الإثنين 14 ابريل 2025

مسلسلات رمضان تخرج من قالب الـ 30 حلقة

مسلسلات رمضان تخرج من قالب الـ 30 حلقة

15-3-2025 | 13:52

همسة هلال
لطالما ارتبطت الدراما الرمضانية فى أذهان الجمهور بالمسلسلات ذات الـ30 حلقة، التى تعرض يومياً طوال الشهر الكريم، حتى أصبحت جزءاً أصيلاً من طقوس رمضان، لكن فى السنوات الأخيرة بدأت هذه القاعدة تتغير تدريجياً، حيث ظهرت أعمال درامية أقصر تتراوح بين 10 و15 حلقة، مما أثار جدلاً واسعاً بين صناع الدراما والنقاد والجمهور.. وهو ما طرح عدة أسئلة على غرار: هل يعد هذا التحول خطوةً إيجابيةً نحو تقديم محتوى أكثر تكثيفاً وجودة، أم أنه يهدد الهوية الرمضانية للمسلسلات ويقلل من متعة المشاهدة؟ هل اعتاد الجمهور على 30 حلقة، أم أن تغير نمط الحياة وتطور المنصات الرقمية جعله يفضل الأعمال الأقصر؟ فى هذا التحقيق، تستعرض «الكواكب» آراء صناع الدراما، والنقاد، والجمهور حول هذه الظاهرة التى قد تعيد تشكيل مستقبل الدراما الرمضانية. فى البداية يرى السيناريست محمد صلاح العزب أن ارتباط الدراما الرمضانية بالمسلسلات ذات الـ30 حلقة لم يعد الشكل الأمثل أو الوحيد، بل أصبح هذا النمط يمثل إطاراً قديماً يحتاج إلى التحديث، ويوضح أن التمسك بهذا العدد من الحلقات جعل صناع الدراما أحياناً يلجأون إلى زيادة عدد الحلقات بلا داعٍ، مما قد يؤثر على جودة القصة. ويضيف العزب فى حديثه لمجلة “الكواكب: أنا مع كسر نمط الثلاثين حلقة، سواء داخل رمضان أو خارجه، لا يجب أن نكون مقيدين بعدد محدد من الحلقات، بل يجب أن نترك القصة نفسها هى التى تحدد المساحة الزمنية التى تحتاجها. فهناك أعمال لا تحتاج أكثر من 10 حلقات، وأخرى قد تتطلب 60 حلقة لتقديمها بشكل مناسب، الأهم هو تحقيق التوازن بين الإبداع وضرورات الإنتاج والعرض والإعلانات. ويؤكد أن هذه الظاهرة صحية وإيجابية، وستؤدى خلال السنوات المقبلة إلى تغيير جذرى فى شكل الدراما الرمضانية، فمن خلال النظر إلى المواسم الرمضانية السابقة، سنجد أن هناك العديد من الأعمال المكونة من 15 حلقة فقط قد حققت نجاحاً كبيراً، بينما لم تتمكن بعض المسلسلات ذات الـ30 حلقة من تحقيق نفس الصدى، والعكس صحيح. ويشدد العزب على أن عدد الحلقات ليس العامل الحاسم فى نجاح أو فشل العمل، بل إن جودة القصة وإيقاع الأحداث هما العنصران الأهم، مضيفاً: قد يكون المسلسل 8 حلقات لكنه ممل، بينما مسلسل آخر من 30 حلقة يكون مشوقاً ومترابطاً، لهذا لا يجب أن يكون هناك عدد ثابت من الحلقات بقدر ما يجب أن يكون هناك إبداع درامى يتناسب مع طبيعة القصة، مع مراعاة الجانب الإنتاجى دون أن يكون ذلك على حساب جودة العمل. من جانبه، يتفق المخرج محمود كامل مع هذا الرأى، حيث يرى أن تقليص عدد الحلقات إلى 15 حلقة يمثل خطوة إيجابية تتماشى مع التطورات الحديثة، خاصة مع انتشار المنصات الرقمية وسرعة إيقاع الحياة. ويضيف: تقليل عدد الحلقات يساهم فى تقديم أعمال أكثر تركيزاً وجودة، حيث يتم التخلص من الحشو والمط، مما يجعل المشاهد أكثر تفاعلاً مع الأحداث، كما أن ضغط التصوير يصبح أقل، مما يتيح الفرصة لرفع مستوى الإنتاج وتقديم محتوى أكثر احترافية. ويشير الناقد الفنى أحمد السماحى إلى أن الدراما الرمضانية تشهد تحولاً ملحوظاً فى السنوات الأخيرة، حيث تزايدت الأعمال التى تعتمد على 15 حلقة فقط، وهى ظاهرة تعكس تغيراً فى أسلوب الإنتاج وطريقة تقديم المحتوى للمشاهد، فقد شهد رمضان عام 2023 عرض 11 مسلسلاً قصيراً، وفى رمضان عام 2024 تم عرض 15 مسلسلاً، أما رمضان هذا العام، فهناك ما يقرب من 20 مسلسلاً بهذه الصيغة، مما يعكس ازدياد الإقبال عليها من قبل المنتجين وصناع الدراما. ويرجع السماحى تزايد مسلسلات الـ15 حلقة إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها: أن المسلسل القصير يتيح تقديم حبكة درامية مكثفة وشخصيات عميقة، تجعل الجمهور أكثر ارتباطا