الخميس 21 نوفمبر 2024

فيلم يحذر من وسائل التواصل الاجتماعى.. ويقول: «حاسب تحلم»!

حاسب تحلم

18-11-2023 | 11:50

هبة عادل

بينما وأنا أقلب بجهاز الـ«ريموت كنترول» أمام المنصات السينمائية العديدة عن فيلم أقضى معه سهرتى بعيداً عن الأجواء الملتهبة التى يمتلئ بها ذهننا على مدار الـ24 ساعة، وجدت عنواناً لفيلم جذبنى يحمل اسم «حاسب تحلم».. استوقفنى، حيث قلت: فى الوقت الذى نتمنى فيه جميعاً أن نحلم بواقع أكثر رحمة مما نعيشه من أحداث قاتمة حولنا نلتقط من خلاله أنفاسنا، فما عسى أن تكون فكرة فيلم يحذرنا حتى من الحلم!

شاهدت الفيلم الذى لا تتعدى مدته نصف الساعة، فلا هو فيلم قصير، ولا هو روائى طويل، ولكن جاءت فكرة الفيلم كالطلقة التى تصيب الهدف دون رغى ولغو، هى فكرة أشبه ما تكون فانتازيا أو خيالاً علمياً، أو ربما تنحو إلى نوع من «الكوميديا السوداء».
يتحدث الفيلم عن سيطرة «السوشيال ميديا» وطغيان المصطلح الجديد «الذكاء الاصطناعى»، حيث نجد شاباً وخطيبته يجلسان فى أول أحداث الفيلم إلى طاولة طعام فى أحد المطاعم يأكلان.
الخطيبة تعمل فى مجال السوشيال ميديا حتى إنها تصور كل لقطات حياتهما حتى وهما يأكلان، أما هو فهو ضد هذا الاتجاه وهذه السطوة، وأن تتدخل «السوشيال ميديا» فى تفاصيل حياتهما الشخصية، ويجد أن هذا الاتجاه مضيعة للوقت، بينما تصر العروس رغماً عنه على أن تمسك بمحموله وتصنع له «أكونت» على موقع التواصل الاجتماعى الأشهر عالمياً، الذى يجعله متاحاً أمام الجميع، وتعايره بأن الجميع لديه «أكونت» حتى والدتك.. فكيف أنت لا؟!
 يذهب العريس وهو بطل العمل.. الفنان الشاب محمود ماجد وهو فى الوقت نفسه مؤلف الفيلم، يذهب إلى منزلة، حيث يلتقى بوالدته الفنانة ليلى عز العرب التى يسعدها أن أصبح لابنها «أكونت» هو الآخر.
يدخل الابن الشاب لينام، فيحلم بأنه قد ذهب إلى عمله بشورت وأن زملاءه «بيتريقوا عليه» وأن زميلته التى أدت دورها «داليا شوقى» تبادله مشاعر الحب والإعجاب، وتخبره بأن المدير يطلبه فى لقاء.
يذهب إلى المدير، وهو الفنان الراحل أحمد خليل فى آخر أعماله حتى إن صناع الفيلم يهدون العمل إلى روحه فى بداية التتر.
يدخل عليه الموظف الشاب ليجده، وهو المدير جالساً بـ«روب البيت»، وتتداخل فى الحلم «هلوسات» أنه كان يخاطب نفسه: «هو أنا إزاى بشتغل وأنا لسه أصلاً ما اتخرجتش.. أنا ورايا امتحان بكرة الصبح».
ينتقل الحلم إلى حفلة صاخبة يظهر فيها المدير أيضاً بالروب، ويجلس بجوار والدة الموظف، مبدياً إعجابه بها، فيما يجلس الخطيب الشاب مع زوجة أقرب أصدقائه، يتفقان على الخيانة ويرتبان لها، وبعد سلسلة الهلوسات هذه نجد فى الصباح والدته تدخل عليه لتوقظه من الحلم، ليفاجأ فور متابعته لهاتفة المحمول برسالة تأتى إليه من موقع التواصل الاجتماعى الشهير تقول: «نتمنى أن تكون قد استمتعت بحلمك»، بجانب وجود فيديو وقد سجل هذا الفيديو كل تفاصيل هذا الحلم بلقطاته، بسقطاته، بأخطائه التى مارسها من خلال الحلم، وفى مفاجأة أكبر يذهب إلى عمله فيجد هذا الفيديو على هواتف كل الموظفين.
يبدأ فى تلقى مكالمات لأبطال الفيديو، حيث وصل إليهم على هواتفهم يتهمونه بأنه قد حلم بهم بأمور تفضح تفاصيل حياتهم الشخصية.
يبدى بطل الفيلم تعجبه الشديد من هذا الأمر، وتتصاعد الأحداث حيث يطالبه موقع التواصل الاجتماعى بدفع مبلغ مادى كبير مقابل الاحتفاظ بالحلم وعدم نشره على نطاق أوسع.
يشعر البطل بالكارثة، ويذهب إلى زميله فى العمل مسؤول القسم التكنولوجى.. الفنان هشام ماجد فى مشاركة خاصة له فى العمل، ليشرح له ماذا جرى، فينصحه بأنه لابد من أن يدفع لكل من رأى هذا الفيديو وإلا سينتشر بالفعل على نطاق أوسع، فيجب أن يدفع للموقع وللناس الذين يبتزونه أيضاً.

