الجمعة 3 مايو 2024

درس جابرالقرموطى "الإنسانى"..و"حكايته مع القطط"

18-2-2024 | 15:29

"مَنْ لَا يَرْحَمْ ..لَا يُرْحَم".. حديث صحيح "شريف" رواه إمامان "البخارى ومسلم"، عن سيدنا وجدنا وحبيبنا وشفيعنا نبينا"محمد" صلوات الله وسلامه عليه أفضل خلق الله ،وحديث آخر عنه جاء فيه "لا تُنْزَع الرَّحْمَة إلا من شَقِيٍّ".. رواه الترمذى، وقال: حسن صحيح.. ولذلك منْ أعْظم الصِّفات التى تَمَيَّز بِها نبينا "محمد" صلىّ الله عليه وسلم ،" الرحمة"، وما جاء فى هذا الصدد كثير جدا، ومن مظاهر تلك الرحمة أيضا الرفق مع الحيوانات ،فى عدم حبْس الطعام عنها وتجْويعها وترك العناية بها، وكما جاء فى حديث البخارى ومسلم "عُذِّبت امرأة فى هِرَّة حبَسَتْها، لا هى أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض"، وقال صل الله عليه وسلم أن رجلًا نزل بئرًا فسقى كلبًا يلهث من شدة العطش، فشكر الله له فغفر له ،والصحابى الجليل أبوهريرة "رضى الله عنه"أكثر الصحابة روايةً وحفظاً لحديث رسول الله "صل الله عليه وسلم" ،سمىّ- أبو هريرة لحبه للقطط ،وعطفه عليها ،والروايات كثيرة من السلف الصالح حول هذا الموضوع.. عفوا "عزيزى القارىء" قبل أن تسأل نفسك قبل دخولى فى الموضوع مباشرة عن السبب وراء ما سبق ذكره أعلاه فى بداية مقالى المتواضع الجديد ..الإجابة ببساطة شديدة لدى الإعلامى الكبير رفيق الدرب ببلاط صاحبة الجلالة "جابرالقرموطى" ،الذى أبهرنى بنبل أخلاقه وتواضعه الجّم ورحمته الواسعة فى رفقه بالحيوانات الضعيفة التى لا مأوى لها و تعيش فى الشوارع من" كلاب وقطط "،يحرص يوميا على إطعامها فى كل صباح من بعد صلاة الفجر وحتى بزوغ شمس يوم جديد، ليعطينا وجها آخر مضيئا ودرسا مفيدا فى الحياة ويمنحنا أملا جديدا فريدا فى الإنسانية ،نعم..ولم لا،و"جابر"لم يخجل أو يتفلسف أو يتعظم ويتعالى لكونه صحفيا كبيرا وإعلاميا بارزا.. بل بكل تواضع ورحمة وحنان يسعى جاهدا لرعاية تلك الحيوانات الأليفة من طعام ورعاية صحية.. "ومسكن آمن"للبعض منها ..إلى آخره ،يوميا،وبنفسه يتكفل برعايتها وإطعامها مهما كلفه الأمر من أموال ومشقة ،كما يقوم برعاية الكثير منها داخل بيته..وجزء منها فى مكتبة،بخلاف الأكل والمياه التى يضعها فى بلكونة منزله للطيور "حمام ويمام"بشكل دورى "يومى"،ولا يبدأ يومه إلاّ وتلك المخلوقات الجميلة أكلت وشبعت من رزقها الذى ساقه الله لها، وقوت يومها بفضل الله ،.."جابرالقرموطى" – الإنسان – بكل ماتحمله الكلمة من معانٍ ، قبل أن يكون أخا عزيزا، وزميلا فاضلا بمؤسسة الأهرام الصحفية العريقة التى أتشرف أننى كنت أحد تلاميذها المجيدين بفضل الله الذين تخرجوا فيها ،أبهرنى بمايقوم به،ليعطى مثالا فريدا من نوعه للإعلامى الكبير والمتميز،وقديكون مايقوم به سببا وجيها فى تميزه المهنى والإنسانى ،وإن جازالتعبير"سره مع الله"،فى رحمته ورفقه بالحيوان،ليعطى مثالاوقدوة حسنة ،لمن غيره،وفى رسالة الإعلام السامية بشكل عام ،لمن يريدأن يتعلم ويتعظ ،..