلقات " الأبله " . 

ممثل نادر  
إن محمود ياسين نجم لا جدال. وهو نجم كبير أثرى الحياة الفنية بعشرات الأدوار الصعبة والأعمال اللافتة  ، وهو  من نوعية مارلون براندو وانتوني كوين وجريجوري بيك ومحمود المليجي ورشدي أباظة وعماد حمدي . نوعية تستطيع أن تتشكل وتتلون وتجيد في كل الحالات ولكن  أحيانا تم وضعه  في قالب واحد صحيح هو قالب جيد وهو الحائر القلق المتوتر الباحث عن شيء لكن ليس هذا هو محمود ياسين الذي قدم مثل هذا الدور لسنوات بلا ذنب اقترفه سوى انه نجح في تجسيد هذه الأدوار وحققت تلك الأفلام إيرادات فبحث المؤلفين عن نفس التيمة ونفس الشخصيات ، واختار المخرجين نفس الفنان وبنفس الشكل والملامح والملابس أحيانا حتى إنني كنت اعتقد أنهم كانوا يبحثون عن نفس الشخصية تقريبا حتى يضمنوا نجاح الفيلم مادامت الأفلام السابقة قد نجحت  إن سبب استمراره  لفترة في هذا الدور الواحد هو انه كان يحقق رقما هاما في التوزيع لدى المنتجين والموزعين. 

وان ظل بعض نجوم الفن المحليين والعالميين سجناء لادوار معينة كشرير محمود المليجي ودون جوان رشدي أباظة فان محمود ياسين استطاع أن يكسر جدران هذا السجن تارة بالكوميديا كما في فيلم " أنا وابنتي والحب " وتارة أخرى بالرومانسية كما في فيلم " رحلة النسيان"  و " الشيطان امرأة " و" العاطفة والجسد " و"غابة من السيقان" .


 جوائز وأوسمة  
حصل محمود ياسين على أكثر من 50 جائزة في مختلف المهرجانات في مصر وخارجها وكلها جوائز لها أهميتها  .. فقد حصل على: جوائز التمثيل من مهرجانات طشقند عام 1980، ومهرجان السينما العربية في أميركا وكندا عام 1984، ومهرجان عنابة بالجزائر عام 1988، وحصل على جائزة الدولة عن أفلامه الحربية عام 1975و جائزة الإنتاج من مهرجان الإسماعيلية عام 1980، اختير رئيس تحكيم لجان مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 1998 ورئيس شرف المهرجان في نفس العام إلى جانب توليه منصب رئيس جمعية كتاب وفناني وإعلاميي الجيزة، كما حصل على جائزة أحسن ممثل في مهرجان التلفزيون لعامين متتالين 2001، 2002،وتم اختياره عام 2005 من قبل الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع لنشاطاته الإنسانية المتنوعة.