يبدأ بالفعل فى سداد مبالغ مالية ضخمة جداً ليسكت أفواههم.
يذهب إلى خطيبته متهماً إياها بأنها دمرت حياته حين أدخلته إلى هذا العالم الذى لم يكن يرغبه، فتنصحه بأن يفعل هذا هو أيضاً، وأن يظهر أمام كل من يعرفهم كثيراً حتى تختزن عقولهم صورته فى عقلهم الباطن، فيرونه هم أيضاً فى أحلامهم، فيصنع من خلال هذا هو أيضاً أموالاً كثيرة.
يأخذ البطل بالنصيحة ويصدق الفكرة ويصور نفسه ويطبع من الصورة مئات النسخ ويضعها فى كل مكان يمر به من يعرفهم حتى تلتصق صورته فى أذهان كل من يعبرون أمام هذه الصورة، ونجده على جانب آخر يبدأ فى أن يشرب كميات كبيرة من الشاى والقهوة حتى يتجنب النوم والأحلام، فقد صار خائفاً من أن يحلم.. ومن هنا تفك شفرة عنوان العمل «حاسب تحلم» وينتهى الفيلم بالفعل وهو يحلم بأنه يغنى أمام حشود من الجمهور، وفى الأغنية وكلماتها تكمن فكرة الفيلم بشكلها المباشر بعد أن أصبحت جلية مع نهاية الأحداث، فيقول:
«بقيت مديون عشان أنا لما بغفل فى حلمى ببقى زبون.. بقيت مديون».
وهكذا نخرج بفكرة العمل التى تحاكى هواجس ربما البشر كلهم الآن، فقد صار هناك جدل كبير بين الأشخاص بأننا مجرد أن نفكر فى شىء إلا ونجده أمامنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى سواء عبر إعلانات أو فيديوهات أو غيرها من المواد التى تأتينا عبر الإعلام الرقمى، ومن هنا ذهب خيال الكاتب ليصور لنا الأمر واحتمالاته التى يمكن أن تصل على المدى القريب إلى إمكانية أن تصبح حتى أحلامنا مكشوفة وقابلة للتسجيل عن طريق هذه الوسائل وتلك المواقع، وسط كل هذا التقدم العلمى الجبار، الذى بات يسارع الزمن ويصارعه.
فهل من الممكن أن نصل لآلية يمكنها قراءة أحلامنا، بل وتسجيلها فى فيديوهات عبر تلك الوسائل حقاً؟!
أم تظل فكرة الفيلم مجرد خيال علمى فى رأس مؤلفه فقط؟!
 وهذا «ما نتمناه».
يبقى أن نثنى فى النهاية على أداء بطلة العمل، الفنانة الشابة ندى نادر، التى قامت بدور الخطيبة، فقد قدمته برشاقة تتناسب مع الشخصية التى تلعبها، كذلك الإخراج لمحمد ربيع جاء متوافقاً مع إيقاع العمل الذى توجب أن يكون قصيراً، فاستطاع عبر فترة زمنية محدودة أن يصيب الهدف الذى يتحدث عنه العمل.