ولذلك حرصت على أن أكون خيرشاهدعلى هذه التجربة الفريدة مع إعلامى كبير فى حجم اسم "جابرالقرموطى"،وأنزل معه الشارع بنفسى حتى أرصد بقلمى المتواضع وعدسة موبايلى ماسبق ذكره ،وصاحبته فى هذا اليوم الجديد من وقت شروق الشمس بعد صلاة الفجر وحتى الساعات الأولى من الصباح الباكر..لأسجل لحظة بلحظة ..تجربته الجديدة خارج الأستديو وبعيدا عن الأحباروالورق،واللاب توب والكمبيوتر،..وبالفعل عندما وصلت لأحد الأماكن التى اعتاد - "القرموطى" - الذهاب إليها ليطعم كلاب وقطط الشوارع ،وجدتهم حوله يملأون المكان داخل جنينة،يقف من خلالها بجوار شجرة تجلس أعلاها على أحد غصونها "قطة" كفيفة ،يأكلها بيده لأنها لاتستطيع تناول طعامها مع أقرانها من الكلاب والقطط الأخرى على الأرض،ومن هنا بدأت رحلتى معه فى قطارذكرياته ،ليبدأ من أهم محطاته الإنسانية على الإطلاق فى الحديث عنها ونحن نجوب الشوارع والحدائق المختلفة المحيطة بمنزله بمصرالجديدة سيرا على الإقدام ..وهو يحكى لى عن تلك التجربة قائلا:- اليوم بدأت يومى السادسة إلاّ الربع صباحا فى رحلتى اليومية فى إطعام حبايبى من الكلاب والقطط فى الشوارع ،وبسؤاله عن اسم القطة الكفيفة التى يقوم بتقديم الطعام لها على الشجرة ..يقول:- دائما فى القطط..عفوا " العمياء" من وجهة نظرى المتواضعة تحمل الأمل ،وللعلم أضع مضادا حيويا على الطعام الذى أقدمه للكلاب والقطط،بعد الرجوع قطعا لأطباء بيطريين فى هذا الأمر،..وهنا يقوم بإطعام بعض القطط والكلاب التى تحيطنا على الأرض،وهويلاعب كلبا منهم وهويقول"ده غلبان"،مضيفا..الكلاب أغلب من القطط،على عكس المتعارف عليه لدى الناس أوالاعتقاد الخاطىء بأن الكلب شرس،وكما ترى "كلب الشارع" غلبان ومطيع،و"الحنية" هى مطلبه الوحيد ويلعب معك ،ويهزذيله بمعنى "الرضا" ،ويبوظ لك هدومك كماترى ،وللعلم أقوم بتنظيف وغسيل ملابسى يوميا،وهذه هى الطبيعة الإنسانية ،على طريقة المثل الدارج الشهير"لاقينى ولاتغدينى"،وللأسف هناك من يتضايق من حرصى على إطعام تلك الحيوانات البريئة،..ومضى فى حديثه قائلا:- هذه هى السنة السادسة التى أحرص فيها على نزولى الشارع وإطعام القطط والكلاب الذين أعتبرهم من أقرب وأطيب الناس والأصحاب بالنسبة لى بعد البيت والأهل والمقربين ،وتقدرتقول كان عندى حالة من الزهق،واشتريت قطة يومها،ومن هنا بدأت الحكاية.. من محل لبيع الحيوانات.كان يضع وقتها قططا فى قفص حديدى بشكل غير آدمى ،فتدخلت وقلت له "حرام إللى أنت بتعمله ده"،فقال لى"ياعم أبعد عننا..