بالعمل دون الشعور بالملل. وأيضاً التكاليف الإنتاجية المرتفعة، من حيث الفنانين، والعمال، والمخرجين، والتقنيين، مما جعل المنتجين يبحثون عن حلول أكثر اقتصادية، كإنتاج مسلسلات بعدد حلقات أقل. ويكمل السماحى: كذلك تأثير المنصات الرقمية، حيث ساهمت خدمات البث المباشر فى تغيير نمط المشاهدة، إذ أصبح الجمهور أكثر ميلاً لمتابعة أعمال سريعة الإيقاع، مركزة، ومليئة بالإثارة، وأصبحت مسلسلات الـ10 والـ15 حلقة تحظى بنسب مشاهدة ضخمة مقارنة بالأعمال الطويلة، مما دفع المنتجين إلى الاستثمار فى هذا الاتجاه. من جانبه، يرى الناقد الفنى طارق مرسى أن التحولات التى تشهدها الدراما اليوم ليست بدعة جديدة، بل تأتى فى إطار تطور طبيعى لصناعة الترفيه، ويؤكد أن تفاوت عدد الحلقات بين 7 و15 و30 لا يفسد التجربة الدرامية، بل يساعد فى تحقيق التنوع وإرضاء مختلف الأذواق. ويضيف: هناك أعمال تتطلب 30 حلقة وأخرى تحتاج 15 حلقة أو أقل، وهذا أمر طبيعى، بل كان موجوداً منذ عقود فى بدايات الدراما المصرية، كان لدينا السباعيات (7 حلقات)، كما كانت هناك أعمال تمتد إلى أكثر من 40 حلقة، ولم يكن ذلك يمثل مشكلة للمشاهد، بل كان جزءاً من تنوع السوق الدرامية. ويتابع مرسى أن ما يحدث الآن يصب فى مصلحة المشاهد، حيث يتيح له خيارات متعددة، بدلاً من أن يكون مجبراً على متابعة مسلسلات طويلة قد تتضمن أحداثاً مكررة لمجرد استكمال الـ30 حلقة. ويضرب مثالاً بالمسلسل الكوميدى “أشغال شقة” الذى عرض فى رمضان الماضى، وحقق نجاحاً كبيراً ومازال مستمر رغم أن عدد حلقاته كان 15 حلقة، مما يعكس أن عدد الحلقات ليس معياراً للحكم على نجاح العمل أو فشله. وتشير آراء الجمهور إلى تباين واضح فى التفضيلات بين محبى المسلسلات التقليدية الطويلة، وبين من يفضل الأعمال القصيرة المكثفة، فبينما هناك من يرى أن المسلسلات ذات الـ15 حلقة توفر محتوى مكثفاً ومثيراً يتناسب مع طبيعة المشاهد المعاصر، لا يزال هناك من يتمسك بـ30 حلقة كجزء من التقاليد الرمضانية التى نشأ عليها. نعرض لكم تلك الآراء ضمن تحقيقنا. قال أحمد محمود: أعتقد أن تقليص عدد الحلقات إلى 15 أو 10 حلقات فكرة ممتازة، خاصة أن هناك الكثير من المسلسلات يحتوى على أحداث مكررة وغير ضرورية لملء الـ30 حلقة، أنا أرى أن التركيز على 15 حلقة سيجعل القصة أكثر تشويقاً ودون مط. بينما قالت سارة شومان: تعودت على مسلسلات رمضان بـ30 حلقة، وأرى أنها جزء من تقاليد الشهر الكريم، وتقليص الحلقات يفقدنى هذا الإحساس، ولذلك فأنا أفضل أن تبقى المسلسلات كما هى. يؤكد محمد عبدالله: اليوم، لم يعد لدى المشاهد الوقت الكافى لمتابعة مسلسل طويل إذا لم تكن أحداثه مشوقة من البداية للنهاية، لذلك أرى أن تقديم أعمال أقصر ذات إيقاع سريع وسرد مشوق هو الحل المثالي، سواء فى رمضان أو خارج الموسم الرمضاني، خاصة مع انتشار المنصات الرقمية، التى غيرت طريقة المشاهدة التقليدية، واستطاعت أن توفر للمشاهد متابعة مسلسل كامل فى جلسة واحدة، أو خلال عدد بسيط من الأيام، بدلاً من انتظار حلقة واحدة يومياً. من جهتها، ترى هالة جمعة أن الأهم ليس عدد الحلقات، وإنما قوة القصة وتطور الحبكة الدرامية، فإذا كانت القصة بحاجة فعلية إلى 30 حلقة حتى تتطور شخصياتها وأحداثها بشكل منطقى وسلس، فلا مشكلة فى ذلك، لكن إذا كان هناك مط وتكرار بلا داعٍ فقط لاستيفاء عدد الحلقات، فمن الأفضل اختصار العمل إلى 15 حلقة، فإذا استطاع المسلسل أن يحتفظ بجاذبيته وإثارته طوال 30 حلقة، فسأكون أول من يتابعه، ولكن إذا شعرت أن هناك حلقات مملة ومكررة، سأفقد اهتمامى وأتوقف عن المشاهدة. أما كريم كوكب، فيرى أن المسلسلات القصيرة ميزة كبيرة للمشاهد خلال شهر رمضان، حيث يمنحه ذلك فرصة متابعة أكثر من عمل دون الضغط على وقته، خاصة وأن الشهر الكريم مليء بالأنشطة العائلية والاجتماعية التى تجعل من الصعب التفرغ لمسلسل طويل.