ده شغلنا وأكل عيشنا"،والقطة التى سبق وذكرت شرائى لها وجدتها "مكسورة الجناح"،مستكينة وهوماشجعنى على شرائها ،وتربيتها،- وكانت أحد أسباب تغيرالمزاج العام فى الحياة بالنسبة لى،لأنه لايقرب بنى آدم من الحيوانات أوالقطط بشكل عام إلا ويقع فى حبهم والارتباط بهم ،وعن نفسى أعتبر "القطة" فى البيت عندى مثل بناتى ،ولاأفرق بينهم ،وفى البيت عندى يتولون رعاية الكلب والقط ويخافون عليهم مثلى ، ولاتتعجب لوقلت لك أشعربالذنب وعدم النوم لو قصرت يوما واحدا معهم ،وهوبفضل الله مالم يحدث حتى ولوكنت تعبان أوعلى سفرأو كان عندى تسجيل حلقة خارج القاهرة من برنامج "مانشيت"،و بخلاف القطط التى أرعاها ببيتى ووضع الحبوب والمياه التى أضعها للطيور ببلكونة منزلى يوميا،بفضل الله،وزوجتى ربنا يجازيها خير تساعدنى كثيرا فى هذا الأمر ، واستطرد قائلا:- من النواقص فى الحياة بين البشرتكملها العلاقة مع الحيوان،بمعنى "الرحمة" التى قد تفتقدها مع البنى آدمين ستجدها مع الحيوان،وهذا شيء رائع الحقيقة،وأضف إلى ذلك "الوفاء" المتبادل مابين الإنسان والحيوان،ويمكن كثير من الناس أصحاب تجارب تربية الحيوانات يؤكدون ماسبق ذكره، ويضيفون عليها أن المعزة واحدة ،لافتاإلى أن والده – يرحمه الله- كانت له تجربة مع القطط قبل وفاته رغم أنه تعرض لحادث فى أيامه الأخيرة فى الحياة فأصبح مُقعدا،و- الكلام على لسانه -عندما كنت أزوره فى قريتى أو"البلد" كما نسميها ،كان ينام على سرير وحوله قطتان يأكلهما من نفس طعامه،ولكن لم أدرك روعة هذا الأمر إلا بعد إنغماسى فيها ،من خلال تجربة عميقة ،وشديدة فى الوقت نفسه بالنسبة فيمايخص المسئولية والتعود،إضافة إلى العبء المالى الكبير نظير ذلك،ولكن مع الوقت ترضى بهذا الأمر وتخضع لفكرة طالما أنه عمل خير"بحت" فأنا راض وسأواصل الطريق بإذن الله ،..وبسؤاله..هل طرأ تغير على شخصيته بعد تجربته مع القطط ..فقاطعنى بحماس شديد جدا وهو يقول :- آه ..طبعا،فى السنوات الست الماضية من أكثرها كفاحا مع الحياة بالنسبة لى، وعندما أجلس مع نفسى وأفكر فيها،أجد بأن المولى سبحانه وتعالى عمل "ليونة" و"تساهيل" و"بركة" و"رحمة" و"سكينة" و"صبر "معى بسبب( القطط)،وهذا ظنى فى الله،وأكاد أجزم أن حلاوة الحياة بالنسبة لى بوجودهم ،وأصل الموضوع نسبة وتناسب،وهناك من البشر لايطيقونهم للأسف،وكماسبق وذكرت – لوكنت موجودا فى القاهرة غير مرتبط بأعمال وخلافه ولم أنزل الشارع لتقديم الطعام والشراب لهم مباشرة بعد صلاة الفجر،أشعر بمشكلة تحدث لى فى أذنى،والاستجابة بمعنى الشعور بالمسئولية تجاههم،..ويمضى فى حديثه قائلا:- يقال "والله أعلم" بأن الحيوانات يوم القيامة،تشهد مع أصحابها،والعكس مع من تعرضوا للأذى على يديهم،وربنا ينطقهم ،والضعفاء منهم يصبحون أقوياء ،ويتلمسون الخير لمن كان يتخير معهم وهم ضعفاء،- ولاأعرف صحة هذه الروايات- ،ولكن مع التعود أصبحت كل ملابس تحمل رائحة القطط حتى البدل الخاصة بى،ورغم كل شيء سعيد جدا بتلك التجربة ،رغم العمق والقلق والمسئولية والجهد الرهيب الذى يصاحبها،وأحمد ربنا بأنه وضعنى فى السكة دى،..وعن حلمه لتلك الحيوانات ..وهل فى فكرفى مشروع أوماشابه يحميها من المخاطر ويرفق بها..يقول:- طالما أحببت هذا الموضوع فمسئوليته شديدة،وتعبه أشد.. والأمر صعب يعنى،ولكن فى الأول والآخر أقول دوما "الحمدلله الذى هدانا لهذا".. الحمدلله على كل حال.